الفصل الرابع: العهد القديم في العهد الجديد

الفصل الرابع
العهد القديم في العهد الجديد

حين نقرأ العهد القديم نتميّز نوعين رئيسيين من المعجزات: الخوارق المدهشة وهي التي نراها في مسيرة الخروج من مصر حتى أرض موآب. وأعمال الخير والإحسان التي نُسبت إلى إيليا وأليشاع. وهناك نمط ثالث لن نتوقّف عنه وهو العقاب الذي يصيب هذا الإنسان أو ذاك مثل عقاب هليودورس الذي حاول أن يأخذ الودائع الموجودة في الهيكل إلى خزانة ملك السلوقيّين، فجاءه فارس على جواد أخذ يضربه بحوافره فسقط على الأرض (2 مك 3).
ونطرح السؤال: ما علاقة أخبار المعجزات الإنجيليّة مع هذه الأخبار التي ترد في التوراة؟ ونقسم كلامنا قسمين: في الاناجيل الازائية، في الإنجيل الرابع.

1- في الأناجيل الازائيّة
لم يذكر مرقس ولا متّى معجزة من هذه المعجزات التي وردت في العهد القديم. وحده لوقا أشار في خطبة يسوع وبرنامجه في مجمع الناصرة إلى العون الذي حمله إيليا إلى أرملة صرفت صيدا، وأليشاع إلى نعمان السوري الذي كان أبرص (لو 4: 25- 27). أما هدف لوقا فكان إبراز موضوع عزيز على قلبه: الوثنيون ينعمون بالخلاص واليهود ينظرون أو يغضبون على مثال الابن الأكبر في مثل الابن الشاطر: رأى أخاه الاصغر الذي يمثّل العالم الوثني ينعم بالعجل المسمّن، ولا ينال هو (الذي يمثّل العالم اليهودي) جديًا يتنعّم به مع أصحابه (لو 15: 11- 32).
مقابل هذا الاغفال لأخبار المعجزات في الأناجيل الإزائية، نجد الايرادات الكتابيّة والاستشهادات التي ترتبط بأعمال يسوع العجائبيّة. نذكر أولاً مت 8: 17: "فتمّ ما قال النبيّ أشعيا: أخذ أوجاعنا وحمل أمراضنا" (أش 53: 4). هذا الايراد النبويّ يبرز مدلول الاحداث السابقة: شفاء الابرص، شفاء خادم الضابط، شفاء حماة بطرس (مت 8: 1- 15). وكانت إجمالة سبقت هذا الايراد حالاً فقالت: "وعند المساء، جاءه الناس بكثير من الذين فيهم شياطين، فأخرجها بكلمة منه، وشفى جميع المرضى" (آ 17). أجل، هو المسيح الذي يقوم برسالته حسب ما قيل في أش 35، مع وجه الألم والموت بحسب نشيد عبد الله في أش 53.
والايراد المتّاوي الثاني يأتي أيضًا بعد إجمالة (مت 12: 15: شفى جميع مرضاهم) حول نشاط يسوع العجائبيّ: "ليتمّ ما قال أشعيا النبّي: ها هو فتاي الذي اخترته، حبيبي الذي به رضيت. سأفيض روحي عليه، فيعلن للشعوب إرادتي..." (مت 12: 17- 21). هذا الاستشهاد هو أطول استشهاد بالكتاب نجده عند مت، وهو يعود إلى نشيد عبد الله الأول (أش 42: 1- 9). فيدلّ على الطريقة التي يعمل بها يسوع، عبد يهوه، لكي ينتصر انتصاراً تاماً حين تعود الأمم الوثنيّة إلى الربّ... وما نلاحظه، هو أن يسوع لا يعمل أعمال قدرة وعنف، بل يكون تصرّفه خفرًا، خفيًا: لا يخاصم ولا يصيح، وفي الشوارع لا يسمع أحد صوته. قصبة مرضوضة لا يكسر. وشعلة ذابلة لا يطفىء" (آ 19- 20). وإن عمل معجزة فهو يزجر المرضى "أن لا يخبروا أحدًا عنه" (مت 12: 16).
أما الخطّ الثالث الذي فيه يُذكر العهد القديم، فترتيب الأخبار. ونبدأ أولاً بالأخبار التي تتحدّث عن إقامة موتى أو عودتهم إلى الحياة اليومية، عن عمل إحياء. نتذكّر هنا أن إيليا النبّي أقام الابن الوحيد لأرملة صرفت صيدا (1 مل 17: 17- 24). وأليشاع ابن الشونميّة (2 مل 4: 19- 37). فحين أورد لوقا إحياء ابن أرملة نائين، تذكّر أرملة صرفت، وأشار إلى أن ليس لها ابن آخر: هو ابنها الوحيد (لو 7: 12). وكذا قيل عن ابنة يائيرس (لو 8: 2).
أما حين نقرأ خبر شفاء ابنة يائيرس في مر 5: 21- 43، فنجد المقاربات العديدة مع ما فعله إيليا وأليشاع. مات الولد عند الشونميّة فذهبت تستغيث بأليشاع الذي أرسل لها خادمه قبل أن يذهب هو بنفسه. وذكرت أرملة صرفت صيدا خطاياها التي تبعدها عن الله، كما ذكر قائد المئة وضعه كوثنيّ يمنعه من استقبال يسوع في بيته (مت 8: 8). لما شفى إيليا وحيد الارملة، كان وحده في العلّية. أخذ الصبيّ من حضن أمه (1 مل 17: 19) وصرخ إلى الربّ. وكذا فعلت الشونميّة مع أليشاع: "أصعدت ابنها إلى علّية أليشاع ومدّدته على سرير النبيّ، وأغلقت عليه وخرجت" (2 مل 4: 21). هذا ما فعله في بيت يائيرس: "أخرجهم جميعًا" (مر 5: 40) ولم يأخذ معه سوى أبي الصبيّة وأمّها. ويقول لو 8: 51: منع يسوع الجموع أن يدخلوا. فما أخذ معه إلاّ التلاميذ المميّزين، بطرس ويوحنا ويعقوب، ووالدَ الصبيّة وأمها. فالمعجزة ستتمّ على مستوى الإيمان، وهي نداء إلى هؤلاء التلاميذ ووالدي الصبيّة اللذين سيتعجّبان (لو 8: 56).
وقد نقابل بين تكثير الأرغفة عند أليشاع (2 مل 4: 42- 44)، والمعجزة ذاتها في الأناجيل الازائيّة الثلاثة، مع أن الإنجيليّين جعلوا من تكثير الخبز نداء إلى الخلاص الذي يقدّم للناس، ودعوة للمشاركة في الوليمة الافخارستية بانتظار الوليمة الاسكاتولوجيّة. فحين أنهى مر 6: 30- 44 بعبارة: "وكان الآكلون خمسة آلاف"، لم يقع في خطأ بلاغيّ به اختتم الخبر دون عامل تشويق. بل هو أراد أن يدلّ على أن هذه الجماعة التي سمعت كلمة الله، وشفيت من أمراضها وخطاياها، واغتذت من خبز الله، قد صارت الجماعة الكاملة.
ونتابع المقابلة: حلّ الجوع في البلاد في أيام أليشاع فجاع بنو الأنبياء (2 مل 4: 38). والجموع التي ترافق يسوع هي في موضع قفر. تتبع يسوع منذ ثلاثة أيام، فلا بدّ من إطعامها (مت 14: 13- 15؛ مر 6: 32- 34؛ لو 9: 10- 12). اعترض خادم أليشاع: كمية الطعام قليلة. لم يهتمّ النبّي لهذا الاحتجاج: "أسكب للقوم ليأكلوا" (2 مل 4: 42). وكذلك فعل يسوع: أمر تلاميذه بأن يوزعوا الطعام على الشعب. فأكلوا كلهم وشبعوا. بل بقي بعض الطعام من أجل الذين سوف يأتون بعدهم. هنا يفترق الإنجيل عن نصّ كتاب الملوك. لم يكتف بالقول بأن خيرات الربّ فاضت بحيث شبع الجميع فما عاد من مكان للجوع، بل تحدّث عن كسر جمعت في 12 قفّة. فالكسرة هي أبعد ما يكون عن الفتات. هي خبز جهِّز للذين سوف يأتون إلى الكنيسة. و12 قفّة تكفي الكنيسة برسلها الاثني عشر حتى نهاية العالم، على مثال خمرة قانا التي تسقي الكنيسة من خمرة يسوع.
والخط الرابع يقف على مستوى الألفاظ. نبدأ مع أخبار القيامة
1 مل 17 لو 7
1- ومضى إلى صرفت 11- ذهب يسوع إلى مدينة
وجاء إلى باب المدينة 12- ووصل قرب باب المدينة
وها امرأة أرملة ... كانت أمه أرملة
15- عادت روح الصبيّ إليه 15 جلس الميت
وصرخ صراخًا عظيمًا واخذ يتكلّم
23- وردّه إلى أمه. فردّه إلى أمه.
لا حاجة إلى التوسّع في هذه المقابلة. فهي واضحة إلى درجة تفهمنا أن لوقا انطلق من معجزة أجراها يسوع، فدوّنها في رسمة وجدها في كتاب الملوك (1 مل 17). ثم نحن لا ننسى أن يسوع هو إيليا الجديد ولا سيّما في صعوده على مثال ارتفاع إيليا في العاصفة.
وأخبار الخبز في الاناجيل تحمل عبارات نجدها في 2 مل 4 حسب الترجمة السبعينيّة.
2 مل 4
42- أرغفة شعير أرغفة (خبز) (مت 14 وز)
أعط القوم أعطوهم أنتم
ليأكلوا ليأكلوا (مت 14: 16 وز)
44- أكلوا أكلو كلّهم (مت 14: 20)
وفضل جمعوا الكسر (ما بقي) (مت 14: 20 وز).
يبقى أن ما عمله يسوع يتفوّق بدرجة لا تضاهى على ما فعله أليشاع. أطعم بخمس خبزات خمسة آلاف، أي جماعة شعب الله كلها. وفي الخبر الثاني أطعم أربعة آلاف، يعني البشرية كلها (1000 أي 10×10×10) المجتمعة من أربعة أقطار الأرض.
والمثل الأخير هو خبر تسكين العاصفة حسب مت 8؛ مر 4؛ لو 8. ويقابله ما نقرأ في يون 1: 3- 16.
يون 1
3- وجد سفينة في سفينة (لو آ 22)
صعد إليها صعد
لكي يبحر (وإذ ابحروا) (لو آ 23)
4- ريح شديدة على البحر عاصفة شديدة على البحر
بحيث كانت السفينة بحيث (مت آ 24)
في خطر كانوا في خطر (لو آ 23)
5- نام يونان أما يسوع فنام (مت آ 24)
6- فدنا منه الرئيس وقال له: فدنوا منه (مت آ 25= لو آ 24)
قم فادع إلهك وأيقظوه (مر آ 38) قائلين:
لعلّه يخلّصنا خلّص
فلا نهلك فنحن نهلك (مت 8: 25 وز)
15- هدأ البحر وكان هدوء عظيم (مت 8: 26 وز)
16- فخاف الرجال والرجال (مت آ 27) خافوا
خوفاً شديدًا. خوفًا شديدًا (مر آ 41).
نشير هنا إلى أن الجماعات المسيحيّة التي رأت يسوع وسمعته ولمسته، عادت إلى العهد القديم لتكتشف الكلمات التي بها تعبّر عن سرّ الله في معجزاته. عادت إلى كلام الله لتتحدّث عن عمل الله، كما عادت إلى المزامير لكي ترفع صلاتها إلى الله، والخطر الذي يهدّد المؤمنين في الماضي هو الذي يهدّد المؤمنين اليوم (رج أع 4: 24- 30؛ مز 2: 1 ي).

2- في إنجيل يوحنا
أحداث عديدة ترجع إلى سفر الخروج وسائر أسفار الشريعة، قد أوردها يوحنا في إنجيله. عطيّة الشريعة على جبل سيناء قد اعتُبرت معجزة المعجزات. قال يوحنا: "الله بموسى أعطانا الشريعة. وأما بيسوع المسيح فوهبنا النعمة والحق" (1: 17). لا شكّ في أننا بعيدون جداً. الشريعة هي كلمة الله كما تُتلى وتُكتب. أما يسوع فهو كلمة الله الحيّة، هو شخص الابن العائش في حضن الآب (آ 18). وما قلناه هنا عن الشريعة نقوله بالأولى عن الحيّة النحاسيّة التي كانت تشفي من لسعتهم حيّات البرّية (عد 21: 9). شبّه يسوع نفسه في ارتفاعه بهذه الحيّة النحاسيّة. قال: "وكما رفع موسى الحيّة في البرّية، هكذا يجب أن يُرفع ابن الإنسان، فتكون الحياة الابديّة لكل من يؤمن به" (يو 3: 14- 15). سيرتفع يسوع على الصليب ارتفاعًا هو في الوقت عينه ارتفاع في المجد.
ويشير الإنجيل الرابع إلى معجزة الماء الذي تفجّر من الصخرة فسقى العطاش في البرّية. هذا الماء عرضه على السامرّية. وربطه بما قاله حزقيال عن ذلك النبع الذي يجري من تحت الهيكل فيصل إلى البحر الميت لكي يعيد إليه الحياة (حز 47: 1؛ حز 14: 8). هتف يسوع في عيد المظال: "إن عطش أحد فليأت إليّ ليشرب، ومن آمن بي، كما قال الكتاب، تفيض من صدره أنهار ماء حيّ" (يو 7: 37- 38). وهناك معجزة المنّ، طعام الشعب في البرّية. تحدّث عنها اليهود بعد أن كثّر لهم يسوع الأرغفة وأشبعهم. قالوا: "آباؤنا أكلوا المنّ في البرّية، كما جاء في الكتاب، أعطاهم خبزًا من السماء ليأكلوا". أجاب يسوع: "ما أعطاكم موسى الخبز من السماء، أبي وحده يعطيكم الخبز الحقيقيّ من السماء" (يو 6: 31- 32). هي معجزة فريدة. ويسوع يقرّ بها. ولكنه يوجّه الأنظار إلى خبز آخر، إلى عطاء آخر هو عطاء ذاته من خلال الخبز والخمر طعاماً وشرابًا.
هنا نعود إلى معجزة تكثير الأرغفة في إنجيل يوحنا (6: 1- 15) وما تبعها من خطبة طويلة حول خبز الحياة (6: 25- 59). نجد أولاً "خبز السماء" (آ 50)، "خبز الله" (آ 33). وهذا ما يعود بنا إلى خر 16: 4 ونح 9: 15 اللذين يحدّثاننا عن خبز السماء. وقالت حك 16: 20 ب: "خبز المساء، خبز معدّ". وتوقّف مز 78 في معرض حديثه عن عظائم الله فقال: "أمر الغيوم من فوق وفتح أبواب المساء. فأمطرت منًا ليأكلوا، حنطة أعطاهم من السماء. فأكل الإنسان خبز الملائكة زادًا أرسله للشبع. أطلق ريحًا شرقيّة من السماء... فأمطر عليهم لحومًا كالتراب وطيورًا مجنّحة كرمل البحار... فأكلوا وشبعوا جدًا" (آ 23- 29). هذا الخبز هو خبز الملائكة، كما يقول أيضًا حك 16: 20أ. وهو خبز السماوات كما في مز 78 حسب السبعينيّة. واجتمع في هذا المزمور الذي ذكرنا كما في مز 105: 40 المن والسلوى، الخبز واللحم. ولا ننسى هنا أن اللحم هو طعام العيد للبدو العائشين في البرّية، والذين كان طعامهم العاديّ الألبان والأجبان. أما يسوع فأحلّ السمك محلّ اللحم، ورسالته تدور حول بحيرة الجليل.
ذكرنا موسى، ذكرنا المنّ، ونذكر الكتب التي تشهد ليسوع (5: 25، 48). وأشرنا إلى كلام يسوع (6: 31ب) الذي يرتبط مثلاً بسفر الخروج الذي يقول: "سأمطر عليهم خبزاً من السماء". ثم قال موسى: هذا هو الخبز الذي يعطيكم الله لتأكلوه (خر 16: 4). هو خبز الاقوياء، خبز الملائكة. في هذا المجال نتذكّر التقليد الاخباري حول سفر الخروج: "في عالم المائتين، يأتي الماء من فوق والخبز من تحت. أما في ما يخصّ الله، فنحن نقرأ أن المياه جاءت من تحت، من بئر قيل فيها: "أصعد يا بئر". وجاء الخبز من فوق لأنه قيل: "ها أنا أمطر خبزًا" (خروج ربه 25: 6).
أما ما يقابل خبر تكثير الأرغفة في إنجيل يوحنا، فمعجزة أليشاع التي ذكرناها في حديثنا عن الأناجيل الازائيّة (2 مل 4)، وخبر نقرأه في عد 11: 4- 23، ساعة تذمّر الشعب على موسى. قال موسى للرب: "من أين لي لحم أعطيه لجميع هؤلاء الشعب" (عد 11: 13)؟ وقال الرسل ليسوع: "من أين نشتري خبزاً ليأكلوا" (يو 6: 5)؟ وقال موسى للرب أيضًا: "هل يكفيهم ما يُذبح لهم..." (عد 11: 22)؟ وقال فيلبس: "لو اشترينا... هل هذا يكفي" (يو 6: 7)؟ وبما أننا في إطار سفر العدد، نتذكّر السمكات الصغيرات "بسارياا في اليونانية "عد 1: 22: يجمع لهم سمك البحر كلّه ليشبعهم). لا ترد هذه اللفظة إلا في سفر العدد وفي يو 6: 9: "خمسة أرغفة من شعير وسمكتان صغيرتان". أترى الربّ نسي السخاء فأطعم الناس من هذه السمكات الصغيرات؟ كلا، ولكن الإنجيليّ أراد أن يربط خبر تكثير الأرغفة بما حدث بين موسى والشعب الذي يتذمّر عليه. فشعب البرّية الذي لم يعرف كيف يتقبّل عطايا الله، يشبه الشعب الذي تبع يسوع، وانتهى به الأمر إلى التذمّر (يو 6: 61). بل "تخلّى عنه من تلك الساعة كثير من تلاميذه وانقطعوا عن مصاحبته" (يو 6: 66).
ولماذا يذكر يوحنا خبز الشعير الذي هو خبز الفقراء؟ قد يكون هذا الطعام طعام يسوع وتلاميذه. ولكن أترى الله في سخائه لا يقدّم لنا أفضل مائدة؟ بلى. هو كما قلنا خبز السماء، خبز الملائكة. ولكن من الواضح أن يوحنا يقرأ معجزة تكثير الأرغفة على ضوء ما فعل أليشاع. قال اندراوس ليسوع: "هنا صبيّ معه خمسة أرغفة من شعير" (يو 6: 9). وأخبر سفر الملوك الثاني (4: 42): "وجاء رجل من بعل شليشة يحمل في جرابه عشرين رغيفًا من الشعير". والإشارة الثانية إلى ارتباط خبر الإنجيل الرابع بخبر أليشاع، هي تسمية "الغلام". هناك كلمة "بيس" (بيدوس) التي تعني "الصبيّ". ولكن كتاب الملوك وإنجيل يوحنا تفرّدًا في اليونانية وقالاً: صبيّ صغير، "بيدريون".

خاتمة
تلك بعض الأمور ذكرناها لندلّ على ارتباط العهد الجديد بالعهد القديم على مستوى رواية المعجزات، ولاسيّما في دورة الخروج، كما في دورة إيليا وأليشاع. وهذه القاعدة الخاصة تصبح عامة على مستوى الكتاب المقدّس، على ما قال الآباء: إن العهد الجديد يغرز جذوره في العهد القديم. والعهد القديم يجد كامل معناه في العهد الجديد. وهكذا نكون في قصد خلاصيّ واحد بدأ مع ابراهيم وموسى وامتدّ إلى داود والانبياء حتى وصل إلى ذروته مع المسيح. وكانت المعجزات وجهًا من وجوه تدخّل الله ليصل بقصده إلى الملء إلى الساعة التي فيها يجمع يسوع في شخصه كل ما في السماء وما على الأرض.
الخوري
بولس الفغالي

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM