الفصل الثاني والعشرون: ردات الفعل على المعجزات في العهد الجديد

 

الفصل الثاني والعشرون
ردات الفعل على المعجزات في العهد الجديد

1- المعجزات في العهد الجديد
تذكر الأناجيل 66 رواية عن 32 معجزة مختلفة إجترحها يسوع. يذكر متى 20 رواية، ومرقس 18، ولوقا 20، ويوحنا 8. وهي تشكّل جزءًا بسيطًا من الأناجيل؛ ففي متى مثلاً، تشكّل الروايات 119 آية من أصل 1071، أي ما يقارب 1، 11 بالمئة من إنجيله.
يشترك الانجيليّون الأربعة في رواية معجزة واحدة، هي معجزة تكثير الخبز الأولى (متى 14/ 13- 21؛ مر 6/ 30- 44؛ لو 9/ 10- 17؛ يو 6/ 1- 15). ويشترك الإزائيون في رواية 10 معجزات. يتفرد متّى في رواية 3 معجزات ومرقس في 2 ولوقا في 5 ولوحنا في 4.
8 روايات فقط لا تعرف لها خاتمة أو أيّة ردّة فعل، 4 في متّى، 3 في لوقا، وواحدة في كل من مرقس ويوحنا، وهي رواية:
المنزوفة (متّى 9/ 20- 22)
ضريبة الدرهمين (متّى 17/ 24- 27)
المشي على المياه (يو 6/ 16- 21)
الاذن المقطوعة (لو 22/ 50- 51)
ابن قائد المنة (متّى 8/ 5- 13 ولو 7/ 1- 10)
المرأة الكنعانية (متّى 15/ 21- 28 ومر 7/ 24- 30)
وقد تمّ الشفاء في هاتين المعجزتين الأخيرتين عن بُعد.
أما سائر الروايات فتتمتع كلّها بردّات فعل، يقوم بها أشخاص عديدون: يسوع، المعافى، التلاميذ، الجموع، الخصوم...
زد على ذلك 12 معجزة في كتاب أعمال الرسل، إجترحها، إمّا ملاك الربّ، وإمّا أحد الرسولين بطرس وبولس، وكلها تتمتّع بخاتمة وردّة فعل. أما سائر كتب العهد الجديد فتختفي منها المعجزات.
قسم الشرّاح معجزات الأناجيل إلى ثلاث فئات كبرى:
1- معجزات شفاء من:
+ المرض: العمى، والفالج، والبرص، وأمراض مختلفة
+ الأرواح النجسة: كممسوس كفرناحوم، وممسوس جراسا...
+ الموت: إحياء إبنة يائيرس، وإبن أرملة نائين، ولعازر.
2- معجزات في الطبيعة: تسكين العاصفة، والمشي على المياه، والصيد العجيب...
3- معجزات عطاء: تكثير الخبز في الجليل، وتحويل الماء إلى خمر في قانا.
تتمتع هذه الروايات بهيكليّة أدبيّة ومحدّدة لها قواعدها وضوابطها نختصرها بنقاط أربع:
1" عرض المشكلة: وصف المريض أو الحاجة واستحالة المعالجة (لو 8/ 43)
2" تدخّل يسوع: بواسطة كلمته، وأحيانًا يرفقها بعمل أو حركة رمزية، كالتفل، ووضع الأيدي واللمس (مر 5/ 23)
3" النتيجة: غالبًا هي فورية ومباشرة، يمكن إثباتها والتحقّق منها (مر 2/ 12)، وأحيانًا تتمّ تدريجيًا (مر 8/ 23) أو عن بعد (متّى 8/ 13).
4" ردة الفعل: يقوم بها الانسان المعافى أو الحضور. فالرواية تنتهي إمّا بالإعتراف بتدخّل إلهيّ وإمّا بالسكوت والصمت. قليلاً ما تخبر الروايات ماذا جرى للمعافى. وإمّا بردّات فعل الجمهور. فهي موجزة إذا كانت إيجابيّة، وموسعة إذا كانت سلبيّة.
هذه الهيكلية البسيطة يمكن، بالنسبة إلى مغزى الرواية، أن تتعقد حسبما تتناول عمل يسوع أم تعليمه. ففي الحالة الأولى، نحن أمام رواية تركّز إمّا على عمل يسوع لاظهار قدرته، وإمّا على إيمان المريض أو محيطه كما في مر 2/ 5 حيث رأى يسوع إيمان الرجال الأربعة فقال للمفلوج: "مغفورة خطاياك يا بني". وفي الحالة الثانية، تعليم يسوع هو قلب الرواية. فتصبح المعجزة سندًا لهذا التعليم، ومبعثًا للجدال وردّات الفعل. فمثلاً في شفاء إنسان أشل يوم السبت (مر 3/ 4، 6) يتساند التعليم والشفاء فيتّضح معنى المعجزة وجوهر التعليم.

2- ردّات الفعل على المعجزات
أ- يسوع والمعافى
1- يصرف المعافى وهو يشيد بإيمانه، أو إيمان من يتوسل له:
* المنزوفة (لو 8/ 48) قال لها يسوع: "إيمانك يا ابنتي نجّاك، فاذهبي بسلام".
* غلام قائد المئة (متى 8/ 10 و13) إني لم أجد، عند أي من إسرائيل هذا القدر من الإيمان. ثم قال لقائد المئة: اذهب ليكن لك على قدر إيمانك.
2- يصرف المعافى وهو يؤكّد على حقيقة حصول المعجزة:
* المنزوفة (مر 5/ 34) إيمانك يا ابنتي، نجاك. بسلام اذهبي ومن سقمك تعافي.
* غلام قائد المئة (متى 8/ 13) اذهب ليكن لك على قدر إيمانك، فشُفي الغلام من تلك الساعة.
* أعمى أريحا (مر 10/ 52) اذهب فإيمانك نجّاك.
* عشرة برص (لو 17/ 19) قم وامض، فإيمانك نجّاك.
3- يصرف المعافى وهو يطلب إليه أن يعلن الحدث
* ممسوس جراسا (مر 5/ 19) امض إلى بيتك وبشّر ذويك بكل ما صنع الرب إليك وكيف رقَّ لحالك
* الأبرص (مر 1/ 44) امض وأر الكاهن نفسك.
4- يصرف المعافى وهو يطلب إليه السكوت
* الأبرص (مر 1/ 44) إياك أن تخبر أحدًا.
* أعميا كفرناحوم (متى 9/ 30). فقال لهما محذرا: "إياكما أن يعلم أحد".
5- يصرف المعافى وهو يطلب إليه تنفيذ الشريعة
* الأبرص (مر 1/ 44) امض، وأر الكاهن نفسك، وقرِّب ما أمر به موسى عن طهرك شهادة لهم.
6- يصرف المعافى إلى بيته أو يعيده إلى ذويه
* مفلوج كفرناحوم (مر 2/ 11) بأمري قم، احمل فراشك، وامض إلى بيتك.
* أعمى بيت صيدا (مر 8/ 26) ارسله يسوع إلى بيته قائلاً: لا تدخل القرية.
* إحياء ابن أرملة نائين (لو 7/ 15) فاستوى الميت جالسًا وطفق يتكلّم، فدفعه يسوع إلى أمه.
* الصبي الممسوس (لو 9/ 42) زجر يسوع الروح النجس وشفي الصبي، ودفعه إلى أبيه.

ب- يسوع والجموع
1- يسوع يصرف الجموع
* تكثير الخبز الأول (مر 6/ 45) وعلى الأثر أرغم يسوع تلاميذه أن يركبوا القارب ويسبقوه إلى الضفة الأخرى، إلى بيت صيدا، ريثما يصرف الجموع.
* تكثير الخبز الثاني (مر 8/ 9) وكان الآكلون نحو 4 آلاف ثم صرفهم يسوع.
2- يحذّر الجموع من نشر الخبر
* الأصم الألكن (مر 7/ 36) وأوصى يسوع الحاضرين ألاّ يخبروا أحدًا.
* ابنة يائير (مر 5/ 43) فأوصاهم كثيرًا، ألا يعلم أحد بذلك.
* ابنة يائير (لو 8/ 56) وذهل الأبوان، فأوصاهما ألا يخبرا أحدًا بما حدث.
3- الصيت
- ينشره المعافون والحضور تلقائيًا، على طلب يسوع أو رغم تحذيره كما جاء سابقًا
- ينشر:
* بطرس يحيي طابيتا في يافا (رسل 9/ 42) وذاع الخبر في كل يافا وآمن بالرب ناس كثير
* اليهود السحرة الذين انقض عليهم الروح الشرير (رسل 19/ 17) وعرف ذلك جميع سكان أفسس.
- ينشر بعيدا:
* إحياء ابنة يائير (متى 9/ 26) وذاع اخبر في كل تلك الديار.
* ممسوس كفرناحوم (مر 1/ 28) وشاع للوقت ذكره في كل أنحاء الجليل
- ينشر مع الكلمة:
* ابن أرملة نائين (لو 7/ 17) وشاع في كل اليهودية وكل ضواحيها خبر ما فعل يسوع.

ج- يسوع والتلاميذ
1- يسوع ينوّه بقلّة إيمان التلاميذ:
* الصبي الممسوس (متى 17/ 20) هي المرة الوحيدة التي يتدخل فيها التلاميذ بعد معجزة شفاء. ويسألون يسوع لماذا لم يقدروا هم على الشفاء. فيجيبهم "لقلّة إيمانكم".
تسكين العاصفة (مر 4/ 40) أليس لكم إيمان؟
(لو 8/ 25) أين إيمانكم؟
2- التلاميذ
* يؤمنون بيسوع: عرس قانا الجليل (يو 2/ 11) فأظهر مجده وآمن به تلاميذه.
* يتبعونه: الصيد العجيب (لو 8/ 11) ولما أتوا إلى البر تركوا الكل وتبعوه.
* يخافون: تسكين العاصفة (مر 4/ 40) فخافوا خوفًا عظيمًا.
* يتعجبون: تسكين العاصفة (لو 8/ 25) فخافوا وتعجبوا
* التينة اليابسة (متى 21/ 20) ورأى التلاميذ ذلك فتعجبوا
* يتساءلون حول هوية يسوع: تسكين العاصفة (مر 4/ 40) من هو هذا فإن أيضًا الريح والبحر تطيعه.
* يسجدون له: المشي على المياه (متّى 14/ 33) والذين في السفينة سجدوا له قائلين: "بالحقيقة أنت إبن الله"
الصيد العجيب (لو 5/ 8) لما رأى سمعان بطرس. خرَّ عند قدمي يسوع
* يرفعون فضلات الكسر:
تكثير الخبز الأول (متى 14/ 20) ثم رفعوا ما فضل من الكسر 12 قفة
تكثير الخبز الثاني (متى 15/ 17) رفعوا من فضلات الكسر 7 سلال مملوءة

د- يسوع والخصوم
* يخزي الخصوم:
شفاء المرأة الحدباء يوم السبت (لو 17/13) "قال هذا فخزي جميع خصومه"
شفاء مستسق يوم السبت (لو 6/14) "فاعيا عليهم الجواب"

هـ- هرب يسوع
* من الملك: تكثير الخبز والسمك (يو 6/ 15) وعلم يسوع أنهم يهمُّون أن يأتوا، فيخطفوه لينادوا به ملكًا. فعاد يعتزل في الجبل وحده.
* من القتل: شفاء أشل يوم السبت (متى 14/12 و15) فخرج الفرّيسيّون وتشاوروا كيف يقضون على يسوع، وعلم يسوع بالأمر.
* فانصرف من هناك.
* من الناس: الأبرص (مر 1/ 45) فخرج ينادي ويذيع الخبر، فما استطاع يسوع أن يدخل مدينة جهرًا، وأقام في أماكن خارجية خالية.
* الأبرص (لو 5/ 15- 16) توافدت جموع كثيرة لتسمعه وتشفى من أمراضها، أمّا هو فكان يعتزل البراري ويصلي.
أولاً: المعافى
1- يقوم بعمل جسدي جديد
* شفاء حماة بطرس (مر 1/ 31) فزالت عنها الحمّى وصارت تخدمهم
* مفلوج كفرناحوم (مر 2/ 12) فقام المفلوج وحمل لوقته فراشه، وخرج بمرأى منهم جميعًا
* مفلوج أورشليم (يو 5/ 9) فشفي الانسان لوقته، وحمل فراشه، ومشى.
* إحياء ابنة يائير (مر 5/ 43) ثم قال لهم يسوع أن يطعموها.
2- يقوم بعمل ذات مغزى روحي
* يتبع يسوع: أعمى أريحا (لو 18/ 43) وفي الحال أبصر وصار يتبعه
ممسوس جراسا (مر 5/ 18) ولما دخل السفينة طلب إليه المجنون أن يكون معه.
* يخدمه: حماة بطرس (متى 8/ 15) فقامت وخدمته
* يؤمن به: ابن قائد المئة (يو 4/ 53) فآمن هو وأهل بيته
أعمى أورشليم (يو 9/ 38) أومن سيدي
* يسجد له: أعمى أورشليم (يو 9/ 38) وسجد له (ليسوع)
عشرة برص (لو 17/ 16) وهوى بوجهه على الأرض لدى قدمي يسوع
* يشكره: عشرة برص (لو 17/ 16) وهو يشكر له (ليسوع) وكان سامريًا
* يعلن الخبر وفق طلب يسوع: ممسوس جراسا (مر 5/ 19 و20) اذهب إلى بيتك وإلى أهلك، وحدّث بما صنع بك الرب. فمضى ينادي في المدن العشر ما صنع به يسوع.
* يعلن الخبر رغم تحذير يسوع: أعميا كفرناحوم (متى 9/ 31) أنظرا لا يعلم أحد ولكنهما خرجا وأشاعاه في تلك الأرض كلها
الأبرص (مر 1/ 45) أما هو فخرج ينادي ويذيع الخبر
* يمجّد الله: أعمى أريحا (لو 18/ 43) وصار يتبعه وهو يمجّد الله.
مفلوج كفرناحوم (لو 5/ 25) مضى إلي بيته وهو يمجّد الله.
المرأة الحدباء (لو 13/ 13) فإذا هي تستوي وتمجّد الله.
ثانيًا: الجموع
1- تشهد المعجزة:
مفلوج كفرنحوم (2/ 12) وخرج بمرأى منهم جميعًا
ممسوس جراسا (مر 5/ 14- 15) فذهب الناس ليروا ما جرى. أتوا يسوع فرأوا الممسوس.
تكثير الخبز والسمك (مر 6/ 44) وكان الذين أكلوا الأرغفة 5 آلاف رجل...
2- تتعجب بدرجات متفاوتة
* تعجب:
الممسوس الأخرس (متى 9/ 33) عجبت الجموع فقالت "ما ظهر مثل هذا يومًا في إسرائيل"
تسكين العاصفة (متى 8/ 27) عجب الناس وقالوا: من ذا فيطيعه البحر والرياح.
مفلوج كفرناحوم (لو 5/ 26) ما أعجب ما رأينا اليوم (الجمع).
* تنذهل:
مفلوج كفرناحوم (مر 2/ 12) فذُهلوا (الحاضرون)
ابنة يائير (مر 5/ 42) وذُهل الحاضرون كل الذهول.
* تخاف:
تسكين العاصفة (مر 4/ 41) فخافوا كل الخوف
ممسوس جراسا (لو 8/ 37) فاحتشد كل جيران الجراسيين وسألوه أن يبتعد عنهم. لانهم خافوا كل الخوف.
* ترتعد:
ممسوس كفرناحوم (مر 1/ 27) فارتعدوا كلهم.
(لو 4/ 36) ارتعد جميع الحاضرين
الصيد العجيب (لو 5/ 9) وذلك لأن الرهبة اعترته (بطرس) وهو وكل من معه.
3- تهتف
* تهتف بدون تحديد
أعمى أريحا (لو 18/ 43) ورأى الشعب كله ذلك فسبّح
* تهتف مع تحديد
الممسوس الأخرس (متى 9/ 33) وعجبت الجموع فقالت: "ما ظهر مثل هذا يومًا في إسرائيل"
مفلوج كفرناحوم (مر 2/ 12) ومجّدوا الله وقالوا "ما رأينا مثل هذا قط!"
* تهتف مع تحديد لقب
الممسوس الأعمى الأخرس (متى 12/ 32) وتهتف الجموع كلها، فقالت: "أيكون هذا ابن داود؟"
المشي على الماء (متى 14/ 33) وسجد كل من في القارب ليسوع قائلاً: "أنت حقًا ابن الله"
ابن أرملة نائين (لو 7/ 16) مجدّوا الله وقالوا: "قام فينا نبيّ عظيم، وتفقد الله شعبه"
تكثير الخبز (يو 6/ 14) ورأى الناس آية أتى بها يسوع فقالوا: "هذا هو حقًا النبي الآتي إلى العالم".
شفاء في لسترة (رسل 14/ 12) وكانوا يدعون برنابا زوش، وبولس هرمس لأنه هو الذي كان يتولى الكلام.
* تهتف مع فرح
المرأة الحدباء (لو 13/ 17) وسُرَّ الجمع كله بجميع ما كان يأتي على يده من عمل مجيد.
4- تنشر الخبر رغم تحذير يسوع
الأصمّ الألكن (مر 7/ 36) وأوصى يسوع الحاضرين ألا يخبروا أحدًا. ولكنهم تمادوا في نشر الخبر قدر ما تمادى وأوصى.
5- تريده ملكًا
تكثير الخبز (يو 6/ 14) وعلم يسوع أنهم يهمّون أن يأتوا فيخطفوه لينادوا به ملكًا. فعاد يعتزل في الجبل وحده.
6- تأتي إليه:
شفاء أبرص (مر 1/ 45) وكان الناس يأتونه من كل صوب
ثالثًا: الخصوم
1- ردة فعل الخصوم على يسوع هي بسبب:
* ادعائه مغفرة الخطايا:
مفلوج كفرناحوم (مر 2/ 5- 6) ورأى يسوع إيمانهم فقال للمفلوج: "مغفورة خطاياك يا بني" وكان في الجالسين كتبة ففكروا في قلوبهم: ما لهذا يتكلّم هذا الكلام؟ إنه يجدّف! من يسعه غفران الخطايا إلاّ الله وحده.
* تعديه حرمة السبت:
الانسان الأشل (مر 3/ 2) وكان الفرّيسيّون يراقبون هل يشفيه يسوع يوم السبت لكي يشكوه المرأة الحدباء (لو 13/ 14) واغتاظ رئيس المجمع، لأن يسوع قام بشفاء يوم السبت، فقال للجمع: لديكم ستة أيام للعمل فتعالوا واستشفوا فيها لا يوم السبت
مفلوج أورشليم (يو 5/ 9- 10) فشُفي الانسان لوقته، وحمل فراشه، ومشى وكان ذلك اليوم سبتًا. فقال اليهود للمعافى اليهود عند يوحنا هي السلطة اليهودية المعادية (ليسوع) إنه سبت فلا يجوز لك حمل فراشك.
أعمى أورشليم (يو 14/9 و16) وكان يسوع قد جبل طيناً وفتح عينيه يوم سبت... ليس هذا الانسان من عند الله، فهو لا يرعى حرمة السبت.
* ارتباطه بالشيطان:
الممسوس الأخرس (متى 9/ 34) أمّا الفرّيسيّون فكانوا يقولون: إنه برئيس الأبالسة يطرد الأبالسة.
الممسوس الأعمى الأخرس (متى 12/ 24) وسمع الفرّيسيّون فقالوا: إنما يطرد هذا الرجل الأبالسة ببعل زبول، برئيس الأبالسة.
* إيمان بطرس به:
قيامة لعازر (يو 11/ 47- 48) ما نعمل! هذا الانسان يأتي بآيات كثيرة؟ فإن تركناه يفعل آمن به الناس جميعًا، وأتى الرومان فدمروا قدسنا وأمتنا.
2- القرار بقتل يسوع:
الانسان الأشل (مر 3/ 6) وللوقت خرج الفرّيسيّون وأشياع هيرودوس وأخذوا يتشاورون كيف يقضون على يسوع.
قيامة لعازر (يو 11/ 53) ومن ذلك اليوم قرَّ رأي الفرّيسيّين على قتل يسوع.

3- مميزات ردّات الفعل
أ- في إنجيل متّى
يتفرد متّى بردّات فعل على المعجزات قصيرة ولكنها تحمل معاني لاهوتيّة خاصة به. ففي شفاء حماة بطرس حيث تنتهي الرواية، عند مرقس ولوقا، بفعل "تخدمهم" أي تخدم يسوع والتلاميذ. يتفرّد متّى "بقامت وخدمته" (متّى 4/ 15)، أي يسوع، فأصبحت هذه المرأة التي أقامها يسوع صورة للكنيسة التي لم يعد لها دور إلاّ خدمة يسوع.
وفي تسكين العاصفة (متّى 8/ 23- 27) حيث الكلام يدور بين يسوع والتلاميذ (آية 23) دون ذكر الناس، فإذا بردة الفعل في الآية 27 تأتي من الناس، دون أي ذكر للتلاميذ، فإنهم يتعجبون ويعترفون بسلطان يسوع. بهذا التعبير "الناس" يدلّ متى على غير المؤمنين.
فتعجُب الناس بعد هدوء العاصفة عجب الناس وقالوا "من ذا فيطيعه البحر نفسه والرياح؟" (متّى 8/ 27). هو ذاته تعجب الجموع بعد خطبة الجبل: "ولما فرغ يسوع من هذه الكلمات، عجبت من تعليمه الجموع لأنه كان يعلمهم كذي سلطان لا مثل كتبتهم" (متّى 7/ 28- 29)، وبعد المعجزة العاشرة: "وعجبت الجموع فقالت: "ما ظهر مثل هذا يومًا في إسرائيل" (متّى 9/ 33). وهو تعجب يُفضي إلى تمجيد الله: "فتعجب الجمع إذ رأى الأخرس يتكلّم، والأقطع يعود سويًا، والأعرج يمشي، والأعمى يبصر. ومَجَّدَ إله إسرائيل" (متّى 15/ 31).
تعجُبُ الجموع بعد المعجزة العاشرة "ما ظهر مثل هذا يومًا في إسرائيل" يقابله تعجب يسوع أمام إيمان قائد المئة، فيقول للذين يتبعونه: "الحق أقول لكم، إني لم أجد عند أي في إسرائيل هذا القدر من الإيمان" (متّى 8/ 10).
تَشَدَّدَ إيمان التلاميذ عندما رأوا سلطان يسوع يظهر من خلال المعجزات ولكنهم مدعوون إلى تقوية إيمانهم. فما فعله يسوع في القديم على الأرض يفعله اليوم يسوع الناصري المسيح الممجد الذي قال: "أوتيت كل سلطان في السماء والأرض.... وها أنا معكم كلّ الأيام إلى نهاية العالم" (متّى 28/ 18 و20).

ب- في إنجيل مرقس
يتفرّد إنجيل مرقس في ما يسمّى بالسرّ المسيحاني، أي الحرص على كتمان مسيحانية يسوع وكتمان حقيقة هويته وذلك تحاشيًا لمسيحانية سياسية راسخة في أذهان معاصريه وتلاميذه، وتصحيحًا تدريجيًا لهذه النظرة. فالأرواح النجسة تعلن بواسطة الممسوسين هوية يسوع، فينتهرها ويُلزمُها بالصمت. والملخّصات تذكر أيضًا ذلك (مر 1/ 32- 34؛ 3/ 7- 12) فشفى مرضى كثيرين من أمراض شتى، وطرد أبالسة كثيرين، وما كان ليدع الأبالسة يتكلّمون، لأنهم به عارفون.
كما يطلب، بعد المعجزات إلى المعافين والحضور، التزام الصمت وعدم إشاعة الخبر ولكن دون جدوى. لأن إفشاء سر هويته الحقيقيّة هو الحكم عليه وإرساله إلى الموت. ففي المحاكمة يطرح رئيس الكهنة سؤالاً عليه حول هويته. ومعرفة الجواب كان السبب الكافي بالحكم عليه: "أأنت المسيح إبن الله سبحانه؟" قال يسوع أنا هو... فشق عظيم الأحبار قميصه وقال "أنحن في حاجة بعد إلى الشهود؟ سمعتم التجديف، فما ترون؟ فحكموا جميعًا أنه يستحق الموت" (مر 14/ 61- 64).
هذا السّر يكشفه يسوع في القسم الثاني من إنجيل مرقس في وقت يحدّده هو ألا وهو الآلام: عاد ثالثة وقال لهم: "ناموا الآن واستريحوا. قضي الأمر. وحانت الساعة. ها إنّ إبن الانسان إلى أيدي الخطأة يُسلم" (مر 14/ 41).
ففي ممسوس جراسا (مر 5/ 1- 20) وهي المرّة الوحيدة في مرقس حيث لا يأمر يسوع الروح النجس بالسكوت وعدم الإفصاح عن هويته لأنه كان مع التلاميذ وحدهم. وهي المرّة الوحيدة أيضًا التي يطلب فيها إلى معافى أن يبشّر ذويه: "إمضِ إلى بيتك وبشّر ذويك بكل ما صنع الرب إليك وكيف رقَّ لحالك" (مر 5/ 19). فلا خوف من كشف هويته أن يُقبض عليه قبل الأوان، ويصلب لأنه في ديار وثنية.

ج- في لوقا
* الانجيل
- روايات متّى ومرقس، تركّز كلها على يسوع ولا تذكر شيئًا تقريبًا عن المعافى بعد المعجزة. فقط ممسوس جراسا في مر 5/ 18- 20؛ لوقا 8/ 38- 39 يطلب البقاء بقرب يسوع. وأعمى أريحا عند الازائيين يتبع يسوع (مر 10/ 52). بينما لوقا يشدّد على أن المعافى يمجّد الله. يسوع يعمل والله هو الممجّد:
* مفلوج كفرناحوم (لو 5/ 25) ومضى إلى بيته وهو يمجّد الله
* المرأة الحدباء (13/ 13) فإذا هي تستوي وتمجّد الله
* عشرة برص (17/ 15) ورأى أحدهم أنه شُفي، فعاد يمجّد الله
* أعمى أريحا (18/ 43) فأبصر لوقته وصار يتبع يسوع وهو يمجّد الله
* أعرج الباب الجميل (رسل 3/ 9) ودخل الهيكل مع بطرس ويوحنا وهو يمشي ويثب ويسبّح الله.
- ردّة فعل الحضور يذكرها الازائيون ولكن لوقا يتميز بالتشديد على أن المعجزة تحدث انقسامًا، فالبعض يؤمن والبعض الآخر يرفض. مرض يذكر انقسام الحضور مرّة واحدة (مر 5/ 17 و18- 20) ومتّى مرتين (12/ 32 و24؛ 21/ 15أ و15ب).
أما لوقا فيذكره 6 مرّات:
* واحدة مشتركة مع مرقس ممسوس جراسا (لو 8/ 37 و38- 39)
* واحدة مشتركة مع متى 12 الممسوس الأصمّ الأخرس (لو 11/ 14 و15)
* معجزتان في كتاب أعمال الرسل حيث "انقسم أهل المدينة، هذا مع اليهود، وذلك مع الرسولين" (14/ 4) وعلى أثر شفاء كسيح الباب الجميل ردّة فعل الجمهور ب 3/ 10ب و4/ 21 تتعارض مع تصرّف المجلس 4/ 3- 22
* معجزتان خاصتان:
المرأة الحدباء (لو 13/ 17) هي تمجّد الله. أما رئيس المجمع فيعترض: "لديكم ستة أيام للعمل فتعالوا واستشفوا فيها، لا في يوم السبت
عشرة برص (لو 17/ 15- 18) السامري الغريب "عاد يمجّد الله بصوت جهور وهوى بوجهه على الأرض لدى قدمي يسوع...". أما التسعة الباقون فلم يعودوا إليه ويتساءل يسوع ألم يطهر العشرة فأين التسعة؟
أما وجد فيهم من يعود ليمجّد الله سوى هذا الغريب؟ الخلاص ليس بالشفاء الجسدي. الغريب وحده رأى فيه عطيّة الله على يد يسوع. وحده الايمان يُعطي معنى للمعجزة فالشفاء لم يكن وحده الخلاص الحقيقي.

كتاب أعمال الرسل
المعجزات في كتاب أعمال الرسل تعود بالمشاكل والمحن على مجترحها أو المستفيد منها.
* شفاء كسيح الباب الجميل تبعه توقيف ومحاكمة الرسولين بطرس ويوحنا (رسل 3/ 1- 10)
* تحرير بطرس من السجن تبعه هرب واختباء (12/ 6- 11 و17)
* آيات وعجائب بولس وبرنابا انتهت بعداء أهل أيقونية (14/ 3 و5)
* شفاء كسيح لسترة انتهى برجم بولس (14/ 8- 10 و19)
* طرد بولس روحًا نجسًا في فيلبي سبب له الجلد والسجن (16/ 16 و19- 24)
لم يُظهر الازائيون أن الإيمان هو ثمرة المعجزة كما في يوحنا ولكن لوقا يعطي غالبًا للمعجزة دورًا في ولادة الإيمان. هي سبّب لبعث الإيمان.
ففي ترتيب إنجيله أخّر لوقا دعوة التلاميذ الأول إلى ما بعد معجزاته الأولى حتى يكون التزام التلاميذ نتيجة طبيعية. وفي أعمال الرسل يخبرنا أن الإيمان ينبع من تعليم الرسل (4/ 4؛ 8/ 12- 13؛ 13/ 12؛ 16/ 31- 34) حتى في وجود المعجزة. فالمعجزة هي مدعاة للتفسير الذي يقود إلى الإيمان. إلا أن روايتين في كتاب أعمال الرسل كانت ردّة الفعل فيهما التوبة والإيمان. فعلى أثر:
شفاء إينياس المفلوج: "رآه جميع المقيمين في لدة والشارون، فعادوا إلى الرب" (9/ 35)
وإحياء طابيتا: "ذاع الخبر في يافا وآمن بالرب ناس كثير" (9/ 42).

د- إنجيل يوحنا
غاية يوحنا من المعجزات، أو الآيات كما يسميها هو في إنجيله، واضحة وصريحة في خاتمة كتابه: "وأتى يسوع، أمام تلاميذه، بآيات أخرى كثيرة لم تدوّن في هذا الكتاب، ودون منها ما دون، لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح، ابن الله لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح، ابن الله، تؤمنوا وتكون لكم في اسمه حياة" (20/ 30- 31).
إذًا غاية الآيات وردة الفعل الطبيعية في يوحنا هي الإيمان بالمسيح ابن الله. إلا أن ردّات الفعل كانت مختلفة. فهناك من لم هي في الآية إلا البعد المادي:
"أنتم تبحثون عني، لا لآيات رأيتم بل لخبز اكلتموه فشبعتم". (يو 6/ 26)
وآخرون آمنوا به كصانع معجزات وخوارق (2/ 23) وهذا ليس بالإيمان الحقيقي. والأحبار والفرّيسيّون رأوا الآيات ولم يؤمنوا "قالوا: ما نعمل، وهذا الانسان يأتي بآيات كثيرة؟" (11/ 47). إلى جانب هؤلاء هناك فئة أخرى رأت في الآيات مجد المسيح وآمنت به.
كالتلاميذ في آية الخمر: تلك كانت أولى آيات يسوع، أتى بها في قانا الجليل، فأظهر مجده وآمن به تلاميذه والأعمى الذي آمن وسجد له (9/ 38). ومرتا في إحياء لعازر "أجل يا رب، أنا آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم" (11/ 27).

خاتمة
بعد أن شفى يسوع الممسوس الأعمى والأخرس: "بهتت الجموع كلها وقالت: أيكون هذا ابن داود؟" (متى 12/ 23). وعلى أثر شفاء مفلوج أورشليم (يو 5/ 1- 6)، قال الجمع: "بك ابليس، من يبغي قتلك" (يو 7/ 20). وقال اليهود: "ألسنا على حق حين نقول إنك سامريٌ، وإن بك إبليسًا؟" (يو 8/ 48). ويروي يوحنا أن جموعًا آمنت به وكانوا يقولون: "إذا ما جاء المسيح، أفيأتي من الآيات بأكثر مما أتى به هذا؟" (يو 7/ 31). ولكن التساؤل يبقى والحيرة تزداد في شفاء الأعمى يوم السبت "ليس هذا الانسان من عند الله، فهو لا يرعى حرمة السبت. وقال آخرون: كيف يسع خاطئًا أن يأتي بمثل هذه الآيات؛ ووقع فيهم شقاق" (يو 9/ 16).
هذا الجدال حول يسوع وعمله، أعطاه الفرصة ليشرح حقيقة أعماله. فمتّى ولوقا يقدّمان جدالاً يستند إلى مثل المملكة التي يقع فيها الشقاق: "فإن يطرد الشيطان الشيطان، فقد وقع فيه شقاق وكيف يبقى له ملكوت؟ وإن كنت أطرد الأبالسة ببعل زبول، فبمن يطرده أبناؤكم؟" (متى 12/ 27)
ويصل يسوع إلى النتيجة المنطقية:
"وإن كنت أنا بروح الله، (أو باصبع الله كما جاء في لوقا) أطرد الأبالسة فملكوت الله وافاكم" (متى 12/ 28)
أحقًا ملكوت الله وافانا؟
الأب أسعد جوهر

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM