تقديم

تقديم

بين كورنتس ورومة، عنوان هذا الكتاب.

فكورنتس بنت رومة. بعد أن ولدها يوليوس قيصر من جديد إلى الحياة، سنة 44 ق.م. ماتت بيد قنصل رومانيّ هو موميوس. وعاشت بيد قائد كاد يصبح الإمبراطور. ولكن عاجله الموت.

وسكّان كورنتس أتوا من رومة. قدامى الجيش. عدد من العبيد المعتقين. وهكذا بدت كورنتس امتداد رومة، فأخذت معها الأسماء اللاتينيّة. وسيطرت هناك اللغة اللاتينيّة. فشابهت ليبريا الأفريقيّة التي تكوّنت من عبيد أتوا من الولايات المتّحدة الأميركيّة.

سكّان كورنتس مواطنون رومان. لهم من الحقوق ما لسكّان رومة. والمدينة صارت مدى لتجارة رومة وصناعتها.

ذاك على مستوى العالم. ولكن على مستوى الإنجيل، انقلبت الأدوار. من كورنتس انطلقت الرسالة إلى رومة. والأمور الإيمانيّة التي طُرحت في كورنتس، كانت موضوع توسّع في الرسالة إلى رومة، سواء على مستوى الضعفاء والأقواء، سواء على مستوى المواهب. وفي أيّ حال، اللوحة السوداء التي نراها في بداية روم، هي مرسومة عن كورنتس، المدينة التي عُرفت بالزنى والفسق والفجور، فجعلت الرسول يستاء جدًّا. وإذ أراد أن يتدخّل، جابهته المقاومة وأكثر من المقاومة ولولا جرأته لما كان مضى إلى كورنتس مرّة أخرى.

من كورنتس استعدّ بولس لكي ينطلق إلى رومة، فتكون المركز الجديد لحمل البشارة إلى أقاصي الأرض، إلى عواميد هرقل أو جبل طارق. بعد انطلاقة أورشليم وأنطاكية، ستكون رومة التي منها يصل الرسول إلى إسبانيا. ولماذا لا يمضي إلى أبعد من إسبانيا، إلى الأرض كلّها (روم 9: 17).

هذه مسيرتنا في هذا الكتاب. ننطلق من رومة، وهي أولى الرسائل في المجموعة البولسيّة، لأنّها الأطول. هي ما كُتبت قبل الرسالتين إلى كورنتس، وإن تكن المسافة قصيرة بين 1 و2 كور من جهة وروم من جهة ثانية. بين سنة 56 وسنة 57. الوقت هو هو. والأفكار هي هي. والروح هي هي. من رسالة مليئة بالأسئلة يجيب عليها الرسول. هي كورنتس الأولى. إلى رسالة يدافع فيها بولس عن رسالته بعد أن هاجموه لأنّه ليس من الرسل الأوائل. هي كورنتس الثانية. أمّا الرسالة إلى رومة، فهي خلاصة فكر بولس إلى العالم الوثنيّ كما إلى العالم اليهوديّ. لا فرق بين الاثنين، لأنّ كلّ من يدعو باسم الله يخلص.

لسنا في معرض الشرح والتفسير، بل في التعرّف إلى الإطار الخارجيّ، إلى الحفريّات، إلى المجتمع الذي تلقّى الرسالة الإنجيليّة. وفي محطّة ثانية، نرافق الكنيسة في قراءتها لهذه الرسائل الثلاث. هذا ما يمكن أن ندعوه التقليد. ونحن ندخل في هذا التقليد فنغتني منه ونغنيه بخبرتنا بحيث تواصل كلمة الله جريها لتعمّ المسكونة كلّها.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM