الفصل الحادي والعشرون: إرميا النبيّ في المحكمة

الفصل الحادي والعشرون
إرميا النبيّ في المحكمة
26: 1 – 24

في القسم الأوّل من سفر إرميا، قرأنا عددًا من الأقوال النبويّة التي سمعها الناس من الملك إلى الرؤساء، إلى الشعب. بل إنَ الرؤساء رافقوا إرميا ليروه يكسر الجرّة ولم يمانعوا. ولكن مع هذا الفصل، نلاحظ أنّ سلطات الهيكل تعارض كرازة النبيّ. كما نكتشف السياق التاريخيّ لكلام إرميا ضدّ ديانة كاذبة (رج 13: 25) في بداية عهد يوياقيم (1: 13). بدا النبيّ واثقًا من أنّ الله هو الذي أرسله (آ 15)، فواجه السلطات الدينيّة (رج 1:18؛ 15: 20). وهنا يتميّز الشعب والسلطات المدنيّة (آ 16) والشيوخ (آ 17- 19) بموضوعيّة لم يعرفها الكهنة ولا الأنبياء (آ 8- 9، 11؛ رج 7: 1).
أ- قراءة النصّ
آ 1- ف 26 في النصّ الماسوريّ يقابل ف 32 في النصّ اليونانيّ. "كانت الكلمة هذه". أضافت السريانيّة: لإرميا. رج 27: 1. أدخلتها بهس إلى النصّ. "في بدء ملك يوياقيم". رج 27: 1؛ 28: 1 (العبارة عينها). هذه الجمل المقولبة تدلّ على نشاط تدوينيّ لا على تاريخ محدّد. هي الحقبة الواقعة بين ارتقاء الملك العرش والسنة الجديدة الآتية. أي أيلول 609- نيسان 608.
آ 2- رج 2:7. "لا تنقص". رج تث 2:4؛ 13: 1. لا ينقص التعليم، ولا يُخفى (50: 2؛ رج 38: 25).
آ 5- "مبكرًا في الإرسال". رج 25:7؛ 4:25؛ 19:29؛ 4:44 (مع بعض الاختلاف في 7: 13؛ 11: 7؛ 35: 15). "ولم تسمعوا لهم". هذه العبارة تتكرّر مرارًا (مع بعض اختلافات) في هذا القسم فتعطيه لونه. رج 9:27، 14، 16، 17؛ 29: 19؛ 33:32؛ 17:34 ؛ 35: 14، 15، 16، 17؛ 31:36.
آ 6- تركت اليونانيّة "هذه" (المدينة). "لعنة". رج 18:25. هذا ما بقال عن بقيّة الذين نجوا بعد سقوط المدينة (24: 9؛ 18:42 ؛ 8:44، 12). تُقال عن الأرض (22:44)، عن بصرة (13:49)، أو بشكل عام (22:29).
آ 8- "كل ما أمر". في السريانيّة: كلّ ما أمره (مع الضمير). "الشعب كلّه". تعتبر بهس هذه العبارة إضافة جاءت من آ 7 أ. تركت بهس العبارة لان الكهنة والأنبياء هم المضطهدون، بينما يقف الشعب مع "القضاة" (آ 11، 16). إنّ تبدّل دور الشعب هو أحد مسائل تفسير آ 26. "تموت (أنت) موتًا". نحن أمام اختلافة مع "يموت (هو) موتًا".
آ 9- اجتمع الشعب كلّه "إلى" إرميا. أي جاء إليه. بعض المخطوطات: عليه، ضدّه. رج آ 26. إنَ استعمال "ق هـ ل" يعكس جماعة دينيّة شكليّة (آ 17 ب) تتوافق مع اللغة المقدّسة المستعملة في الخبر.
آ 10- "صعدوا" (رج 22: 1) إلى الهيكل من القصر الملكيّ. "فتحة باب يهوه الجديد". السريانيّة: باب "بيت" الربّ. رج 36: 10.
آ 12- لا نجد في اليونانيّة "كلّ" (الرؤساء). رج آ 16.
آ 13- رج 7: 5. إنّ موضوع "ندم الربّ" (رج آ 19) قد تحوّل إلى مبدإ عام في 7:18-10.
آ 18- كت: م ي ك ي ه. قر: م ي ك ه، ميخا. رج مي 1: 1. ما يرد في آ 18 ب يعود إلى مي 3: 12. لا نجد في اليونانيّة "هـ ي ه. ن ب ا"، كان يتنبّأ. "أطلالاً". رج مز 79: 1. "مشارف غاب". أو: تلال وعرة، تلال مكسوّة بالأشجار (أي تُزرع بعد أن تُدمّر).
آ 19- "استعطف وجه الربّ". هي صورة انتروبومروفيّة (لا مس وجه الربّ) تمنع الربّ من الغضب.
آ 20- لابد في اليونانيّة: "على هذه المدينة و". "قرية يعاريم". تبعد ستة أميال إلى الشمال الغربيّ من أورشليم.
آ 21- لا نجد في اليونانيّة "كل جبابرته... فخاف وهرب". الماسوريّ: فطلب الملك. في اليونانيّة: طلبوا.
آ 22- "رجال إلى مصر". رج آ 17. هي إضافة غير ضروريّة بالنظر إلى آ 22 ب (غير موجودة في اليونانيّة). رخو36: 12 بالنسبة إلى الناتان.
آ 23- "قبور بني الشعب" أي عامّة الشعب (في وادي قدرون، 2 مل 23: 6). في اليونانيّة: نصُب أبناء شعبه أي قبر عائلته.
ب- التفسير
آ 1- يحدّد الزمان. بداية ملك يوياقيم (609- 608)0 الكلمة أرسِلت (كشخص حي) إلى إرميا.
آ 2- يحدّد المكان: دار بيت الربّ. والأشخاص: كل مدن يهوذا. أي سكّان هذه المدن. في اليونانيّة: كل اليهوذاويّين. جاؤوا يسجدون. يؤذون العبادة. هذا يعني أنَهم مستعدّون لتقبّل كلام الله.
آ 3- تبدأ الآيّة بأداة "لعلّ". ربّما رجعوا فيرجع الربّ. وهكذا "يرتبط" تصرّف الله بعد المبادرة الأولى، بتصرّف الإنسان.
آ 4- أرسل الله تنبيهًا سيتحوّل فيما بعد إلى تحذير وتهديد. إن كنتم لا تسمعون. شيلو مدينة دمّرت حوالي سنة 1550 بيد الفلسطيّين. هكذا يكون مصير أورشليم. "لعنة" أي لعنة نموذجيّة. كما كانت شيلو نموذجًا لأورشليم، ستصبح أورشليم نموذجًا لكلّ مدينة تحلّ عليها اللعنة فتدمّر رج 22:29 (جعلك الربّ مثل...).
آ 7- سمع الجميع كلام إرميا. ولكن، ماذا تكون ردّة الفعل عندهم؟ أمّا الشعب فتقلّب. بل هو في بعض المرّات مع إرميا (رج آ 1). ولكن الأنبياء والكهنة قبضوا عليه وهدّدوه بالموت.
آ 10- ونجد هنا فئة ثالثة: رؤساء يهوذا. صعدوا من بيت (قصر) الملك إلى بيت (هيكل) الربّ. من سوف يُرضون؟ الله أم الملك؟ واتّهم الكهنة والأنبياء إرميا وطالبوا بموته لأنّه يتنبّأ عن دمار المدينة التي ستفرغ من السكّان. هنا نتذكّر أنّ للكلمة قوّة "سحريّة". ليست فقط "هواء" يخرج من الفم، بل هي "تفعل" ما تقوله، ولاسيمّا إذا كانت كلمة نبيّ (هنا نتذكّر لعنة الآباء لأبنائهم).
آ 12- أعلن النبيّ أنّه مرسَل من الله. إذن، كلمته هي كلمة الله، فمن يجسر أن يناقضها؟
آ 13- وماذا تطلب هذه الكلمة من الشعب؟ أصلحوا طرقكم، واسمعوا لصوت الربّ تروا النتيجة.
آ 14- قوّة الكلمة من قوّة الله. أمّا الإنسان فضعيف. أجل، إرميا هو بين أيديهم.
آ 15- وحذرهم النبيّ: هو بريء. فالويل لهم إن قتلوه والربّ قد أرسله. نلاحظ مرّتين فعل "ش ل ح" أرسل. وهكذا بدا إرميا قويًّا بقوّة ذاك الذي أرسله. وهو يردّد ما سمعه من الربّ. فكلمتُه هي كلمة الربّ، وهو أمين لها مهما كلّفته أمانته هذه.
آ 16- فاقتنع الرؤساء والشعب بأنّ النبيّ تكلّم باسم الربّ. لا الكهنة والأنبياء الذين يُفرض فيهم أن يميّزوا كلام الله من كلام البشر.
آ 17- بعد الشعب، والكهنة والأنبياء، ورؤساء (ث ري، الوجهاء، المسؤولون) الشعب، ها نحن أمام الفئة الرابعة: شيوخ الأرض. يبدو أنّهم يعيشون التقليد. ذكروا ميخا النبيّ وما قاله عن الهيكل والمدينة. وهكذا دلّوا على أنّ ما يقوله إرميا الآن قد قاله أنبياء قبله. معنى اسم ميخا: من مثل الله. هذا النبيّ عاصر أشعيا (القرن 8 ق. م). حزقيا هو ملك يهوذا (716- 687)
آ 19- كيف كان تصرّف الملك؟ وكانت النتيجة أن الربّ ندم على الشر.. واستخلص الشيوخ الموقف اللازم: "إن قتلنا هذا الرجل نجلب على أنفسنا شرًا عدمًا". نتذكر هنا ما فعله غملائيل حين أراد المجلس أن يحارب الكنيسة الأولى (أع 38:5- 39): "ما يعلّمونه (= الرسل) يزول إذا كان من عند البشر أمّا إذا كان من عند الله، لا يمكنكم أن تزيلوه لئلاّ تصيروا أعداء الله".
آ 20- هنا يظهر شخص آخر: أوريا بن شمعيا. كان من قرية يعاريم أو قرية بعل (رج يش 15: 60؛ 14:18). تكلّم كما تكلّم إرميا فطلب الملك قتله، فهرب إلى مصر.
آ 22- ولكن الملك أرسل من جاء به من مصر فقتله "وطرح جثته في قبور عامّة الشعب". نشير إلى أنّ الناتان بن عكبور (رج 2 مل 12: 12، 14) الذي أمسك الناتان، سيتبدّل بعض الشيء فيحاول أن يخلّص من الحريق مخطوط باروك (12:36- 25).
آ 24- لم يكن مصير إرميا كمصير أوريا. حماه أحيقام بن شافان. كان شافان أمين سرّ يوشيّا، وهو الذي قرأ له "كتاب الشريعة" الذي وُجد في الهيكل سنة 622، كما أرسل مع ابنه أحيقام يسأل النبيّة حلدة (2 مل 22: 8- 14). بعد أن حرّر الكدانيّون (أو: البابليّون) إرميا، التحق بابن أحيقام، جدليا (40: 6؛ رج 39: 14). وسيحمّل إرميا العاسة بن شافان (إبن آخر لشافان)، حوالي سنة 594، رسالة إلى المنفيّين (29: 3). وأخيرًا، نرى ميخا بن جمريا بن شافان (إذن حفيد شافان من ولد ثالث)، يحمل إلى سائر الرؤساء المجتمعين "في جلسة خاصة"، ما حفظه من أقوال إرميا كما سمعها من باروك (36: 11- 13). وهكذا نرى العلاقات الوثيقة بين شافان (وعائلته) وإرميا. وهذا ما حماه من الموت. أجل، لم يُسلم إرميا إلى أيدي الشعب ليُقتل. غير أنّ الشعب لم يكن في الأساس ضدّ إرميا. ولكن من بدري، فقد يحوّله الكهنة والأنبياء، فيفعل كما فعل مع يسوع. هتفوا ليسوع حين دخل أورشليم "هوشعنا". ويوم الجمعة صرخوا: اصلبه، اصلبه.
ج- دراسة عامّة
يبدأ القسم الثاني من كتاب إرميا بخبر يقدّم لنا النبيّ كحامل حقيقيّ لكلمة الربّ، وهو دور أقرّت به شريحة واسعة من الجماعة. سوف نرى في ف 36 كيف سيُرفض هذا الدور ويُحكَم على إرميا بالموت. في الخبر الأوِّل، نجا إرميا بواسطة أحيقام بن شافان (قد يكون أخفاه عنده). في الخبر الثاني نقرأ: "أخفاهما الربّ". أخفى إرميا وباروك. ولكن لا يقول النصّ من أخفاهما. قد يكون أحيقام نفسه أو شخص آخر في ف 26، أعلن النبيّ جهارًا ما سيحدث للهيكل وللمدينة. في ف 36، بواسطة شخص قرأ الأقوال النبويّة. في الحالتين دلّ النبيّ على جرأة قريبة من التهوّر، ولكنه تقوّى بقوّة الربّ الذي يحمل كلمته.
نستطيع أن نقرأ ف 26 وف 36 كخبرين نموذجين. في ف 26، إرميا حاضر ويوياقيم غائب (رج آ 1 أ، 20- 23). في ف 36، يوياقيم حاضر وإرميا غائب. لم يخبرنا التقليد عن لقاء بين إرميا ويوياقيم. هناك بعض الأمور ارتبطت بعهد يوياقيم، ولكن إرميا لم يتواجه يومًا معه ولا وجّه إليه كلامًا مباشرًا. فالاتصال الوحيد بين إرميا وملك من الملوك، هو ذاك الذي التقى فيه النبيّ مع صدقيا، أو أرسل صدقيا يسأل إرميا. وما قيل في 25: 1؛ 26: 1؛ 28: 1 هو مقدّمة تدوينيّة ربطت أقوال إرميا بعهد يوياقيم.
في خبر ف 26 الأصليّ، لا مكان ليوياقيم، ونحن ننتظر غياب الملك عن أمور تخصّ الشريعة. فالكهنة والأنبياء هم هنا. نجد تأثيرًا اشتراعيًّا في تقديم خبر لا يلعب الملكُ فيه دورًا. رأى عدد من الشرّاح في ف 26 واقعًا حقيقيًّا عن حياة إرميا، وقابلوا ف 26 مع ف 7. وقف إرميا في دار الهيكل، وأعلن الكلمة، فسمعها من سمعها. في آ 10، جاء الرؤساء، ولكن لا دور لهم يلعبونه في الهيكل. فالشأن شأن الكهنة. ودافع إرميا عن نفسه، فاعتبر الرؤساء والشعب دفاعه أيّ اعتبار (آ 16): اعتبروا أن الله كلّمه كما سبق كلّم ميخا المورشتي (رج 17- 19).
وجاء خبر آخر في آ 20- 23 يدلّ على حماية خاصّة من قبل الله لإرميا بواسطة أحيقام بن شافان المعروف في القصر الملكيّ. أجل، ما حصل لأوربا كان يمكن أن يحصل لإرميا.
د- خلاصة
اختلف ف 26 عن ف 7 الذي تركز على كلمة النبيّ ضدّ الهيكل، فدلّ بإيجاز على ظروف هذه العظة بالنسبة إلى شخص إرميا، ونتائجها التي كان بالإمكان أن تكون مأساويّة. يبدأ النصّ بأمر من الله (آ 2). إذن، على إرميا أن يحمل كلمة الله بمناسبة ليتورجيا تجمع عددًا كبيرًا من اليهوذاويّين في أورشليم. هذه الكلمة التي ينبغي على النبيّ أن ينقلها جاءت هنا موجزة جدًّا، ولاسيّمَا إذا استخرجنا العناصر التي أضيفت في قراءات لاحقة (4: 6).
حين سمع الكهنة والأنبياء مثل هذا الكلام، أمسكوا إرميا وهدّدوه بالموت (آ 8). عرف الرؤساء بالأمر فجاؤوا إلى الهيكل، وبدأت محاكمة انتهت بإخلاء سبيل النبيّ (آ 16). في هذه القضيّة، تواجهت مجموعتان: مجموعة الكهنة والأنبياء الذين يتّهمون إرميا ويطلبون موته. وجماعة الرؤساء (الموظفين) والشعب (آ 11، 16). إلاّ أنّ النصّ الحاليّ يدلّ على عداوة الشعب لإرميا. فهو في آ 7- 8 في صح واحد مع الكهنة والأنبياء ويوافق على موت النبيّ (نشير إلى أنّ عبارة "كلّ الشعب" في آ 7 قد أضيفت فيما بعد)، وفي آ 24 نقرأ أنّه كان بالإمكان أن يُسلّم إرميا "الى الشعب فيقتلوه". لا شكّ حب أنّنا أمام التباس في النصّ حول دور الشعب. ولكنّ سبب هذا الالتباس هو"الناشر" الذي عرف الأحداث اللاحقة (المنفى وما بعده) فحكم حكمًا سلبيًا على الشعب. فلوس الشعب للنبيّ، لما كانت الكارثة حلّت بأورشليم.
بدا كلام النبيّ على الهيكل قويًّا جذا بحيث حاولوأ أن يبرّروه لاجئين إلى نصّ من ميخا النبيّ، وهذا لعمري مثَل لا نجده مرارًا، وفيه كان هذا النصّ النبويّ القديم برهانًا على أنّ إرميا هو حقًا مرسل الله، وأنّه يجب أن نسمع كلامه (آ 17- 19). أجل، هذا هو السبب الذي فيه ورد نصّ مي 3: 12. فلولا هذا الكلام النبويّ القديم، لكان مصير إرميا مثل مصير أوريا بن شمعيا.
شرعوا في محاكمة إرميا، ولكنّهم لم يقتلوه رغم كلامه القاسي على الهيكل وعلى المدينة. أمّا أوريا، ذاك النبيّ الذي قال ما قاله نبيّ عناتوت، فقد قُتل (آ 20- 23). إنّ هذه الموازاة بين إرميا وأوربا تشدّد على مأساة إرميا الذي خاطر بحياته أمانةً لرسالته. وإن هو لم يمُت، فلأنّ موظفي الملك الذين ساندوا الملك يوشيّا خلال إصلاحه، قد أخفوه عن الشعب فلم يقتله.
إنّ الدعوى المقامة على إرميا تطرح سؤالاً جوهريًّا: هل أرسل إله إسرائيل إرميا لكي يتكلّم عن الهيكل كما فعل؟ فالكلمة جاءت قاسية جذًا بحيث شكّ الشعب بصدق ما يقوله النبيّ بأن الربّ أرسله (لهذا تكرّرت لفظة "أرسل"). وهكذا أعلن إرميا بقوّة يقين أنّ الربّ الذي دعاه (1: 7) هو الذي أرسله حقًّا إلى شعبه، وان ما بقوله هو كلام الربّ.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM