القسم الأول كتاب رؤيا باروك بن نيريا

القسم الأول كتاب رؤيا باروك بن نيريا
إعلان دمار أوشليم
1 (1) وحصل في السنة الخامسة والعشرين ليكنيا، ملك يهوذا، أن كلمة الرب كانت إلى باروك، بن نيريا، فقالت له: (2) "هل رأيت كل ما صنع لي هذا الشعب، الشرور التي اقترفها السبطان اللذان بقيا (في الأرض) فقالت (ما اقترفه) الاسباط العشر الذين أخذوا إلى السبي؟ (3) فالقبائل القديمة قد دُفعت دفعًا إلى الخطيئة بيد ملوكها. أما هاتان القبيلتان فقد دفعتا وأجبرتا الملوك كي يخطأوا. (4) بسبب هذا، ها أنا أجلب شرًا على هذه المدينة وعلى سكّانها: تزال من أمامي إلى زمن، أشتِّت هذا الشعب بين الأمم ليُحسن إلى الأمم. (5) يُعاقَب شعبي، ويأتي زمن يطلبون فيه نجاح ازمنتهم القديمة.
2 (1) "قلتُ لك هذا كي تأمر ارميا وشبهاء كلهم بأن تبتعدوا عن هذه المدينة. (2) فأعمالكم صارت لهذه المدينة عمودًا متينًا. وصلواتكم سورًا منيعًا".
صلاة باروك
3 (1) فقلت: "آه، أيها الربّ ربّي، هل أتيتُ إلى العالم لكي أرى شقاء أمي؟ لا، يا ربي. (2) فإن وجدتُ خطوة أمام عينيك، فخذ أولاً روحي لأمضي إلى آبائي ولا أرى دمار أمي (3) فهناك أمران يلجّان عليّ كثيرًا: يستحيل عليّ أن أقادمك. ولكن نفسي لا تقدر أن ترى شقاء أمي. (4) فلن أقول سوى شيء واحد أمامك، يا رب! (5) فماذا يحصل بعد ذلك؟ فإن دمّرت مدينتك، وإن أسلمت الأرض إلى أعدائنا، فكيف يتذكّرون اسم إسرائيل؟ (6) كيف يحدّثون بمدائحك؟ لمن يشرحون مضمون شريعتك؟ (7) أيعود الكون إلى حالته الأصليّة؟ أيعود العالم إلى صحته كما في البدء؟ (8) أتزول النفوس الكثيرة؟ أيتوقّفون عن تسمية جنس البشر؟ (9) فأين يكون كل ما قلته لموسى في شأننا"؟
أورشليم الجديدة
4 (1) فقال لي الرب: "ستسلّم هذه المدينة لزمن، ويُعاقَب الشعب لزمن، ولكن العالم لا يُنسى. (2) أتظنّ أنها المدينة التي قلتُ عنها: نقشتك على كفيّ يديّ"؟ (3) ليس هذا البناء المشيَّد الآن بينكم، هو الذي يَكشف لديَ، بل ذاك الذي أُعدَّ هنا سبقًا، في الزمن الذي قرّرت فيه أن أصنع الفردوس. (4) أريته لآدم قبل أن يخطأ. وحين تجاوز الأمر، أخذ منه مع الفردوس. (5) ثمّ أريته لعبدي إبراهيم، خلال الليل الذي فيه قسمت الضحايا. (6) وأريته أيضًا لموس، على جبل سيناء، حين جعلتُ أمام عينيه صورة المعبد وكل أنيته. (7) والآن هذه (المدينة) محفوظة لديّ مع الفردوس. فامضِ واصنع كما آمرك".
برّ لله
5 (1) فأجبتُ وقلت:
"يجب أن أكون مخظئًا تجاه صهيون
لأن أعداءك يأتون إلى هذا المكان
فيدنّسون مقدسك
ويقتادون ميراثك إلى السبي
ويتسلّطون على الذين أحببتهم،
ثم يعودون (=الأعداء) إلى أرض أصنامهم
ويفتخرون أمامها:
فماذا تصنع من أجل اسمك العظيم":
(2) فقال لي الرب:
"هناك دهر الأبد من أجل اسمي ومجدي
أما برّي فيحفظ حقّه إلى زمن .
(3) وسوف ترى بعينيك
أن الأعداء ليسوا هم الذين يدمّرون صهيون.
أو يحرقون أورشليم.
بل يكونون خّدام الديّان (=الله) لزمن.
(4) وأما أنت، فامضِ وأصنع ما أنا آمرك"!
(5) فمضيت وأخذت إرميا وعدّو وسرايا ويابيش وجدليا، وجميع وجهاء الشعب. قُدتهم إلى وادي تدرون ورويتُ لهم كلّ ما قيل لي. (6) فرفعوا الصوت جميعهم وبكوا. ولبثنا هناك قاعدين وصُمنا حتّى المساء.
تنفيذ الحكم
6 (1) وحصل في الغد، أن جيش الكلدائيين حاصر المدينة. وفي زمن المساء، أنا باروك تركتُ الشعب، وخرجت (من المدينة)، ووقفت قرب السنديانة. (2) وتأسّفت على صهيون، وندبتُ (بسبب) السبي الذي حصل لشعبي. (3) وفجأة أخذني روح قوّة ووضعني فوق سور أورشليم. (4) فرأيت أربعة ملائكة واقفين على أربع زوايا المدينة، وبيد كل واحد مشعل نار.
(5) فنزل ملاك آخر من السماء، وقال لهم: "احتفظوا بمشاعلكم ولا تشعلوا (المدينة) قبل أن أقول لكم: (6) فقد أرسلت لأعطي أولاً إلى الأرض أمرًا، ولكي أنقل لها ما أوصاني به الربّ العليّ". (7) ورأيته ينزل في قدس الأقداس، ويأخذ منه الحجاب والافود المقدّس والغطاء والمائدتين ولباس الكهنة المقدّس ومذبح العطور والثمانية وأربعين حجرًا ثمينًا التي يحملها الكاهن، وجميع آنية المعبد المقدّسة. (8) وصرخ إلى الأرض بصوت قويّ:
"يا أرض، يا أرض، يا أرض، اسمعي كلام الله القدير
وتقبّلي الأغراض التي أستودعك
واحتفظي بها حتى الأزمنة الأخيرة،
لكي تردّيها حين تُؤمرين
فلا يستولي عليها الغرباء.
(9) فقد جاء وقت تُسلَّم فيه أورشليم
لزمن إلى أن يقال بأنها بُنيت إلى الأبد".
(10) ففتحت الأرض فمها وابتلعتها (= هذه الاغراض).
7 (1) ثم سمعتُ ملاكًا يقول للملائكة الذين يحملون المشاعل: (2) دمّروا الاأسوار واقلبوها حتّى الاساسات، لئلاً يفتخر الأعداء قائلين: (3) "قلبنا سور أورشليم، وأحرقنا مقام الله القدير"! واحتلّوا الموضع الذي كنت واقفًا فيه من قبل (= قدس الاقداس).
8 (1) فصنع الملائكة كما قيل لهم. وحين دمّروا زوايا السور، سُمع صوتُ من داخل الهيكل. فما إن سقط السور حتى قال (ذاك الصوت):
(2) "أدخلوا يا أعداء، تعالوا يا خصوم:
لقد مضى ذاك الذي كان يحرس البيت":
(3) وأنا باروك مضيتُ. (4) فحصل بعد هذا أن جيش الكلدائيين دخل. فأخذوا البيت وكل ما يحيط به. واقتادوا الشعب إلى السبي، وقتلوا منه عددًا كبيرًا. وقيّدوا الملك صدقيا، وأرسلوه إلى ملك بابل.
9 (1) فوصلت أنا باروك، (ووصل) إرميا الذي وُجد قلبه نقيًا من الخطايا، وهو الذي لم يُؤسر حين أُخذت المدينة. (2) فمزّقنا ثيابنا وبكينا، ولبسنا الحداد، وصمنا سبعة أيام.
مراثي باروك
10 (1) وبعد سبعة أيام، كانت إليّ كلمة الله وقالت لي: "قل لإرميا أن يمضي إلى بابل" ليشجّع مسبّبي الشعب. (2) وأنت فابقَ هنا في خرائب صهيون وأنا أريك بعد هذه الأيام ما سيحصل في نهاية الأيام". (3) فكلّمت إرميا كما أمرني الربّ. (5) فمضى مع الشعب، وأنا باروك عدتُ (إلى أورشليم)، فقعدت أمام أبواب الهيكل، وألّفت هذه المرثاة على صهيون وقلت:
(6) "هنيئًا لمن لم يولد،
أو مات حين وُلد.
(7) ونحن الأحياء ويل لنا
لأنّا رأينا شقاء صهيون
وما حصل لأورشليم
(8) أدعو جنيّة البحر
وأنتم يا شياطين الليل، تعالوا من البرّية
ويا غيلان ويا بنات أوى من الغابات
استيقظوا! شدّوا أحقادكم للحداد!
أنشدوا معي مرثاة! أبكوا معي!
(9) وأنتم، أيها الفلاحون، لا تزرعوا بعد!
وأنتِ، يا أرض، لماذا تعطين ثمار حصادك؟
احفظي في ذاتك عنذوبة غلالك!
(10) وأنت، يا كرمة، لماذا تعطين بعدُ خمرًا؟
فلن يُقدَّم منها في صهيون.
لن تُقدَّم بعد بواكير الثمار!
(11) وأنتِ أيّها السماوات، إحفظي نداك
ولا تفتحي بعد كنوز المطر!
(12) وأنت، يا شمس، إحفظي نور أشعتك.
وأنتَ يا قمر أطفئ وفر نورك
لماذا يُشرق النور بعد
إذا كان نور صهيون أنطفأ؟
(13) وأنت أيها العريس، لا تدخلْ إلى خدر الزواج
ولا تتزيّن العذارى بعد بالاكاليل!
وأنتنّ، أيتها النساء، لا تصلّين لكي تلدن!
(14) بل لتفرح العواقر
ولتسعد تلك التي لا أولاد لها،
ولتحزن من لها أولاد!
(15) فلماذا يلدن في الأوجاع
ليدفنّ في الندب (والبكاء)!
(16) لماذا يكون للرجال أولاد
(ولماذا) يوجد زرعُ جنسهم
ساعة تكون هذه الأم في الكآبة
وأخذ أولادها في السبي؟
(17) منذ اليوم، لا حديث بعدُ عن الجمال
ولا كلام عن النعمة!
(18) وأنتم، يا كهنة، خذوا مفاتيح المعبد،
وارموها نحو أعالي السماء
وأعطوها إلى الربّ قائلين:
"إحفظ أنتَ بيتك،
فقد أصبحنا وكلاء غير أمناء"!
(19) وأنتنّ، ايتها العذاري، اللواتي ينسجن الكتّان
والحرير يذهب أوفير،
أسرعن وخذن هذه الأغراض،
وارموهنّ في النار
لتردّها (النار) إلى الذي صنعها
ويحملها اللهيب إلى الذي خلقها
لئلاّ يضع الأعداء يدهم عليها!
11 (1) ولكني أقول لك عليك، يا بابل، أنا باروك:
لو كنت في الراحة
وظلّت صهيون في مجدها.
لكان لنا هذا ألمًا عظيمًا
أن تتساوَى مع صهيون.
(2) أما الآن فالألم لا حدود له
والبكاء ولا قياس له
لأنك في الراحة وصهيون مهجورة
(3) فمن يكون ديّان كل هذا؟
إلى من نشتكي ممّا حصل لنا؟
آه، يا رب! احتملت هذا؟
(4) رقد آباؤنا بدون آلام،
ها الأبرار يرقدون في راحة، في الأرض
(5) فهم ما عرفوا هذا الضيق
ولا سمعوا شيئًا ممّا حصل لنا.
(6) يا ليت لك، يا أرض، أذنًا، ويا تراب، قلبًا
فتعلنان في الحجيم وتقولان للموتى:
"أنتم أسعد منا نحن الاحياء"!
(1) ولكني أقول هذا كما أظنّه
واتكلّم عليك، يا أرض، يا مرتاحة!
(2) فحرارة الظهيرة لا تحرق دومًا،
وأشعّة الشمس لا تحمي على الدوام
(3) فلا تظني أنك تكونين على الدوام مرتاحة وسعيدة.
ولا تمتلئ كبرياء وعجرفة!
(4) الحق (أقول): الغضب ينهض عليك في وقته
ويمسكه الآن الصبر كما (يفعل) كابح".
(5) ولما تفوّهت بهذه الكلمات، صمتُ سبعة أيام.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM