الفصل الرابع: المَلِكُ رَحَبعام

الفصل الرابع
المَلِكُ رَحَبعام
10: 1- 13: 16

أ- المُقدّمة
لا يقول المُؤرّخ شيئاً عن القلاقل التي حصلت بعد موت سُليمان، ويعتبر اعتلاء رَحَبْعام للعرش أمراً طبيعياً. أمّا انفصال قبائل الشمال، فثورة على الذي اختاره الربّ ليَملك على شعبه. إذًا، يُحدّثنا هذا الفصل عن انقسام شعب الله مملكتين (10: 1- 11: 4)، عمّا عمله رحبعام لتنظيم المملكة (11: 5- 23) وعن اجتياح مصر لمملكة يهوذا، لأنّ رحبعام ترك شريعة الربّ (12: 1- 16)

ب- تفسير الآيات الكتابيّة
1- إنقسام شعب الله (10: 1- 11: 4)
ترك المُؤرّخ جانباً قِصّة مملكة إسرائيل، ولكنّه لم يستطع أن يسكت عن قِصّة انقسام شعب الله مملكتين، فأعاد ما قاله 1 مل 12: 1- 24، دون أن يتحدّث عن يربعام، ملك قبائل إسرائيل.
يروي 2 أخ و 1 مل قِصّة الخلاف بين رحبعام وقبائل الشمال والوسط: أساء رحبعام التصرّف، فلم يتفّهم حاجات الشعب. رفض أن يُخفّف النير الذي جعله والده عليهم. في المُقابل، طمح يربعام الراجع من مصر، إلى السُلطان، فسار على رأس القبائل. هذا هو التفسير السياسيّ، أمّا التفسير الاشتراعيّ اللاهوتيّ (1 مل): أراد الله هذا الانقسام، وأعلن عنه مُسبقاً بسبب الخطايا التي اقترفها سُليمان في نهاية حياته. لو سَمعَ الملك من الشيوخ!
2- أول الملك رَحَبْعام (11: 5- 23)
لا نجد هذا المقطع في سِفْر الملوك، ويُمكن أن يكون المُؤرّخ استقاه من مصادر ضاعت فيما بعد.
(آ 11: 5- 12)، بناء المُدُن والحُصون.
بدأ رحبعام سياسة دفاعية، فبنى المُدُن وحصّنها: بنى بيت لحم، عيطم، تقوع... (15 مدينة)، وجعل فيها جيشاً، ومؤونة من الطعام والزيت والخمر. إنّ هذه المُدُن المذكورة تقع كلّها في مملكة يهوذا، وهي مُوزّعة إلى الشرق والغرب والجنوب: خاف رحبعام من المصريين والفلسطيين، وخاف أيضاً أن تُهيِّئ عليه مملكة الشمَال مُحاولة انقلاب، فاتّخذ كلّ هذه الاستعدادات.
(آ 13- 17)، الكهنة واللاويّون.
لم يكن من المُمكن أن يُمارس الكهنة الحقيقيون العبادة الحقّة في مملكة الشمال. أمّا يربعام، فقد ساعد على انتشار العبادة الوثنية في مملكته، يوم صنع تمثالين، وجعلهما في دان وبيت إيل (1 مل 12: 26- 33)؟ ولكنّ هذا الإجراء، لم يمنع الكهنة واللاويين، وشعباً كثيراً من مملكة الشمال، أن ينتقلوا إلى مملكة يهوذا وأورشليم، ليقدّموا للربّ العبادة الحقّة في هيكله الوحيد.
كانت مملكة يرَبْعام مملكة الوثنية، فتركها المُؤمنون، أمّا مملكة رحبعام فكانت مملكة الأمانة لله. سار مَلِكُها على خُطى داود وسليمان، أقلّه في بداية عهده، ولكن لمّا ترك شريعة الربّ، عاقبه الربّ، فاجتاح شيشاق مدينة أورشليم.
(آ 18- 23)، بيت رَحَبْعام. نقرأ هنا معلومات عن بيت رحبعام، وعن بنيه الذين كان منهم أبيا ابن معكة ابنة أبشالوم (في 13: 2). نقرأ أنّ ميكايا هي أم أبيا... أتكون معكة جدّته؟ سؤال يُطرح.
3- غَزْو مصر لمملكة يهوذا (12: 1- 16)
(آ 12: 1)، ترك رحبعام شريعة الربّ، وخطئ معه شعب أورشليم.
(آ 2- 4)، صعد شيشاق (شوشنق بحسب المراجع المصريّة) نجيله ومركباته، والمُرتزقة الذين جاء بهم من الحبشة وأفريقيا الشماليّة، فاحتلّ مُدُن يهوذا المُحصّنة، وضرب الحصار على أورشليم.
(آ 5- 12)، التفسير اللاهوتيّ: عاقب الله الشعب، فَخَشعَ الشعب. لم يُرد الله أن يفنيهم، فعاقبهم فقط، ليفهموا أنّ العبادة لله، أفضل من العُبوديّة للبشر. سمح بأن تُؤخذ أورشليم وُتنهب، لا أن تُدَمَّر، فلم يُعاقبها عقاباً كاملاً، لأنّه لم يَزل في يهوذا أناسٌ صُلاّح.
(آ 13- 16)، معلومات عن الفترة التي ملك فيها رحبعام: اسم أمّه، المراجع التي استقى منها، موتُ رحبعام ودَفْنَته في مدينة داود.

ج- مُلاحظات:
يُقدّم لنا المُؤرّخ تفاصيل عن الملك رَحَبْعام، تختلف عمّا نقرأه في سِفْر المُلوك. مَسؤوليّته محدودة، عند انقسام الشعب، لأنّ قبائل الشمال تمرّدت على بيت داود. كانت السنوات الثلاث الأولى من ملكه، سنوات خَيْرٍ، بسبب أمانته لشريعة الربّ. ولما انصرف عن الربّ، عاقبه فخَشعَ وتاب، فغفر له الربّ. وعمل رحبعام لئلا تدخل الانقسامات داخل المملكة، وبين أفراد الحاشية، فنجح في المُحافظة على وحدة شَعْبِ يهوذا.
والنظرة اللاهوتيّة واضحة: الله يُوجّه الأحداث، تِبْعاً لمخطّطه ومواعيده. هو يُعاقب وهو يُسامح، هو يُثّبت المَلِك، وهو يمتحنُ المَلِكَ وشعبه، هو يستعين بالأمم، كأداة بين يديه، يُؤدب بها شعبه، ويقوده في طريق الطاعة لشريعة أبانها للملك داود

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM