الفصل الرابع والثلاثون: سقوط بابل

الفصل الرابع والثلاثون
سقوط بابل
50: 1- 51: 64

وتنتهي النبوءات على الأمم بسلسلة أقوال نبويّة على بابل. دُوّنت، في شعر أنيق وفي أنواع أدبيّة مختلفة، فعادت إلى موضوعين اثنين: سقوط بابل وخلاص شعب اسرائيل المشتّت. قد تكون هذه النصوص ألَفت بيد إرميا ساعة كانت بابل في قمّة عظمتها: وهكذا بدا النبيّ وكأنه يطلب من الربّ دمار بابل وإعادة بناء شعبه: لن يعود الشعب من المنفى مادامت السلطة البابلونيّة حاكمة في العالم. وقد تكون هذه النصوص ألّفت فيما بعد، وذلك خلال سقوط بابل بيد تلميذ من تلاميذ إرميا. وفي أي حال، تكشف هذه الأقوالُ اعتبارات بشريّة كلها واقعيّة، تدور حول النقد الجذريّ لكل امبراطوريّة سياسيّة امتلأت من نفسها فاحتقرت سائر الشعوب. هذا من جهة. ومن جهة ثانية، هي تكشف نظرة لاهوتيّة عميقة تقول إن الله حاضر لدى أخصّائه، حتّى في عز الأزمة، لكي يخلّصهم.

1- دمار بابل ورجوع بني اسرائيل (50: 1- 46)
نقرأ هنا تناوباً بين لوحة وأخرى، فينتقل النبيّ من بابل إلى اسرائيل، ومن اسرائيل إلى بابل. وينتهي ف 50 بالحديث عن زلزال يصيب الأرض فيجعل الأمم تصرخ من الألم، وفي المقدّمة الامبراطوريّة البابلونيّة.
أ- قراءة النصّ
آ 1- مس 50= سب 27. "الكلمة التي تكلّم بها الربّ على (حرفيا: إلى) بابل". رج 13:46 (45: 1 مع إرميا كمتكلّم؛ 37: 20 مع اختلافات) من أجل هذه المقدّمة القصيرة. نقرأ فقط في سب "كلام الربّ الذي قاله على بابل". رج 51: 1. توسّعت مس في المقدّمة: "و(مع المخطوطات والترجمات) على أرض الكلدانيين بيد إرميا النبيّ". رج 37: 2.
آ 2- رج 51: 54- 58. لا نجد في سب "إرفعوا الراية وأعلنوا" (أو أسمعوا). رج 4: 6، أش 13: 2. بال هو بعل، الإله الشفيع لنيبور. صار صفة فيما بعد لمردوك إله بابل. إذن، لسنا أمام إلهين (بعل ومردوك) بل أمام إلى واحد (51: 44؛ أش 46: 1 ) في جملة متوازية تقول الثانية ما قالته الأولى: انهزم بال، انسحق مردوك. لا نجد في سب "أخزيت أصنامها وانحطمت أوثانها" (تواز مترادف).
آ 3- جملة نثريّة تشرح النصّ الشعري، وقد جعلها هنا تلميذ من تلاميذ إرميا. لا نجد في سب "هرب" (منها البشر) و"نزحوا". ظهر هذان الفعلان معاً في 9: 9.
آ 4- لا نجد "يقول الربّ" في سب. توافقَ النصّ الإرميائيّ الذي وُجد في قران (المغارة الرابعة) مع مس في قراءة هذه الآية. بهس رأت في "بنو يهوذا معاً" إضافة إلى النصّ، غير ضروريّة بسبب وجود "بنو اسرائيل" (اسرائيل هو اسرائيل ويهوذا، رج آ 17- 19). ولكن لا ننسى أن هذا القول النبويّ قيل أولاً في اسرائيل ثم أضيف يهوذا. رج آ 20؛ 33: 15 من أجل عبارة "في تلك الأيام وفي ذلك الزمان" (رج 3: 17، 18).
آ 5- "يأتون وينضمّون". سب: يأتون ويهربون من أجل ملجأ. رج 32: 40 ؛ حز 37: 26 من أجل "عهد أبديّ".
آ 6- كت: هـ ي هـ (مفرد). قر: هـ ي و (جمع). الفاعل هو "ع م ي"، شعبي. رج تكْ 3: 43. "جاؤوا بهم إلى الجبال" بحيث تاهوا وارتدّوا عن الربّ. رج 23: 1- 2 من أجل موضوع الرعاة (القوّاد) الذين شتّتوا القطيع (الشعب).
آ 7- "لا ذنب علينا". رج 3:2. سب: لا نتركهم وحدهم. لا نجد "يهوه" في نهاية آ 7؛ رج 8:14 (حسب سب)؛ 13:17 من أجل يهوه كانتظار (أو: رجاء) اسرائيل. المبيت الحقيقيّ، مقرّ الصدق هنا، هو يهوه (الربّ). أما في 23:31، فالجملة تعود إلى تلّة الهيكل المقدّسة.
آ 8- تقرأ بهس "هـ و ي" بدل "يهوه" في نهاية آ 7، وتجعلها في بداية آ 8. رج زك 2: 1- 11 لاستعمال "هـ و ي ا" كمقدّمة للأمر بالهرب. كت: ي ص ا و (خرجوا). قر: ص ا و: أخرجوا (صيغة الأمر). مس: كالتيوس أي كذلك الذي يسير في مقدّمة القطع. سب: كالتنانين (تشويه للفظّة "قوّاد").
آ 9- لا نجد في سب "منهض" و"عظيمة" (بعد أمم). مس: لا يرجع فارغاً. أي يجعلها بدون أولاد. ترجوم، أكيلا: كجبّار خبير.
آ 10- "ك س دي م"، الكلدانيون. أي أرض الكلدانيين تصير (مؤنّث)... رج 51: 24، 35 (سكان الكلداي، حرفيا: سكّان كسديم). لا نجد في سب "يقول الربّ".
آ 11- المؤنث المفرد (ت ث م ح ي) في كت، وفي قر المذكر الجمع (ت ث م ح و). المعنيان ممكنان في العبريّة. كم فرحت وطربت، أو: كم فرحتم وطربتم. مس: كعجلة تدرس. سب: كعجلة على العشب. رج ملا 3: 20.
آ 12- "خزيت أمكم". سب: أمكم للخير. لا نجد في سب "هـ ن هـ" (ها). تقرأ بهس: هـ ي: هذه هي (نهاية الأمم).
آ 13- رج 8:19؛ 17:49.
آ 14- لا نجد في حسب "فإنها خطئت إلى الربّ" (إضافة تقويّة في مس).
آ 15- لا نجد في سب "س ب ي ب". من كل جانب. مس: أعطت يدها أي استسلمت (رج 1 أخ 29: 24؛ 2 أخ 8:30). سب: ارتخت يدها. رج آ 43. في الترجوم: سلّمت إلى يدهم. "أ ش و ي ت ي هـ"، أسوارها. رج الأراميّة "أوشيا"، الأساسات (عز 4: 12)
آ 16- مس: زارع. سب: زرع. رج 16:46 من أجل "من أمام سيف القاهر".
آ 17- لا نجد في سب "نبوخذ نصر".
آ 18- لا نجد في سب "الجنود، إله اسرائيل".
آ 19- لا نجد في سب "وباشان".
آ 20- لا نجد في سب "يقول الربّ".
آ 21- مراتيم. هناك من يقرأ: على أرض مراتيم (أو: مراتايم). يتوجّه الأمر إلى السيف لا إلى شعب مجتاح. تعود لفظة "مراتيم" إلى الاكاديّة (مستنقعات)، وتدلّ على المنطقة التي يصبّ فيها دجلة والفرات. أمّا القراءة اليهوديّة التقليديّة فما عادت تعرف المعنى الجغرافيّ لهذا الاسم، فعادت إلى أصل الكلمة: مرارتان، أو تمرّدان. فقد تدّل على جزء من منطقة مراتيم. يُذكر سكّان هذه المنطقة في حز 23:23. نجد هنا بلا شكّ تلاعباً على الكلام بين "مراتيم" (المنطقة) التي تقع في الخليج الفارسي و"م رهـ " أي تمرّد، وبين "فقود" الذي هو شعب يقيم شرقي بابلونيّة و"ف ق د" أي افتقد وعاقب. نقرأ في مس "ح رب" التي قد ترتبط بالخراب (خرِّب)، كما ترتبط بالسيف (ح رب). رج آ 27. سب: سيف. وهي تقرأ "ف ق د" مع "ح رب" بمعنى: انتقمْ يا سيف. وبعد ذلك يأتي الفناء بالابسال والتحريم. رج آ 26.
آ 22- رج 4: 6؛ 6: 1؛ 3:48 من أجل "خراب عظيم". سب: في أرض الكلدانيين. رج آ 25.
آ 23- آ 23 ب= 51: 41. استعارةُ المطرقة تُستعمل هنا لتصوّر تسلّط بابل على الأرض كما في 23: 29 كصورة عن التدمير الذي تحدثه كلمة الله القديرة.
آ 24- لا نجد في سب "نصبت الأشراك لك". نحن أمام صورة عن هزيمة بابل. لا نجد في سب "وُجدتِ فقُبض عليك". أسخطت الربّ: إمّا بتكبّرك وتسلّطك على الأرض (كل سلطان هو لله). رج آ 23- 27. وإمّا بهجومك على أورشليم مقام الربّ، وهذا ما يظهر من هجوم على بابل بعد أن أساءت معاملة أورشليم.
آ 25- لا نجد في سب "الجنود". بل نقرأ: الربّ الإله.
آ 26- "هلّموا عليها" من الأقاصي (م ق ص) أو "من كل جانب" كما يقول بعض الشرّاح. رج سب: زمانها (أتى). "بقيّة"، رج أش 14: 22.
آ 27- "جميع ثيرانها" أي محاربيها. سب: أيبسوا كل ثمارها. هنا يتتابع موضوع الحصاد. رج 48: 15 من أجل موضوع "النزول (ي رج) إلى الذبح". يظهر موضوع العقاب (ف ق د) في 15:6 ؛ 8: 12؛ 10: 15؛ 46: 21؛ 18:51. رج "سنة افتقادهم" في 11: 23؛ 23: 12؛ 48: 44.
آ 28- لا نجد في سب "انتقام هيكله". هي حاشية ترجع إلى 51: 11 فتحدّد انتقام الربّ نب صهيون، رج مز 79: 1.
آ 29- مس: الكثيرين (= سب). يقرأ الشرّاح "الرماة ". رج تك 49: 23. جازوها بحسب أفعالها. رج لا 19:24 ب ؛ قض 1: 7. "عتت، تواقحت، تجبّرت" "زده" (في العبريّة). رج 43: 2. وسنقرأ في آ 31، 32 "ز د و ن" (الوقح). إن تسمية يهوه "قدوس اسرائيل" هي خاصّة بأشعيا ولا تظهر عند إرميا إلاّ هنا وفي 51: 5.
آ 31- لا نجد في سب "السيد (رب) الجنود".
آ 32- في آ 31- 32 يُستعمل المذكّر. أمّا بابل المدينة فهي مشخصة في صيغة المؤنّث. آ 32 ب= 21: 14 ب ما عدا "في غابته" (هنا: في مدنه). سب: في غابته.
آ 33- لا نجد في سب "الجنود".
آ 34- فاديهم، وليّهم. ج ا ل: من يُجبر على المدافعة عن حقوق قريبه. رج 31: 11. إن تسمية الربّ هذه نجدها بشكل خاص في أشعيا الثاني (41: 14؛ 43: 14؛ 65:44، 24؛ 8:47؛ 17:48، 7:49، 26؛ 5:54، 8. رج 59: 20؛ 60: 16؛ 63: 13. إن سب تجعل تعارضاً مع آ 33: أمّا فاديهم. مس: يخاصم خصومة لخصومتهم. أي يأخذ حقاً دعواهم على عاتقه (جذر "ري ب"). رج أش 8:34.
آ 35- لا نجد في سب "يقول الربّ".
آ 36- لا نجد في سب آ 36 أ (السيف على عرّافيها فيصيرون حمقى).
آ 37- "على خيلها ومركباتها". رج 51: 21 أ. نجد في 6:30؛ 48: 41؛ 22:49 صورة المحاربين الذين صاروا كالنساء بسبب الخوف خلال الاجتياح والهزيمة. يتحدّث النصّ عن الجنود المرتزقة (25: 20؛ 16:46) الذين سيضعفون بسبب المقاومة.
آ 38- "ح رب"، الجفاف (غاب من سب). والأفضل أن نقرأ "السيف" مع اوريجانس ولوقيانس وسر بسبب السيف، بسبب الحرب والاجتياح أهمل البابليون الريّ، فصارت الأرض جفافاً.
آ 40- رج 18:49؛ أش 19:13 بالنسبة إلى سدوم وعمورة. آ 40 ب= 33:49 ب.
آ 41- آ 41- 43= 22:6- 24 مع اختلافات طفيفة. الكلام يتوجّه في 6: 23 إلى صهيون، وفي آ 42 إلى بنت بابل. في آ 43، يبدو ملك بابل متراخياً كامرأة أخذها المخاض. في 6: 24 نجد موقف سكّان أورشليم.
آ 44- آ 44- 46= 40: 19- 21 (بابل وأدوم). مع بعض اختلافات. مخطّط الله في آ 45 هو على بابل لا على أدوم (49: 20)، وأرض الكلدانيين، لا على سكّان تيمان. في آ 46 سمعت الأمم صراخ بابل، وفي 49: 21 سُمع صراخ أدوم من بحر القصب.
ب- التفسير
آ 1- هي كلمة الله تفعل، ولا تعود إلى الربّ إلاّ بعد أن تُتمّ ما أرسلت إليه (أش 55: 10). أما إرميا فهو أداة بيد الله، بيد كلمة الله التي تبدو شخصاً حياً على مثال الحكمة في أم 1- 9.
آ 2- نقرأ في آ 2- 3 أول كلام عن بابل التي سقطت فخسر بال ماء الوجه وانهار مردوك وانهزمت الأصنام. بال هو بعل أي السيّد. وهو هنا لقب مردوك. ومردوك هو إله مدينة بابل. ومنذ حمورابي هو إله بابلونية كلها. نشير هنا إلى أن ما يقابل الأوثان في العبرية هو لفظة قريبة من الخراء، نجدها بشكل خاص في سفر حزقيال.
آ 3- عادة يأتي الشرّ من الشمال (4: 6). هذا بالنسبة إلى أورشليم. أما بابل، فعدوّها يأتي من الجنوب الشرقيّ، من بلاد فارس. ولكن عبارة "الشمال" صارت تدلّ على كل جيش يجتاح بلاداً من أيّة جهة جاء. مرّ العدوّ فلم يبقَ شيء. هرب من هرب، ومات من مات. من البشر إلى البهائم. لم تبقَ نفس حيّة كما في الطوفان.
آ 4- ونقرأ في آ 4- 7 قولاً عن يهوذا واسرائيل العائدين إلى الربّ، الباحثين عنه. نلاحظ هنا المملكتين معاً: فلا بدّ من أن تعودا إلى الوحدة كما كانتا من قبل. رج 3: 18؛ 6:23؛ أش 11: 13؛ حز 37: 15-28؛ هو 2:2؛ زك 13:9؛ 10: 6. "يلتمسون الربّ": ويرى النبيّ في البعيد توبة الذين راحوا إلى المنفى (3: 21- 25).
آ 5- أضاعوا طريق صهيون، وهم الآن يسألون عنها. يسيرون جنباً إلى جنب مع الربّ في عهد أبديّ. نقرأ في العبرية: تعالوا فانضمّوا. مع أكيلا: جاؤوا وانضموا. أو: تعالوا ننضمّ. هذا العهد ينطبع في قلوبهم فلا يعودون ينسونه.
آ 6- كيف كانت حالة الشعب؟ خراف ضالة لا راعي لها. تشتّتت في كل مكان فما عادت تعرف الحظيرة.
آ 7- أكلهم الأعداء واعتبروا أنهم في ما يفعلون يُتمّون إرادة الله. خطئ الشعب إلى الربّ، والربّ يعاقبهم بواسطة آكليهم. أمام هذه الحالة المريعة، تأوّه النبيّ: الربّ هو موئلهم ورجاؤهم. فإلى من يذهبون؟ رج 14: 8؛ 23:31.
آ 8- ويعود النبيّ إلى بابل (آ 8- 16؛ رج 6:51، 45؛ أش 48: 20؛ زك 2: 10- 11). فيدعو أولاً بني اسرائيل للخروج من أرض المنفى بعزم وشجاعة كما يسير التيس أو الكبش في مقدّمة القطيع.
آ 9- يستطيع المنفيّون أن يهربوا، لأن بابل ستسقط بيد الغزاة، فلا تعود تسيطر على أولئك الذين سبتهم من بلادهم.
آ 11- هنا يتوجّه النبيٌ إلى البابلونيين المقيمين في أرض فلسطين والذين لا يعرفون بما حدث لبابل أمّهم: صارت برية قفراً.
آ 13- والفاعل الأول هو الله الذي غضبَ على بابل وأراد معاقبتها.
آ 14- ويصل النداء إلى الذين يهاجمون بابل: ليضربوا ولا يعفوا.
آ 16- فلا يبقى بعد سقوط بابل إلاّ أن يعود كل واحد إلى أرضه، ومنهم شعب يهوذا. رج آ 28؛ 25: 38؛ 51: 9- 45؛ أش 13: 14.
آ 17- ويذكر النبيّ تاريخ شعبه (آ 17-20). أولاً مملكة اسرائيل النبي سقطت بيد الاشوريين سنة 722- 721. ثم أورشليم التي سقطت بيد نبوخذ نصر سنة 597- 587. وفي كلتا الحالتين، سُلخ الشعب من أرضه وسار إلى المنفى.
آ 18- سيُعاقب ملك بابلونية كما عوقب ملك أشورية. رأى النبيّ عقاب الاشوريين في نهاية القرن السابع، وهو ينتظر عقاب البابليين.
آ 19- ضرب الربّ الظالم، واستخلص الخراف من يده وأعادهم إلى أرضهم، إلى مرعاهم. ذكر باشان وهي منطقة جبليّة في شرق الأردن ارتبطت بمراعيها (مي 7: 14؛ مز 13:22). أما جلعاد فيقع جنوب باشان في شرق الأردن أيضاً.
آ 20- إن عودة العائدين تدلّ على أن الربّ غفر خطيئة اسرائيل، غفر خطيئة يهوذا، فلم يبقَ لها أثر.
آ 21- ونعود إلى بابل (آ 21- 27) مع نداء إلى العدوّ لكي يضرب ولا يرحم. أعطى النبيّ احمين رمزيين لبابل وربطهما بالتمرّد (من قبل بابل) والعقاب (من قبل الربّ).
آ 24- نصبتُ (أنا) الأشراك. أما اليوناني فقال: نُصبت (هي) الاشراك. وهكذا لا يعود الله الفاعل المباشر للشرّ.
آ 25- لقد فتح الربّ خزائن أسلحته. قد تكون قوى الطبيعة مثل الرياح والبرَد... أما هنا، فهي جيش فارس وماداي الذي تغلّب على البابليين. وهكذا يرتبط هذا القول النبويّ في صيغته الاخيرة (إن لم يكن الأولى) بسيطرة الفرس على بابل وعودة المنفيّين (سنة 538) إلى ديارهم. أجل، ما يتمّ هنا هو عمل الله. والبشر أداة بين يديه.
آ 26- نحن هنا أمام صورة عن الشعب الذي صار قمحًا في محرقة وعجولاً تُذبح اكراماً للربّ. هذا ما يُسمى شريعة الابسال. هؤلاء الذين كلهم شرّ يجب أن يفنوا. نحن هنا في الواقع أمام واقع الحرب وما فيه من ذبح وقتل ودمار وحريق.
آ 28- وجاء إلى أرض فلسطين من يبّشر الشعب بانتقام الربّ لهيكله الذي أحرق سنة 587، أو انتقام الربّ من هيكله الذي عاد إليه، وفيه يقضي في الأرض. لا ننسى أن هيكل الله على الأرض هو صورة عن هيكله في السماء.
آ 29- وبعد آية عن اسرائيل، يعود النبيّ إلى بابل (آ 29- 32)، فيدعو المحاربين ليعاملوها بحسب تكبّرها ووقاحتها. والنتيجة: سيموت المقاتلون فيها (آ 30).
آ 31- "ها أنا عليك". أو: أوجّه كلامي إليك من أجل المبارزة. ولكن جاء يوم عقابك.
آ 33- الربّ هو مخلّص شعبه مهما تأخّرت بابل في إطلاق سبيل المنفيين. هو وليّهم، يدافع عنهم، يفتديهم. فمن يجسر على مقاومته. هذا ما فعل حين أخرج شعبه من مصر، واعتبر نفسه مسؤولاً عنهم. وهكذا يفعل الآن فيهزّ سكّان بابل.
آ 35- ما تبقى من ف 50 يرتبط كله ببابل (آ 35- 46). بعد نداء إلى السيف، نرى الخراب يعمّ البلاد فتسكن بنات آوى محلّ البشر وتصبح بابل مثل سدوم وعمورة (آ 40).
آ 41- ويعود النبيّ إلى ذكر العدوّ الآتي من الشمال كما في 6: 22، 24، فيجتاح بابل، ونَحاف الملك الذي يصير كامرأة أصابها المخاض.
آ 44- تستعيد آ 44 ما في 19:49- 21. يشبّه الربّ نفسه بأسد يهجم على بابل. وقد يكون الأسد أيضاً ملك فارس برجاله الذين هم "صغار القطيع"، أبناء يافت الصغار الذين كانوا السبب في سقوط بابل (آ 45). وقد يكون صغار القطيع (رج 49: 20) بني يهوذا الذين أسيئت معاملتهم.
ج- دراسة عامّة
جُعلت المقاطع النثرّية والشعريّة التي تشكل ف 50- 51 في بنية تبدأ في 50: 2- 3 وتنتهي في 51: 54- 58. هذه البنية تعلن دمار العدوّ الكبير، دمار بابل، وتعكس (أو تستبق كما يقول بعض الشرّاح) هزيمة بابل سنة 539. بما أن بابل لم تدمّر حين جاءها الفرس، اعتبر عدد من الشرّاح أن هذه القصائد قيلت قبل سقوط المدينة.
"أخذت بابل". تلك هي العبارة التي تربط القصائد والشروحات في ف 50- 51، وتدلّ على مضمونهما. والانتقال من بابل (آ 2- 3، 8- 15، 21- 27، 29- 32، 35- 38) إلى اسرائيل (آ 4- 7، 17- 20، 28، 33- 34) ومن اسرائيل إلى بابل، يدلّ على أن الموضوعين ينبثقان من تأكيد يقول بأن هزيمة بابل هي عقاب من الله يتبعه عودة بني اسرائيل إلى الربّ وإلى الأرض. سقطت بابل فسقط معها إلهها مردوك الذي اعتبره أهلُ أورشليم أقوى من إلههم. أجل، جاءت ساعة انتصار يهوه بواسطة عدوّ آتٍ من الشمال. العدوّ الأول الآتي من الشمال دمّر أورشليم. وها هو عدوّ يأتي أيضاً من الشمالي فيدمّر بابل التي دمّرت مدينة الله.
نجد في الجزء الأول (4- 20) من ف 50 ست وحدات (آ 4- 5، 6- 7، 8- 10، 11- 13، 14- 16، 17- 20). وتشكل آ 4 وآ 20 تضميناً: في ذلك اليوم يرجع اسرائيل ويهوذا. داخل آ 4- 20 يُنشد الهجوم على بابل في ثلاث قصائد، ومصير اسرائيل يحيط بهذه القصائد. ساعة تسقط بابل (آ 2- 3)، يعود الشعب إلى أرضه ويطلبون الربّ في صهيون. وهذا التطواف الذي يرافقه البكاء، يقدِّم العودة في عبارات ليتورجيّة، في شكل حجّ يعود بالمنفيين إلي أورشليم وإلى الربّ. سيعود الشعب إلى الربّ في عهد أبديّ.
ويتضمّن الجزء الثاني (آ 21- 40) أيضاً سبع وحدات (آ 21- 27، 28، 29- 30، 31- 32، 33- 34، 35- 38؛ 39- 40) يحيط بها موضوع الدمار الآتي (آ 21- 40). اجتياح بابل وهزيمتها يشكلان العنصر المركزيّ. وتظهر اسرائيل بشكل متقطع (آ 28، 33- 34). الله هو ذاك الذي يهاجم بابل، يُفلت السيف، يضرب بالمطرقة الأرض كلها (آ 21، 35- 38 أ). لا شكّ في أننا نستطيع أن نلاحظ قوى الاجتياح، ولكن الربّ هو الذي يوجّه هذه القوى لتدمّر بابل (آ 26- 27، 29). ودور بابل كمدمّر قد انقلب في هذه القصائد، كبرياؤها ارتفعت إلى الربّ.
وتجاه هذا الوضع الدراماتيكي لانقلاب مصير بابل، تصوّر آ 28 هرب اللاجئين من المدينة التي سقطت والأرض التي هُزمت، ليعلنوا لصهيون انتقام الربّ. واستبقت 51: 11 حاشية تتحدّث عن طبيعة هذا الانتقام. هو انتقام الهيكل الذي سقط، أو انتقام ينطلق من الهيكل حيث يقيم الله.
وتأتي قصيدة مستقلة في آ 31- 32 تقدّم المدينة والمنطقة في صيغة المؤنّث، وتشير إلى أولئك الذين تواقحوا على الله. لا يُذكر اسم بابل، وعدم ذكر الاسم يدلّ على أننا في لغة اصطلاحيّة (آ 31 ب، 32 ب في عبارتين معروفتين في إر). ويظهر المنفيون بشكل غير مباشر في آ 28، وبشكل مباشر في آ 33- 34 حيث يرفض المضايقون أن يطلقوهم. عند ذاك يظهر الربّ كالقريب الذي يتولّى أمر قريبه، كالفادي الذي "يدفع الثمن" ليفدي أولئك الذين صاروا في العبوديّة.
وينتهي ف 50 بقطعتين من هذه المجموعة الموجّهةْ على بابل (آ 41- 46). اين نضعها؟ في العلاقة بين أورشليم وبابل، أو أدوم وبابل، أو جماعة أورشليم وتلك المقيمة في مصر وهكذا نفهم أن أقوالاً ارميائيّة مثل هذه لا يمكن أن نكتشف التاريخ الذي قيلت فيه، ولا سمّا أنها قرئت وأعيدت قراءتها أكثر من مرّة. في آ 44- 46 يصوّر دمارُ بابل بصور نجدها في اتهام أدوم (49: 19- 21). فالمواد ذاتها تعود بالنسبة إلى الأمم، وموضوع الله الذي لا يقابل به "إله" يبقى الموضوع المسيطر (آ 44 ب). فتصبح بابل قطيعاً من الغنم لا تفلت من الأسد الهاجم، فتصرخ من شدّة الألم. وينتهي ف 50 كما بدأ: أخذت بابل (50: 2). "هكذا يهلك كل أعدائك يا ربّ" (قض 5: 31 أ).

2- انتقام الربّ من بابل (51: 1- 33)
بعد الذي حدث ما حدث لبابل التي اجتاحها الفرس واستولوا عليها سنة 539، فهم المنفيّون أن هذا العمل لا يمكن إلاّ أن يكون عمل الربّ الذي انتقم من بابل ومن إلهها مردوك. فعاد الشعب يؤمن بالربّ الذي "صنع الأرض بقوّته، وثبّت الكون بحكمته وبسط السماوات بفطنته" (آ 15).
أ- قراءة النصّ
آ 1- مس 51= سب 28. "كل المقيمين في قلوب مقاومة". قد نكون أمام "لب قماي أو قمبول" (رج 25: 26) الذي يدلّ على الكلدانيين كما قالت سب أنّ ب. ق م ي= ك ث د ي م، أي الكلدانيون). "ريحاً مهلكة" (أو: مدمّرة). سب: "ريح دمار تحرق".
آ 2- "غرباء". وبالعودة إلى الأصل "زري م" مزرّين، اشخاصاً يذرّون القمح فيفصلون فيه الحبّ عن التبن. سب: ويل لبابل حول... رج 4: 11- 12 حول صورة تذرية القمح؛ 7:19 حول موضوع إفراغ أورشليم من سكّانها.
آ 3- رج 50: 21، 26 من أجل موضوع الإبسال.
آ 5- "لم ترملا". في معنى أول، لم يقتل الربّ الرجال في يهوذا واسرائيل. وفي معنى ثان: ليس هذان الشعبان (اللذان يشكّلان أمّة) امرأة مات زوجها (الذي هو الربّ) فصارت أرملة. فزوجها حيّ بعدُ وهو يدافع عنها. "أرضهما". هل هي أرض فلسطين أم أرض بابل؟ إذا كانت أرض بابل فيجب أن تسبق آ 5 ب آ 5 أ. رج 50: 29 من أجل قدوس اسرائيل الذي خطئت إليه بابل. هناك مقابلة بين 51: 5 و 50: 7: نظرت الأمم إلى اسرائيل الأثيمة (ا ش م)، ولكن أرض الأمم (= بابل) هي الاثيمة. رج 2: 3. قدّم أش 47: 8- 9 سقوط بابل في عبارة الترمّل (مات زوجها، مات إلهها فصارت أرملة). ولماذا لا تكون يهوذا واسرائيل أرملة بعد سقوطهما سنة 722 وسنة 587 في يد الأعداء؟ ولكن الربّ عاد إلى شعبه وكأن زمن الترمّل انتهى.
آ 6- رج 8:50. نجد في آ 45 "وانجوا كل واحد بنفسه" (رج 48: 6)، وقد تكون أضيفت هنا.
آ 7- رج 25: 5- 7 من أجل استعارة الكأس. رأى بعض الشرّاح إلغاء "بيد الربّ" كحاشية آتية من 15:25 ي. لا نجد في الترجمات "الأمم".
آ 10- الربّ أظهر براءتنا، وذلك حين عاقب بابل. رج آ 11؛ 28:50. مس: برّنا أو براءتنا. سب: دينونتها.
آ 11- إملأوا الاتراس. أو: هيّئوا الأتراس. سب: املأوا الجعاب بالأسهم. تتواصل آ 11 أ في آ 12. وتبدو آ 11 ب حاشية تشرح حرب الله الانتقاميّة على بابل. رج 50: 28 وانتقام الهيكل. مس: ملوك. سب: ملك (المفرد).
آ 12- الربّ أضمر وأتمَّ. رج مرا 2: 17. دمار أورشليم ودمار بابل عملان إلهيان من نمط واحد.
آ 13- "ش ك ن ت ي" (كت). بل "ش ك ن ت" (كر)، ساكنة على المياه الغزيرة أي على الفرات مع قنواته الواسعة. وقد نكون أمام تلميح إلى الطوفان الذي يغمر الأرض فيعيدها إلى العدم.
آ 14- بذاته أقسم الربّ: رج عا 8:6 ؛ إر 22: 5 ؛ 44: 26 ؛ 13:49. سب: بذراعه أقسم الربّ. رج أش 62: 8. جعلت بهس "إله اسرائيل" قبل "بذاته" من أجل الشرّ. "كالجراد". هذا ما يدلّ على العدد الكبير.
آ 15- آ 15- 19= 10: 12- 16 مع بعض الاختلافات. رج الحواشي هناك.
آ 20- المطرقة هي صورة عن بابل.
آ 22- لا نجد في سب "حطمت فيك الشيخ والصبي" لذلك ألغتهما بهس).
آ 23- الغت بهس آ 23 ج (وحطمت فيك الحكّام والولاة) التي جاءت من آ 28.
آ 24- "صنعوه بصهيون أمام عيونكم". أي إن الذين رأوا دمار أورشليم سنة 587 سيشهدون هزيمة بابل سنة 539. يتوجّه الكلام إلى الذين غُلبوا سنة 587. رج آ 11؛ 28:50 بالنسبة إلى تفسير سبب عقاب بابل.
آ 25- جبل الدمار. سب: الجبل المدمِّر. "مدمّر الأرض كلها". هي حاشية أضيفت. إن تحويل الجبل إلى قطعة من نار يجعل حجارته بدون فائدة من أجل بناء لاحق (آ 26).
آ 26- ق أش 16:28.
آ 27- اراراط، منّي، اشكناز: مناطق تقع في إرمينيا الحديثة، وتقع تحت سلطان المادايين (آ 28). "قدسّوا" أي جنَدوا. هي حرب مقدّسة. رج 6: 4؛ 22: 7. "الجنادب الحرشاء". سب: الجنادب الكثيرة.
آ 28- رج آ 11. سب: ملك (المفرد) بدل ملوك كما في مس. آ 28 هي حاشية تكرّر آ 27 وتعكس تسلّط ماداي على هذه الأرض في القرن السادس.
آ 35- صاروا كالنساء: رج 6:30؛ 48: 41؛ 22:49؛ 37:55.
آ 33- لا نجد في سب "الجنود، إله اسرائيل"، بل نقرأ "بيوت ملك بابل" (مسح: بنت بابل). نجد بابل في صورة المرأة. وهناك أيضاً صورة الحصاد والدياس على البيدر بالنسبة إلى السنابل.
ب- التفسير
آ 1- أثير أنا، أحرّك. كل شيء يبدأ من عند الله. والهدف هو الكلداي والكلدانيون. هي ريح عاصفة ومدمّرة. وترافقها النار كما تقول سب.
آ 2- حان الحصاد ودياس السنابل. هي صورة عن الدينونة وما يتبعها من عقاب.
من أجل هذا نترك معنى "الغرباء". والدليل إلى ذلك التلاعب على الألفاظ: زري م (المذرّون الذين يذرّون) ثم "وزروهـ" (يذرّوها كما على البيدر).
آ 3- نجد هنا معنيين. المعنى الأول يتوجّه إلى المهاجمين الذين لا يدَعون الرامي يحني قوسه. والمعنى الثاني يتوجّه إلى المدافعين: لا حاجة إلى حنْي القوس بعد والسير مختالاً بالدرع. أخذ التفسير اليهوديّ بالمعنى الأول.
آ 4- سقط القتلى بسبب الخطايا ضدّ قدوس اسرائيل (أش 1: 4، 3:6؛ 41: 14). رفضوا أن يعرفوا قدرة الربّ. ودمّروا هيكله ومركز سكناه، فاستحقّوا ما استحقّوا من عقاب. فلتعرف بابل أن الله لم يمت. وأن اسرائيل ليس وحده كالأرملة: فالله معه.
آ 6- ويتوجّه الكلام إلى السكّان، وربّما إلى المقاتلين: أهربوا، أنجوا بنفوسكم. فالربّ هو الذي يفعل.
آ 7- كانت بابل كأساً في يد الله. والآن انكسرت الكأس. فلا يبقى لحلفائها سوى البكاء عليها.
آ 9- شعر الحلفاء أن لا أمل بشفاء بابل، ببقائها. فلم يبقَ لهم سوى أن يتركوها. "إن قضاءها بلغ إلى السماوات". أي لا يستطيع البشر بعدُ أن يفعلوا لها شيئاً. فقد صارت قضيّتها بيد الله الذي ينفّذ ما يقوله. رج مز 6:36؛ 57: 11؛ 108: 5 (ارتفع إلى الغيوم).
آ 10- تبدو هذه الآية بشكل ردّة وقرار، وهي تستعيد 50: 2، 28، وتعطي صورة عميقة عن إيمان اسرائيل. إنها تكشف عمل الله الخلاصيّ وتشهد له. رج مز 15:9؛ 73: 28.
آ 11- وتأتي الدعوة إلى القتال موجَّهة إلى ملوك (أو: ملك) ماداي. فكأن لكل قبيلة ملكها. نشير هنا إلى أن المادايين (تك 10: 12 ؛ 2 مل 17: 6؛ أش 17:13) قد شاركوا في سقوط نينوى سنة 612. وتغلّبوا على بلاد ليدية (في تركيا الحاليّة) سنة 585. وبعد ذلك، بدأ انحطاطهم. وهكذا يكون القول النبويّ قد قيل في بداية المنفى. ثم أعيدت قراءته. "انتقام الربّ، انتقام هيكله". رج 28:50.
آ 12- في هذه الآية (الربّ أضمر وأتمّ) نجد أيضاً فعل إيمان بقدرة الله: هو يقول ويفعل. اذا كان قد فعل ما نواه في أورشليم، فهو يفعل كذلك في بابل
آ 13- ذكر النبيّ المياه فذكر في الوقت عينه غنى الزراعة (تجاه فلسطين) والتجارة (بسبب القنوات التي تربط المدن بعضها ببعض). ولكن ما نفع كل هذا الغنى بعد أن حكم الربّ حكمه القاسي على المدينة. رج تك 13:6؛ نا 2: 14.
آ 15- هنا يبدأ نشيد الحمد للربّ خالق الأرض والسماء والسحاب. رج أش 18:45؛ إر 14: 22؛ تث 28: 12؛ أي 38: 34- 35. إن آ 15- 19 تستعيد 10: 12- 16. جُعل النشيدُ هنا فارتبط ارتباطاً لاهوتياً عميقاً بمضمون الأقوال على بابل: أراد النبيّ أن يبيّن أن الله هو سيّد الممالك وموجّه التاريخ.
آ 17- فماذا تكون الأصنام تجاهه؟ يبقى على الانسان أن يميّز الحقّ من الباطل وإلاّ كان بليداً جاهلاً.
آ 19- نصيب الأمم آلهة لا تقدر أن تفعل شيئاً. أمّا نصيب يعقوب فإله "صوّر الأكوان"، واختار شعباً. هو قويّ في الكون وفاعل في التاريخ.
آ 20- ويبدأ النبيّ رثاء بابل. رج 23:50. ماذا كانت في الماضي؟ مطرقة سحق بها الله الأمم والممالك، والفرس والفارس، والشيخ والصبي، والراعي وقطيعه.
آ 24- ترد هذه الآية هنا فتقطع مسيرة الرثاء ووحدته. هي حاشية تتوجّه إلى المنفيّين المقيمين في بابل: سوف يرون بعيونهم، ولا يحتاجون إلى من يخبرهم بانتقام الربّ. رج آ 56.
آ 25- ويتابع النصّ الرثاء، فيعتبر بابل مبنيّة على الجبل. أو هو يراها صامدة كالجبل الذي لا يتزعزع. ولكن الربّ يدحرجها كما يُدحرَج حجر عن جبل.
آ 27- وكما دعت بابل الأمم المجاورة لتحارب أورشليم، فها هي أورشليم تدعو الأمم المجاورة من أجل حرب مقدّسة على بابل. اراراط أو مملكة اورارطو تدلّ في اللغة الأشورية على ارمينيا. منّي هي منطقة من ارمينيا تحيط ببحيرة فان، وقد تحالفت مع الأشوريين على بابل سنة 616. اشكناز هو شعب الاسكوتيين البدوّ، جاؤوا من ايران، ودخلوا إلى آسية الصغرى ني نهاية القرن السابع، ثم انتشروا في سورية وفلسطين. وفي النهاية تدعو ملوك ماداي (آ 28).
آ 29- تزلزلت الأرض. هذا هو عمل الربّ. هذا ما يدلّ على حضوره لكي ينفذ مخطّطه. من أجل هذا، توقّف البابليون عن القتال، والفرص ليست متكافئة: فهل يستطيع الانسان أن يقاوم الله؟
آ 31- يسعى ساعٍ للقاء ساعِ. نحن هنا أمام ثلاثة احتمالات: أو أن الساعي يوصل الخبر إلى الذي يأتي بعده... وهكَذا يصل الخبر إلى الملك. أو أن السعاة التقوا جميعاً في قصر الملك. أو أنهم يجرون في كل الاتجاهات بعد أن أخذ منهم الضياع والحيرة كل مأخذ.
آ 33- دُمّرت بابل فصارت كبيدر تطأه أقدام الحيوان ويسير فوقه النورج.
ج- دراسة عامّة
إن الجزء الأول من ف 51 (آ 1- 33) يتألف من عدد من الوحدات: آ 1- 5، 6 - 10، 11- 14، 15- 19، 20- 23، 24، 25- 26، 27-33. تتحدّث آ 2 وآ 33 عن الحصاد فتشكّلان تضميناً. المواضيع التي وجدناها في ف 50 هي التي نجدها في ف 51 الذي يمكن أن لا يكون قد قيل على دمار بابل (عادت آ 15- 19 إلى 10: 1- 16، وتحدّثت آ 20- 23 عن بابل المدمِّرة لا الضحيّة). ومع ذلك، فالموضوع المركزيّ هو هزيمة بابل، قبل حصول الحدث (آ 6، 33) أو بعده (آ 8). والحواشي داخل القصائد تصوّر العمل الحربيّ على بابل. ولكن لا نستطيع أن نجزم بأن الكلام قيل تبل سنة 550.
الكلام يدور على بابل، ولا تُذكر صهيون إلاّ لماماً (آ 10، 11 ب، 24). ولكن هناك معادلة بين هزيمة بابل وانتقام صهيون. لقد جاء وقت العقاب لبابل (آ 10) وانتقام الربّ لما حصل في صهيون، ولا سيّما دمار الهيكل (آ 11 ب، 24).

3- مصير بابل (51: 34- 64)
أرادت بابل أن تحدّد مصائر الشعوب، وها قد جاء وقت تحديد مصيرها: "تصير رجماً (كومة من حجارة)، ومأوى لبنات آوى، ومثار رعب" (آ 4). من أجل هذا يعود الكاتب إلى رثائها.
أ- قراءة النص
آ 34- "أكلني". سب: قسمني. ألغت بهس "نبوخذ نصر" من أجل الشعر. ابتلعني كما ابتلع الحوت يونان. رج أش 27: 1؛ 51: 9؛ حز 3:29 ؛ 33: 2 (الحديث عن مصر)، أي 7: 12؛ مز 13:74.
آ 35- ظلمي ولحمي. أي بابل مسؤولة عن الظلم الذي أصاب صهيون في لحمها. سب: جاءني الظلم والغمّ من بابل. بهس تقترح "ش ب ري"، دماري بدل "ش ا ري"، لحمي. رج 50: 10؛ 24:51 من أجل موضوع الانتقام من بابل، وقد جُعل هنا في أسلوب ليتورجيّ (مز 118: 2- 4؛ 124: 1 ؛ 129: 1).
آ 36- رج 50: 34. نقرأ "ي م"، بحر، أي بحر الفرات (أش 18: 2؛ 19: 5 حيث البحر يدلّ على النيل). وقد نكون أمام المياه برمزها الميتولوجيّ.
آ 37- رج 9: 10؛ 10: 22. سب أقصر، فلا نجد "لا ساكن فيها".
آ 38- لا نجد في سب "يزأرون"، بل هي تقرأ "يصرخون". رج 19:49 ؛ 44:50 من أجل صورة الأسد.
آ 39- "لكي يمرحوا". بل "ليسكروا" كما في الترجمات.
آ 41- رج 50: 23. "شيشاك": تورية تدلّ على بابل. رج 26:25. لا نجدها في سب. تُذكر بابل في آ 41، 42، 44 وكأننا أمام كلام سحريّ يوجّه على بابل.
آ 43- رج 6:2 ج. لا نجد في سب "أرض" (قفر). تكرّر مس "ا ر ص" (أرض) و"ب هـ م" (فيهم). تفهم المدن كمواضع لا ساكن فيها.
آ 44- لا نجد ني سب "بال في"، ولا آ 44 ب- 49 أ (وسور بابل أيضاً يسقط... قتلى اسرائيل). رج 50: 2 بالنسبة إلى بالغ. "ولا تتوافد إليها الأمم من بعد"، رج أش 2: 2 (تتوافد الأمم إلى صهيون مع فعل "ن هـ ر"، أي تجري كالنهر).
آ 45- رج 8:50؛ 51: 6؛ أش 52: 11- 12.
آ 46- هي انتقالة من التحريض في آ 45 إلى القول النبويّ في آ 47- 48. ولكن بعض الشرّاح يرون فيها قولاً اسكاتولوجياً لا تاريخياً.
آ 47- رج آ 52؛ 50: 38 من أجل الكلام على أصنام بابل.
آ 48- رج 50: 3، 41 من أجل موضوع العدوّ الآتي من الشمال؟ وأش 49: 13 من أجل نشيد السماء والأرض لعودة المسبيّين.
آ 50- "م رح وق"، من البعيد، هم يعيشون في المنفى (30: 15) ويتطلّعون إلى صهيون.
آ 51- رج 3: 24- 25 من أجل التعيير والخجل. مس: إلى معابد بيت يهوه. سب: إلى معبدنا، في معبدنا. قد تكون "م ق دش ي": م ق د ش (قدس) ي هـ (وهـ): مقدس يهوه، وبيت يهوه حاشية. رج 28:50 ؛ 51: 11 بالنسبة إلى موضوع الهيكل في ف 50- 51. رج مز 1:74-8 من أجل موضوع هجوم أعداء الله على الهيكل.
آ 52- "يئنّ". سب: يسقط= رج آ 4، 49. في مس "ح ل ل"= الجرحى. في سب: الموتى. رج آ 47 ؛ 38:50 من أجل الهجوم على الأصنام.
آ 55- "أمواجهم كالمياه الكثيرة". ذاك هو صوت الجيش الزاحف (رج آ 53).
آ 56- أغفلت بهس "لأن المدمّر زحف على بابل" لأنها تفسير هامشي لما في آ 55 أ.
آ 57- نصّ نثري يشبه آ 39 مع لائحة بالذين هم ضحايا الربّ في حملته على بابل.
آ 58- آ 58 ب= حب 13:2 ب.
آ 59- "الكلام...". رج 46: 13؛ 50: 1 من أجل مثل هذه المقدّمة (أُمر إرميا). سب: الكلمة التي أمر الربّ إرميا النبيّ أن يقولها لسرايا. رج 32: 12 بالنسبة إلى سرايا شقيق باروك. في مس يرافق سرايا صدقيا. في سب، سرايا يأتي من عند صدقيا. سرايا هو رئيس المخيّم في مس، ورئيس جامع الضرائب في سب.
آ 60- رج 13:25. يرد موضوع إرميا الذي يكتب في 29: 1؛ 2:30 ؛ رج 13:25. في 36: 2 يُؤمر إرميا بأن يكتب بواسطة باروك. الكتاب هنا يجمع كل ما قيل على بابل (في 13:35 ما قيل عن الأمم). تحاول آ 60 ب أن تربط التفويض في آ 59- 64 مع مواد 50: 1- 58:51. إنّ آ 59 ب- 60 هي معترضة، وإن آ 61 توجز آ 59 أ.
آ 62- "هذا الموضع". نحن هنا أمام أسلوب إرميا. عادة تدلّ العبارة على هيكل أورشليم (7: 3، 7؛ 16: 2، 3، 9؛ 19: 3، 4، 6، 7، 12). وهنا على بابل. مس: يهوه. سب: يا ربّ، يا ربّ.
آ 63- "هذا الكتاب". رج 13:25: في هذا الكتاب.
آ 64- "هكذا". هي لفظة ترافق الفعلة النبويّة. رج 13: 9؛ 19: 11؛ 28: 11. لا نجد في سب "ولا تقوم" بعد "تغرق بابل". فقد أضافتها مس. "إلى هنا كلام إرميا": رج 47:48 من أجل عبارة تنهي مقطعاً طويلاً. نجد في أي 31: 40 عبارة مشابهة تنهي كلام أيوب.
ب- التفسير
آ 34- هنا يتكلّم شعب اسرائيل عن نبوخذ نصر (آ 44؛ 7:50) الذي أكل الطّب (أي خيرة الشعب) ورمى الباقي.
آ 35- وتطلب صهيون العقاب لبابل في لغة ليتورجيّة تشبه مز 124: 1.
آ 36- كان كلام الشعب بشكل صلاة وصراخ، فسمع الربّ وأخذ على عاتقه قضيّة شعبه. حين يجفّ المياه يذهب معه الغنى (رج آ 13). هذا ما يفعله الربّ ببابل التي تصبح مأوى لبنات آوى لا يسكنها أحد (آ 37).
آ 38- البابليون هم الآن كالأسود (2: 15؛ أش 21: 5؛ مز 104: 21). ولكنهم سيسكرون وينامون نومة الموت فلا يستيقظون. في آ 39 نقرأ "لكي يمرحوا". في سب، سر: سكرة الموت.
آ 40- ويُقادون إلى الذبح. تلك كانت نهاية الحروب. هنا نجد كل تاريخ بابل: ابتلعت الشعوب وها هي تُبتلع. أسكرت الشعوب وهي الآن سكرى ميتة.
آ 41- ويعود النبيّ إلى رثاء بابل. كانت فخرَ كل الأرض. صارت قفرا. غمرتها المياه كما في الطوفان. صارت المدن صحراء لا ينبت فيها شيء، وتحوّلت الصحراء إلى عيون ماء وأرض يغمرها المطر (مز 7:84؛ أش 35: 1- 2).
آ 44- سيسقط بال وتسقط معه أسوار بابل، فلا تعود الأمم تتوافد إليها.
آ 45- ويأتي النداء إلى المنفيّين بالهرب لئلاّ يصيبهم غضب الله فيحدث لهم ما حدث لامرأة لوط (تك 19: 26)0 الإقامة مستحيلة في هذه المدينة، مدينة الإثم. ولكن بعد العودة، سيبقى العدد الكبير من أهل الجلاء في أرض بابلونيّة.
آ 46- وتتبدّل اللهجة وكأننا أمام قول نبويّ قيل بمناسبة الرجوع من المنفى وتكاثُرِ الشائعات. ولكن الربّ سيفعل (آ 47) فتنشد السماء والأرض نشيد الظفر لدى مجيء العدوّ من الشمال (آ 48).
آ 49- تُعامَل بابلُ حسب شريعة المِثل: اسقطت بابل القتلى في اسرائيل، وها هو الربّ ينتقم فيُسقط القتلى في بابل. في كل أرض بابلونيّة.
آ 50- يتوجّه النبيّ إلى الذين نجوا من السيف في يهوذا، ومضوا في طريق المنفى (44: 28): أذكروا الربّ، أذكروا أورشليم.
آ 51- فيردّ المنفيّون على النبيّ: كيف نرجع بعد أن تدنّس هيكل الربّ، وسيطر بال على أقداسنا، وبابل على أورشليم الموضع الذي اختاره الربّ لسكناه.
آ 52- ويأتي جواب الربّ: سيسقط بال مع سائر الأصنام، وتُدكّ حصون بابل المنيعة.
آ 54- ويسمع النبيّ صوت الصراخ في بابل، ويرى المدمِّر، كما يشاهد الموتى.
آ 58- الربّ القدير تكلّم فكان بحسب ما قال: دُكَّت أسوار بابل.
آ 59- ويقوم النبيّ بفعلة رمزيّة (رج 13: 1) تعود إلى سنة 594، أي قبل سقوط بابل بخمس وخمسين سنة، فيدلّ على إيمانه بالربّ الذي يُتمّ كلامَه في بابل. إرتبط الكلام بالعمل، فجاءت النتيجة كما أرادها الربّ. ذهب سرايا "مع" صدقيا الملك. لا نعرف شيئاً عن سفر صدقيا هذا. لهذا نرافق سب: ذهب من قبل صدقيا.
آ 61- وكان سرايا متكلّماً على بابل باسم إرميا. ثم قام بالفعلة النبويّة: كما غرق الكتاب في وسط الفرات، كذلك تغرق بابل.
ج- دراسة عامّة
في آ 34- 44 نجد قطعة صغيرة حول "ابتلع" و"أخرج" ما ابتلع (آ 34- 44). تتألّف من آ 34- 35 مع جواب الله في آ 36- 37، ثم تأتي ثلاث وحدات: آ 38- 40، 41- 43، 044 اورشليم هي التي تتكلّم وتشكو من خبرتها مع نبوخذ نصر، ملك بابل. عاملها كالتنين ومحاها عن وجه الأرض. لهذا دعت شعبها للانشاد في لغة ليتورجيّة. في آ 38- 40 نجد صوراً مختلفة ترمم دمار شعب بابل. هم يزأرون (أو الاعداء) كالأشبال. صاروا كالخراف للذبح، سكروا فما قاموا من سكرهم (رج آ 57). وفي آ 41- 43 جاء الرثاء جواباً على سقوط بابل: دُمّرت، غمرتها المياه. بل إن بالى إله بابل ومعبود سكّانها الذي سيطر على أورشليم وعلى العالم، سينال عقابه بعد أن تطاول على يهوه، الربّ القدير.
وتشكّل عناصر قصيرة الجزء الأخيرة (آ 45- 53) الذي يسبق خاتمة القصيدة (آ 54- 58). هناك تحريض (آ 45، 46، 50)، واعتراف (آ 51) وقولان مختلفان حول دمار بابل (آ 47- 48، 52، 53). وإعلان يقول بضرورة عقاب بابل بعد أن أكثرت القتلى في الأرض (آ 49). كنتيجة عقاب الله لبابل، يجب على المنفيّين من يهوذا (شعبي، آ 45) أن يهربوا من غضب الربّ، أن يهربوا من القوى المهاجمة ويعودوا إلى أورشليم (آ 50). والاعتراف في آ 51 يمثّل النظرة إلى احتلال بابل للهيكل، والعار الذي لحق بعابدي الله، بل بالله نفسه الذي ترك مدينته ومقدسه. وأخيراً هناك تحريض المنفيين في زمن الشائعات والمؤامرات السياسيّة (آ 46)، ودعوة الكون إلى الفرح: جاء العدوّ من الشمال فدمّر أورشليم (1: 13- 15؛ 4: 5- 8؛ 6: 22- 26). وها العدوّ يأتي من الشمال فيدمّر بابل (50: 3، 9، 41؛ 48:51 ب).
وتأتي آ 54، 58 فتقابلان 50: 2- 3. سُمع صراخ في بابل يدلّ على دمار كبير في أرض الكلدانيين. وينتهي كل هذا بفعلة نبويّة، بفعلة ترمز إلى ما تقول. ستغرق بابل في الماء على مثال الكتاب الذي رماه سرايا موفد إرميا في نهر الفرات.
د- الخلاصة
حين قرأنا الأقوال على الأمم، لاحظنا أقوال خلاص رغم لغة الدمار التي تملأ ف 50- 51. ونحن نجد أربعة أقوال تعلن الخلاص الآتي لكل من مصر وموآب وعمون وعيلام. "وبعد ذلك، ستكون مصر مأهولة كما من قبل، يقول الربّ" (46: 26 ب). "لكني أعيد سبي (أمجاد، أحوّل مصير) موآب في آخر الأيام، يقول الربّ" (48: 47) "وبعد ذلك، أعيد سبي (أمجاد) عمّون، يقول الربّ " (49: 6). "لكني في الأيام الآتية أعيد أمجاد عيلام، يقول الربّ" (49: 39).
إن أقوال الخلاص هذه تطرح أسئلة عديدة. الأول، لا نجد القولين الأول والثالث في النسخة اليونانيّة. وإذا اعتبرنا أن النصّ اليونانيّ هو"النسخة الأول" لسفر إرميا، نقول إن هذه الأقوال الأربعة لم تدوّنها يد واحدة. وُضع أولاً القول على موآب والقول على عيلام، ثم جاء القولان على مصر وعلى عمّون. والمقابلة بين العبارات المستعملة تدلّ على اختلاف بين قول وقول. فالأقوال الثلاثة الأخيرة تتشارك في عبارة "ش ب ت ي. ش ب وت"، أعيد سبي، التي تفسَّر أعيد أمجاد، أحوّل مصير. وهذا يعني تبدّلاً في الوضع السياسيّ: يبدأ القولان الأول والثالث بعبارة "بعد هذا"، التي تبقى غامضة.
ويُطرح سؤال ثان. لماذا قيلت هذه الأقوال في أربع أم ولم تُقل في سائر الأمم المذكورة هنا؟ لقد دُوّنت هذه الأقوال خلال الحقبة المنفاويّة والبعد منفاويّة، ففُهمت في سياق واسع يشمل في المستقبل أرض سائر الشعوب. فمصر التي تنعم بقول خلاص هي خارج حدود اسرائيل. في هذا المجال لا ننسى ما قاله أش 19: 15- 22 وحز 13:29- 16 عن مصر وما قلناه عن مصر نقوله عن عيلام البلد البعيد (49: 39). وإذا كانت أرض الفلسطيين لم تنل قول خلاص، فلأن هذه الأرض هي أرض اسرائيل كما يقول صف 4:2-7؛ زك 7:9 ب. ويبقى وضع موآب وعمّون. فحسب حز 18:47، تبقى اسرائيل غربي نهر الأردن. وهذا ما يفكر إر 47:48؛ 49: 6

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM