الفصل التاسع عشر:الهرب من الخطيئة.

 

الفصل التاسع عشر

الهرب من الخطيئة (21:1 - 22:26)

 

1- المقدّمة

منذ 18:30 يحثّ ابن سيراخُ الحكيمَ ليسود على رغباته الشهوانيّة، وعلى لسانه، وهو يستعيد هذين الموضوعين في 22:27 - 23:27 الذي تسبقه مقابلة بين الحكيم والأحمق (21:11 - 22:26) يوازي ما في 19:20 - 30. إذن، 21:1 - 30 هو حضّ عامّ بشكل مقدّمة اعتاد عليها الكاتب، وهي تدلّ على وقفة في التعليم ونداء جديد ينبّه التلميذ. وهكذا لا يتغيّر الموضوع، بل يقدَّم في شكل جديد.

وفي 21:11 - 22:26 يتابع الكاتب مقابلته بين الحكيم والأحمق (21:11 - 28)، فيحدّد الموقف الذي نقفه تجاه الأحمق (22:1 - 18). وتنتهى هذه المتتالية بتطبيق عمليّ من الحكمة في علاقات الصداقة (آ 19 - 26).

ينادي الحكيم تلميذه: يا ابني، وبعد أن يتحدّث عن الخطيئة بشكل عامّ، يعدّد أنواع الخطيئة. وفي النهاية يقول لنا إلى أين تصل طريق الخاطئ. ويعلن: الحكمة هي حفظ الشريعة ومخافة ا؟. فالشريعة هي سيل لا ينقطع وينبوع لا ينضب. وتتواصل المقابلة بين حكيم يقبل كلام الحكمة وجاهل لا يتذوّقها فيرفضها. الحكيم يسحرك بحرّيّته، والأحمق لا يُحتمل الكلام معه. ويختلف تصرّف الاثنين في المجتمع. وينتقل الكلام إلى الكسلان الذي يشبه الحجر القذر (22:1) الذي يهرب منه الجميع. في النهاية يتلاقى الكسل مع الحماقة. وتنتهي هذه المتتالية بكلام عن الصداقة وكيف نحافظ عليها. نستطيع أنّ ندمِّر الصداقة. ونستطيع أن نتجنّب ما يدمّرها. لهذا، نتذكّر واجباتنا تجاه أصدقائنا.

2 - نظرة إلى النصّ

آ 1. نهرب من الخطيئة. وإن خطئنا، لا نعود.

آ 2. أخطار الخطيئة: الحيّة (تك 3:1؛ أم 23:32). الأسد (يوء 1:6؛ سي 27:10؛ 1 بط 5:8). السيف القاطع (ذو حدّين). رج مز 149:6؛ أم 5:4. رج سي 22:21؛ 26:28؛ 29:30؛ 40:9؛ 46:2.

آ 3. الحرام. في السريانيّة: الزانية (ز ن ي ت ا). في اليونانيّة »أنوميّا«، ما يعارض الشريعة ويتجاوزها.

آ 5ب. أو: تأتي دينونته ولا تتأخّر. السريانيّ: وتصعد أمام ديّان العالمين (أو الدهور).

آ 6. السريانيّ: »الحكيم يعرف ما هو قبالة عينيه ويكشف الأشرار بسرعة« (على عجل).

آ 9. السريانيّ: مثل تلّة رمل تحت رجلَي الرجل الشيخ، هكذا قوّة الأشرار قرب النار (25:20).

آ 10. طريق الخطأة طريق سهلة، ولكنّها تقود إلى الهلاك. رج أم 14:12؛ 16:25. ق أش 28:25؛ 45:2؛ 62:10. في آ 10ب نجد عقيدة حول جزاء الإنسان. ولكنّنا ما زلنا على مستوى الحياة الحاضرة. أمّا اللاتينيّ فيقول: في النهاية يجدون جهنّم والظلمة والعذاب.

آ 11. هنا يرسم ابن سيراخ الحكيم والأحمق، مع كلام عن الغريزة والميل الشرّير (ي ص ر) الذي يسيطر عليه بحفظ الشريعة.

آ 13. كالسيل. أو الطوفان وكثرة المياه التي صارت علامة البركة. في السريانيّ: »معرفة الحكيم تكثر كنبع ماء، وفهمُه مثل مياه حيّة«. هذا ما يقابل مياه الآبار التي لا تتحرّك.

آ 14. السريانيّ: »قلب الشرّير مثل جبّ مشقّق«. شُبَّه التلميذُ بجبّ مطيّن لا يضيّع نقطة ماء واحدة.

آ 15. يهزأ. في السريانيّة: يضحك (ج ح ك).

آ 18. نحن نفضّل السريانيّ الذي يقدّم رأي الأحمق في الحكمة الحقّة، فيقول: »الحكمة للجاهل مثل بيت الأسرى (= سجن)، والمعرفة للبليد مثل جمر نار«.

آ 22ب. ينظر أن يدعوه لكي يدخل.

آ 26. يتكلّم الأحمق قبل أن يفكّر (القلب مركز الفكر). والحكيم يفكّر ثمّ يُفصح عن فكره.

آ 27. عدوّ الشرّير الشيطان بل الشرّ الذي في قلبه، فلا يحاول أن يتهرّب من المسؤوليّة.

22:1. الكسلان مثل حجر قذر اعتاد الفلاّحون أن يستعملوه لمسح الخراء.

آ 3. الناقص التهذيب. أو الجاهل (س ك ل ا. في السريانيّ). رفض أن يتعلّم، أن يتهذّب. وولادة البنت خسارة (ح و س ر ن ا، في السريانيّ). شكر التلمود (مناحوت 43ب) ا؟ أنّه لم يخلقه امرأة ولا عبدًا.

آ 6. شدّد الحكماء على عقاب يصيب الجسد (أم 13:24؛ 19:18). فالقضيب أنجع من التوبيخ الذي لا يأتي في وقته. وتضيف بعض المخطوطات اليونانيّة آ 7: »أولاد يقومون بأود حياتهم ينسون أنّهم كانوا وضعاء، آ 8: أولاد مستهزئون ووقحون ينجّسون أصلهم الرفيع«.

آ 9. لا مجال لإصلاح الأحمق. كمن يجمع قطع زجاج ويصنع منها إناء. يبقى الإناء مثقوبًا (21:14).

آ 12. سبعة أيّام. تلك كانت العادة (تك 50:10؛ يه 16:24) وما زالت في أماكن من الشرق. في 38:17: يومان أو ثلاثة.

آ 13ب. السريانيّ: »ومع الخنزير لا تمشِ طريقك«. أضاع اليونانيّ الصور لقوّة واقعيّتها. أضاف اليونانيّ: »يكسوك احتقارًا دون أن يدري«.

آ 15. قابل حكمة أحيقار (2:45 - 46): »يا ابني حملتُ الملح ونقلت الرصاص، وما رأيت أثقل من دين يجب على الإنسان أن يدفعه وما استدانه. يا ابني حملتُ الملح ونقلت الحجارة فما كان أثقل عليّ من رجل يقيم في بيت حميّه«.

آ 16 - 18. تشبيهان يدلاّن على مكانة الإنسان الذي شدّ عزمه. ويقابله الخائف المتقلقل. الأوّل: جسر الخشب بين جدارين. لا شيء يفكّكه. والثاني: السياج الذي تقتلعه الريح، أو الحجارة التي يسقطها ابن آوى حين يقفز على الجدار.

آ 19. الأمانة للأصدقاء أمر مهمّ. إذن، نتجنّب الكلام الجارح. في السريانيّ: يجعل الصداقة تعبر، تزول.

آ 23. كن أمينًا. السريانيّ: أسند صديقك في فقره. في النهاية يضيف اليونانيّ: »يجب أن لا نحتقر دومًا الظاهر، ولا أن نُعجَب بغنيّ لا لبّ له«.

آ 25 - 26. نقرأ في السريانيّ: »إن افتقر صديقك لا تخجل منه ولا تختبئ من أمامه. إن كشف لك صاحبك سرٌّا لا تُخرجه إلى العلن، فيحذرك كلُّ من يسمعك ويحسبك مسيئًا، جارحًا«. في اليونانيّ، الناس يحترسون من صديقي الذي أصابني منه شرّ.

3 - شرح الآيات (21:1 - 22:26)

أ - تجنّب الخطيئة (21:1 - 10)

الحكمة تقوم في أن نتجنّب الخطيئة (آ 1 - 3). وإذا أردنا أن ننال الغفران عن الخطايا السابقة، يُفرض علينا شرطان اثنان: نرفع صلاتنا إلى ا؟ الذي أغظناه. وبالتالي نتوب توبة صادقة. ثمّ نقصد القصد الثابت بعدم العودة (17:25). فالخطيئة شرّ هائل (آ 2) يقابَل بخداع حيّة تعضّ فتنفث سمّها القاتل، وبقوّة أسد يمزّق فريسته بقساوة، وبسيفٍ ذي حدّين. ذاك كان سلاح بطليموس الرابع في رفح، جرح لا يمكن أن يُشفى. سلاح خطر. رج 22:11؛ 26:28. كلّ هذا يدلّ على بشاعة الخطيئة وعلى الاهتمام بتجنّبها.

وشرّ هذه الخطايا (آ 4 - 7) الكبرياء التي هي ينبوع كلّ الرذائل ولا سيّما الجور. فكما أنّ الغنيّ يُدمَّر بأعماله الشرّيرة، كذلك يدمَّر بجنون العظمة حين يريد أن يجعل الآخرين يُعجَبون أو يخافون. فهو قاس بالنسبة إلى الفقراء الذين يتوسّلون إليه فيظلّ قاسيًا تجاههم. فصلاة الفقير تصل إلى ا؟ وهو يعاقب هذا المتكبّر ولا يتأخّر. ورفضُ التوبيخ (آ 6) له نتائجه. فالمتكبّر يعاند ولا يتخلّى عن رذائله، أمّا الذي يقبل التوبيخ فيخضع لتربية الحكمة. هناك نوعان من الرجال (آ 7) يتقابلان: الأوّل متكبّر ويبهر الناس بفصاحته. والثاني يزن أقواله وينتقد نفسه، لأنّ حماقة الثرثار لا تغشّه، بل هو يكتشف أخطاءه.

والجور الذي يرافق الكبرياء (آ 8 - 10) يصل بالإنسان إلى الدمار. من بنى بيته بمال ناله بالسرقة والعنف وظُلم الفقراء، لن يكون بقاؤه متينًا. وثروة الإنسان الظالم لا يباركها ا؟ (آ 9). فهي كحبل يحترق بسهولة. إذن، تُدمَّر في النار (8:10؛ 16:6)، في نار جهنّم (آ 10) والعقاب الجسديّ، ونهاية آ 10 توخّت أن تنير الأبرار حول سعادة الأشرار الظاهرة. فالطريق التي فيها يسيرون سهلة ومسهّلة، ولكنّها تقود إلى الهوّة (يوتروس، 12:16)، هوّة الجحيم (14:12). هكذا يجازى الإنسان على أعماله.

ب - الحكيم والأحمق (21:11 - 28)

من يحفظ الشريعة (آ 11 - 14) هو الإنسان التقيّ والخائف ا؟. يعمل عمل النعمة ويتنبّه لأفكاره. يسود ميوله، طبيعته البشريّة. فالسيادة على النفس تدلّ على فطنة تكون صالحة أو رديئة (19:23). الفطنة الصالحة فضيلة. والرديئة حيلة. فإن غاب العقل والاستقامة الخلقيّة، لا يستطيع الإنسان أنّ يتعلّم وأن يتربّى من أجل الخير. أمّا المهارة التي تقود إلى الشرّ فهي تحمل الكوارث لصاحبها وللآخرين. وبما أنّ الحكيم يقبل التربية، فهو يزداد علمًا مثل سيل يجري ويفيض (آ 13)، ويتيح له عملَه أن يعطي أفضل النصائح للآخرين. هذه الصورة لحياة حيّة لا تنفد تجري وتنشر خيرها، صورة تقليديّة. هنا نقرأ حكمة أحيقار: »حكيم صالح يخفي الكلمة في قلبه، ووعاء مكسور يجعلها تتسرّب«، ونقرأ مثلاً بابليّا: »فمي صادق، والكلمة التي أتلفّظ بها في صدري هي صادقة. فوعائي محكَم السدّ. أمّا داخل الأحمق، عقله وقلبه، فهي مثل وعاء مكسور لا يقدر أن يحتفظ بالحكمة التي تُصَبّ فيه (إر 2:13).

ويختلف الحكيم عن الأحمق أيضًا (آ 15 - 17) في موقفهما تجاه تعليم الحكمة. فالأوّل يقبل هذا التعليم. يبتهج به. يتأمّله. ينمو في معرفة الحكمة نموٌّا عقليٌّا وخلقيٌّا، ويقدر أن ينقلها إلى الآخرين. أمّا الأحمق فهو تافه في فكره وفي سلوكه. لهذا فهو لا يقدّر التعليم الجدّيّ حقَّ قدره. ولا يجعل فيه انتباهه، بل يميل عنه ويحتقره. لا يحفظ منه شيئًا بل يضحك عليه. إن تكلّم ثقُل على الناس. أمّا الحكيم فيسحر الناس بكلامه (آ 16). هم لا يتعبون من السماع، بل يتشوّقون لما يقول في المجمع كلّ سبت (لو 4:16). بل يتأمّلون بكلماته في قلبهم ليضيء على حياتهم (15:5؛ أي 29:7 - 23؛ حك 8:10).

ومع أنّ الحكيم والأحمق (آ 18 - 21) عرفا تعاليم الحكمة، فهذه التعاليم عقيمة للأحمق. والحكمة عنده تكون كما في سجن. ما احتفظ به عبارات فارغة. والتعليم الخلقيّ (آ 19) يبدو بشكل قيود ثقيلة علىحرّيّته. أمّا فرائض الحكمة فهي عون ثمين وعنصر جميل روحيّ للإنسان الفاضل. وهذا الاختلاف الخفيّ بين الحكيم والأحمق يظهر مثلاً في التعبير عن الفرح (19:30؛ جا 7:5 - 6). هذا يضحك بملء فمه دون أيّ اعتدال (آ 20). أمّا الحكيم فيسيطر على نفسه ويحافظ على اعتدال يليق به.

ولا يختلف الحكيم والعاقل فقط (آ 22 - 28) بالقلب والكلام والضحك، بل أيضًا بالسلوك في حياة المجتمع. يكون الأوّل متحفّظًا وحسّاسًا. الأحمق لا يفكّر، يُزعج، يتدخّل في ما لا يعينه. يُزعج ولا ينزعج. وإن هو لم يستطع الدخول إلى البيت، يسترق النظر من فتحة الباب ويتفحّص بفضول جشع ما يحدث في الداخل.

وأخيرًا إن كان الإنسان القليل التهذيب لا يستطيع أن يدخل ولا أن يرى، فهو يسمع عند الباب ويحاول أن يكتشف ما في البيت. أمّا الحكيم فيحافظ على قواعد اللياقة. الأحمق يتكلّم كيفما جاء الكلام، أمّا الحكيم فيسود لسانه ولا يقول كلّ ما يفكّر فيه. لهذا يقال: هذا قلبه على فمه. وذاك فمه على قلبه. واحد يتكلّم دون أن يفكّر. وآخر يفكّر قبل أن يتكلّم (آ 26). وأخيرًا يخلق الأحمق له أعداء بين الذين لا يستحلون إفراطه في الكلام. فالذنبُ ذنبه إن أغلِق البابُ في وجهه. وإن هو لعن عادت اللعنة إليه، إن تكلّم شهّر بنفسه، أخطأ، تنجّس على المستوى الخلقيّ وأبغضه جميع الناس.

ج - الكسل والحماقة (22:1 - 26)

ينتج عمّا سبق (آ 1 - 6) أنّ الأحمق يرفض الحكمة. يكرهه الناس، لهذا نتعلّم كيف نتعامل معه، كيف نسلك (آ 1 - 18). ونبدأ بالكسول (أم 6:6 - 11؛ 26:13 - 16). كسله كريه كحجر وسخ. فإن أردنا لمسه تقزّزت نفوسنا. عادة يصفر الناس. وهنا يسدّون أنوفهم أمام هذه النتانة. ثمّ إنّ أولادًا بلا تهذيب، هم عار لوالديهم فلا بدّ من إصلاحهم. وابنة لامهذّبة شرّ من الصبيّ (آ 3). فهي عار لوالديها. لا يقدران أن يزوّجاها. لهذا يكون الهم والمصاريف التي لا تنتهي. هي لطخة خلقيّة، بل دمار.

نلاحظ هنا النظرة البشعة إلى المرأة. والمؤمن اليهوديّ يصليّ اليوم: »مبارك أنت أيّها الربّ إلهنا، ملك الكون، لأنّك لم تصنعني امرأة«. بما أنّ المرأة اليهوديّة لم تحمل معها مهرًا، فهي كنز لزوجها بصفاتها الأخلاقيّة. هذا يعني أنّ الفتاة الصالحة تكون امرأة صالحة. أمّا الفتاة الحمقاء فهي غمّ لوالديها ولزوجها إن وجدت من يتزوّجها (آ 5). فعلى الأب أن يفعل ما في وسعه ليتجنّب مثل هذا الشقاء. لا حاجة إلى الإكثار من النصائح والتوبيخات. فهي لا تفعل أكثر من موسيقى أمام جثّة ميت. هي لا تُبهجه بل تزعج الحاضرين.

وإن لم يُصلَح الأحمق في شبابه (آ 9 - 12)، فمن العبث هدايته وإفهامه. هو وعاء مكسور لا يُبقي على الماء. نكون كمن يخطب في إنسان نائم أو أطرش. حالته ميؤوس منها فلا يبقى سوى أن نبكي عليه كما على ميت (38:16). فنقصُ النور مهما كان ثمينًا ومحبوبًا هو أقلّ شرٌّا من نقص الفهم. كانوا يبكون الميت سبعة أيّام، أمّا الخطأة فنبكيهم طوال حياتنا. فالموت والشرّ هما مأساة البشريّة.

والخلاصة (آ 13 - 18) نهرب من رفقة الأحمق كما نهرب من جثّة ميت. من جهة، نحن نتنجّس إن لمسناه. هو يشبه الخنزير، ذاك الحيوان النجس، كما قال السريانيّ. ومن جهة ثانية، ما من ثقل يحمل الكآبة مثل هذا الإنسان الذي لا يُحتمل لتقلّبه (آ 16 - 17). أمّا طبع الحكيم فمختلف كلّ الاختلاف. ثباته يقابل جسور الخشب التي تُسند البيت. لهذا، لا شيء يزعزعه.

وتتوقّف الآيات الأخيرة (آ 19 - 22) عند الأسباب التي تفصل الصديق عن صديقه. الحكيم يحافظ على أصدقائه، عكس الأحمق. كلّ شيء يبدأ بكلام عن العين وعن القلب، العضوين اللطيفين في الجسم. العين مركز الدموع. والقلب مركز العواطف. إن جُرحا جاء الوجع أقوى من أيّ وجع آخر. حين نذكّر الصديق بخدمة أدّيناها له، نُصيبه في كرامته ونجعله يهرب كما العصفور الذي نضربه بحجر. أمّا الجدال الصادق، وإن عنف، فلا يمكن أن يقتل الصداقة (آ 21). إن اعتذرنا، رضي الصديق وغفر.

هذا يعني أنّ صداقة دائمة (آ 23 - 26) تفترض ممارسة الفضائل ولا سيّما الأمانة والرأفة في الشقاء، هذا ما لا ينساه الصديق حين يستعيد خيراته (آ 23). لا نخاف أن نخاطر بسمعتنا حين يكون أصدقاؤنا في خطر. من تهرّب في مثل هذه الحالة، كان جبانًا (6:12). قد نُصاب بأذى، ولكنّ أعداء صديقنا سيأخذون حذرهم. بل يخافون ويمتنعون عن الإساءة إلى من نحبّ. فإن كان الصديق عقوقًا وردّ لك الشرّ مقابل الخير، يتنبّه الذين حوله ولا يساعدونه، بل يتخلّون عنه.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM