مدخل إلى المقاربات

1
مدخل إلى المقاربات

نبدأ فنقدّم النصّ بشكل سريع. ثم نشرح مختلف المقاربات وننتهي بالتوجيهات العمليّة.

1- النص
نتعرّف إلى يو 4: 1- 42 وحوار يسوع مع السامريّة
آ 1- 6: المشهد الذي فيه يتمّ الحوار
آ 7- 26: الحوار بين يسوع والمرأة السامريّة
آ 7- 15: موضوع الماء
آ 16- 18: حول زوجها
آ 19- 26: الموضع الذي فيه يُعبد الله
آ 27- 30: نتيجة الحوار بالنسبة إلى السامريّة
آ 31- 38: نتيجة الحوار بالنسبة إلى يسوع
آ 39- 42: نتيجة رسالة يسوع في السامرة.

2- المقاربات المختلفة
نشرح هنا مختلف المقاربات التي تجعل النصّ "قريباً" منّا:
أ- إن موضوع الجمعيّة الخامسة في هونغ كونغ هو: "جئت لتكون لهم الحياة وتكون وافرة" (يو 10: 10). وقد اقترحت الرابطة الكتابيّة قراءة يوميّة لنصّ يو 4: 1- 42 تكون بشكل صلاة. وخلال هذه القراءة نتقاسم خبراتنا مع الكتاب المقدس في القارات الخمس. كما نجعل نفوسنا تحت نظر كلمة الله بحيث نستطيع أن نشرب من الينبوع الذي فينا (يو 4: 14).
ب- النصّ هو شخص حيّ، يمكن أن نأخذ عنه صوراً متعدّدة، أن نفسّره تفاسير مختلفة، أن ننظر إليه من زوايا متنوّعة. هذا ما سنفعله في هذه الطرائق العشر. فرغم تكرار لا بدَّ منه في مثل هذه المنهجيّة، سيُعيننا هذا التنوّع على اكتشاف غنى كلمة الله، لا في النصّ وحسب، بل في حياتنا أيضاً. وهكذا نُدعى عبر الممارسة اليوميّة للقراءة المصليّة (قراءة تصبح صلاة) إلى الانفتاح بعضنا على بعض لكي نتقاسم خبرة الايمان وطريقة عيش كلمة الله.
ج- يُولد النصّ من حوار بين الكاتب والقارىء. واختيار الالفاظ يرتبط بعاملين: الموضوع الذي يريد الكاتب أن ينقله. والشخص الذي لأجله يكتب. فكّر كاتب يو 4: 1- 42 في مشاكل وتساؤلات الجماعة التي يكتب إليها. ولهذا، فوضعُ هذه الجماعة يؤثّر على اختيار الألفاظ المستعملة في النصّ. وهكذا، ما يقال عن يسوع في النصّ لا يوافق دوماً الواقع التاريخي. نحن نجد في النصّ عناصر عديدة تعكس وضع الجماعة حوالي سنة 90، كما نجد الواقع التاريخي في زمن يسوع، أي سنة 30. فهناك عدد من العناصر الرمزيّة تبدو في مظهر تاريخي.
د- إن البحث عن معنى النصّ بالنسبة إلينا اليوم، لا يتوقّف فقط على دراسة الماضي، فهو يرتبط أيضاً بشهادة الجماعة للمسيح الحيّ بيننا اليوم. كما يرتبط بتساؤلات تطرحها جماعاتنا على النصّ. ويرتبط بالأسئلة التي يطرحها ايماننا اليوم على يسوع. فتساؤلات اليوم خطوط تحمل الكهرباء فتلقي الضوء على النصّ من أجل حياتنا. لهذا، فالأجوبة التي يقدّمها النصّ لنا (أي: تفسير النصّ) ستكون مختلفة في اميركا اللاتينيّة، في أفريقيا، في آسيا وأوروبا، لأن الأسئلة تختلف بين قارّة وأخرى. ولكن ما يوحّدنا في النصّ الواحد هو الاله الواحد، والروح الواحد، ويسوع الواحد، والحياة الواحدة التي تصارع وتحاول البقاء، والصدق في احترام بعضنا بعضاً وفي احترام النصّ الذي نقرأه.
هـ- الطرائق العشر التي نقدّمها هنا، تبدأ فتقرأ النصّ قراءة حرفيّة. هذا في الظاهر. ولكننا في الواقع نعتبر النصّ انعكاساً لإيمان جماعة "التلميذ الحبيب" في نهاية القرن الأول المسيحيّ. لا نجادل إن كان ما يقوله النصّ هو تاريخيّ أم لا. بل نبحث عن معناه في حياة المسيحيّين الأولين وايمانهم، كما نبحث عن معناه في حياتنا. لا نهتمّ في هذه الطرائق، بالتفسير والتأويل، بل ندخل في قراءة مصليّة للنصّ، في قراءة تقود إلى التأمل والصلاة. هذا لا يعني أننا نزدري التفسير. بل عكس ذلك. فقراءتنا تفترض تفسيراً دقيقاً، يكون في جذور عملنا. غير أن الجذور تبقى عادة تحت الأرض. هي لا تظهر. إن ظهرت لم يكن ذلك في صالح الشجرة. هذا ما نقوله عن التفسير (العلمي) الذي يريد أن يسيطر على القراءة التأمليّة للكتاب المقدس.
د- لا تقدّم هذه الطرائق (أو: المقاربات) الاّ إشارات قليلة لتطلق الحوار. فهي تتوخّى تحريك كلمة الله فينا. وتدفعنا إلى الحوار مع النصّ، والى حوار في ما بيننا يتأسّس على النصّ. فكلمة الله الموجودة منذ الآن في حياتنا، يجب أن نستعيدها فتكلمنا وتغنينا معاً. وكل واحدة من هذه الطرائق تحمل معلومات تساعدنا في تفكيرنا ومشاركتنا. وهذه الاعتبارات تعنينا على إدراك كل نظرة والتعمّق فيها.

3- توجيهات عمليّة
ما هي التوجيهات العمليّة لاستعمال هذه الطرائق العشر؟
أ- نتبع أسلوب القراءة المصليّة المسمّاة أيضاً: القراءة الربيّة. قراءة كلمة الله برفقة الربّ يسوع. الاسلوب هو أكثر من تقنيات علميّة وتعليميّة. هو موقف خاص نتّخذه تجاه النصّ البيبليّ. وهو ينتج من نظرة إلى الكتاب، إلى الكنيسة، إلى الواقع، وإلى عمل الله الذي يكشف عن ذاته في حياتنا.
ب- ويتركّز اسلوب القراءة الربيّة أو القراءة المصليّة على أربع مواقف أساسيّة تتداخل بعضها في بعض هي: القراءة، التأمل، المناجاة، المشاهدة.
* تحاول القراءة أن تكتشف معنى النصّ في ذاته. تحترم استقلاليته وذاتيته فتحميه من خطر "التلاعب" به. أساس "القراءة" هو القراءة النقديّة التي هي ثمرة التفسير العلمّي الذي يجعل النص في سياقه الأدبي والتاريخيّ.
* ويحاول التأمّل أن يكتشف معنى النصّ بالنسبة إلينا اليوم. نرددّه نستعيده، نتوقّف، نفكّر، وهكذا نؤوّن معنى النصّ ونجسّده في واقعنا. التأمّل هو قلب القراءة المصليّة.
* وتحاول المناجاة أن توقظ فينا الكلمات الملائمة التي يثيرها النصّ فينا فنقولها لله. فعبر المناجاة نتجاوب مع الله الذي كلّمنا في "القراءة" وفي "التأمل". المناجاة هي مناخ القراءة المصليّة وعطرها.
* المشاهدة هي نور يظلّ في العينين بعد القراءة المصليّة. هي نور جديد فيه ننظر إلى الله، إلى إخوتنا وأخواتنا، إلى الحياة والواقع اليوميّ. هي طعم جديد (كالملح) به نتقبّل الحياة من يد الله.
ج- في الاعتبارات التي نقدّمها هنا، قد مزجنا المراحل الثلاث في القراءة المصليّة: قراءة، تأمل، مناجاة.
* البداية: ندعو الروح القدس لكي يرسل علينا أنواره. ثم وقت قصير من الصمت نتوخّى فيه أن نخلق جواً من العودة إلى الذات.
* الاستعداد لقراءة كلام الله: نتعرّف إلى مفتاح اليوم الذي يعلّمنا الموقف الاساسي.
* قراءة النصّ الكتابي. وبعد القراءة يكون وقت صمت قصير يتيح الاستدخال الشخصي. نجعل النصّ يلج إلى داخلنا، إلى باطننا (استبطان). إذا كان النصّ طويلاً، لا نقرأه كله بل جزءاً منه.
* مقاسمة الايمان لتأوين مدلول النصّ في حياتنا. نجيب على الاسئلة التي تُطرح علينا في كل طريقة من الطرائق، كما نستطيع أن نحوّل الاسئلة ونكيّفها.
* مناجاة عفويّة تحوّل النص الذي تأملّنا فيه إلى صلاة. وقد ننهي تأملنا بمزمور نتلوه أو ننشده.
د- هذه الاعتبارات تقدّم كاعتبارات، وهي تتوخّى توجيه المجموعة خلال القراءة المصليّة. لهذا تبقى كل مجموعة حرّة في البحث عن خطّ خاص بها واتباعه، أو اتخاذ الطريقة التي تقدّمها هذه "الدراسة".

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM