تقديم

تقديم

"كلمة الله ينبوع حياة"، هذا هو عنوان المؤتمر الذي عقدته في هونغ كونغ الجمعية العامّة الخامسة للرابطة الكتابيّة، من 2 إلى 12 تموز 1996، وشارك فيه 170 مندوباً من 70 بلداً.
لن نقدّم كل أعمال هذا المؤتمر الذي عقد على مدى عشرة ايام مليئة بالمشاركات والشهادات الحيّة والمداخلات من مختلف القارات. بل نكتفي بترجمة المحاضرات الكبرى التي جاءتنا من أربع مناطق تتوزع الرابطة: في أفريقيا، في آسيا واوقيانيا، في اوروبا والشرق الاوسط، في اميركا. ويتبع كلَّ هذا طريقة صلاة حول الانجيل الذي أشرف على اجتماع هذه الهيئة العامة: حوار يسوع مع السامريّة
هذه المحاضرات تدفع مجموعاتنا إلى أن تتفحّص الطريقة التي بها تقرأ الكتاب المقدس. هل هي قراءة أصوليّة تتوقّف عند الحرف ولا تعرف أن تخرج منه لتصل إلى الروح، إلى المعنى الروحي؟ هل هي قراءة تحاول أن تجد في الكتاب المقدّس "كلمة سحريّة" وتقدم للإنسان جواباً في هذا الوضع وفي هذه الساعة؟ أم هي قراءة تعرف أن الكاتب الملهم حاول أن يستعمل كلمات البشر وطرق التفسير في عصره؟
هذا ما يدعونا إلى اكتشاف ما يسمّى الفنّ الأدبيّ: انطلق الكاتب من كلمة وحي بلغت إليه، فاستعان بالاساليب الأدبيّة في عصره وتركها لنا كلمة مكتوبة. ونحن ننطلق من هذه الكلمة المكتوبة، ونتفهّم أساليب ذلك الزمان لنصل إلى منبع الوحي الذي انطلق منه الكاتب حتى يقدّم لنا النصّ البيبليّ. وكما وجد القرّاء الأولون في النصّ الكتابيّ التشجيع والتعزية والنور، نستطيع نحن اليوم أن نقرأه فنسمع فيه كلمة الله الحاضرة، ونكتشف ما يفعله الله في حياتنا وفي العالم.
هذا لا يعني أننا نترك النصّ البيبليّ، دون أن نقرأه قراءة حرفيّة، ونبني نصاً آخر أو نخلق خبراً من عندنا. إن فعلنا ذلك، لا نعود أمام كلمة الله، بل أمام كلمة الناس، بل كلمة إنسان محدود في الزمان والمكان والتفكير. نحن بالاحرى ننطلق من النص، وإن استطعنا من أصوله كما وردت في العبريّة أو في اليونانيّة والآرامية، فنفهم معانيه، ونبحث عن الإطار الذي وُلد فيه، وعن المعنى الذي أراد الكاتب أن يوصله. مثل هذه الانطلاقة تساعدنا على ربط هذا النصّ بحياتنا، تساعدنا على تأوينه في زماننا الحاضر. تساعدنا على ادخاله في ثقافتنا، في حضارتنا، فيصبح كل بلد هو الذي يكتب البيبليا، ويستطيع كل لسان أن ينشر عظائم الله في لغة شبيهة بتلك التي اعلنت يوم العنصرة، فملأت الناس دهشة وعجباً.
هذا ما حاولنا أن نقوم به في مؤتمر هونغ كونغ حول "كلمة الله ينبوع حياة". أما المحاضرات التي نقلناها إلى العربيّة، فقسّمناها إلى فصول لتسهل قراءتها. فقد جاءتنا من افريقيا مع تريزا اوكوري. من آسيا مع ماريا كو. من اوروبا مع دانيال كوش. من اميركا الجنوبيّة مع غبريال نارنخو. امرأتان ورجلان. عالم الغرب وعالم الشرق. اللغات الفرنسيّة والاسبانيّة والانكليزيّة. وحاول المؤتمرون أن يتفاعلوا مع هذه النصوص كما حاولوا أن يصفوا انجيل يوحنا في 4: 1- 42 وحوار يسوع مع السامريّة. جعلنا هذه المحاولات من القراءة الربيّة في بداية الكتاب كما قدّمها كارلوس مسترز من البرازيل. وانهينا الكتاب بالبيان الختامي وما فيه من قراءة حاضرنا قراءة موجزة على ضوء انجيل السامريّة التي رأت في يسوع، ذاك المسيح الآتي، فذهبت تعلنه لأبناء بلدها. وهؤلاء جاؤوا بدورهم بعد أن عرفوا يسوع أنه مخلّص العالم.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM