الفصل الثاني: شؤون الهيكل

الفصل الثاني
شؤون الهيكل
2: 1- 7: 22

أ- المُقدّمة.
بدأ سُليمان يُعِدُ العُدّة لبناء الهيكل: إتصل بحيرام، جمع العمال، هيأ الموادّ (2: 1- 17)، ثمّ شرع بالعمل في المكان الذي. اشتراه داود من أرنان اليبوسيّ (3: 1- 4: 22). ولما انتهى من بناء الهيكل، وأنجز صُنْع كلّ آنيته، نقل تابوت العهد إلى بيت الله (5: 1- 14). وبعد أن رفع صلاته إلى الربّ، باسمه واسم الجماعة (6: 1- 41)، دشنّ الهيكل بأبّهة عظيمة، وافتتح الاحتفال بعيد دام سبعة أيّام (7: 1- 22).

ب- تفسير الآيات الكتابية.
1- تجهيز العمل (2: 1- 17)
(آ 2: 1- 2)، العمّال من حمّالين ومُناظرين.
(آ 3- 9)، كتاب سليمان إلى حيرام، ملك صور. أمّن الملك العمّال، ولكن بتي تأمين الخشب والعمال المختصين بالبناء وصناعة المعادن، وهؤلاء موجودون في صور. من أجل هذا اتصل سُليمان بمَلكها، وكانت العلاقات طيّبة بين شعب إسرائيل وشعب فينيقية. قدّم خطة عمل لبناء بيت الربّ.
بيت الله لا يستطيع أن يحتوي الله، الذي لا تسعه السماء وسماء السماوات. ولهذا فالهيكل هو موضع الذبائح، والتقدمات التي تقرب إلى الله في الأيام المحدّدة، والأعياد المفروضة بحسب الشريعة، فرقِصّة أبدية (آ 4- 5)
(آ 10- 15)، جواب حيرام.
ليس يهوه إلهاً كسائر الآلهة، فلا يشبه هيكله سائر المعابد، لهذا سيُرسل حيرام ملك صور، الصانع الماهر "حورام ابي"، ليجعل من الهيكل أجمل معابد الأرض.
(آ 16- 17)، العمال المُشتغلون في بناء الهيكل هم الأغراب، لا بنو إسرائيل المُجنّدون للسُخْرة (1 مل 5: 27- 28).
2- تشييد الهيكل (3: 1- 4: 22)
تنطلق هذه الآيات من 1 مل 6- 7، فتروي كيف شيَّد سليمان الهيكل، ولا تهتّم للقصر الملكيّ، الذي شيّده سُليمان في تلك الفترة عينها.
(آ 3: 1- 2)، موضع البناء: هو بيدر أرنان الذي اختاره داود (1 أخ 21: 8 ي)، وجبل الموريا (تك 22: 2) الذي حمل إليه إبراهيم ابنه اسحق، ليُقدّمه ذبيحة للربّ.
(آ 3- 22)، أقسام الهيكل.
يذكر المُؤرّخ الأسس (آ 3)، والرواق (آ 4)، والقاعة الكُبرى (آ 5- 7)، وقُدْسَ الأقداس (آ 8- 9) أي القاعة المُقدّسة كلّ التقديس، والكروبيم (آ 10- 13)، والحجاب (آ 14) والعُمُد (آ 15- 17).
(آ 4: 1)، مذبح النحاس.
(آ 2- 5)، بحر أو حوض النُحاس (المصنوع من النحاس) للاغتسال والتطهير.
(آ 6- 18)، آنية وأمتعة متعدّدة: أحواض، شماعدين، موائد، قدور، جامات.
(آ 19- 22)، تُلخّص هذه الآيات أعمال سليمان: كل ما عمله كان من أفضل الأنواع، ومن الذهب الصْرف.
ملاحظات:
1- يهتمّ المُؤرّخ بالشيء الجوهريّ الذي هو الهيكل، ويترك كل ما ليس له علاقة مباشرة بالهيكل.
2- يُكَبّر المُؤرّخ الصورة، ويُبالغ في الأرقام والأعداد. غشاء الذهب: 600 مثقال. وَزْنُ النحاس لا يقدّر. عُلوّ الرواق 120 ذراعاً. عمق الأسس 60 ذراعاً.
3- التاريخ المُقدّس واحد هو، منذ إبراهيم حتّى الزمن الذي يكتب فيه المُؤرّخ. وموضع بناء الهيكل هو البيدر الذي اشتراه داود من أرنان، وهو التلّة التي صعد إليها إبراهيم، ليُقّدم ابنه اسحق ذبيحة للربّ.
3- نَقْل تابوت العهد إلى الهيكل (5: 1- 14)
يمكننا القول إن الاحتفال بتدشين الهيكل، قد بدأ يوم نُقِلَ تابوت العهد ووُضِعَ في قدس الأقداس بحراسة الكروبيم (رج 1 مل 8: 1- 11).
(آ 5: 1)، وانتهى العمل من بناء بيت الربّ.
(آ 2- 10)، نُقِلَ تابوت العهد مع خيمته إلى الهيكل، وذُبِحَت الذبائح العديدة، إكراماً للربّ.
يقول المُؤرّخ (آ 9)، إنّ التابوت هو هناك (أي في الهيكل)، إلى هذا اليوم. هل يمكن أن يكون تابوت العهد، قد بتي في الهيكل بعد الجلاء؟ لا نعرف كيف اختفى تابوت العهد، ولكنّنا لن نجد له ذِكْراً بعد أيّام المنفى.
يحتوي تابوت العهد لَوْحَي الوصايا، كعلامة لعَهْد الربّ مع شعبه، وتذكيراً لخروجهم من مصر (آ 10).
(آ 11- 14)، عزف العازفون، وأنشد المُنشدون وملأ السحاب بيت الربّ، فلم يستطع الكهنة أن يقوموا بخدمتهم لكثرة السحاب، رَمْز مَجْدِ الربّ.
يُشدّد المُؤرّخ، هنا، على دور اللاويين (1 أخ 23- 26)، الذين يحملون تابوت العهد (آ 4). ولكن الكهنة وحدهم يُدخلونه قُدْسَ الأقداس (آ 7).
4- صلاة سُليمان (6: 1- 42)
استعاد المُؤرّخ نصّ 1 مل 8: 12- 50، فصوّر لنا حفلة تدشين الهيكل (آ 1- 11). وفيها تلا سُليمان صلاة طويلة، يطلب فيها أن يكون الهيكل في حراسة الله، ويتمنّى أن تسمع وتُستجاب كل الصلوات التي ترتفع إلى الربّ من هذا المكان المقدّس (آ 12- 42).
(آ 6: 1- 11)، تدشين الهيكل.
َتبارك الربّ الذي تكلّم بفم داود، وأتمّ بيد سُليمان.
نلاحظ في هذه الآيات، أن سُليمان بني مِنبراً من نحاس (آ 17)، لأنّه ليس بكاهن، فلا يحقّ له أن يقف حيث يقف الكاهن. ونلاحظ أيضا أنّ الأمانة تعني السير بحَسَبِ شريعة الله. واحترام هذه الشريعة، عُنْصُر جوهريّ في إيمان الشعب وطريقة حياته. ونلاحظ أخيراً أن نصّ 1 مل 8: 50- 53، كان قد شدّد على الخروج من مصر، وعلى الكلمات التي قالها الربّ لموسى. أمّا نصّ 2 أخ، فهو يلفت أنظارنا إلى داود، واختيار الله له ومباركته إيّاه، وإلى ما فعله داود من أجل الهيكل وتابوت عَهدِ الربّ.
(آ 12-42)، صلاة سُليمان.
أولاً: هي صلاة ليتورجيّة، يمكن أن تتلى في كل زمان ومكان، وهي تتصدّى للحالات التي يمكن فيها للمؤمنين، أن يتضرّعوا إلى الله. وهذه الحالات سبع:
- إذا أساء أحد إلى صاحبه، وجاء فحَلَف اليمين (آ 22- 23).
- إذا انهزم الشعب أمام الأعداء (آ 24- 25).
- إذا احتبست السماء، ولم يكن مطر بسبب خطيئة الشعب (آ 26- 27).
- إذا حَدَث في الأرض جوع أو وباء أو جراد (آ 28- 31).
- إذا جاء أجنبيّ يدعو باسم الربّ (آ 32- 33).
- إذا خرج الشعب إلى الحرب (آ 34- 35).
- إذا عاد المنفيون إلى ربّهم، ورفعوا صلواتهم (آ 36- 38)، فاسمع من مكان سُكناك صلاتهم وتضرعهم، واغفر لشعبك الذين خَطِئُوا إليك.
ثانياً: أمّا المضمون اللاهوتيّ لهذه الصلاة فهو:
- يهوه هو الإله الواحد السامي، الذي لا إله مثله في السماء ولا في الأرض (آ 14).
- يهوه هو الإله الخفيّ، الذي يسكن في الظلمة، الذي لا يسكن مع الإنسان على الأرض، بل في سماء السماوات (آ- 21- 18).
- كلّ من يدعو باسم الربّ يستجاب، أكان من شعب الله أم أجنبياً (آ 32- 33).
- ليس الهيكل بيت الله، وهو من لا تَسَعَهُ سماء السماوات، بل الموضع الذي فيه يدعى اسمه (آ 5، 10، 20).
- يهوه اختار، منذ القديم، مدينتَه المُقدّسة وَعبْدَه داود (آ 5، 8).
- يهوه وَعَد، وهو يُتِمّ مواعيده: يفعل، يستجيب، يُسامح، ينظر إلى شعبه، يقوده، يحميه ليل نهار (آ 10- 15، 16، 17، 20، 40).
5- تدشين الهيكل (7: 1- 22)
بعد الاحتفال المهيب (5: 1 ي)، والصلاة التي رفعها سُليمان إلى الربّ (6: 1 ي)، تمَّ تدشين الهيكل بجواب الله على أعمال العبادة: أعلن أنّ هذا المعبد شرعيّ، فأرسل ناراً من السماء أحرقت الذبائح (آ 1- 3). ثُمّ تراءى لسُليمان ليلاً، وأعلن أنّ صلاته استُجيبت (آ 11-22). وبين هذين الإعلانين، أورد المُؤرّخ مقطعاً، ذكر فيه بعض التفاصيل الإضافية عن هذا الاحتفال (آ 4- 10).
(آ 7: 1- 3)، معبد شرعيّ.
رضي الربّ عما فعله سُليمان: نزلت نار من السماء، ملأ مَجْدُ الربّ الهيكل الذي بناه الملِك. حدّثنا 1 مل 8: 54- 61، عن بَرَكة الملِك للشعب، ولكنّ المُبارَكة عَمَلٌ خاصّ بالكهنة. لهذا اكتفى المُؤرّخ بذكر عمل الله العجيب، الذي يُعلن قداسة الموضع الجديد، المُكرس لعبادته.
(أ 4- 10)، تفاصيل عن الاحتفال.
نقرأ هنا ما نجده في 1 مل 8: 62- 66، وقد زاد المُؤرّخ ما يتعلّق بالغرب والإنشاد (آ 6). في آ 10 يجمع المُؤرّخ داود وسُليمان وكلّ الشعب، بعد أن حلّت بركة الربّ عليهم.
قال 1 مل 8: 65، إنّ الشعب احتفل بتدشين. الهيكل سبعة أيّام، وهي عيد المظالّ، ثمّ قال إنّه كان هناك سبعة أيام أُخرى (في 1 مل 8: 66، نقرأ أنّ سُليمان صرف الشعب في اليوم الثامن، ولم ينتظر اليوم الخامس عشر). أمّا 2 أخ 7: 8 ي، فيُشير إلى وجود عيدين متميّزين: عيد التدشين ويدوم سبعة أيّام، وعيد المَظالّ ويدوم سبعة أيّام، يتبعُها يوم ثامن، هو يوم المَحْفِل أو الاجتماع الاحتفاليّ. بعدها ينصرف الشعب في اليوم الثالث والعشرين من الشهر السابع. فإذا عرفنا أن عيد المَظال، يبدأ في اليوم الخامس عشر من الشهر (لا 23: 34)، نصل إلى النتيجة التالية: يمتدّ عيد التدشين من اليوم الثامن إلى اليوم الرابع عشر من الشهر السابع، وعيد المَظالّ من اليوم الخامس عشر إلى اليوم الحادي والعشرين، ثمّ يكون المَحْفِل أي اليوم الثامن من العيد، أي في الثاني والعشرين من الشهر، وينصرف الشعب في اليوم الثالث والعشرين.
(آ 11- 22)، جواب الله.
صلّى سليمان وسأل، فاستجاب الربّ سُؤاله: إن حبست السماء... فإنْ صلّى الشعب، إسمع في السماء. ندخل هنا في إطار اشتراعيّ (رج 1 مل 9: 1- 9). إذا أطاع الشعب الربّ، تكون له بركة الربّ. أمّا إذا عصى الربّ، فسيُسلخ عن أرضه، ويرسل إلى المنفى، وترى هيكله مهدوماً

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM