تقْديم

تقْديم

هذا هو الكتاب الرابع في سلسلة "على هامش الكتاب". عنوانه: وصيّات الآباء الاثني عشر، وصيّة ابراهيم، موسى، أيوب. استلهمت وصيّات الآباء الاثني عشر بركات يعقوب على فراش الموت في تك 41: 1- 27، فقدّمت لنا كلاً من أبنائه، من رأوبين حتى لاوي ويهوذا وبنيامين... كل واحد أوصى أبناءه وأعطاهم ميراثه الذي هو بالأحرى ميراث روحيّ وخلقيّ. من أجل هذا اتخذ الموضوع الارشاديّ حيّزاً هاماً في كل "وصيّة" من هذه الوصيّات. وفي نهاية كل وصيّة، جاءت "نبوءة" تقرأ التاريخ على ضوء الزمن الذي عاش فيه الكاتب، وهو القرن الثاني ق. م.
أما وصيّة ابراهيم فهي حكاية حول موت ابراهيم مع عناصر جليانيّة. جاء ميخائيل يأخذ نفس ابراهيم، فطلب منه ابراهيم أولاً أن يريه المسكونة. وإذ كان أبو الآباء في الفضاء رأى بعض الخطأة فعاقبهم. ولكنه سيفهم أنه إن أراد أن يعاقب كل الخاطئين تفنى البشريّة. فالله يبقى إله الرحمة. وإذ يعود ابراهيم على الأرض يلاحقه الموت ويأخذه. أو بالاحرى تأتي الملائكة وتأخذ نفس ابراهيم.
ووصيّة موسى أو انتقال موسى، منحول يرتكز على تث 31- 34. فموسى، سلّم، قبل موته، إلى يشوع الكتب الواجب حفظها وأعلن له الأحداث المقبلة. وهكذا يصل هذا الكتاب إلى الحقبة الرومانية، ساعة السلطة تمنع الختان وتفرض عبادة الأوثان. وهكذا جعل الكاتب في صورة واحدة، كما في الورق الشفّاف، ما حدث للشعب العبراني في زمن المكابين في القرن الثاني ق. م. كما في زمن الاحتلال الروماني بدءا مع بومبيوس سنة 63 ق. م.
وتضمّنت وصيّة أيوب اربعة أقسام تدلّ على موقف أيوب بالنسبة إلى الملاك (2- 5)، بالنسبة إلى الشيطان (6- 27)، بالنسبة إلى ملوك ثلاثة (28- 35) هم أصدقاؤه في السفر القانونيّ، هم أليفاز التيماني وبلدد الشوحي وصوفر النعماتي. وأخيراً، بالنسبة إلى بناته الثلاث (46- 50). فالقسم الرئيسيّ في وصيّة أيوب خبر يفصّل أسباب أمراض أيوب (الذي تماهى مع يوباب)، ملك الادوميين (أي 36: 33): بدا سخياً مع الفقراء والمساكين. ولكن الملاك نصحه بأن يدمّر هيكل الاصنام. لهذا حدث له ما حدث بعد أن أراد الشيطان أن ينتقم لأصنامه. ولكنه ظلّ محافظاً على أمانته للرب، فأعاد الربّ إليه أضعاف ما خسره.
هذا الكتاب الرابع من سلسلة "على هامش الكتاب" هو في الواقع أربعة كتيبات جمعناها معاً على أنه في إطار الوصيّة التي تعني إرادة الانسان الاخيرة قبل أن يموت. ووضعنا في المركز الأول وصيّات الآباء الاثني عشر، لأنها أساس الكتاب. ثم جاءت وصيّة كل من ابراهيم وموسى وأيوب. هذا الكتاب يُلقي بعض الأنوار على الفكر اليهودي في الفترة الواقعة بين القرن الثاني أو الأول ق. م. والقرن الأول ب. م، كما يقدّم بشكل مدراش ووعظ أموراً نجدها في التوراة، من أجل بناء المؤمنين.
كان بالامكان أن نذكر وصيّة اسحاق ووصيّة يعقوب وغيرهما من الوصيّات، ولكننا اكتفينا بهذا القدر تاركين إلى كتاب آخر هذا التراث الواسع الذي جاء على هامش الكتاب المقدّس وما دخل في الأسفار القانونيّة. ولكنه مع ذلك يعبّر عن تقوى شعب لم يتوقّف يوماً عن التأمّل في كلام الله الذي وصل إليه عبر الآباء من ابراهيم إلى موسى وأيوب. وفي النهاية إلى يسوع المسيح

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM