الفصَل الرابع: تطهْيرُ الهَيْكلِ

الفصَل الرابع
تطهْيرُ الهَيْكلِ
4: 1- 61

أ- المُقدّمة:
1- بعد انتصارات باهرة حازها يهوذا وإخوته على نكانور وليسياس (آ 1- 35)، عمدوا إلى تطهير الهيكل وتدشينه (آ 36- 58). وبعد أن احتفلوا بعيد التدشين (آ 59)، ثبّتوا ما حصلوا عليه من انتصار (آ 60- 61).
2- قبل المعركة خطب يهوذا في رجاله، والخُطْبة مفروضة في هذا الوقت. فنحن نقرأ في تث 20: 2 ي: وعند تقدّمكم للحرب، يتقدّم الكاهن ويُخاطب الشعب، ويقول لهم: لا تخافوا ولا ترتعبوا، لأنّ الربّ إلهكم سائر معكم، ليُحارت أعداءكم عنكم ويُنقذكم. بهذا الكلام عينه، كلّم يهوذا جيشه، وذكّرهم كيف نجّى الربّ آباءهم في البحر الأحمر، وهو قادر الآن أن يُخلّصهم. فلا يبقى على الجنود، إلا أن يصرخوا إلى الربّ، ليتمجد اسمه في انتصاره على الأُمَم.
3- حين وصلوا إلى مذبح المُحرقات، أُشكل الأمر عليهم. ماذا يصنعون به؟ يجب أن يَهْدِمُوه، هذا أمر لا شكّ فيه، بعد أن دنّسته الأمم. فإن بقي واقفًا، ظلّ شاهدًا على عارهم. ولكن ماذا يفعلون بحجارته؟ هم لا يستطيعون أن يرموها خارجًا، لانها تقبّلت ذبائح الله. وبعد التشاور، قرّروا أن يضعوا حجارة المذبح، في مكانٍ لائق على جبل الهيكل، وأن ينتظروا أن يأتي نبيّ فيسألوه. أجل، توقّفت النُبُوءة في أرض إسرائيل منذ زمن بعيد (9: 27؛ 14: 14)، فتحسّر المُؤمنون على هذا النَقْص في البلاد. قال مز 74: 9: ما عُدْنا نرى علامات حُضُورك، ولم يَبْقَ عندنا نبيّ، وليست مَنْ يعرف إلى متى يدوم كلّ هذا. ويُتابع مز 77: 9: أَعَلى الدوام انقضت رحمةُ الربّ، فما عاد رَحومًا؟ هل انقطعت كلمتُه إلى جيلٍ فجيلٍ، فلم يَعُد له شيء يقوله لنا؟ وتحسّر صاحب المراثي: مَلِك أورشليم ورؤساؤها سقطوا في يد الأُمَم. ليس من يقول لنا كلمة الله ومشيئته. حتى الأنبياء لا يصادفون رُؤيا، ولا يسمعون كلامًا من عند الله (مر 21: 9).

ب- تفسير الآيات الكتابيّة
1- معركة عِمّاوس (4: 1- 27)
جاء جورجياس مع خمسة آلافٍ جُندي من المُشاة وألفي فارس، فلاقاه يهوذا بثلاثة آلاف رَجْلٍ، فانهزم أصحاب جُورجياس.
(آ 4: 1)، جورجياس: رج 3: 38، إنّه القائد العسكريّ بالمعنى الحصريّ. كان معه خمسة آلاف من المُشاة، وألف من الخيّالة، من أصل أربعين ألفًا من المُشاة، وسبعة آلاف من الخيّالة، بقيادة ليسياس. ساروا في الليل، لئلا يدري بهم العَدُوّ.
(آ 2)، القلعة: رج 1: 33 ح. أهل القلعة، هم يهود خانوا شعبهم، والتحقوا بالأُمَم الوثنية، كما يقول يُوسيفوس.
(آ 3)، رجاله الأشدّاء. كانوا ثلاثة آلاف. أمّا 2 مك 8: 16، فيجعلهم ستة آلاف. عِمّاوس: رج 3: 40 ح.
(آ 6- 7)، السهل، أي مِنطقة عِمّاوس. كان مُخيّم الأعداء مُحَصّنًا، فاستند يهوذا إلى عامل المُفاجأة لينتصر.
(آ 8)، كانت الخُطبة قَبْلَ الحرب عند الأقدمين، بمثابة إِعلان الحرب (تث 20: 2- 4). وما نقرأه في 2 مك 8: 16- 20، أطول مّما نقرأه هنا.
(آ 9- 10)، رج خر 14- 15 ليَرْحَمَنا، او: ليَرْضَ عنا. عهده لآبائنا، أو: العهد الذي قطعه مع الآباء (رج 2: 20، 50؛ 2 مك 8: 15). يتذكّر المُؤمن هذا العهد وَقْتَ الضيق، وساعة يَدُقّ الخطر أبواب البلاد. ويُحَطّم هذا الجيش: الجيش يُحارب، ولكن النصر من عند الله.
(آ 13)، نَفَخَ في البُوق (3: 54؛ 5: 23؛ 6: 33؛ 9: 12- 13)، فأعلن بدء الحرب.
(آ 15)، جازر: تبعُد 35 كلم إلى الشمال الغربيّ من أورشليم. كانت مركز القائد العام. أدوم: تقع جنوبيّ أرض يهوذا (2 مك 12: 32). يمنية (5: 58؛ 10: 69؛ 2 مك 12: 8)، واسمها القديم يبنة (2 أخ 26: 6)، أو يبنئيل (يش 15: 11)، تبعُد 20 كلم إلى الجنوب من يافا. صارت بعد دمار أورشليم (سنة 70 ب م)، مركز المَحكمة اليهوديّة العُليا (السَنْهَدْرين)، وموضع مدرسة شهيرة للربّانيّين.
(آ 16- 23)، إنتصر يهوذا، وتحيّن رجوع فِرَق المُساندة. ولكنّ هذه الفِرَق خافت، وتركت أرض المعركة، فغَنِمَ اليهود الكثير من الذهب والفِضّة والحرير...
(آ 24- 25)، السماء: رج 3: 18. لأنّه صالح: رج مز 136. وكان ذلك يوم خلاص: رج 3: 6؛ 1 صم 11: 13؛ 14: 45؛ 19: 5؛ 2 صم 23: 10، 12.
(آ 26- 27)، وجاء من يُخبر ليسياس بمَا آلت إليه المعركة، فسيطر عليه الذُهول، واستعدّ لمعركة ثانية.
2- معركة بيت صور، وهزيمة ليسياس (4: 28- 35)
نجد ما يُقابل هذا المقطع في 2 مك 11: 1- 12. زاد ليسياس عدد الجيش الزاحف على اليهوديّة، فجعل يهوذا جيشه عشرة آلاف، وانتصر على ليسياس الذي عَزَم على الرُجوع إلى اليهودية، بجيش أعظم من الأوّل.
(آ 28)، السنة التالية، أي سنة 164.
(آ 29)، أدوم: رج آ 15 ح. بيت صور (آ 61؛ 6: 7، 9: 52؛ 14: 32؛ 2 مك 11: 5؛ نح 3: 16): تقع في جبال يهوذا (يش 15: 58)، وتبعُد 28 كلم إلى الجنوب الغربيّ من أورشليم. كان جيش يهوذا ثلاثة آلاف، فصار عشرة آلاف.
(آ 30)، وصلّى يهوذا، كما قبل كلّ معركة، وذكّر الربّ بمَا فعله بواسطة داود، حين قتل جُليات الجبّار (1 صم 17: 38- 51)، وبواسطة يوناتان بن شاول الذي زرع البلبلة في مُعسكر الفلسطيين (1 صم 14: 1- 15).
(آ 33)، مُحبّيك، أي: المُؤمنون بك. رج تث 7: 9؛ قض 5: 31؛ مز 16: 10؛ 1097؛ 116: 15. الذين يعرفون اسمك: تُقابل مُحبّيك. رج مز 9: 11؛ 91: 14؛ اش 52: 6.
(آ 35)، إنتصر جيش يهوذا لا بَسَبب عدده وحَسْب، بل لبَسالته. استعدّ رجاله، إمّا للحياة بَشرَفٍ وإمّا للموت (2 مك 6: 28؛ 7: 5، 11، 8: 16؛ 13: 14، 14: 43؛ 15: 17.
3- تطهير الهيكل، وتدشين المذبح الجديد (4: 36- 61)
بعد أن انتصر يهوذا ورجاله، رجعوا إلى أورشليم، وبعد رُتْبَة توبة، طهّروا الهيكل، وصنعوا له آنيةُ مُقدّسة، وأعادوا الخدمة فيه كما في السابق، ودشّنوا المذبح الجديد، ثمّ بنوا أسوارًا حول جبل صِهْيون، لئلا تجيء الأمم الغريبة وتدوسه، كما فعلت في السابق. نُشير أنّنا نجد ما يُقابل هذا المقطع في 2 مك 10: 1- 8.
(آ 37- 38)، جبل صِهْيون: أو: القسم الشماليّ منه حيثُ كان الهيكل. وجدوا الهيكل خاليًا خَرِبًا (رج 1: 39؛ 2: 12)، والمذبح مُنجّسًا، بعد أن بُنيَ فوقه مذبح وثنيّ، سُمّي "رَجاسة الخَراب (1: 54)... وفي باحات الدار، وجدوا النبات كما لو في غابة (رج مز 74: 5). الغُرُفات: كانت مكاتب وموضِع اجتماع ومخازن (2 مل 23: 11؛ ار 35: 4؛ 36: 10؛ عز 8: 29؛ 10: 6؛ نح 13: 4).
(آ 39- 40)، نجد هنا طُقُوس الحُزْن والحِداد. مزّقوا ثيابهم...
(آ 41)، وأرسل يهوذا من يُهاجم القلعة، ليأمن شرّ ساكنيها خِلال أعمال البناء، وحَفَلات التطهير والتدشين. أمّا عن القلعة: رج 1: 33 ح.
(آ 42)، إختاركهنة لا عيب فيهم، يتحلّون بالكمال، ولا يُساومون في أمور الشريعة ليكون عملهم كاملاً.
(آ 43)، موضع غير طاهر، أي: وادي قَدْرون حيث كانوا يرمُون النُفايات، في مثل أعمال التطهير هذه (2 مل 23: 4، 6، 12؛ 2 أخ 19: 16).
(آ 46- 47)، تلّة الهيكل. حرفيًا: جبل البيت (مي 3: 12). في مي 4: 1 واش 2: 2، نقرأ العبارة كاملة: جَبَل بيْت الربّ. وانتظروا النبيّ (14: 41)، لأنّه لم يَعُد نبيّ في أرض إسرائيل (مز 74: 9؛ 77: 9؛ مرا 2: 9). وبَنَوا المذبح بحجارة غير منحُوتة: هذا ما تطلُبه الشريعة. رج خر 20: 25؛ تث 27: 5- 6.
(آ 49- 51)، كان أنطيوخس قد سَلَب كلّ ما في الهيكل (رج 1: 21- 23)، فصنعوا مكانها آنية مُقدّسة جديدة للعبادة. وأوقدوا السُرُج، والنُّور أمر مُهِمّ، في مثل هذا العيد الذي يُسَمّى عيد الأنوار (يُوسيُفوس). أمّا اليهود والمُمارسون، فاحتفظوا بهذا الطَقْس بروح وَرِعَة. ورتّبوا الخُبْز: رج 1: 11 ح، وعلّقوا الستائر التي تفصل بين القُدْس وقُدْس الأقداس (1: 22؛ خر 26: 31- 35)، والتي كانت ممدودةً على باب القُدْس (خر 26: 36- 37).
(آ 52)، بكّروا. هذا الفعل يدلّ على الاهتمام والاندفاع في عَمَلٍ ، فلا نُضيعّ الوقت في أمور لا طائل منها. في 25 من الشهر التامع، أي 14 كانون الأوّل سنة 164.
(آ 54)، كان مذبح المُحرقات قد نُجِّسَ في 14 كانون الأوّل سنة 167. ورافقت الموسيقى الاحتفال بالعيد (1 أخ 15: 16، 28؛ 25: 6؛ 2 أخ 5: 12- 13).
(آ 55)، إله السماء، حرفيّاً: السماء. كانوا يمتنعون عَمْدًا عن ذِكْر اسم الله. رج 3: 18 خ.
(آ 56)، وعيّدوا ثمانية أيّام، كما فعل آباؤهم، عندما دشّنوا هيكل سُليمان (1 مل 8: 66). وقدّموا المُحرقات بفرَح. لقد تحرّر الشعب، فاندفع يُعبّرعن فرَحِه بحماس. رج 3: 2؛ 5: 23، 13: 52؛ 2 مك 3: 30؛ 10: 61.
(آ 57)، تيجان: نزَعَ أنطيوخُس تيجان العواميد حين سَلَب الهيكل (1: 22)، فصنعوا مكانها تيجانًا جديدة، تُزَيّن عواميد واجهة الهيكل.
(آ 59)، كلّ بني إسرائيل، حرفيا: جماعة إسرائيل. إلتأمت الجماعة بصُورة احتفاليّة (خر 12: 6؛ لا 16: 17؛ تث 31: 30؛ يش 8: 35...)، وقرّرت أن تحتفل بهذا العيد، في الخامس والعشرين من شَهْر كسلو، من كلّ سنة

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM