وصيّة يهوذا حول الشجاعة وحب المال والفسق
بما أن لاوي ويهوذا يُذكران مراراً في الوصيّات كقبيلتين في المقدمة، لن ندهش أن تكون وصيّة يهوذا طويلة. منذ البداية، يهوذا هو ملك: "حين صرتُ رجلاً، باركني أبي بهذه الكلمات: ستكون ملكاً وتنجح في كل شيء" (1: 6).
يبدأ القسم السيروي في هذه الوصيّة (ف 2- 12) بوصف لسرعة يهوذا وقوّته في معاملته مع الوحوش (ف 2). هناك توازيات مع بنيامين 1: 3. ولكن حين كان جاد راعياً يدافع عن قطيعه من الوحوش، فيهوذا هو راع وصيّاد أيضاً، وتتحدّث ف 3- 7 عن حروب يهوذا واخوته مع الملوك الاموريين، مع تشديد على شهادة يهوذا وقوّته وبراعته في فنّ الحرب (3: 1- 6؛ 4: 1- 2؛ 5: 2- 3؛ 6: 5؛ 7: 2، 5- 6). ويضيف ف 9 خبراً عن حرب بين يعقوب وعيسو (مع أبنائهما) حيث تبرز مبادرة يهوذا في الوقت العصيب (9: 5). إن ف 2- 7، 9 تذكر الشجاعة (اندرايا). لهذا لا تلعب هذه التفاصيل السيرويّة أي دور في التحريضات والانباءات اللاحقة.
ولكن ليس الأمر كذلك في ف 8، 10- 12 ومسألة زواج يهوذا من امرأة كنعانية هي بنت شوع (تك 38). قدّم ف 8 فقط خبراً قصيراً جاء في محلّه الكرونولوجيّ (7: 10؛ 9: 1- 2). وراحت الفصول اللاحقة تقدم تفاصيل حول تامار، بنت آرام (لا بنت كنعان) غير المقبولة لدى بنت موع وولديها عير واونان (10: 2، 6). مات الثلاثة بسبب شرّهم (10: 2- 5؛ 11: 5). وظلّ يهوذا مع شيلة الذي تزوّج في ذلك الوقت امرأة كنعانية بفضل أمه، كما ظلّت تامار وحدها. وروى ف 12 ما في تك 38: 12- 26. ونجد تحريضات في ف 13- 19 مع تشديد على بعض الأمور. في 11: 10 يُلام يهوذا الشاب. ويُذكر سكره في 8: 2؛ 11: 2؛ 12: 3، 6. كما يلام لأنه تخلّى عن شارات الملك في 12: 4.
يُذكر الفجور في 13: 3؛ 14: 2- 3؛ 5: 1 ي. وحبّ المال في 13: 4- 5؛ 19: 1 ي. وترد هاتان الرذيلتان معاً في ف 17- 18 وفي عنوان الوصيّة. ويتحدّث النصّ عن النتائج السيّئة للسكر الذي يحرّك الرغبات الرديئة (13: 6؛ 14: 1 ي؛ 16: 1 ي). ويُذكر امران: عصيان يهوذا لوصايا أبيه (13: 7؛ 17: 3- 4؛ رج 1: 4) وبالتالي وصايا الله (13: 7؛ 14: 6؛ رج 16: 3- 4؛ 18: 6). بهذه الطريقة جعل امتيازاته الملوكيّة في خطر (15: 2، 3، 6؛ 17: 3- 6).
هذا الموضوع الأخير يربط القسم التحريضيّ في الوصيّة مع إنباءات عن المستقبل نقرأها في ف 21- 25. أما ف 20 فيعالج تأثير روح الحقّ وروح الضلال على قلب الانسان. وكان يهوذا قد أعلن في 17: 2- 6 أن خطايا ابنائه كانت خطراً على الملك الذي سلِّم إلى قبيلته. هنا نجد أمرين: قبل خطيئة يهوذا حين تزوّج بنت شوع، كان طائعاً لوالده (17: 3- 4؛ رج 1: 4). وفي النهاية يثبت ملكه حسب بركه ابراهيم واسحاق ويعقوب (17: 5- 6؛ رج 1: 6). يعود هذان الموضوعان الاخيران في القسم الأخير من الوصيّة: في 21: 1- 6 نرى سموّ لاوي على يهوذا. ثم صورة عن خطايا نسل يهوذا (21: 6 ب- 22: 2 أ). غير أن "إله البرّ سيأتي بحيث لا تزول الكرامة الملوكيّة من زرعي" (22: 2 ب- 3). ونجد في ف 26 الخاتمة حيث طلب يهوذا أن يدفن دفنة عادية في حبرون، لا في اللباس الملكي.