الفَصل الخَامِس: حملات عَسكرية على الأمَم اِلمجاوَرة

الفَصل الخَامِس
حملات عَسكرية على الأمَم اِلمجاوَرة
5: 1- 68

أ- المُقدّمة:
1- خاف يهوذا وإخوته، من خَطَر الإبادة الذي يُهدّد نَسْلَ يعقوب (آ 1- 2، 9- 20)، فقامُوا بَحملات عسكريّة تكلّلت بالنجاح: في الجنوب وفي الشرق ضِدّ بني أدوم وبني بَيان وبني عمّون (آ 3- 8). وأتّجه معان إلى الشمال والشمال الشرقيّ، فوصل إلى الجليل (آ 21-23)، ويهوذا ويوناتان إلى جِلْعاد (آ 24- 54). وأخيرًا ذهب يهوذا وإخوته إلى أرض الأدوميين وأرض الفَلِسطيين (آ 63- 68).
2- عندما نقرأ عن هذه الحملات العسكريّة، نستنتج مُلاحظتين. الملاحظة الأولى: أحسّ الشعب اليهوديّ أنّه يُحارب من أجل بقائه، فحارب بقساوة ووحشيّة. فنقرأ مثلاً في آ 5: فحاصرهم في قلاعهم، وأشعل النار فيها، وأحرقها بكلّ من كان فيها. وفي آ 28: هاجم يهوذا مدينة باصر واحتلَّها، وقتل ذُكُورها بحدّ السيف، وسلَبَ غنائمها وأحرق المدينة بالنار. رج أيضاً آ 35، 44. الملاحظة الثانية: ما إن يتمّ النصر، حتىّ كان القائد يجمع كلّ بني إسرائيل، ويأخذهم معه إلى أرض يهوذا. فنقرأ في آ 45: وجمع يهوذا بني إسرائيل في أرض جلْعاد، صغيرهم وكبيرهم، مع النساء والأولاد وكلّ ما يملكون، ليعود بهم إلى اليهودية، وكانوا جمهورًا كبيرًا (رج آ 23، 53).
3- يُشدّد الكاتب على دَوْر يهوذا وإخوته. حيثُما ساروا رافقهم النَصْر، ولكن حيثُما سار الآخرون كان نصيبُهم الفَشَل. فيقول مثلاً في آ 67: "وفي ذلك الحين، أراد عدد من الكهنة أن يُظهروا بطولتهم، فاندفعوا إلى المعركة عن حماقة، فقُتِلَ عددٌ مدنهم". أمّا يهوذا فسَلَب وهَدَم، وعادَ منتصرًا إلى أرض يهوذا. ويروي الكاتب كيف أنّ يوسف بن زكريّا وعزريا، قائدي الجيش في اليهوديّة، أرادا أن تكون لهما شُهْرة كما للمكّابيين، فانهزما وقُتِلَ من رجالهما ألفان (آ 55- 61). ويقول الكاتب عن السبب: لم يكن يوسف وعزريا، من نَسَبِ أولئك المكّابيين الذين اختارهم الله، ليكون خلاص إسرائيل على أيديهم (آ 62). ما أعْطي ليهوذا ولإخوته، لم يُعْطَ لِغَيْرِهم. وهكذا نرى كيف أنّ 1 مك، كتبُ لتمجيد أبناء متتيا: النصر حَليفُهم، والفَشَل حليفُ سواهم.

ب- تفسير الآيات الكتابيّة
1- أدوم، نجيان، عمّون (5: 1- 8)
يروي الكاتب بسُرعة، كيف أنّ الأمم المُجاورة، أخذت تضطهد نَسْلَ يعقوب. فقام يهوذا بثلاث حملات على أدوم وبَيان وعمّون، فكان النصرُ حليفَه.
(آ 5: 1)، يُلَخّص الكاتب الفصل السابق: بنى اليهود المذبح ورمّموا الهيكل، فاستاءت الأمم المُجاورة.
(آ 2)، ولكنّهم لا يَقْدِرون على يهوذا، فحاولوا أن يقضُوا على بني إسرائيل المُقيمين بينهم. أما حاول أنطيوخس أيضاً، أن يقضي عليهم بواسطة ليسياس (3: 35)؟
(آ 3)، نشير إلى أنّ آ 3- 8، تَجِدُ ما يُقابلها في 2 مك 10: 14- 38. بنو عيسو هم بنو أدوم. رج تك 36: 10، تث 2: 4، 8، 12. أقربتين: طلعة عقربيمِ (أو العقارب)، المذكورة في عد 34: 4؛ يش 15: 3؛ قض 1: 36، وهي تُقابل نقَب الصفا، الذي هو أحد المعابر الثلاثة، الذي يقود المُسافر إلى بّرية حُسين. غير أنّ يوسيفوس يقول، إنّ اقربتين هي مقاطعة أكراباتا الواقعة جنوبيّ شكيم.
(آ 4)، بنو بَيان: قبيلة من أنصاف البدو، قريبة من بني أدوم. كانوا يكمُنون، حرفيًا: كانوا فَخا ومَعثرةً. هذه صورة كتابيّة نجدها في خر 10: 7؛ 34: 12؛ تث 7: 25؛ 12: 30؛ يش 23: 13؛ اش 8: 14؛ ار 6: 21؛ مز 69: 22؛ روم 9: 32- 33.
(آ 5)، حاصرهم وحرمهم، أي أهلكهم كلّهم، بمَا فيهم النساء والأولاد.
(آ 6)، بني عمّون (أو العمّونيون): أقاموا في شرقيّ الأردن، شماليّ شرقيّ البحر الميِّت، وجنُوبيّ نهر يَبُوق. كانت ربّة (فيلدلفية الرومانيّة، وعمّان الحالية) أكبر مُدُنهم، وكانت تبعُد 40 كلم إلى الشمال الشرقيّ من مصبّ الأردن. كان تيموتاوس قائدًا سوريّاً (رج 2 مك 12: 2، 10، 18، 20- 21، 24)، أو قائدًا من بني عمّون، إتّخذ اسمًا يونانيّاً.
(آ 8)، يعزير (يش 13: 24- 25؛ اش 16: 8؛ ار 48: 32)، تبعُد 25 كم إلى الجنوب من يَبُوق الأوسط، و20 كلم إلى الشرق من الأردن. هي اليوم خِرْبَة عزير. جِوارُها، حرفيّاً: بناتُها أي المُدُن والقُرى التي ترتبط بمَدينة مُهّمة (عد 21: 25، 32؛ يش 15: 45؛ قض 11: 26؛ مز 48: 12 الخ).
2- حملات في الجليل وجَلعاد (5: 9- 54)
ووصلت رسائل إلى يهوذا، تُخْبرُه بالخطر الذي يُهدّد نَسْلَ يعقوب في الجليل وجِلعاد. فضى سمعان إلى الجليل، ويهوذا ويُوناتان إلى جِلعاد... وانتصر المكّابيون، وعادوا ببني إسرائيل إلى اليهوديّة. صَعِدوا جبل صِهيُون مُهلّلين فرحين، وقدّموا المُحرقات من الذبائح، لعودتهم سالمين، ولم يَسْقُط لهم قتيلُ واحد.
(آ 9)، نُشير إلى أنّ آ 9- 68، تجد ما يُقابلها في 2 مك 12: 10- 45. الأمم الغريبة أي الذين ليسوا بيهود. جِلعاد (آ 20، 25، 27، 36، 45): تدلّ على قِسْمٍ من شرقيّ الأردن، أقام فيه بنو إسرائيل. دياتما: مكان نجهل مَوقِعَهُ.
(آ 10- 11)، أرسلوا رسالة إلى يهوذا. تيموتاوس: رج آ 6 ح.
(آ 13)، أرض طوب (قض 11: 3، 5؛ 2 صم 10: 6، 8؛ 2 مك 12: 17). إحتفظ التاريخ باسم الطيبة، الواقعة بين دِرْعا والبَصْرة. أمّا أرض طوب، فهي تقع بين عمّان والأردن، وقد حكمتها عائلة الطوبياؤون. رد نح 2: 10؛ 6: 17- 18؛ 13: 8.
(آ 14)، وجاء آخرون وثيابهم مُمزّقة. كذا فعل الرسول الذي حمل إلى داود نبأ مَقْتَلِ شاول (2 صم 1: 2).
(آ 15)، بطلمايس، أي: عكّا (قض 1: 31). الجليل، حرفيّاً: جليل الأمم (أش 8: 23؛ مت 4: 15): أي: القِسْم الشمالي من الجليل الذي أقام فيه أمم عديدة، كالعَرَب والسُورييّن والفينيقيين.
(آ 16)، وجماعته، حرفيًا: عقدوا مَجْمعًا حضره كلّ بني إسرائيل، الذين يَقْدرون أن يحملوا السلاح.
(آ 18)، يوسف بن زكريّا وعزريا: سنتعرّف إليهما فيما بعد (آ 55- 60)، كقائدين عَصَيا الأوامر، فكانا السَبَبَ في مَقْتَلِ ألفي رجل.
(آ 21- 22)، يروي 1 مك، بُسرعة، ما فعله معان، ويُطِيل الحديث عن يهوذا و يُوناتان.
(آ 23)، عَرْبات: مِنطقة بين الجليل والسامرة. وجاء سمعان باليهود إلى اليهودية، فعمّ الابتهاج الجميع (رج آ 45، 53).
(آ 24)، مُدّة ثلاثة أيّام، أي ما يُساوي مئة كلم تقريبًا.
(آ 25)، ألنباطيّين: قبيلة عربية من البدو الذين كانت عاصمتهم البَتْراء. (تبعُد 80 كلم إلى الجنوب الشرقيّ من البحر الميّت). يبدو أنّ العرب المذكورين في 2 مك 5: 8؛ 12: 10، هُم من هذه القبيلة.
(آ 26- 27)، كلّ المُدُن المذكورة في هاتين الآيتين، تقع في شرقيّ الأردن الشماليّ، شماليّ اليرموك، وفي مِنطقة حُوران من الشرق، وإلى الغرب من طريق دمشق إلى أدرعي. بَصرة تبعُد 40 كلم إلى الجنوب الشرقيّ من أدرعي (درعا). باصر: تبعُد 40 كلم إلى الشمال من بَصرة. عليم (رج 2 صم 10: 16، حيثُ نقرأ حيلام: تبعُد 20 كلم إلى الشمال الشرقيّ من أدرعي. كسفور: تبعُد 20 كلم إلى الشرق من بُحيرة جناسرت. مكيد: تبعُد 40 كلم إلى الشمال الشرقيّ من كسفور. قرنائيم (في 2 مك 12: 21، 26، نقرأ قرنيم): تبعُد 20 كلم إلى الشرق من كسفور.
(آ 29)، دياتما: رد آ 9.
(آ 35)، عَامَل المدينة بقَساوةٍ ووحشيّة (رج آ 5، 28، 51)، وهذا تأباه الشرائع الإلهيّة، وتعمل به كلّ الشعوب في حُروبها.
(آ 37- 38)، رافون: تقع شرقيّ نهر الهرير، أحَدِ روافد اليرمُوك من الجهة اليُمنى. عددهم كبير: حسب 2 مك 12: 20، هُم: مئة وعشرون ألف من المُشاة، وألفان وخسمائة من الفُرسان.
(آ 43)، قرنائيم (أي القرنانٍ، وهي صِفَة العَشْتَروت في ذلك المكان). دخل الهاربون المعبد، وقد رَجَوا أن يجدوا فيه ملجأ يحميهم. ولكنّ اليهود أشعلوا النار في المعبد (آ 44). ثمّ جمع يهوذا كلّ بني إسرائيل (آ 45؛ رج آ 23).
(آ 46)، عَفْرون (2 مك 12: 27). هي الطيبة، وتبعُد 30 إلى الجنوب الشرقيّ من بُحيرة جنّاسرت.
(آ 48)، وكما طَلَب موسى من ملك أدوم (عد 20: 17)، وملك الأمورييّن (عد 21: 22)، الإذن بالمرور في أرضهما، طَلَب يهوذا من أهل عُفْرون. رفض ملكا أدوم والأموريّين، وكذلك فَعَل أهل عفَرْون، فكان مصيرهم الموت، ومصير مدينتهم الدمار بوحشية وفظاظة، تعوّدنا عليهما في هذا الفصل: قتلوا كلّ ذُكورها بحدّ السيف، ومّروا على جُثَثِ القَتْلى (آ 51).
(آ 52)، بَيْت شان: تقع على ضِفّة الأردن اليُمنى. أمّا السَهْل الواسع (12: 49)، فهو الذي يمتدّ بين بيت شان والأردن.
3- هزيمة يوسف وعزريا (5: 55- 68)
نقرأ في هذا المقطع خَبَرين. الأوّل: حاول يوسف وعزريا أن يَكْسَبا شهرة فيُحاربان بأنفسهما، ولا يأتمران بيهوذا، فكان نصيبُهما الفَشَل. الثافي: سار يهوذا وإخوته إلى الجنوب، فهاجموا الأدوميّين والفَلِسطيين.
(آ 55- 56)، كان أبناء متتيا في جِلعاد والجليل، فسمع القائدان بأعمالهم البُطوليّة.
(آ 57- 58)، أرادا الشُهرة، فتوجّها إلى الساحل، إلى يمنية، جنوبيّ يافا.
(آ 59- 60)، قاتلهم جورجياس (3: 38)، فهزمهم وقَتل منهم ألفي رجل. يصف 2 مك 8: 9 جورجياس بأنّه القائد المُحنّك.
(آ 61- 64). ويستخلص الكاتب العِثرةَ من هذه الهزيمة: لا عَمَلَ بُطُوليّاً إلا ليهوذا ولإخوته، وعلى أيديهم تمّ الخلاص لشعب إسرائيل، فلهذا امتدحهم الله.
(آ 65)، وقصد يهوذا وإخوته بني عيسو. حبرون: تبعُد 37 كلم إلى الجنُوب من أورشليم.
(آ 66)، ثمّ قصدوا أرض الفَلِسطيّين. مريشة: عاصمة أدوم، وهي تبعُد 20 كلم إلى الشمال الغربيّ من حبرون. نقرأ هذا الاسم عند يوسيفوس وفي 2 مك 12: 35. في اليُونانيّة: السامرة، ولكنّها بعيدة عن مِنطقة العمليّات الحربية.
(آ 67)، وحاول بعض الكهنة أن يُظهروا بُطُولتهم، مثل يوسف وعزريا، فكان نصيبُهم الموت.
(آ 68)، أشدود (أو أزوت)، إحدى مُدُن الفَلِسطيّين الخمسة التي اشتهرت بهيكل داجون (10: 77- 85). وتدلّ الكلمة هنا على أرض الفَلِسطيّين عامّة

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM