الفصل السَابع: حُروبُ يَهوذا المَكابيِّ في أيَّامِ أنْطيُوخُسَ أوُبَاطُوْوَ

الفصل السَابع
حُروبُ يَهوذا المَكابيِّ
في أيَّامِ أنْطيُوخُسَ أوُبَاطُوْوَ
10: 9- 13: 36

أ- المقدّمة
وعاد الكاتب إلى اخبار الحروب بعد أن أوقفنا أمام حفلة تدشين الهيكل. حروب من الخارج وحروب من الداخل. حروب ضدّ الشعوب القريبة، ضدّ الأمبراطورية السلوقية. حرب ضد آدوم، موآب، عمون... إنهزموا أمام يهوذا وخلّفوا وراءهم الكثير من الأسلاب.
ثمّ يتحدَّث النصّ عن تيموتاوس الذي حشد جيشًا وأراد أن يثأر من يهوذا الذي انتصر عليه في السابق. لم يعد يهوذا أمام قبائل بل أمام جيش نظامي. ثمّ إنّ تيموتاوس قائد حربي كبير وهو يتفوّق على يهوذا بعدد جنوده. أمّا يهوذا المكّابي فيتّكل على عون الله. في هذا الإطار يورد 2 مك رؤية غريبة: ظهر خمسة فرسان وكانوا يحامون عن يهوذا. تلك طريقة الكاتب في التعبير عن حماية الله لشعبه. إذا نظرنا من الوجهة البشرية، لم يكن من المعقول أن ينتصر يهوذا، ولكنّه إنتصر وهذا يدلّ على أنّ العون الإلهي كان ظاهرًا.
وتتوالى الحرب وانتصارات يهوذا، وتتدخّل رومة لتُذلّ المملكة السلوقية.
إنتهى عهد أنطيوخس أبيفانيوس وجاء عهد ابنه أنطيوخس أوباطور، ولكن لم يتغيَّر شيء بالنسبة إلى يهوذا الذي سيربح المعارك الجديدة ويحرّر أورشليم من يدّ الغرباء ويطهِّرها من كل نجاسات الأمم.

ب- تفسير الآيات الكتابيّة
1- أنطيوخس أوباطور يخلف والده (10: 9- 13)
(آ 10: 9)، تعود بنا هذه الآية إلى 9: 29. بعد الحديث عن تطهير الهيكل ها نحن نعود إلى ذكر حروب يهوذا.
(آ 10)، نتحدّث الآن عن أنطيوخس الخامس أوباطور (164- 161).
(آ 11)، كان ليسياس شخصية معروفة. وحين ذهب أنطيوخس الرابع إلى بلاد فارس أوكل إلى ليسياس إدارة شؤون المملكة من نهر الفرات إلى مصر. وكان ليسياس هذا رجلاً شريفًا من النسل الملكي (1 مك 3: 32). ورغم أنّ أنطيوخس أبيفانيوس عيّن فيلبس حاكمًا على مملكته (1 مك 6: 14- 15) فلقد ظلّ ليسياس الحاكم على البلاد (11: 1).
(آ 12)، بطليموس المسمّى مكرون (أو صاحب الرأس الطويل). هل هو بطليموس بن دوريمانس المذكور في 4: 45؛ 6: 8؛ 8: 8؛ 1 مك 3: 38؛ يبدو أنّ الجواب بالنفي. وحجّتنا في ذلك عداؤه لليهود الظاهر في 6: 8.
(آ 13)، أصدقاء الملك (1 مك 2: 18 ح) اتّهموه بالخيانة. فقد ترك خدمة بطليموس السادس فيلوميتور والتحق بأنطيوخس السلوقي. مثل هذا الانتقال من خدمة ملك إلى آخر كان معروفًا ولم يكن يُعتبر خيانة بحصر المعنى.
2- يهوذا يهاجم حصون آدوم (10: 14- 23)
هذه الآيات تقابل 1 مك 5: 3- 5 الذي يجعل الأحداث الواردة هنا تجري قبل موت أنطيوخس أبيفانيوس.
(آ 14)، جورجياس: رج 8: 9؛ 1 مك 3: 38؛ 4: 1 ي. بلاد آدوم: حرفيًا البلاد. هو حاكم آدوم (12: 32) والساحل أيضاً (1 مك 5: 58- 59). هل يلعب الآدوميون لعبة السلوقيين ويضطهدون اليهود (آ 15)؟ نشير إلى أن آدوم تقع جنوبي أرض يهوذا.
(آ 16)، وصلّى يهوذا المكّابي كعادته وهجم على حصون الأدوميين فاحتلَّها.
(آ 18- 20)، التجأ بعض الفارّين إلى برجين حصينين. أوكل يهوذا إلى بعض رجاله محاصرة البرجين وذهب إلى مواقع أخرى. ولكنّ رجال يهوذا أطلقوا المحاصرين لقاء بعض المال.
(آ 21-22)، عرف يهوذا بالأمر فحاكم الخائنين.
(آ 23)، كان النصّر حليفه: يذكر النصّ عدد القتلى، وفيه ما فيه من تضخيم. هنا يقول 20000. في آ 18 يقول 9000. إذن لن نتوقف على الأرقام.
3- إنتصار يهوذا في جازر (10: 24- 38)
(آ 24)، تيموتاوس (8: 30- 32؛ 9: 3؛ 1 مك 5: 6 ح) الذي قهره اليهود من قبل (8: 30- 32؛ 1 مك 5: 11، 34، 37- 44). الخيول الآسيوية. أي الآتية من بلاد فارس أوكيليكية.
(آ 25)، بدأوا بالصلاة، ثمّ ذرّوا على رؤوسهم التراب علامة الحزن وممارسة للتوبة. رج يش 7: 6؛ أي 2: 12؛ مرا 2: 10. والاتّزار بالمسح هو أيضاً علامة حزن وتوبة وتضرّع. رج تك 37: 34؛ اش 22: 12؛ ار 48: 37؛ حز 27: 31؛ عا 8: 10.
(آ 26)، كما تقضي (أو كما تقول) الشريعة. رج خر 23: 22 كما في السبعينية.
(آ 29)، تراءى للأعداء خمسة رجال. قابل 3: 25- 26. وهناك ظهورات أخرى: 5: 2- 4؛ 11: 8؛ 15: 11- 16. وكانوا يحيطون بالمكّابي لحراسته.
(آ 30)، عميت أبصارهم. مثل هذا العمى كثير الورود في الكتاب المقدّس: تك 19: 11؛ 2 مل 6: 18؛ تث 28: 28؛ حك 19: 7.
(آ 32)، وأنهزم تيموتاوس إلى قلعة جازر (تبعد 35 كلم إلى الشمال الغريى من أورشليم).
(آ 33)، وثق المدافعون بمناعتها فأخذوا يجدّفون.
(آ 35 ي)، ودام حصار جازر أربعة أيّام. وفي اليوم الخامس هجم عشرون شابًا على السور، وتبعهم آخرون... وأحرقوا أولئك المجدّفين أحياء وقتلوا تيموتاوس... في الواقع، لم يكن يهوذا هو الذي استولى على القلعة بل أخوه سمعان (1 مك 13: 43). ثم إنّ جازر لم تؤخذ في ذلك الوقت بل سنة 141
(آ 38)، وكالعادة "مجّدوا الرب بتسابيح الحمد على إحسانه العظيم... وعلى النصر".
4- إنتصار يهوذا على ليسياس (11: 1- 15)
قابل آ 1- 12 مع 1 مك 4: 28- 35. يروي الخبران الحدث ذاته مع بعض الاختلافات. ثمّ إنّ 1 مك يجعل الحدث في أيّام أنطيوخس الرابع.
(آ 11: 1)، ولم يطل الوقت، أي: بداية سنة 164. كان ليسياس مربي الملك وقريبه ومدبّر أموره. نقرأ في 1 مك 3: 32: "فأوكل أنطيوخس إلى ليسياس إدارة شؤون المملكة". ونقرأ أيضاً في 1 مك 4: 27: "فسيطرعليه الذهول وخارت عزيمته".
(آ 2-3)، حشد 80000، والفرسان كلّهم. نقرأ في 1 مك 4: 28، 60000 و5000 فارس. الهدف من زحفه: جعل أورشليم مسكنًا لليونانيين، فرض الضريبة على الهيكل، بيع منصب الكاهن الأعظم مرّة كل سنة.
(آ 4)، لم يحسب حسابًا لقدرة الله، وإنّما اتكّل على الجنود... وعلى الفيلة (1 مك 1: 18 ح).
(آ 5)، دخل اليهودية من الجنوب (رج 1 مك 4: 29) فحاصر بيت صور (1 مك 4: 29 ح).
(آ 6)، علم المكّابي أنّ ليسياس يحاصر الحصون فدعا إلى الصلاة (1 مك 4: 30- 33) وأعمال التوبة. وطلب من الرب أن يرسل ملاكه (15: 23) كما أرسله مع موسى. (خر 23: 20)، أوكما أرسله ليبيد الآشوريين (2 مل 19: 35).
(آ 8)، تراءى لهم فارس عليه لباس أبيض... الظهورات عديدة في 2 مك وهي محبّبة إلى الكاتب (2: 21؛ 3: 24 ي؛ 5: 2- 4؛ 29- 30؛ 15: 11- 16).
(آ 11-12)، وهجم رجال يهوذا فأخهزم ليسياس شرَّ هزيمة.
(آ 13)، أدرك ليسياس أن العبرانيين قوم لا ينهزمون لأنّ الله القدير نصيرهم، فراسلهم.
(آ 14-15)، أقنعهم انه يوافق على تسوية عادلة فقبل المكَّالب. لا يذكر 1 مك 4: 35 هذه المحادثات والمساومات، ولكنّها تبدو معقولة. أمّا المحاربون فسيعودون إلى الأعمال العسكرية في ما بعد، أي في خريف سنة 163 (1 مك 6: 28- 54).
5- أربع وثاثق رسميّة (11: 16- 38)
(آ 16 ي)، رسالة من ليسياس إلى اليهود.
(آ 17)، يوحنّا: هو يوحنّا بكديس وبكرمتتيا (1 مك 2: 2)، على ما يبدو. أبشالوم: لا نعرف شيئًا عنه بل نعرف اسم ولديه: متتيا (1 مك 11: 70)، ويوناتان (1 مك 13: 11) وكانا من قوّاد الجيش.
(آ 18)، الملك. يمكن أن يكون أنطيوخس الرابع أو أنطيوخس الخامس.
(آ 21)، شهر ديوس كورنثيوس: شهر مجهول: سنة 148: تمتد من 1 تشرين الأوّل 165 إلى30 أيلول 164، هي سنة موت أنطيوخس الرابع.
(آ 22 ي)، رسالة من الملك إلى ليسياس. أنطيوخس: هو أنطيوخس الخامس الذي يتحدث عن والده أنطيوخس الرابع الذي توفّي.
(آ 23)، إلى أخيه ليسياس. إنّه قريب الملك (11: 1)، إنّه رجل شريف ومن النسل الملكي (1 مك 3: 32).
(آ 23)، والدنا: أي أنطيوخس الرابع. إنتقل إلى عالم الآلهة: هكذا كانوا يقولون عن السلوقيين منذ بداية سلالتهم. وسيتبعهم القياصرة الرومان الذين يؤلَّهون بعد موتهم، بإنتظار أن يؤلَّهوا في حياتهم.
(آ 24-25)، نترك لهم عاداتهم، نعيد إليهم الهيكل.
(آ 27 ي)، رسالة من الملك إلى الشعب اليهودي.
الملك هو أنطيوخس الرابع أبيفانيوس. الشعب اليهودي: حرفيًا الأمّة (1 مك 8: 23، 25؛ 10: 25؛ 11: 30، 33 إلخ) اليهودية. مجلس الشيوخ. رج 1 مك 12: 6 ح.
(آ 29)، منلاوس، هو الكاهن الأعظم (رج 4: 23- 27، 43- 50). صارت الرسالة أذنا بالمرور لليهود من أورشليم إلى سائر أقطار المملكة من 15 كسنتَّكس (تاريخ الرسالة) إلى 30 من الشهر نفسه.
(آ 30)، كسنتَّكس: هو الشهر الأوّل في الروزنامة المقدونية ويقابل شهر نيسان عند اليهود.
(آ 31)، حرًّا في طعامه: إشارة إلى الأطعمة التي تحرمها الشريعة (لا 11: 1 ي؛ تث 14: 1- 21). هذا الامتناع كان إحدى سمات العادات اليهودية.
(آ 33)، 15 كسنتَّكس، أي: 15 نيسان سنة 164 ق م.
(آ 34 ي)، رسالة من الرومان إلى اليهود.
هذا هو أوّل إتّصال بين اليهود وهذه القوّة العظمى. فمنذ انتصار فدنة (168 ق م) قامت رومة بنشاط دبلوماسي في كل الشرق وتدخّل موفدوها في كل مكان. تيتوس مانيوس. والأفضل أن نقرأ: تيتوس منليوس، ذلك القنصل الذي كان في مصر في ذلك الوقت.
(آ 35)، إنّ هذه الرسالة تبعت بعد فترة قصيرة رسالة ليسياس (آ 16- 21).
(آ 36)، أرسلوا إلينا. أي: إلى أحد موفدينا، وكانوا يتوزّعون الشرق كلّه.
(آ 38)، 15 كسنتكس أي: 15 نيسان 164 ق م.
6- يهوذا يثأر ليهود يافا ويمنية (12: 1- 9)
(آ 12: 1)، وبعد التوقيع على الاتّفاق (11: 14- 15) رجع ليسياس إلى الملك، إلى إنطاكية.
(آ 2)، تيموتاوس، لا تيموتاوس المذكور في 10: 24 ي والذي قُتل في جب (10: 37) قرب جازر، بل قائد الجيش في شرقي الأردنّ (1 مك 5: 11، 34 ي). أبلونيوس بن جنايوس هو غير أبلونيوس قائد مرتزقة ميسية (5: 24) وأبن منستاوس (3: 5، 7؛ 4: 4، 21). ونكانور قائد مرتزقة قبرص هو غير نكانور بن بتركليس (8: 9 ي) الذي سيلعب دورًا كبيرًا في نهاية الكتاب. هؤلاء القوّاد يحنّون إلى الحرب ويتشوّقون إلى السلب، لهذا لم يحترموا الهدنة.
(آ 3-8)، لا نجد ما يقابل هذه الآيات في 1 مك. دعا أهالي يافا اليهود المقيمين معهم إلى نزهة بحرية وأغرقوهم وكانوا 200 شخص. فهاجم يهوذا الذين أهلكوا إخوته وأضرم النار في المرفأ. وأمل أن يعود إلى المدينة في ما بعد. وكذا فعل بيمنية (1 مك 4: 15 ح) وقد نوى أهلها أن يفعلوا باليهود كما فعل أهل يافا (آ 9). يبعد مرفأ يمنية عن أورشليم 50 كلم، فكيف يستطيع أن يرى أهل أورشليم لهيب النور من هذه المسافة؟!
7- حملة على جلعاد (12: 10- 16)
(آ 10)، وأبتعدوا عن المكان. هذا الكلام لا يرتبط بما قبله. إنّ 2 مك اختصر مؤلَّف ياسون ولم يربط الأحداث بعضها ببعض. نحن الآن في جلعاد، وأحداث هذه الحملة تذكّرنا بما نقرأ في 1 مك 5: 9- 54. تيموتاوس: رج 1 مك 5: 6 ح. العرب أي النباطيون. رج 1 مك 5: 25 ح.
(آ 11)، إنقضّ العرب على يهوذا فقاتلهم فطلبوا الأمان. طلبوا أن يمدّ لهم يمناه (1 مك 6: 58 خ).
(آ 13)، كسفيس. قدتكون كسفور. رج 1 مك 5: 26 ح.
(آ 14)، قابل هذه الآية مع ما نقرأه في 10: 34: "وكان الذين بداخلها واثقين بمناعتها، فأخذوا يبالغون في التجديف والإهانات". من قال مثل هذه الكلمات التي لا تليق، إنتهك الأقداس وجلب على نفسه انتقام الآلهة.
(آ 15)، دعا يهوذا وجماعته الله رب العالمين (رج 3: 24 ح) الذي أسقط أسوار أريحا (رج يش 6: 1 ي)... وهجموا.
(آ 16) ت ونعود هنا إلى التضخيم. عدد القتلى كبير جدًا بحيث لا يحصى.
8- معركة قرنيم (12: 17- 26)
(آ 17)، سار من كسفيس (آ 13): حرفيًا من هناك. الكرك تدل على حصن (آ 19) يمكن أن يكون دياتما (1 مك 5: 9) أو مخيم رافون (1 مك 5: 37). الطوبيون هم أبناء طوب (قض 11: 3؛ 2 صم 10: 6، 8؛ 1 مك 5: 13). والطيبة تقع في جلعاد الشمالي بين درعا وبصرة.
(آ 20-26)، تقابل 1 مك 5: 37- 44. ما نلاحظه في معارك يهوذا هو أنّ جنود العدوّ يرتعبون لمجرّد مشاهدة رؤى، فيفرّون قبل أن يحاربوا. هذا ما يريد أن يعلنه 2 مك: الله يقاتل عن شعبه وهو حاضر في وسطهم بل أمامهم ليقود معاركهم.
(آ 20)، العدد 120000. انّ الأرقام لا تهمّ ياسون، وهو يضخّمها قدر ما يشاء.
(آ 21)، قرنيم: رج 1 مك 5: 43 ح.
(آ 26)، أترجتيس هي الالاهة التي تقابل الإله هدد، والتي يقابلها اليونانيون بافروديتس وأرتميس الأفسسية. يقول النص: قتل 25000. أما في 1 مك 5: 44 فنقرأ: "ولكنّ اليهود احتلّوا المدينة وأشعلوا النار في المعبد واحرقوه مع من كان فيه".
9- عودة يهوذا إلى أورشليم (12: 27- 31)
إنّ آ 27- 31 تقابل 1 مك 5: 45-54. الإطار التاريخي واحد (الرجوع من جلعاد إلى أورشليم)، الطريق هي هي والرجوع إلى أورشليم هو هو، وخلال هذا سحق الأعداء في عفرون. ولكنّ هناك اختلافات عميقة في التفاصيل.
(آ 27)، إتجه إلى عفرون (1 مك 5: 46 ح). يشير 1 مك 5: 45- 46 إلى ظروف هذه الحملة: أعاد يهوذا بني إسرائيل الذين كانوا يقيمون في جلعاد. وكان عليه أن يمرّ في عفرون فأغلقت عليه أبوابها. حينئذ أجبر على مهاجمتها. ليسياس المذكور هنا هو غير الشخصية الكبيرة وغير مربي الملك وقريبه (11: 1).
(آ 28)، فصلّى يهوذا ورجاله إلى الله القدير طالبين عونه. هكذا فعل كل مرّة والحرب حرب مقدّسة. وقتلوا 25000. نقرأ في 1 مك 5: 51: "فقتلوا كل ذكورها بحد السيف".
(آ 29)، بيت شان (سيتوبوليس): تقع على أحد روافد الأردنّ الأيمن، وتبعد 25 كلم إلى الجنوب الغربي من بحيرة جناست. قالت 1 مك 5: 52: "عبروا الأردنّ إلى السهل الواقع قبالة بيت شان".
(آ 31)، عيد العنصرة أو عيد الأسابيع الذي يُحتفل به بعد الفصح بسبعة أسابيع (خر 34: 22، لا 21: 15 ي).
10- إنتصار يهوذا على جورجياس (12: 32- 37)
إنَّ آ 32- 37 تقابل 1 مك 5: 55- 68. هناك بعض النقاط المشتركة ولكن الخبرين مختلفان.
(آ 32)، عيد البنطيقسطي أو البندكستي (50 يومًا): الأسم اليوناني لعيد الأسابيع (آ 13) الذي يحتفلون به بعد الفصح بسبعة أسابيع، جورجياس: رج 8: 9؛ 10: 14؛ 1 مك 3: 38؛ آدوم: تقع جنوبيّ أرض يهوذا. نعرف من 1 مك 5: 58- 60 أنّ المعركة وقعت بقرب يمنية وأنّ اليهود هربوا إلى حدود اليهودية مخلّفين وراءهم نحو ألفي قتيل.
(آ 35)، دوسيتاوس. هو فارس من الفرسان وليس قائدًا كما في آ 19، 24. رجال بكينور: هناك من يقرأ: رجال الطوبيين. فارس من التراكيين. تراكية هي منطقة واقعة بين مكدونية والبروبونتيد والبحر الأسود، وقد اشتهرت بخيَّالتها في العالم الهلّيني. مريشة (يش 15: 44؛ 2 أخ 11: 8؛ 14: 8- 9؛ مي 1: 15) هي أوّل مدن آدوم، وتبعد 20 كلم إلى الشمال الغربي من حبرون.
(آ 36)، أشدرين (1 أخ 27: 26، عزري). يمكن أن يكون عزريا المذكور في 1 مك 5: 18، 56. وكاد يهوذا يُقهر لولا عون الرب.
(آ 37)، رفع صوته بالأناشيد ثمّ هتف هتاف المعركة وانقضَّ على جيش جورجياس وكسرهم. كان للأناشيد الحربيّة طابع ليتورجي، ووجب أن ينشدوا في اللغة العبرية كما تشهد على ذلك العادة في قران.
11- تقدمة الذبيحة عن القتلى (12: 38- 46)
(آ 38)، عدلام (يش 12: 15؛ 15: 35؛ 2 أخ 11: 7). تقع في السهل الساحلي. نشير إلى أنَّ داود لجأ، في بداية حياته التائهة، إلى مغارة عدلام (1 صم 22: 1). تطهِّروا من النجاسات التي لصقت بهم من جرّاء اتّصالهم بالوثنيين والموتى.
(آ 40)، لمّا احتلّ جنود يهوذا يمنية (12: 9) أخذوا تماثيل صغيرة من أصنام آلهتها. ولكنَّ الشريعة تمنع مثل هذه التماثيل وقد قال تث 7: 26،: "لا تدخل بيتك صنمًا وإلاَّ دُمِّرت مثله". وأستنتج الكاتب: ماتوا لآنهم حملوا أصنامًا معهم.
(آ 41)، حينئذ صلّوا إلى الله الذي يكشف الخفايا.
(آ 42)، وصلّوا من أجل هؤلاء الخاطئين، وحذّر يهوذا الحاضرين من الوقوع في مثل هذه الخطايا.
(آ 43)، ثمّ جمع يهوذا تبرّعًا أرسله إلى أورشليم ليقدِّم به ذبيحة عن الخطيئة. كانوا يعتبرون أنّ الذبيحة تقدّم عن خطيئة الأحياء. ولكنّ يهوذا يعتبر آنها تقدّم أيضاً عن خطيئة الأموات. واستنتج الكاتب: عمل تقيّ وخيرّ. ولولا إيمانه بقيامة الموتى لما قام بهذا العمل.
(آ 44)، أجل، لم تكن صلاته باطلة بسبب رجائه بالقيامة.
(آ 45-46)، اعتبر أنّ الذين يموتون أتقياء ينالون جزاء حسنًا، لهذا قدَّم الكفَّارة عن الموتى ليغفر الربّ لهم خطاياهم.
12- نهاية منلاوس (13: 1- 8)
(آ 13: 1)، آ 1- 3 تقابل 1 مك 6: 28- 31، 22- 27. سنة 149 أي خريف 163. أنطيوخس أوباطور (164- 161) هاجم اليهودية فاجتاز آدوم وهاجم بيت صور (1 مك 6: 31).
(آ 2)، ليسياس مستشاره ومربيه (11: 1؛ 1 مك 2: 32). كان عمر أنطيوخس الخامس في ذلك الوقت عشر سنوات. تختلف الأرقام هنا عما نقرأه في 1 مك 6: 30.
(آ 3)، منلاوس. لكي نتعرّف إلى الشخص: رج 4: 23- 28، 43- 50؛ قيل عنه في 5: 15 أنّه خان الشرائع. كان يشجّع أنطيوخس الصغير. في النص الموازي في 6: 21- 7. شجعّ أنطيوخس بعض اليهود العابثين بالشريعة. كان كل همّ منلاوس أن يبقى الكاهن الأعظم.
(آ 4)، الله هو ملك الملوك (1 تم 6: 15؛ رؤ 17: 14؛ 19: 16) ورب الملوك (دا 2: 47). برهن ليسياس للملك أنّ منلاوس هو مصدر كل بلاء. نقرأ عند يوسيفوس كلامًا مماثلاً: كان الكاهن الأعظم سبب كل شيء وهو الذي أقنع والد الملك أن يجبر اليهود على ترك عبادة آبائهم. بيرية: الأسم اليوناني لمدينة حلب التي تبعد 100 كم إلى الشرق من إنطاكية. أمّا عذاب أهل تلك البلاد فهو عذاب آت من عند الفرس ويقتضي بان يختنق الانسان في الرماد الساخن.
(آ 7) وهلك منلاوس دون أن يُدفن في قبر.
(آ 8)، ويقدّم الكاتب اعتبارًا لاهوتيًا يوافق تعليمه الذي عرضه مرارًا: كل خطيئة تجد عقابها، ويُعاقب الإنسان في ما يخطى.
13- إنتصار يهوذا في مودين (13: 9- 17)
(آ 19)، ذاق الملك أنطيوخس الخامس بطش اليهود فعمد إلى احتلال معاقلهم بالحيلة.
(آ 19)، بيت صور: تقع في جبال يهوذا وتبعد 30 كلم إلى الجنوب الغربي من أورشليم (1 مك 4: 29، 61؛ 6: 7؛ 2 مك 11: 5؛ نح 3: 16).
(آ 23)، فيلبّس: أوكل إليه أنطيوخس الرابع عند موته الوصاية على ابنه الصغير (1 مك 16: 14- 55). ولكنَّ ليسياس أزاحه عن هذا المنصب (1 مك 6: 17) فذهب إلى مصر، إلى بطليموس فيلوميتور (9: 29). ولما أحس أنَّ الظروف موآتية لاستعادة الحكم رجع إلى إنطاكية. فلمّا علم ليسياس بقدومه أحسَّ بالخطر وطلب من أنطيوخس أن يتفاوض واليهود. فسالمهم، وقدّم ذبيحة للرب، وأكرم الهيكل بعطاياه.
(آ 24)، وصادق يهوذا، وعين هيجمونيدس قائدًا على المنطقة الساحلية الممتدّة من بطلمايس (أي عكا) إلى بلاد الجرَّانيين (على حدود مصر).
(آ 25)، نشير هنا إلى أنّ أهل عكّا أضمروا العداوة دومًا للهود (1 مك 5: 15؛ 12: 48).
(آ 26)، نقرأ خاتمة الفصل: "هذا ما كان من أمر قدوم الملك إلى اليهودية ورجوعه منها" دون أن يحصل على شيء.

ج- ملاحظات: الصلاة من أجل الموتى
سفر المكّابيين الثاني هو سفر الصلاة وموضع المشاركة بين عالم السماء وعالم الأرض. فالصلاة لا تربط الإنسان فقط بالله، بل توحِّد الأحياء مع الموتى وتجعل الموتى قريبين من الأحياء في مسيرتهم إلى الحياة الأخرى. ونكتشف في 2 مك أنّنا نستطيع أن نساعد موتانا.
مات الجنود في الحرب وُوجد في ثيابهم تماثيل صغيرة أخذت من الأعداء. إحتفظوا بهذه التماثيل فكان تصرّفهم خطيئة. ولكنّ خطيئة هؤلاء المحاربين لا تلغي الواقع: ماتوا وهم يقاتلون من أجل خلاص الأمّة وأمانة للعهد. لهذا جمع يهوذا ألفي درهم وأرسلها إلى الهيكل ليقدّم الكهنةُ ذبيحة عن هؤلاء الجنود. هكذا تُغفَر خطيئتهم ويوجدون هم أيضاً أمام الرب في يوم قيامة الأبرار.
إنّ تقوى المكَّابي هي في الوقت ذاته إعلان إيمان في قوّة صلاة التشفّع من أجل الموتى. فالصلاة تتجاوز حواجز الموت، وهي لا توحّدنا بالله وحسب بل تجعلنا نحيا متَّحدين مع الذين هم للرب، أكانوا أحياء أو امواتًا.
أجل، يعلّمنا 2 مك أنّنا نحن الأحياء نستطيع أن نصلّي من أجل الموتى فيحصلوا على السعادة والحياة السعيدة. شركة القدّيسين لا تتوقف عند الموت. والانتماء إلى الشعب المقدّس يوحّد الأموات بالأحياء رغم الخطيئة، والذي عاش وجاهد من أجل شريعة الله لا يموت كالأشرار. فالموت لا يحطِّم الوحدة بين الذين ينتمون إلى شعب الله

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM