اِلفصل العاشر: الربّ الله والأصنام

اِلفصل العاشر
الربّ الله والأصنام
10: 1-25

مع هذا الفصل نصل إلى نهاية المجموعة الثانية (7: 1- 10: 25) في القسم الأول (2: 1- 25: 14) من سفر إرميا. يطرح النبيّ هنا مسألة هامّة سوف تعترض شعب الله بعد المنفى: عبادة الأصنام. ونحن نشهد بداية تنقية تلغي الصور والتماثيل من عبادة الشعب. وحين سيدخل تيطس القائد الرومانيّ إلى تدس الأقداس في هيكل أورشليم، لن يجد شيئاً. ماهى الشعب العبراني بين الآلهة الوثنية من جهة، والخشب والحجر والفضة والذهب من جهة ثانية. ما يعبده الوثني هو صنع يديه. إنه حقاً جاهل. هو انسان لا عذر له. وهذا ما فعله شعب يهوذا وأورشليم. وحين طلبوا الأصنام وما طلبوا الربّ حلّ بهم ما حلّ. فلم يبقَ للنبيّ سوى الصلاة.

1- نترك الأصنام (10: 1- 16)
يتطلعّ المؤمن في الأصنام التي يراها بعينيه ويصنعها بيديه، ويقابلها مع الاله الحقيقيّ الذي لا يُرى. فيخرج من قلبه فعل إيمان: الربّ هو الاله الحقّ، الاله الحيّ والملك الأزلي.
أ- قراءة النصّ
آ 2- "إ ل. درك " (إلى طريق) أو: إ ت. درك (إت هي علامة المفعول به). رج 12: 16.
آ 3- "ح ق و ت". صيغة الجمع. أحكام (كلمة خاصة بالرب). هناك من اقترح: ح ت ت (ذعر) أي الصنم الذي يصوَّر في آ 3 ب- 4 (رج تك 35: 5 ؛ في تك 31: 42، ف ح د. ي ص ح ق، ذعر أو فخذ اسحاق).
آ 4- "ي ف هـ و" يجفل، يزيّن (الماسوري). في الترجوم: "يغطيها" (ي ص ف هـ و). بعضهم يقرأ آ 9 بعد آ 4 أ.
آ 5- في الماسوري: كالفزّاعة في حقل الخيار هي، لا تقدر أن تتكلّم. في اليونانية: أرغوريون (= ك ت م) الذهب. "صُنعت من الفضة فلا تتحرّك". تجعل اليونانية آ 9 (من الفضة، من الذهب) هنا. "أوت م" قد تكون "إ تّ م" أي معها. أي ليس في قدرتها أن تصنع الخير.
آ 6- "م ا ي ن ". تكررت "الميم" بعد آ 5 (ا وت م) فحُذفت. صارت اللفظة "ا ي ن"، ليس، لا نظير لك. لا نجد في اليونانية آ 6- 8 (لا شكّ في أن العبري أراد أن يتوسعّ فأضاف هذه الآيات الثلاث). هناك من جعل آ 8 هنا، وترك آ 6- 7 إلى نهاية القصيدة.
آ 7- "م ا ي ن" (بعدم ل ك و ت م)، لا نظير لك. رج آ 6. قرأ تيودوسيون "ملوكهم" بدل "ممالك" (كما في الماسوري). وهكذا يتوازى النصّ مع "ملك الأمم".
آ 8- تعليم الأصنام خشب. هناك من اقترح: الخشب لا تعليم له.
آ 9- ترشيش. موقع في الغرب. قد يكون اسبانيا. رج حز 27: 12. أوفاز: نجهل موقعه. قرأت السريانية أوفير. واليونانيّة: موفاز. لا نجد في اليونانية "صنع الصانع".
آ 10- لا وجود لها في اليونانيّة. رج آ 6- 8 والكلام عن الله.
آ 11- آية مدوّنة في الارامية. تُعتبر حاشية. جعلها بعض الشرّاح في نهاية القصيدة. نشير إلى أن هذه الآية موجودة في اليونانية.
آ 12- آ 12- 16= 15:51- 19. في آ 12 نقرأ: "الربّ هو الذي فعل".
آ 13- "صوته الخارج". لا نجد هذا في اليونانية. هناك من قرأ: يأمر فيخرج (عجيج الماء). أو: رعد صوته. كت: أرض (بدون أل التعريف). قر: الأرض. رج 51: 16. في الماسوري: الريح. في اليوناني: الضوء. رج مز 135: 7.
آ 14- هناك من اقترح الجمع (تماثيل، صور) مع أن الماسوري هو في صيغة المفرد.
آ 16- لا نجد في اليونانية "الجنود" في "رب الجنود"، ولا "اسرائيل " في "اسرائيل هو سبط". رج 19:51.
ب- التفسير
آ 2- لا تتعلّموا. لا تتتلمذوا (ت ل م د و) على يد الأمم. لا تخافوا من آيات السماء. بل خافوا الربّ وحده، وهكذا تتميّزون عن الأمم (حك 17: 10). هناك عبادة الكواكب. وستأتي عبادة الأصنام.
آ 3- يصوّر الكاتب كيف يُصنع التمثال (10: 9؛ أش 40: 19؛ حك 13- 14).
آ 5- لا خوف من هذه "الفزّاعات". لا تمشي. لا تضرّ ولا تنفع. هي كلا شيء (مز 115: 4- 7 ؛ حب 8:2).
آ 6- نقرأ هنا فعل إيمان أضافه النصر العبريّ: لا نظير لك يا رب (49: 19؛ مز 8:86-10). من لا يخافك (22:5؛ رؤ 4:15).
آ 8- أغبياء وحمقى. رج زك 10 :2؛ حك 22:14-31.
آ 9- اوفار قرأت الأراميّة والسريانية: أوفير (مزج بين الراء والزين). اوفير منحة اشتهرت بالذهب. قد تكون عرابية الجنوبيّة.
آ 10- نحن هنا في إطار الهجوم على الأصنام التي هي لا شيء، والتي تقود عابديها إلى انحطاط خلقي وسيكولوجيّ وفيزيائي. أما الربّ فهو الاله الحقيقيّ الذي نثق به، الذي يقود مؤمنيه إلى الحياة (دا 5: 26). من سُخطه تتزلزل الأرض (مي 7:4؛ مز 93: 1؛ رج مز 8:18؛ نا 1 :6).
آ 11- يتوجّه الكلام إلى الأمم. نحن هنا في إطار جملة معترضة تدخل في النصّ. وقد دوّنت في الاراميّة. هذا يعني أنها دخلت إلى النصّ في وقت متأخر يجب أن تزول الآلهة (نا 1: 14).
آ 12- الله هو الذي صنع الأرض بحكمة (51: 15- 19؛ مز 104: 24؛ أم 3: 19). أصعد الغيوم (مز 135: 7؛ 147: 8)، وهو الذي أخرج الريح (أو: النور) من خزائنه.
آ 14- ماذا يكون موقف الانسان أمام هذه العظمة، وموقف صانع الصنم؟
آ 16- علاقة خاصة بين الله ويعقوب. الله هو خالق كل شيء (تث 4: 20؛ مز 16: 5). واسرائيل سبط ميراثه.
ج- دراسة عامّة
نحن هنا أمام قصيدة طويلة تتوجّه إلى الشعب في شأن عادات (وعبادات) الأمم. نحن أمام نشيد مديح يهوه الذي لا نظير له، وهجوم على عبادة الأصنام كما تمارَس لدى سائر الأمم. هناك مقطع (آ 12- 16) نقرأه في 51: 15- 19 ويرتبط بالمزامير وأناشيد ليتورجيّة في أشعيا الثاني. يتّفق الشرّاح على القول بأن هذا النشيد لا بعود إلى إرميا (ما عدا قفة قليلة). فموضوعه يختلف عمّا في إر. فالجماعة التي حُكم عليها لتعلّقها بالأصنام وارتدادها عن الله، ولأنها جارت في الحياة الاجتماعيّة وتركت الله، تسمع الآن تنبيهاً حول طرق الأمم في شعائر عبادتهم. ثم إن هذا النشيد يتعاطف مع اسرائيل ويشجّعهم حب موقفهم من الآلهة الكاذبة في حقبة بدا فيها الاستقلال أبعد ما يكون.
هناك اختلاف كبير بين النص الماسوري والترجمة اليونانيّة. فالترجمة أقصر، وتد ترتبت الآيات بشكل مختلف. ما وُجد في قمران يدلّ على أننا أمام نسختين. النسخة التي نجد آثارها في الماسورية، والنسخة التي أعطتنا النصّ اليوناني (آ 4، 9، 11). وراح الشرّاح ينطقون من النص العبريّ أو النص اليونانيّ، مع العلم أننا نعتبر أن أساس اليوناني هو الأقدم، وقد أعاد الماسوري كتابته وأسب فأضاف بعض الآيات.
كيف رُتّب النص الماسوري؟ رأي أول: آ 1- 3 أ، 5 ب، 10، 12- 16 ؛ رأي ثان: آ 1- 2، 3، 4، 5، 10، 12- 16؛ رأي ثالث: آ 1، 2، 3، 4 أ، 9، 4 ب، 5، 8، 10، 12- 16؛ رأي رابع: آ 1، 2، 3، 4 أ، 9، 4 ب، 5، 6، 7، 8، 10، 12- 16. رأي خامس يرى في كلمات إرميا مقطعاً إرشادياً في آ 1- 5، 8، 9، ويجعل عهد عبادة في حقبة قبل منفاوية. وما تبقى من القصيدة: آ 11 هي قطعة ليتورجيّة متأخرة. آ 6-7 نشيد ليتورجي. آ 12- 16 تعود إلى المنفى. آ 10 هي مديح. فيصبح الترتيب كما يلي: آ 1، 2، 3، 4 أ، 9، 4 ب، 5، 8، 11، 6-7، 10، 12- 16.
في اليونانيّة نجد النسخة الأولى لهذه القصيدة. نجد فيها تعارض بين يهوه والآلهة: هي ضعيفة وهو قدير (آ 3- 5، 6- 7). هي مائتة وهو الإله الحيّ (آ 8- 9، 10). هي لم تخلق وهو الخالق (آ 11، 12- 13). وهناك تعارض بين عابدي الآلهة وعابدي يهوه (آ 14- 15، 16). بدا هذا النشيد ضعيفاً. لهذا جاء النص العبريّ وبيّن أن لا توافق إطلاقاً بين الله والآلهة.
إن آ 11 هي جملة أراميّة (رج دا 2- 7 ؛ عز 8:4- 18:6) لم نعتد أن نراها في التوراة التي دُوّنت في العبرّية. هذه الآية لا يمكن أن تعود إلى إرميا، بل إلى وقت متأخّر وساعة صارت الاراميّة لغة الدواوين في الحقبة الفارسيّة. وهكذا تكون هذه القصيدة قد وُلدت في أواخر الحقبة البابليّة وأعيدت قراءتها في الحقبة الفارسيّة.
إن نظرة القوّة "الوطنيّة" في آ 12- 16 هي جدّ واضحة. ولكن ما يلفت النظر هو السخرية التي تولّدها هذه القصيدة. فالقول الإلهيّ يحذّر الشعب من ديانة (أو عادات ديانات، رج لا 18: 3) الأمم، مشدّدة على تفوّق إلههم على سائر الآلهة. ولكن آلهة سائر الأمم قد احتفت اسرائيل ودلّت على ضعف يهوه كل تقليد إرميا يحاول، ولو عبثاً، أن يفسّر هذا الضعف). وهجاء صنع الأصنام ليس برهاناً مقنعاً ضدّ ما تمثّله هذه الصور. وليس هناك ما يقابل مدلول شيء من الأشياء مع طريقة صنعه. والانتقاد القائل بأن هذه الأصنام لا تقدر أن تتحرّك، تتكلّم، تمشي، تصنع خيراً أو شراً، هو ما يمكن تقديمه ضد كل موضوع عبادة سواء كان تابوت العهد في هيكل أورشليم أو درج التوراة في المجمع والكتاب المقدّس في الكنيسة. كل هذا يجب أن يُعمل، والأيدي تصنعه. وقد سُمع في هذا المعنى كلام ضدّ يهوه الذي لا يصنع شراً ولا خيراً (صف 1: 12). فالهجوم على الأصنام يريد أن يقفل من قيمة الآلهة.
إن تفسير 10: 1- 16 يترافق مع ما قلنا في بداية درس المقدمة. القصيدة هي قول نبويّ يوجَّه إلى بيت اسرائيل (2: 4). فعلى اسرائيل أن لا يتعلّم طريق الأمم (ق 12: 16) لأن عاداتهم (أي تعاليمهم الدينيّة) هي كذب (آ 14). وصنعُ الأصنام يدلّ على جهل وبلادة. وهذه الأصنام ليست أعظم من المادة التي صُنعت منها. وتجاه هذه الأشياء البليدة، هناك يهوه، الإله الحيّ. وما تتزّيَن به الأصنام هو ما جعلته قدرة الله في الطبيعة (آ 10، 12- 13). وإذا كان الله هو الحق، هو الإله الحيّ، فهو الخالق الحقيقيّ للسماء والأرض. لهذا على الجماعة أن تقول لسائر العبادات: الآلهة التي لم تخلق السماء والأرض يجب أن تزول. لقد تعلّم اسرائيل الكثير من لقائه ببابل، وضمّ ما تعلّمه إلى ليتورجيّته. وبما أن آ 12- 16 تُقرأ في 51: 15- 19 فهي تدلّ على السياق البابليّ لهذه القصيدة التي نقرأ. وترتبط الجماعة العابدة بالاله الحقيقيّ الذي وحده نخافه. بما أن الآلهة بلداء فعبادها بلهاء أيضاً، وهم كذب مثلها. وتجاه الأصنام هو الربّ الذي يختلف عنها. وبالتالي يختلف مصير اسرائيل عن مصير سائر الشعوب. يهوه هو حصّة يعقوب وهو يحمي اسرائيل. لهذا لن يخاف اسرائيل الأمم ولا الصور التي تقدّمها ديانتهم البليدة.


2- نطلب الربّ الاله (17:10- 25)
هذه هي النتيجة التي وصلنا إليها. بعد خبرة سلبيّة حول الآلهة الكاذبة وبلادة عابديها، نصل إلى خبرة إيجابيّة تقود شعب يهوذا إلى طلب الربّ وحده. ولكن هل يطلبونه؟ يبدو أن الجواب هو كلا لهذا، يصلّي إرميا: "أدّب شعبك ولكن بإنصاف".
أ- قراءة النصّ
آ 17- "ا س ف ي". رج "م ا س ف" في 9: 21، وهذا ما يربط الوحدتين كما في تضمين واحتواء. قال الماسوري: "اجمعي (لمّي) عن الأرض". واليونانيّ: "جمع من الخارج". "ك ن ع ت ك"، لفظة مراحدة: بقجة. في اليونانيّة: جوهر "ايتها القاعدة (قر: ي ش ب ت. كت: يشبتي: جلستُ) تحت الحصار". في اليونانية: (في أوانٍ) مختارة (إكلايتوس). رج22: 7؛ 48: 15.
آ 18- "ب ق ع م" (المرّة) غير موجودة في اليونانيّة. "أضيّق عليهم". في اليونانيّة: "مع الضيق". في الماسوري: "حتى يجدوا". في اليوناني: "لتكتشف ضربتك".
آ 19- "ح ل ي "، الضيق. سقطت الياء. في اليونانيّة: ضيقي.
آ 20- "خرجا عني". في اليونانيّة: وقطعاني.
آ 23- "ي د ع ت ي"، عرفتُ. هناك من قرأ: ي د ع ت: عرفتَ. السريانية جعلت "الواو" قبل النافية في آ 23 ب: "وليس للانسان ولا للسائر".
آ 24- "أدّبني" في الماسوري (أنا). في اليونانيّة: "أدّبنا" (نحن).
آ 25- ق مز 79: 6- 7. ولكن بدل "م ش ف ح و ت" (عشائر) نجد في المزمور "م م ل ك و ت"، ممالك. وتنقص في مز 7:79 العبارة: "أكلوه وأفنوه".
ب- التفسير
آ 17- يتوجّه النبيّ إلى أورشليم المحاصرة. ويطلب منها أن تستعد للذهاب في طريق المنفى. لا يأخذ الانسان أشياء كثيرة معه. فقط بقجة (19:46؛ حز 3:12) فيها بعض الثياب والحلى... يبدو أن النصّ قُرئ فيما بعد في العالم اليهوديّ على ضوء حصار بابل على يد الفرس والمادايين.
آ 18- سيُطرد سكّان أورشليم، ولن يسمح الربّ بأن يفلتوا فيتعلّموا من العقاب الذي يحلّ بهم.
آ 19- أورشليم تندب حظّها: ضاعت خيمتها وأبناؤها وقطعانها (17:14؛ 18:15 ؛ 29:49)
آ 21- الرعاة أغبياء (5: 5). لهذا ضاع القطيع (23: 1؛ 1 مل 17:22).
آ 22- يحلّ بأورشليم ما يحلّ لأن العدوّ جاء من الشمال (6:4) ليحوّل مدن يهوذا مأوى لبنات آوى (9: 19).
آ 23- هنا تبدأ صلاة النبيّ باسم مدينته وباصم شعبه: الانسان ضعيف.
آ 24- إن أراد الربّ أن يؤدّب (وها هو يفعل، 5: 15؛ 30: 11)، فلا يؤدّب بقساوة (تك 33: 13؛ أش 42: 2- 3؛ أم 25: 16- 17؛ 30: 7- 9).
آ 25- ليترك الربّ غضبه للأمم لا لشعبه. فشعب الله ينشد مدائح الله، فإن زال فمن يقوم بهذا العمل؟ إن كان لا بدّ لغضب الله أن يفعل، فليُصب عابدي الأوثان.
ج- دراسة عامّة
إن آ 17- 18 هما قصيدة قصيرة تُقرأ مع 9: 106- 18؛ 19- 21. تبدو الجماعة كامرأة (أورشليم) تستعدّ للرحيل. الربّ هو الذي يطرد شعبه من أرضه. نحن هنا أمام خبرة الذهاب إلى المنفى سنة 598/597، وربما 587/586.
ونقرأ في آ 19- 21 رثاء يشبه 4: 19- 20؛ 18:8-23، وهو جواب الجماعة على الكارثة التي قرأنا عنها في آ 17- 18. تفككت الجماعة، وهذا ما جعل المتكلّم منكسر القلب مريضاً موجعاً. "كسر" (ش ب ر) الشعب هو استعارة تشير إلى دمار المدينة والجماعة. قد يكون هذا الرثاء ألّف سنة 597 أو سنة 587. فالإطار هو هو. أما أصابع الاتهام في هذا الدمار (8: 21؛ 14: 17؛ 30: 12، 15)، فتتوخه إلى الرعاة، إلى الرؤساء (8:2؛ 23: 1- 2). رفضوا أن يطلبوا الربّ، ففشلت سياستهم. وكانت نتيجة هذا الإهمال تشتت الشعب (القطيع). إذن، يجب أن نلوم الرؤساء، لا الشعب.
في آ 22، يعود النصّ إلى العدوّ الآتي من الشمال. ارتجّت الأرض، فكان هذا الارتجاج نذيراً لمدن يهوذا التي ستعرف الدمار (4: 27؛ 9: 11؛ 51: 37). نحن هنا في حقبة اجتياح الأرض قبل الحصار على أورشليم. سياسة خرقاء قادت البلاد إلى هذا الواقع (آ 21). والخطأ هو خطأ الرؤساء.
وتنتهي المجموعة الثانية (7: 1- 25:10) في القسم الأول، مع رثاء حول الدمار الذي حلّ بيعقوب. هناك من ظن آ 23- 25 جواباً على الاجتياح في آ 22. مع أن هذا الرثاء يردُ في صيغة المتكلّم المفرد (إني عالم يا رب)، فموضوعه جماعيّ. هو النبيّ يتكلّم باسم الجماعة، باسم المدينة.
اعرف النبي بعجز الانسان عن تثبيت خطواته ("أدم"، تجاه "ا ي ش"). مثل هذا الاعتراف بالضعف البشريّ يربط آ 23- 24 مع الأقوال الحكميّة في 17: 5- 11 كأقوال حول الوضع البشريّ (17: 9-10). لهذا، يطلب المتكلّم بأن يعاقب الله الانسان "بتعقل، برويّة" (أن لا يكون قاسياً، أن لا يفنيه). يطلب العدالة والانصاف مع الأسباب التخفيفيّة (لا الرحمة)، لا الغضب الذي قد بذهب بالشعب حتى الفناء. وهذه المرافعة من أجل العدالة تشبه أقوال الرجاء التي بها يطلب النبيّ نموّ الأمّة (29: 6؛ 30: 19). هو يربط حياة الأمّة بتقاليد الآباء الذين سينمون ويكثرون جداً (أش 49: 19 – 21؛ 51: 2؛ 54: 1- 3). بدأ اسرائيل قلّة قليلة (تث 7:7؛ 26: 5)، ولكنه صار شعباً كبيراً (ولكن انقلب الوضع الآن بسبب العصيان، تث 28: 62). والآن تصلّي الأمّة لئلاّ تعود إلى بقيّة باقية من الأحياء. هذا الرثاء قيل بعد سقوط أورشليم، وهو يتطلّع إلى ما سيكون عليه الشعب في المستقبل

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM