وصيّة يوسف الابن الحادي عشر ليعقوب وراحيل

وصيّة يوسف الابن الحادي عشر ليعقوب وراحيل

المطلع
1 (1) نسخة وصيّة يوسف. حين اقترب من الموت، دعا أبناءه واخوته وقال لهم:

خبر يوسف
(2) يا أبنائي، وأنتم يا إخوتي،
إسمعوا يوسف حبيب اسرائيل،
وأصغوا إلى أقوال فمي.
(3) رأيت في حياتي الحسد والموت،
ما ضللتُ، بل لبثت في حقيقة الرب.
(4) أبغضني إخوتي،
ولكن الرب أحبّني.
أرادوا أن يقتلوني،
فحفظي إله آبائي.
انزلوني إلى الهوّة،
ومنها الرب أصعدني.
(5) مثل عبد باعوني،
ولكن رب الكل حرّرني.
اقتادوني في الاسر،
فأعانتني يده القديرة.
عرفتُ عذاب الجوع،
والربّ نفسه أطعمني.
(6) كنتُ وحدي،
فعزّاني الله.
كنتُ مريضاً،
فافتقدني الربّ.
كنتُ في السجن،
فعفا عني المخلّص.
كنتُ في القيود،
فحلّ لي قيودي.
(7) لحقني التعيير،
فرافع عني.
تعرّضتُ لكلام خشن من المصريين،
فنجّاني.
كنت عبداً،
فرفعني.

2 (1) سلّمني رئيس الطبّاخين لدى فرعون، بيتَه. (2) صارعُت امرأة وقحة تريد أن تدفعني لأن أتجاوز الشريعة معها، ولكن إله أبي نجاني من الشعلة الملتهبة. (3) طُرحت في السجن، ضُربتُ، هُزئ بي. ولكن الرب جعلني أجد حظوة عند السجّان.
(4) فالرب لا يتخلّى عن خائفيه،
لا في الظلمة ولا في القيود،
لا في الضيق ولا في الشدّة.
(5) فالله لا يُخزى كالانسان،
ولا يرتجف مثل ابن الانسان.
لا يضعف ولا يرتجف مثل ابن التراب.
(6) وهو حاضر في كل مكان،
ويعزّي بطرق مختلفة.
وإن ابتعد لحظة،
فليمتحن ميل النفس.
(7) بعشر تجارب امتحنني،
وفي كل هذه التجارب كنت صابراً.
فالصبر دواء قويّ،
والثبات يُنتج الخيرات العظيمة.

3 (1) كم مرّة هدّدتني المصرية بالموت! كم مرة بعد أن أسلمتني إلى العذاب، دعتني من جديد وهدّدتني! ولما رفضتُ أن أذهب معها، قالت لي: (2) "تملك عليّ وعلى كل ما في بيتي إن استسلمت لي، وتكون مثل سيّدنا". (3) أما أنا فتذكرت أقوال أبي يعقوب. فدخلت إلى غرفتي وصلّيت إلى الربّ باكياً. (4) صُمتُ سبع سنوات، وكان المصريّ يظنّ أني أعيش في الملذّات، لأن الذين يصومون من أجل الله يُزهر وجهُهم. (5) في غياب معلّمي ما كنت أشرب خمراً، وخلال ثلاثة أيام ما أكلت (فاحتفظت بالطعام) لاعطيه للمحتاجين والمرضى. (6) منذ السحَر كنت أصلّي إلى الربّ وأبكي على ممفيس المصرية، لأنها كانت تزعجني بلا هوادة. وحتّى في الليل، كانت تأتي إليّ متذرّعة بأنها تزورني. (7) لم يكن لها ولد ذكر فاعتبرتني ابنها. (8) خلال مدّة من الزمن قبّلتني كما لو كنت ابنها. ولكني فهمتُ فيما بعد أن هذه المرأة تجتذبني إلى الفجور. (9) فما أدركت (نواياها)، حزنت حتّى الموت. فلما خرجتْ، دخلتُ إلى نفسي وبكيت عليها أياماً طويلة، لأني فهمت حيلتها وضلالها. (10) ووجّهت إليها كلمات العليّ لعلّها تميل عن رغبة الشرّ فيها.

4 (1) مرّات عديدة كانت تمتدحني كرجل قديس، وتنشد بخطَبها عفتي أمام زوجها، وكانت تريد أن تُسقطني حين نكون وحدنا. (2) في العلن تخبر عن عفّتي، وفي السرّ تقول لي: "لا تخف من زوجي. فقد اقتنع بعفّتك. فإن كلّمه انسان عنا، لن يصدّق". (3) لأجل هذا كله، كنت أنام على الأرض، وأصلّي إلى الرب لكي ينجّيني من المصريّة. (4) ولما لم تحصل بهذه الطريقة على شيء، جاءت إليّ طالبة تعلّم الدين ومعرفة كلام الله. (5) قالت لي: "إذا أردتني أن أترك الاوثان، فاتحد بي وأنا أقنع زوجي بأن ينفصل عن الاصنام، وهكذا نسلك أمام ربّك" (في الوصايا). (6) أمّا أنا فقلت لها: "لا يريد الربّ لعابديه أن يعيشوا في النجاسة، ولا يُسرّ في الذين يمارسون الزنى، بل في الذين يقتربون منه بقلب طاهر وشفتين لا دنس فيهما". (7) فكانت تصمت. وكل ما تريده هو إشباع رغبتها. (8) أما أنا فأكثرت من الاصوام والصلوات لينجّيني الرب منها.

5 (1) مرّة أخرى قالت لي أيضاً: "إذا كنت لا تريد الزنى، أسمّم لزوجي وأتّخذك لي زوجاً". (2) فلما سمعتُ هذا مزّقت ثيابي وقلت لها: "يا امرأة، خافي الله ولا تقترفي هذا الجرم لئلا تهلكي. فاعلمي أني أكشف للجميع مشروعك السيَّئ". (3) فرجتني مرتعبة أن لا أكشف شرّها. (4) ومضت بعد أن أرادت أن تهدئني بالهدايا والالتفاتات من كل نوع.

6 (1) بعد ذلك أرسلتْ إليّ طبقاً مزجت فيه شراباً سحرياً. (2) ولكن حين جاء الخصيّ الذي هيّأه، رفعت عينيّ فرأيت رجلاً مرعباً يعطني السيف مع الطبق. ففهمت أن هذا الطعام هيّئ لكي أضيع رشدي. (3) فلما خرج، بكيتُ وما ذقت هذا الطبق ولا ذقتُ طبقاً آخر. (4) في الغداة، جاءت إليّ فعرفتْ الطبق. فقالت لي: "لماذا لا تأكل من هذا الطبق"؟ (5) فاجبتها: "لأنك ملأته سحرَ الموت. فكيف تقولين: أنا لا اقترب من الاصنام، بل من الربّ فقط؟ (6) فاعلمي منذ الآن أن إله أبي كشف لي شرّك بواسطة ملاكه، وأني احتفظت به لكي أفحمك فأكشفه لك في حال ارتددت. (7) ولكن لتعرفي أن شرّ الأشرار لا يتسلّط على الذين يكرّمون الربّ في العفّة، فهاءنذا آخذ من هذا الطبق وآكل أمامك". وبعد أن تلفّظتُ بهذه الكلمات صلّيت: "ليكن إله آبائي وملاك ابراهيم معي". ثم أكلت. (8) فسقطت بوجهها على الأرض عند قدميّ وبكت. فأنهضتها ووبّختها. (9) فوعدتني بأن لا تعود تقترف هذا الشرّ.

7 (1) ولكن قلبها كان غارقاً في الشرّ، فتسعى بكل الوسائل لتوقعني في فخاخها. تأوّهتْ تأوّهاً عميقاً، وبدت مرهقة مع أنها لم تكن مريضة. (2) فلما رآها زوجها، قال لها: "لماذا يبدو الارهاق على وجهك"؟ فأجابته: "قلبي مريض وتأوّهات روحي تضايقني". فاعتنى بها مع أنها لم تكن مريضة. (3) فاستفادت من الظرف فأسرعت إليّ ساعة كان زوجها في الخارج وقالت لي: "أشنق نفسي أو أرمي بذاتي في الهوّة إن رفضت أن تتّحد بي". (4) ففهمتُ أن روح بليعار يبلبلها، فصلّيتُ إلى الربّ وقلت لهذه المرأة: (5) "لماذا أنت قلقة مضطربة أيتها الشقيّة وقد أعمتك الخطايا؟ تذكّري أنك ان انتحرت، فإن أسيتو ضرّتك وسرية زوجك سوف تضرب الاولاد وتزيل ذكراك عن الأرض". (6) فأجابت: "إذن أنت تحبني! يكفي أن تكافح من أجل حياتي وحياة أولادي. فها أنا الآن أرجو أن أشبع شهوتي". (7) ولكنها لم تعلم أنني حدّثتها حباً بالرب لا حباً بها. (8) فالانسان الذي يسقط في شهوة الرغبة ويُستعبد لها مثل هذه المرأة، فمهما سمع من كلام رشيد حول هذه الشهوة، فهو يفسّره بالنظر إلى رغبة الشرّ التي فيه.

8 (1) أقول لكم، يا أبنائي. كانت الساعة السادسة تقريباً حين تركَتْني. فركعت أمام الرب طوال النهار والليل. ونهضتُ سحراً والدموع في عينيّ وطلبت أن أخلّص منها. (2) وأخيراً أمسكت بثيابي، وشدّت بعنف لكي أقيم علاقة معها. (3) فلما رأيتها في فورة جنون تمسك بثيابي بقوّة، هربتُ عريانا. (4) فافترت عليّ. وجاء زوجها فرماني في السجن الذي في بيته. وفي الغداة، بعد أن جلدني أرسلني إلى سجن فرعون. (5) ولما كنت في القيود، مرضت المصريّة من الحزن. فجاءت وسمعت كيف كنت أشكر الربّ منشداً في بيت الظلمة، معبّراً عن بهجتي بصوت الفرح، وممجّداً الله لأنه نجّاني من المصرية باتهام كاذب.

9 (1) وأرسلت تقول لي مراراً: "وافق على إشباع رغبتي وأنا أُنجيّك من قيودك وأخرجك من الظلمة". (2) أما أنا فما التفتُّ إليها حتى بالفكر. فالرب يفضّل الصائم بعفّة في هوّة مظلمة، على الملتذّ بالفجور في مخادعه الملوكيّة. (3) فإذا رغب العائق في العفّة، بالمجد أيضاً، وعرف الربّ أن هذا يوافق منفعته، يمنحه إياه أيضاً كما فعل معي. (4) كم من مرّة نزلتْ إليّ، وهي مريضة، لكي تراني في ساعة غير مناسبة: كانت تسمعني أصلّي بصوت عالٍ، وأنا كنت أفهم لماذا تتأوّه، وأسكت. (5) لما كنت في بيتها، كانت تعرّي ذراعيها وصدرها وفخذيها لكي أقيم علاقة معها. فقد كانت جميلة جداً ومزيّنة ومتبرّجة لكي تطغيني. فحفظني الرب من هجماتها.

10 (1) هاكم يا أبنائي كل ما يفعله الصبر والصلاة المجتمعان مع الصوم. (2) وأنتم أيضاً، إن طلبتم العفّة والطهارة في الصبر، في الصلاة المنضمّة إلى الصوم، في تواضع القلب، يسكن الرب فيكم لأنه يحبّ العفّة. (3) فحيث يسكن العليّ، ولو كان الانسان فريسة الحسد والعبوديّة والافتراء، فالرب الذي يسكن فيه بسبب العفة، لا ينجّيه فقط من الشرّ، بل يرفعه أيضاً ويمجّده مثلي. (4) فالانسان يرتفع بكل الأشكال: بالعمل، بالكلام، بالفكر.

خبر آخر ليوسف
(5) عرف أخوتي كيف كان أبي يحبّني، فما ترفّعت في الفكر. ومع أني كنت ولداً بعدُ، كانت مخافة الربّ في قلبي، لأني عرفتُ أن كل شيء عابر. (6) ما اعتبرت نفسي اعتباراً عظيماً، بل كرّمت إخوتي. وحين باعوني احترمتهم فما أعلنت للاسماعيليين أني ابن يعقوب، هذا الرجل المقتدر والبار.

11 (1) فأنتم يا أبنائي، في كل سلوككم، ضعوا أمامكم مخافة الله وكرّموا إخوتكم. فمن مارس شريعة الرب أحبّه الربّ. (2) فلما ذهبت عند أهل الخليج مع الاسماعيليين، سألوني: "هل أنت عبد"؟ فما أردت أن أغطّي بالعار اخوتي. لهذا قلت: "أنا عبد". (3) ولكن أكبرهم سناً قال لي: "لست بعبد، ومظهرك يدلّ عليك". أما أنا فقلت لهم إني عبدهم. (4) ولما وصلنا إلى مصر، تقاتلوا في شأني ليعرفوا من يشتريني فأكون له. (5) لهذا حسُن في عين الجميع أن يتركوني في مصر لدى وسيطهم إلى أن يعودوا مع بضائعهم. (6) فجعلني الرب أجد حظوة عند هذا الوسيط، فسلّمني بيتَه. (7) فباركه الرب بسببي، وأكثر له ذهبَه وفضّته. (8) ولبثتُ معه ثلاثة أشهر وخمسة أيام.

12 (1) في ذلك الوقت، جاءت ممفيس، زوجة بنتافريس على عربتها في أبّهة عظيمة، لأنها سمعت خصيانها يتحدّثون عني. (2) فقالت لزوجها إن الوسيط اغتنى بفضل هذا العبراني الشاب الذي سرقه من أرض كنعان، كما قيل. (3) وقالت: "أنصفه الآن وخذ هذا الشاب إلى بيتنا، وإله العبرانيين يباركك، لأن نعمة السماء ترافقه".

13 (1) اقتنع بنتافريس بكلامها، فأمر بأن يجيئوه بالوسيط. وقال له: "ماذا أعرف عنك؟ تسرق أناساً في أرض كنعان وتبيعهم كعبيد". (2) فسقط الوسيط على رجليه وتوسّل قائلاً: "أرجوك يا سيّدي، فأنا لا أفهم ماذا تقول". (3) فقال بنتافريس: "فمن أين جاء هذا العبد العبريّ"؟ فأجاب: "سلّمني إياه الاسماعيليون إلى حين عودتهم". (4) فلم يصدّقه، بل أمر أن يعرّى من ثيابه ويُضرب ضرباً مبرحاً. ولما ظلّ ثابتاً على قوله، أمر بنتافريس فجاء الشاب. (5) ولما دخلتُ، ركعتُ أمام بنتافريس، لأنه كان الثالث في مصاف ضبّاط فرعون. (6) فأخذني على حدة وقال لي: "أأنت عبد أم حرّ"؟ فأجبته: "عبد". (7) فقال لي: "(عبد) من"؟ فأجبته: "(عبد) الاسماعيليين". (8) فقال لي: "وكيف صرت عبداً"؟ فأجبت: "اشتروني في أرض كنعان". (9) فقال لي: "لا شكّ في أنك كاذب". وفي الحال، أمر بأن أعرّى من ثيابي وأضرب ضرباً مبرحاً.

14 (1) ونظرت ممفيس من الشباك ساعة كانوا يوسعوني ضرباً، وكان بيتها قريباً جداً. فقالت لزوجها: "قرارك جائر. تضرب هذا الحرّ الذي وقع أسيراً وكأنه اقترف جرماً". (2) ولما لم أبدّل رأي تحت الضرب، أمر بأن ألقى في السجن حتى عودة أسياد هذا الخادم، كما قال. (3) ولكن المرأة قالت لزوجها: "لماذا تحتفظ في القيود بهذا السجين، وهو شاب من عائلة طيّبة؟ كان يجب أن يكون حراً ويكون له خدم". (4) فقد أرادت أن تراني بسبب رغبة شرّيرة. أما أنا فجهلتُ كل هذا. (5) فأجابها: "ليست عادة المصريين أن يأخذوا مال الغير قبل أن يقدَّم البرهان". (6) وأعلن للوسيط: "هذا العبد يبقى في السجن".

15 (1) بعد أربعة وعشرين يوماً، وصل الاسماعيليون. وكانوا قد علموا أن أبي يعقوب يبكي عليّ. فجاؤوا وقالوا لي: (2) "لماذا قلت لنا إنك عبد؟ فقد عرفنا أنك ابن انسان مقتدر في أرض كنعان، وأن أباك ينتحب عليك في المسح والرماد". (3) فلما سمعت هذا الكلام، ارتخت احشائي، وانشقّ قلبي، ورغبتُ في البكاء. ولكني تمالكت نفسي لئلاّ أغطّي اخوتي بالعار. فقلت لهم: "لا أعرف. فأنا عبد". (4) عند ذاك قرّروا أن يبيعوني لكي يتخلّصوا منّي. (5) فقد خافوا أن يجيء أبي وينتقم منهم انتقاماً هائلاً، لأنهم علموا أنه عظيم أمام الرب وأمام البشر. (6) عندئذ قال لهم الوسيط: "ألغوا الحكم الذي اتخذه بنتافريس بحقّي". (7) فجاؤوا يطلبونني: "قل إننا اشتريناك ودفعنا الثمن وهو يطلق سراحنا".

16 (1) فقالت ممفيس لزوجها: "إشترِ الشاب لأني سمعتُ أنهم يريدون أن يبيعوه". (2) فأرسل في الحال خصياً إلى الاسماعيليين يرشّح نفسه مالكاً. (3) ولكن ما أراد الخصيّ أن يشتريني فمضى بعد أن سألهم. فأعلن لسيّدته أنهم يطلبون عن العبد ثمناً باهظاً. (4) فأرسلت خصياً آخر وقالت له: "حتى إن طلبوا وزنتين فأعطهم ولا توفّر الذهب. وحين تشتري هذا الخادم جيء به إليّ". (5) فأعطاهم 80 ذهبية واشتراني. ولكنه أعلن للمصريّة أنه دفع مئة. (6) أما أنا فمع علمي بالأمر لبثتُ صامتاً لئلاّ يغطّي العارُ الخصيّ.

17 (1) أترون يا أبنائي كل ما احتملتُ لكي لا يغطّي العار إخوتي. (2) وأنتم أيضاً، أحبّوا بعضكم بعضاً وأخفوا بصبر إساءاتكم المتبادلة. (3) فالرب يفرح بالتفاهم بين الاخوة وباندفاع القلب الذي يُسرّ في الحبّ. (4) فلما جاء إخوتي إلى مصر، علموا أني أعدت إليهم مالهم وما وبّختهم، بل عزّيتهم. (5) بعد موت يعقوب أبينا، زادت محبّتي لهم، وبروح سخاء نفّذت كل ما أراده بالنسبة إليهم. (6) أخرجتهم من الفاقة في أول سانحة، وأعطتهم كل ما كان لي. (7) صار أبناؤهم ابنائي. أما أبنائي فصاروا كعبيد لهم. كانت حياتي حياتهم، وكل عذاباتهم عذاباتي، وكل أمراضهم مرضي. أرضي صارت أرضهم، ورأيهم رأي. (8) ما ارتفعتُ فوقهم تبجّحاً بسبب مجدي في هذا العالم، بل كنت بينهم كالاصغر.

18 (1) فإن سلكتم أنتم أيضاً في وصايا الرب، يرفعكم الله ويبارككم بخيراته إلى الأبد. (2) فإن حاول انسان أن يسيء إليكم، فعاملوه بالخير وصلّوا لأجله، فيحرّركم الربّ من كل شرّ. (3) أنتم ترون أني بتواضعي وصبري تزوّجت ابنة كاهن هليوبوليس الذي أعطاها 100 وزنة ذهب بمثابة مهر. والرب جعلها في خدمتي. (4) أعطاني جمالاً أعظم من جمال أجمل رجال اسرائيل، وحفظي في الجمال والقوّة حتى شيخوختي، لأني كنت في كل شيء شبيهاً بيعقوب.

رؤى يوسف
19 (1) فاسمعوا، يا أبنائي، الحلم الذي حلمته. (2) كان اثنا عشر غزالاً في موضع واحد: تشتّت منها تسعة في كل الأرض، ثم الثلاثة أيضاً. (3) فرأيت أن الغزلان الثلاثة صارت ثلاثة حملان. صرختُ إلى الربّ، فجاء بها الرب إلى موضع الخضر والماء، وقادها من الظلمة إلى النور. (4) فصرخوا هناك إلى الربّ إلى أن انضمّ إليهم الغزلان التسعة، فصاروا مثل اثنتي عشرة نعجة، ولم يمضِ وقت طويل حتى تكاثروا وصاروا قطيعاً كبيراً. (5) بعد ذلك رأيت 12 ثوراً يرضعون عجلة تعطي بحراً من الحليب يرتوي منه 12 قطيعاً ونعاجٌ لا عدّ لها. وصعد قرنا الثور الرابع إلى السماء فصار سوراً للقطعان. ونبت بين القرنين قرن. (7) رأيت ثوراً يدور حول البقر 12 دورة فيكون لها عوناً.
(8) ورأيت أن يهوذا وُلد من عذراء تلبس ثوباً من كتّان. منها خرج حمل لا عيب فيه. ووقف عن يساره ما يشبه الأسد. هجمتْ عليه جميعُ وحوش البرّ، فقهرها الحمل ودمّرها وداسها بقوائمه. (9) ففرح الملائكة والبشر والأرض كلها. (10) حصلت كل هذه الأحداث في زمانها، في الأيام الأخيرة.

تحريضات أخيرة
(11) فاحفظوا، يا أبنائي، وصايا الرب، وكرّموا لاوي ويهوذا، لأن من نسليهما يطلع لكم حمل الله الذي يخلّص بحنانه جميع الأمم واسرائيل. (12) يكونُ ملكه ملكاً أبدياً لا يزول. أما ملكي بينكم فينتهي مثل خيمة في كرم: تزول بعد الصيف.

20 (1) وأنا أعرف أن المصريين يضايقونكم بعد موتي، ولكن الله ينتقم لكم ويقودكم إلى الأرض التي وعد أن يعطيها لآبائكم. (2) فاحملوا عظامي معكم. فحين تحملونها إلى هناك يكون الربّ في النور معكم، ويكون بليعار في الظلمة مع المصريين. (3) خذوا أسنات أمكم إلى الحقل وادفنوها قرب راحيل أمي.

الخاتمة
(4) ولما قال هذا، مدّ ساقيه ورقد رقاداً أبدياً. (5) فبكاه كل اسرائيل كما بكته مصر كلها. (6) ولما خرج بنو اسرائيل من مصر حملوا عظام يوسف ودفنوها في حبرون مع آبائه. أما سنوات حياته فكانت 110 سنوات.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM