الفصل الثاني: أرميا النبيّ وتاريخ عصره

الفصل الثاني
أرميا النبيّ وتاريخ عصره

يحدّد عنوان إر نشاط النبيّ في أيام يوشيا ويوياقيم وصدقيا. هذا يعني أن رسالة إرميا (626- 586) كانت في حقبة مضطربة من تاريخ الشرق الأوسط القديم، وفي مرحلة مأساويّة بالنسبة إلى مملكة يهوذا. فإذا أردنا أن نفهم بعدُ كرازة إرميا، يجب أن نعرف السياق التاريخيّ والسياسيّ لمملكة يهوذا في النصف الثاني من القرن السابع، كما الصراعات الدوليّة التي ستغرق فيها أورشليم. أمّا السياسة الدوليّة فانطبعت بحضور القوّة الآشوريّة وانحطاطها، بوثبة مصريّة موقتة، بصعود قوّة جديدة هي قوّة بابل.
1- أشورية في القرن السابع
أ- سلطة أشور
بين القرن العاشر والقرن السابع، مدّت أشورية بشكل تدريجيّ إمبراطوريّتها التي وصلت إلى الذروة مع سنحاريب (700- 681) وأسرحدون (680- 669) وأشور بانيبال (668- 631). بعد ذلك، بدا انحطاطها قريبًا.
بدأت الحرب الأشوريّة ناشطة، ورافقتها إدارة حوّلت البلدان المحتلّة إلى مقاطعات أشوريّة. سبوا أهل البلاد، مزجوا السكّان، بنوا المدن الجديدة، وأقاموا الحصون بحيث يسحقون كلّ محاولة تَمرّد، ويحمون الحدود من كلّ هجوم خارجيّ. أمّا الدويلات التي لم تكن مقاطعات أشوريّة، ففُرضت عليها سلطة أشور، ودلّ ملوكها على خضوعهم بدفع جزية سنويّة.
سنة 722 احتلّ شلمنصر الخامس السامرة. وفي أيام خلفه سجون الثاني صارت مملكة الشمال مقاطعة أشوريّة (سنة 720). حسب 2 مل 17: 6 أُجلي بنو اسرائيل إلى أشور. ومقابل هذا، جاء الأشوريّون بأناس من "بابل وكوت وعوّا وحماة وسفراويم" (2 مل 17: 24)، وأسكنوهم في السامرة.
أما ملوك يهوذا فأجبروا على دفع الجزية لملك أشورية علامة خضوعهم له. هذا ما تقوله النصوص الأشوريّة. نقرأ في مدوّنة نمرود: "قصر شروكين (سرجون)، الملك القوي، ملك المسكونة، ملك أشورية، ملك أربعة أقطار الدنيا. لقي همبانيغاش، ملك عيلام، في أرض دِير وحزمه. وأخضع أرض يهودو (يهوذا) القائمة في مكان بعيد". وتوضح رسالة من حاكم نمرود: "تسلّمت 45 جوادًا... وجهاء مصر وعزتو (غزه) ويهودو ومآبا (موآب) وبن عمانا (عمّون) وصلوا في الثاني عشر إلى كلحو وجزيتهم في أيديهم، وكانت جزية عزتو 24 جوادًا".
ووصلت السلطة الأشوريّة إلى الذروة في القسم الأوّل من القرن السابع. وكان في يهوذا في ذلك الوقت، منسّى الذي حكم البلاد مدّة طويلة (687- 642). دفع هذا الملك الجزية كما تقول مدوّنات أشور بانيبال: "طلبت ملوك أرض حاطي وعبر النهر: بعلو (بعل) ملك مدينة صورو (صور)، ومناسي (منسى) ملك مدينة يهودو". وكانت الديانة التلفيقيّة في ذلك الوقت في يهوذا، انعكاسًا لسلطة أشور هذه (2 مل 21: 2- 16).
ب- أسرجدّون (680- 669)
في أشورية، كانت كلّ بداية عهد مناسبة ثورات وتمرّدات. فكانت المهمّة الأولى للملك الجديد تثبيت سلطته وقع كل مقاومة. لهذا كُرّست سنواتُ أسرحدون الأولى لحروب على حدود المملكة ولاسيّما ضدّ الجومريّين (أو القيمريّين) الذين قهرهم سنة 677. بعد ذلك، بدأ أسرحدون يمدّ سلطانه باتجاه الغرب، في سورية وفلسطين.
وفي سنة 677 أيضًا، سيطر أسرحدون على قبرص وسار على المدن الفينيقيّة ولاسيّمَا صور وصيدا. وقد كتب في حوليّاته ما يلي: "أما عبد ملكتي، ملك صيدونو الذي لم يخف من سلطاني، الذي لم يسمع أمر شفتيّ، الذي اتكل على البحر وأمواجه فرفض نير أشور، فسوّيت كما بطوفان مدينة صيدونو التي هي نقطة ارتكازه في البحر. هدمت السور ورميته في البحر مع السكّان، ودمّرت المكان... وأعدت تنظيم المنطقة: أقمت على رأسهم من قبلي موظفًا عاليًا بصفة حاكم، وفرضت عليهم جزية وخراجًا أرفع من السابق. وسلّمت مدنه معروبو وصرفتو (صرفت صيدا، الصرفند) إلى يدي بعل ملك صور. وفرضت عليه الجزية الواجبة لسيادتي، وأضفتها على ما يتوجّب عليه كلّ سنة".
وبعد دمار صيدون، كانت حملة على صور انتهت بمعاهدة بين بعل، ملك صور، وأسرحدون. وبعد أن جال الملك الأشوريّ في الجبال "كثور بريّ" أقام التحصينات "على بعلو، ملك أرض صور، الذي اتكل على طرقو (طهرقة) ملك أرض كوسو" (كوش أي النوبة، وهي جزء من مصر).
قد نجد وراء الاضطرابات في فينيقية يد مصر وإن كان أسرحدون قد حاول أن يجتاح مصر سنة 673، فقد توخّى أن يدمّر في المهد التأثير المصريّ في فينيقية، قبل أن يردّ على عداء طهرقة (695- 664) له. ووصل أسرحدّون إلى عرابية، ولكنّه دُعي إلى الشمال لكي يحارب الاسكوتيّين والمادايين.
وفي سنة 671، قام أسرحدون بحملة تكلّلت بالنجاح. فبعد أن أخضع ملك مصر، احتلّ ممفيس. فهرب الفرعون طهرقة إلى طيبة. عندئذٍ أعلن أسرحدون نفسه "ملك مصر وكوش". ولكنّ طهرقة لم يعتبر نفسه مهزومًا، فدفع أمراء الدلتا إلى الثورة على أشورية، بحيث استعاد ممفيس سنة 669.
ومات أسرحدون وهو يحتلّ مصر للمرّة الثانية فيحقّق هدفه وهو وضع يده على شاطئ البحر المتوسّط.
ج- أشور بانيبال (668- 631)
وتابع أشور بانيبال، ابن أصحدون، سياسة والده. فنقرأ في حوليات سنة 667 اسم 22 ملكَا خضعوا له، ومنهم منسّى، ملك يهوذا. "خلال حملتي، بعلو ملك أرض صور، منسّى ملك أرض يهودو... أي 22 ملكًا من شاطئ البحر، من قلب البحر واليابسة عبيد ينظرون إليّ ويحملون أمامهم هدايا ثقيلة ويقبّلون قدميّ".
في أيّام أشور بانيبال، سنة 661- 660، عرفت المملكة الأشوريّة ذروة عظمتها.
وبعد ذلك الوقت بقليل، بدأ الانحطاط، وسوف تتسارع الأمور حتّى سقوط نينوى سنة 612. وسيطر في ذلك الوقت على سياسة الشرق الأوسط، صراع بين مصر وأشورية.

أوّلاً: احتلال أشور بانيبال لمصر (668- 663)
ما إن اعتلى أشور بانيبال العرش، حتّى وجد نفسه أمام مشكلة مصر بعد أن استعاد طهرقة ممفيس. فقام بحملة ناجحة على مصر بمساعدة ملوك الغرب الخاضعين له. هرب طهرقة إلى الجنوب، وخضع أمراء الدلتا الذين كان منهم نكو الأول، ملك ممفيس.
سنة 666- 665، انضمّ هؤلاء الأمراء إلى طهرقة. فاكتشف الأشوريّون المؤامرة، وعاقبوهم على خيانتهم. ولم يسلم سوى نكو الذي أرسِل إلى مصر ليلعب دور الصلح. وهكذا كان اتفاق بين مصر وأشورية بالنسبة إلى سورية وفلسطين، وهو اتفاق كانت له أهميّة كبرى على مسيرة تاريخ يهوذا في القرن السابع.
سنة 664، مات طهرقة، فحاصر ابن أخيه تانوتامون القوى الأشوريّة في ممفيس. ومات نكو الأول وهو يقاوم تانوتامون. أمّا ابنه بساميتيك الأوّل فلجأ إلى مصر قبل أن يرافق الجيوش الأشوريّة في حملتها على مصر: أخِذت ممفيس، سُلبت طيبة ودمِّرت. ومع سقوط طيبة، تحطّمت سلطة السلالة الكوشيّة. فبدا الأشوريّون كالمحرّرين لمصر السفلى. وخلف بساميتيك الأول والده نكو الأولى، وعقد معاهدة مع أشورية. لقد لمّح ناحوم (سنة 650) إلى دمار طيبة في قوله على نينوى، فقال: "هل أنت (يا نينوى) خير من طيبة (نوأمون، وكان أمون إله طيبة، رج إر 46: 25) القائمة بين الأنهار؟ توّتها كوش، وعظمتها مصر، وفوط ولوبيم حليفتاها. ومع ذلك أُجليتْ وذهبت إلى السبي، وأطفالها سُحقوا في رأس كلّ شارع. على أشرافها ألقوا القرعة وجميع عظمائها أُوثقوا بالقيود" (نا 8:3-10).

ثانيًا: أشورية وبساميتيك الأول (669- 610)
وصل بساميتيك إلى السلطة بموافقة أشورية. وأخذ يتحرّر شيئًا فشيئًا من سلطتها، ويعيد وحدة مصر بقيادته. حصل أوّلاً على خضوع أمراء الدلتا، ثمّ استعمل المرتزقة من أجل محاولات التوحيد. تعاهد مع جيجيس، ملك ليدية، الذي مات سنة 644 بيد الجومريّين. أما ابنه أرويس فخضع لأشور بانيبال ونقض المعاهدة مع مصر وهكذا تحرّر بساميتيك من النير الأشوريّ دون صراع يُذكر في المنطقة.
وخطت مصر خطوة في زعزعة التسلّط الأشوريّ في فلسطين. فحاصرت سنة 640 أشدود حصارًا دام 29 سنة على ما يقول هيرودوتس في تاريخه (2: 57). وهكذا أخذت أشورية تضعف في سورية وفلسطين، كما في بابلونية. ففي سنة 653 ثار شمش شوم أوكين، حاكم بابل، على أخيه بمساعدة العيلاميّين والعرب. فأجبر أشور بانيبال على حصار المدينة ثلاث سنوات. وبعد أن أخذ الملكُ بابل سنة 648، سيطر على عيلام وأخذ شوش وسيطر على قبائل العرب.
وتوقّفت المدوّنات الأشوريّة سنة 638. وقد يكون أشور بانيبال مات سنة 631 أو 627. ومهما يكن من أمر، فبعد انتصارات هذا الملك الكبير، دُكّت مملكة أشور بسرعة، ويُعزى ذلك إلى ثلاث أسباب: حرب داخليّة متواصلة، ثورة بابلونية، تدخّل المادايين.

ثالثًا: تأثير هذا الوضع على مملكة يهوذا
عاصر الملكُ منسّى (687- 642) أسرحدون وأشور بانيبال، ولاشك في أنّه أجبرِ على اتّباع السياسة المفروضة في الشرق. لا تقول النصوص البيبليّة (2 مل 21: 1-18) شيئًا عن سياسة منسّى، ولكن يُفهم أنه خضع للأشوريّين معتبرًا هذا الخضوع لصالح يهوذا. أمّا الكتّاب الملهمون فيتحدّثون عن سلوك الملك الدينيّ. في آ 2- 16، نجد صورة عمّا قام به الملك على المستوى الدينيّ: أقام المشارف والمذابح والأوتاد المكرّسة، وذبح ابنه وأحرقه في النار، جعل تمثال أشيرة في الهيكل. وجاء حكم 2 مل قاسيًا عليه: "وفعل الشرّفي نظر الربّ، فمارس رجاسات الأمم الذين طردهم الربّ من وجه بني اسرائيل " (2 مل 21: 2). أمّا حاشية 2 أخ 33: 11- 17 التي تشير إلى سجن منسّى في بابل وارتداده إلى الربّ، فلا قيمة تاريخيّة لها. نحن أمام خبر تقويّ يبرّر حكم منسّى الطويل. فالحكم الطويل علامة بركة الله. وبما أنّ حكم منسّى دام طويلاً، أعطى كتابُ الأخبار تفسيرَه للأمور.
وخضوع يهوذا للأشوريّين تُرجم على المستوى الدينيّ بتلفيق دينيّ وإدخال شعائر عبادة أشوريّة. بهذه الطريقة تُراقب السلطةُ الحاكمة هذه المملكةَ الصغيرة.
وخلف أمون منسّى، فاتّبع سياسة والده. هذا ما يقوله 2 مل 21: 20- 21: "وفعل الشرّ في نظر الربّ كأبيه منسّى. واقتدى بأبيه في كلّ أفعاله، فعبد الأصنام وسجد لها". في هذه الحقبة من انحطاط السلطة الأشوريّة، قام "شعب الأرض" عليه وقتلوه (آ 23) وجعلوا على عرش يهوذا ملكًا شابًّا سيتميّز عهده بإصلاح دينيّ وبسياسة تحرّر من سلطة أشورية.

2- سلطة بابلونيّة
ظلّ أشور بانيبال مسيطرًا على بابلونية حتى سنة 627. غير أنّ الصراع بين ابنيه من أجل خلافته كانت لصالح شخص ثالث هو الكلداني نبو فلاسر.
سنة 627، أُعلن القائدُ الأشوريّ سين شوم ليشير ملك بابل. ولكن حلّ محلّه سريعًا أشور ايتيل إيلاني شقيق سين شار إشكون. ولكن هذا أجبر على التخلّي عن العرش البابلي لصالح نبو فلاسر مؤسّس السلالة الحادية عشرة، وذلك سنة 626. غير أنّ أشور بانيبال ترك لخلَفه إمبراطوريّة يسيطر عليها الاضطراب من الخارج ومن الداخل، وإن كانت بعدُ قويّة.
أ- نبوفلاسر (626- 605)
تقدّم لنا الكرونيكات البابلونيّة التواريخَ الهامّة في الصراع الذي يحرّك المنطقة خلال حكم نبو فلاسر في أشورية (شمال العراق) أضعفت الحربُ الأهليّة المملكة: ثارت مقاطعة دِير على حدود عيلام، وتكاثرت هجمات المادايين. أمّا سين شار إشكون، فترك بابل ليحتلّ نفّور. هاجمه أشور إيتيل في حصار قاسٍ جدًّا، ولكنّه أفلت سنة 623. خلال هذه المعركة، مات أشور إيتيل إيلاني، فزحف سين شار إشكون على نينوى ليكون ملك أشورية. وكانت سنة 621 قطيعة بين نبو فلاسر وسين شار إتكون نجهل أسبابها. ولكن سنة 616، كان نبو فلاسر يسيطر على بابلونية كلّها (جنوب العراق).
في ذلك الوقت (سنة 625) بدأ ملك ماداي أوكشترا يوحّد قبائل الاسكوتيّين والفرس تحت سلطته، ويهاجم حدود أشورية التي أخذ منها الضعف كلّ مأخذ. فتحالف معه نبو فلاسر لمحاربة الأشوريّين. وشهدت سنة 616 انقلابًا في التحالفات: صعد بساميتيك الأول بجيشه المصريّ إلى الفرات لا ليحارب أشورية، بل ليتحالف معها على بابلونية. ما استطاعت مصر أن تخلّص أشورية، بل أخّرت بعض الشيء الهجوم البابليّ على أشور.
سنة 614 قام أوكشترا بحملة جديدة على أشورية. فشل أمام أسوار نينوى، ولكنّه احتلّ مدينتي تربيسو وأشور. وعُقدت معاهدة بين أكشترا ونبو فلاسر، فسقطت نينوى سنة 612 بعد حصار دام ثلاثة أشهر، وأُسلمت إلى السلب والنهب. في ذلك الوقت مات سين شار إشكون. فتراجع أشور أوباليت، الملك الجديد، إلى حاران من أجل دفاع أخير. فأخذ المادايون والبابلونيّون المدينة سنة 610.
تروي كرونيكة بابلونيّة هذه الحملة من وجهة نظر نبوفلاسر: "في السنة السادسة عشر (لنبو فلاسر)، في شهر أيار (8 أيار- 6 حزيران 610)، جنّد ملك أكاد (بابلونية) جيوشه وسار على أشورية. من... إلى أراشمنو (تشرين الثاني سنة 610) جال منتصرًا في أشورية. وفي شهر أراشمنو جاء أمم مندا (المادايون) لمساعدة ملك أكاد. ضمّوا معًا قواهم وساروا نحو حاران على أشور أوباليت الذي تربّع على عرش أشورية. أمّا أشور أوباليت وجيوش مصر الذين جاؤوا لمساعدته، فقد حلّ بهم الرعب من العدوّ، فتركوا المدينة وعبروا... فدخل ملك أكاد إلى حاران... وأخذ المدينة. وكان له سلب كبير في المدينة وفي الهيكل".
عبر الفرعون نكو الثاني فلسطين ذاهبًا لمساعدة ملك أشورية في حاران. ولكن عبثًا. سقطت المدينة وسقطت، وزالت الإمبراطوريّة الأشوريّة إلى الأبد. وظلّت بابل ومصر وجهًا لوجه. أمّا يهوذا فخضعت لمصر سنة 658، تابع نبو فلاسر حملاته على حدود أورارطو. وسنة 607، واصل ابنه نبوخذ نصر الأعمال الحربيّة في تلك المنطقة الجبليّة. عند ذاك توزّع البابلونيّون والمادايّون المنطقة. ولكن الماديّين سيعودون على البابلونيّين بمساعدة الفرس في منتصف القرن السادس.
وبدأ التواجه بين القوّتين العظميين، بين مصر وبابل، سنة 605، ساعة سار نبوخذ نصر وليّ العرش على كركميش في شهر أيار- حزيران سنة 605 وأخذها. ثمّ احتلّ حماة، وربلة، والشاطئ السوريّ. أمّا الكرونيكة البابلونيّة التي تورد هذه الأحداث، فلا تشير إلى وجود الفرعون نكو في كركميش. يبدو أن الجيش المصريّ تألّف من مرتزقة أحباش وليبيّين ولوديّين. نقرأ في إر 46: 9: "تقدٌمي أيّتها الخيل، وازحفي أيّتها العجلات! ليبرز أبطال كوش وفوط القابضون على التروس، وأبطال لود القابضون على القسيّ". أمّا خبر الكرونيكة البابلونيّة فيبدو كما يلي: "في السنة الحادية والعشرين، ظلّ ملك أكاد في أرضه. أمّا ابنه البكر وأمير الحاشية نبوخذ نصر (نبو خودوري اوصور)، فجنّد (جيوش أكاد) وقاد راس جيشه وسار على غلغامش (كركميش) التي على شاطئ الفرات. عبر النهر (ضدّ قوّات مصر) التي أقامت في غلغامش، وحارب الواحدُ الآخر. عادت جيوش مصر إليه فهزمها وأفناها"
تغلّب الجيش البابلونيّ على حامية مصريّة، ولكن نتائج معركة كركميش كانت هامّة، إذ وضعت حدًّا للسيطرة المصريّة القصيرة، فسقطت سورية وفلسطين في يد البابلونيّين. أشارت التوراة إلى انتصار بابل هذا ونتائجه فقالت: "ولم يتجرّأ ملك مصر على أن يتخطّى أرضه، لأنّ ملك بابل أخذ جميع ما كان له من حدود مصر إلى نهر الفرات " (2 مل 7:24).
في أيلول سنة 606 مات نبو فلاسر فعاد نبوخذ نصر على جناح السرعة إلى بابل واعتلى عرش أبيه. هذا ما تقوله الكرونيكة: "مارس نبو فلاسر الحكم على بابل مدّة 21 سنة. (وسار) في مصيره (= مات) في شهر أبو، في اليوم الثامن (15 آب 605). عاد نبوخذ نصر في شهر أيلولو واعتلى العرش الملكيّ في بابل في شهر أيلولو، في اليوم الأول (7 أيلول 605).
ب- نبوخذ نصر (605- 562)
رغم المدوّنات العديدة، يبقى عهد الملك البابليّ الشهير غير معروف. نجد في الكرونيكة بعض التفاصيل حول الحملات العسكريّة خلال السنوات العشر الأولى من حكمه. أمّا ما تبقّى فنعرفه في أجزاء متفرّقة، في النصوص البيبليّة ولاسيمّا كتاب إرميا.
كان نبوخذ نصر يقوم بحملة سنويّة على سورية حتى سنة 594. ولكن هنا تتوقّف الكرونيكة البابلونيّة. هذا يعني أنّ معركة كركميش لم تجعل الهدوء في البلاد، وأنّ مصر ظلّت تهدّد المنطقة. سنة 604، خضعت دمشق وصور وصيدا ويهوذا. وسُلبت أشقلون وأخذ ملكُها أسيرًا. سنة 601 هاجم نبوخذ نصرمصر ولكنّه فشل في محاولته بعد أن ردّ نكو الثاني الجيش البابليّ على أعقابه. عندئذٍ حاول يوياقيم، ملك يهوذا، أن يتحرّر من النير البابلونيّ، وذلك رغم نصائح إرميا. وكان قد نعم ببعض الاستقلال (2 مل 24: 1) بسبب انشغال ملك بابل داخل مملكته. عندئذٍ هاجم نبوخذ نصر يهوذا (598- 597) وحاصر أورشليم التي سقطت في 16 آذار سنة 597. وفرض المحتلّ البابلي ملكًا جديدًا هو صدقيا. وكانت ثورة ثانية على السلطة البابليّة (إر 27: 2- 3) انتهت بحصار جديد وسقوط المدينة سنة 587.
بعد سقوط مملكة يهوذا، كان التوازن بين مصر وبابل. سنة 568، هاجم نبوخذ نصر مصر، ولكنّه فشل. وهكذا ظلّ الوضع على حاله. وظلّ البابليّون يسيطرون على سورية وفلسطين بانتظار مجيء الفرس.
3- ملوك يهوذا
أ- يوآش ومحاولة الاستقلال
أولاً: اعتلاء العرش سنة 640
أورد 2 مل 21 بإيجاز مقتل أمون وبداية مُلك يوشيا ابنه الصغير، وما أعطى تفسيرًا لذلك. "وثار عليه (= أمون) عبيده (رجاله حاشيته) وقتلوه في بيته (في القصر). فقتل شعبُ الأرض كلّ الذين تآمروا على أمون، وأعلن شعب الأرض يوشيّا ابنه ملكًا مكانه " (آ 23- 24). نجد تفسيرين لمقتل أمون. اعتبر التفسيرُ الدينيّ. أنّ أهل يهوذا الأمناء للتقليد ولإصلاح حزقيا، قتلوا الملك أمون الذي كان شرّيرًا مثل أبيه منسّى. أمّا التفسير السياسيّ فرأى أنّ أمون تابع سياسة الخضوع لأشورية مثل أبيه. فقتله رجال الحاشية بإيعاز من الملك بساميتيك الأول. ولكنّ المؤامرة توقّفت هنا، فما جاءت سلالة جديدة، لأن شعب الأرض تدخّل وحافظ على السلالة الداوديّة. اعتلى العرش يوشيّا وهو ابن ثماني سنوات. هذا يعني أنّ السلطة الحقيقيّة كانت في يد موظّفي الملك الكبار.
من هو"شعب الأرض"؟ مجموعة محدّدة ترتبط بخبرة عاشتها مملكة يهوذا. دافعت عن سلالة داود وتدخّلت في أوقات الأزمة. هذا ما فعلته حين أزاحت عثليا وجعلت يوآش ملكًا مكانها (2 مل 14: 21). وهذا ما فعلته حين اختارت يوشيا بحيث استمرّت سلالة داود في الحكم.

ثانيًا: يوشيّا والإصلاح العباديّ
بدأ يوشيّا بإصلاحات في الهيكل منذ بداية عهده. وساعده غياب أشورية عن المسرح السياسيّ لينعم ببعض الاستقلال الداخليّ. وفي ظروف غير محدّدة، حمل الكاهن حلقيا درجًا إلى شافان الكاتب الذي قرأه للملك. هذا الدرج الذي دُعي "كتاب الشريعة" هو القسم القديم من سفر التثنية. بما أنّ هذا النصّ قد اكتُشف، فهذا يعني أنه خُبِّئَ في الهيكل في أيام حزقيا (716- 687) أو منسّى (687- 643)، ونُسي هناك. وسيُسمّى هذا الدرج فيما بعد "كتاب العهد" (2 مل 2:23، 21).
في 2 مل 22- 23، بدأ الإصلاح العبادي (2 مل 23: 4- 20) كنتيجة لاكتشاف هذا الدرج. ولكن لا شكّ في أنّ الإصلاح كان قد بدأ حين كُشف الدرج، لأنّ مثل هذه الإصلاحات الجريئة تتطلّب مناخًا يتقبّل مثل هذا التجديد.
حسب 2 مل 23: 4- 14 كانت الممارسة الدينيّة تلفيقيّة في مملكة يهوذا، فاهتمّ يوشيّا بإلغاء العبادات الكنعانيّة والعبادات الأشوريّة: جميع الأدوات المصنوعة لبعل وأشيرة وكواكب السماء... وهدم بيوت البغاء المكرّس... وذكر كموش وملكوم (2 مل 23: 4 ي). ويقول كتاب الملوك إنّ الإصلاح بلغ إلى مملكة الشمال (2 مل 23: 15- 20): هدم يوشيا مذبح بيت إيل (آ 15) ومشارف السامرة (آ 19). مثلُ هذه الأعمال تفترض أنّ يوشيّا سيطر على مملكة الشمال. ولكن هذا ليس بأكيد. فقد يكون تدخّل في معبد بيت إيل القريب من حدود يهوذا. ورافق تدميرُ هذه المعابد تركيزَ شعائر العبادة في أورشليم (تث 12).
غير أن هذا الإصلاح الذي أبرزه كتاب الملوك لم يلقَ النجاح الكبير ولم يكن له تأثير عميق على الشعب. هذا ما يشير إليه كتاب إرميا.
ثالثًا: سياسة يوشيّا
طال حكم يوشيّا مدّة ثلاثين سنة ونيّف، فاستفاد من ضعف المملكة الأشوريّة لكي يجعل مملكة يهوذا تنعم ببعض الاستقلال. وحاول الملك أن يتوسّع نحو الشمال، ولكنّه لم يستطع أن يحقّق أحلامه باستعادة مملكة داود. وامتدّ إلى الغرب فوصل إلى السهل الساحليّ. وفي الجنوب أعاد بناء عراد وعددًا من الحصون. تزوّج زبيدة بنت فداية بنت رومة القريبة من صفورية (في الجليل) (2 مل 36:23) وحموطل بنت إرميا من لبنة وهي مدينة ساحليّة على حدود الفلسطيّين، فدلّ على انفتاحه على الخارج.
كانت سياسة يوشيّا مناوئة للأشوريّين. ولمّا برزت المزاحمة بين مصر وبابل من أجل وضع اليد على الإرث الأشوريّ، حاول يوشيّا أن يتقرّب من بابل وكان ينتظر من القوّة الجديدة أن تعترف باستقلال يهوذا بعد سقوط أشورية وهزيمة ممر غير أنّ فشل الملك في مجدو سنة 609 جعل يهوذا في مرحلة أولى في منطقة التأثير المصري.
لا يتحدّث إرميا كثيرًا عن حكم يوشيا، بل يكتفي بأن يذكر عهده تجاه عهد يوياقيم. نقرأ في 22: 10: "لا تبكوا على الميت (= يوشيا) ولا تندبوه. بل ابكوا بكاء مرًّا على الذاهب الذي لا يرجع من بعد ولا يرى أرض بلاده (= يوياكين أويكنيا)". في الواقع، كان يوياكين ضحيّة والده يوياقيم، لهذا تابع النبيّ كلامه: "أتكون عظمة ملكك يا يوياقيم أن يفاخر بالأرز؟ أما اكتفى أبوك (= يوشيا) بأن أكل وشرب (= عاش حياة البساطة) وأجرى الحقّ والعدل وقضى للبائس والمسكين، فكان في خير؟ ألا يدلّ ذلك على أنّه كان يعرفني" (آ 15- 16)؟ افترق إر عن 2 مل فما تحدّث عن يوشيا في عمله الإصلاحيّ، بل في إجرائه الحقّ والعدل.
ب- آخر ملوك يهوذا
أولاً: الملك يوياقيم (609- 598)
كان ليوشيّا أربعة أبناء: يوحانان البكر. قد يكون مات قبل سنة 609. ثمّ يوياقيم وصدقيا وشلّوم (1 أخ 3: 15). خلف يوشيّا شلوم الذي اتّخذ اسم يوآحاز حين صار ملكًا (2 مل 23: 35؛ رج إر 22: 11). ولكن عزله الفرعون نكو وأحل محلّه يوياقيم (كان اسمه الياقيم فبدّل له الفرعون اسمه، رج 2 مل 23: 34). ففرض يوياقيم على الشعب ضريبة باهظة ليدفع إلى الفرعون ما فرضه عليه من الفضة والذهب (آ 35).
حكم إرميا على يوياقيم حكمًا قاسيًا: "ويل لمن يبني بيته بالظلم ويُعليِ غُرفه بغير حقّ! يستخدم قريبه بغير أجرة ولا يدفع له أجرًا. ويقول: أبني لي بيتًا واسعًا وغرفًا فسيحة. فيفتح له نوافذ ويغلّفه بالأرز ويدهنه بلون القرمز" (إر 22: 13- 14). وهكذا احتاج يوياقيم إلى المال الكثير، فغضب الشعب. ولمّا احتجّ الكهنة والأنبياء اضطهدهم.
إنّ هجوم إرميا على الممارسات الأصناميّة وعلى ثقة سحريّة بالهيكل يعود إلى عهد يوياقيم. "فعلَ الشرّ" في نظر الربّ وخصوصًا حين أحرق درج أقوال إرميا النبويّة رغم تشفع ألناتان وجمريا (23:36- 25). بل أمر بوضع إرميا وباروك في السجن (آ 26).
في الخارج، ارتكزت سياسة يوياقيم على مصر استفاد سنة 601 من توقف الزحف البابليّ على مصر بعد معركة مجدل، فثار على بابل وتوقّف عن دفع الجزية (2 مل 24: 1). سنة 600- 599، تدخّل نبوخذ نصر بواسطة عصابات مسلّحة من "الكلدانيّين والأراميّين والموآبيّين والعمونيّين" (2 مل 24: 2). وسنة 598- 597، جاء هو بنفسه وحاصر أورشليم. ولكن ممات يوياقيم فجأة في كانون الأوّل سنة 598 في ظروف ما زالت غامضة. فخلفه ابنه يوياكين ساعة كان الوضع الحربيّ ميأوسًا منه.

ثانيًا: الملك يوياكين (589)
حسب 2 مل 8:24 لم يحكم يوياكين سوى ثلاثة أشهر، لأنّ نبوخذ نصر استولى على أورشليم في 16 آذار سنة 597 كما تقول الكرونيكة البابلونيّة: "في السنة السابعة من شهر كسليمو (18 كانون الأولى 598- 5 كانون الثاني 597)، جمع ملك أكاد جنوده وسار على حاطو. أقام أمام مدينة يهودو. وفي شهر اذار، في اليوم الثاني (16 اذار 597) أخذ المدينة. قبض على الملك وأقام حاكمًا اختاره. وفرض جزية باهظة أخذها معه إلى بابل".
لا يعطينا كتاب الملوك (2 مل 24: 10- 12) تفاصيل عن الظروف: يبدو أنّ يوياكين فضّل الاستسلام على مقاومة لا جدوى منها. وهكذا وفر دمار أورشليم. ومضى يوياكين إلى السبي مع عدد كبير من النخبة في البلاد.
تحدّث إرميا عن يوياكين الذي ذهب ولن يعود. فحظّ الميت (يوشيا) أفضل من حظه (22: 10).

ثالثًا: الملك صدقيا (597- 587)
اختار نبوخذ نصر متنيا بن يوآش، وبدّل اسمه إلى صدقيا (2 مل 17:24). هكذا يفهم ملكُ يهوذا أنّه صنيعة ملك بابل، وعليه أن يخضع له.
هذا ما يقول كتاب الملوك. ولكن حين نقرأ إر نحسّ أن صدقيا كان ملكًا ضعيفًا. لا يجسر أن يأخذ موقفًا على المستوى السياسيّ. من الداخل، رُفضت شرعيّته: هو ملك بقرار من ملك بابل. أمّا يوياكين السجين في بابل، فهو الملك الحقيقيّ في يهوذا على ما يقول حزقيال الذي يؤرّخ أقواله النبويّة بسنوات يوياكين. وهنا نتذكر ما قاله النبيّ حننيا بن عزور حول عودة يوياكين (28: 4) فنفهم الصراع بين جماعة المنفى وجماعة فلسطين. أين هو الملك الحقيقيّ؟ في أيٌ حال تجاذب صدقيا تيّاران (ف 37- 38): تيّار يدفعه إلى موالاة مصر يحرّكه الموظّفون الكبار، وتيّار يدعو إليه إرميا يقول بالخضوع لملك بابل. ولكن الملك لا يعرف أن يتّخذ قرارًا ويقف عنده. غير أنّه في النهاية أخذ جانب مصر راجيًا مساندتها. وهذا يعني التمرّد على بابل الذي يكلّفه حياته وحياة عاصمته. ودلّ صدقيا على الضعف عينه حين طلب منه الرؤساء (الأمراء) أن يسلّمهم إرميا المسجون في قصر الملك. قال: "هو في أيديكم لأنّ الملك لا يقدر أن يعمل معكم شيئًا" (5:38).
وأورد إر 37: 2 أنّ مرسلي ملوك أدوم وموآب وعمّون وصور وصيدون جاؤوا سنة 594
إلى أورشليم ليحدّدوا مع صدقيا مخطّط التمرّد على ملك بابل. والجدال بين حننيا وإرميا (ف 28) يدلّ على أنّ مناخ الثورة لم يكن غائبًا من يهوذا. فـ "أنبياء الكذب " طمأنوا الشعب أنّ الربّ لا ينسى يهوذا ولا يسمح أن تدمّر أورشليم (5: 12؛ 14: 13). حاول صدقيا أن يشدّ اللحمة الوطنيّة فقطع عهدًا بتحرير كلّ العبيد (8:34-10). غير أنّ القرار لم يطبَّق وظلّ العبيد عبيدًا. في هذا المناخ دُعي صدقيا إلى نبوخذ نصر ليوضح موقفه (51: 59).
عند ذاك وضع يهوذا ثقته في بساميتيك الثاني الذي خلف نكو الثاني سنة 594. ولكن الفرعون لا يمتلك الوسائل ليساعد الثورة على بابل. مات بساميتيك سنة 589، فحرّك خلفُه خفرع (589- 568) الآمال في يهوذا. ولمّا ثار صدقيا (حسب حز 17: 15، أرسل وفدًا إلى مصر ونقض العهد مع بابل)، وجد نفسه معزولاً. فجاء نبوخذ نصر في السنة التاسعة من حكمه في اليوم العشرين من شهر (كانون الأوّل 589) وجعل الحصار على أورشليم. حسب 2 مل 25: 1- 7، طال الحصار سنة ونصف السنة وكان قاسيًا جدًّا. تدخّلت مصر بعض الشيء، فرفع نبوخذ نصر الحصار. حينئذٍ استفاد بعض السكّان من الوضع وتركوا المدينة (ف 37).
ولكن هُزم الجيش المصريّ في نيسان أيار 587، وعاد نبوخذ نصر إلى حصار المدينة التي سقطت في 29 تموز سنة 587. نقرأ في 2 مل 3:25: "وفي اليوم التاسع من الشهر الرابع، اشتدّ الجوع. ففتح الشعب ثغرة في سور المدينة وهرب الملك صدقيا... ". ولكن البابليّين قبضوا على صدقيا وجنوده قرب أريحا واقتادوه إلى ملك بابل في ربلة. هناك ذُبح أولاده، وفُقئت عيناه، واقتيد أسيرًا إلى بابل حيث مات (2 مل 25: 4- 7). وفي اليوم الخامس من الشهر العاشر، جاء نبوزردان رئيس حرس نبوخذ نصر، فأحرق الهيكل والقصر الملكيّ وهدم الأسوار. وقتل رئيس الكهنة والمسؤولين الدينيّين والمدنيّين (2 مل 25: 18 - 21). لم ببقَ معدن في الهيكل بل صُبّ كلّه وأخذ إلى بابل. وهكذا نالت أورشليم عقاب المدينة المتمرّدة.
حسب إر 52: 29، كان عدد المسبيّين سنة 587، 832 شخصًا. هو لا يضّم سوى سكّان أورشليم. وهكذا انتهت مملكة يهوذا ككيان سياسيّ. غير أنّ علامة أمل أطلّت في الأفق حين حُلَّت قيود يوياكين وأعيد إليه بعض الاعتبار (2 مل 27:25-30). في مرحلة أولى لم يُسجن إرميا، بل سُمح له بأن يلتحق بالحاكم جدليا الذي عيّنه نبوخذ نصر، فأقام في المصفاة. وبعد مقتل جدليا، أجبر على الهرب إلى مصر ولا نعود نعرف له أثرًا (43: 4- 7؛ 2 مل 26:25).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM