القِسمُ الأوّل: سِلسِلةُ الأنْسابِ- مِنْ آدمَ إلى شاوُل

القِسمُ الأوّل
سِلسِلةُ الأنْسابِ- مِنْ آدمَ إلى شاوُل

مهما كان هدف قِصّة الخلّق في سفر التكوين، فالمؤرّخ الكهنوتيّ ينظر إليها كخَبَرٍ لبداية الحياة البشريّة على الأرض. وإذ يبدأ عرضه بآدم، فهو إنّما يبدأ حديثه عن الشعب الذي بدأ بآدم. هو لا يهتمّ بالأزمنة والأعمار، بل بالأسماء والأنساب، كما وصلتُه من المراجع العديدة. وعندما يسمع المُؤمن لوائح الأنساب، فهو يتذكّر أجداده وأفضال الله عليهم، فيكون له هذا التذكر، بمثابة عِظَةٍ، تُنبّهه إلى ما فعله الله في الماضي، وتملأ قلبه ثِقةً، بما يُمكنه أن يفعل في الزمن الحاضر، ويُحقق في المُستقبل.
لا يُورد الكاتب أحداث الماضي، ولكنّ هذا لا يعني أنّه يجهلها. كل ما في الأمر، أنّه جعلها خارج مُخطّطه، لأنّه يريد أن يوصلنا بسرعة إلى داود مختار الله. فاستغنى عن إيراد أمور يعرفها قارؤوه عن ظَهر قلوبهم. من أجل هذا، جعل تاريخه يُشكّل لائحة أنساب، تربط داود بأوّل إنسان على الأرض، وتربط الشعوب والقبائل بشعب الله وقبائله، فيسيرون كلّهم في موكب الملك الذي اختاره الربّ لتمجيده في مدينة أورشليم. نحن لا نستسيغ هذه اللوائح، ولكن اليهود كانوا يُحبّون أن يُردّدوها ويعودوا إليها، فلا يدخل في جماعتهم، من لم يَرِدْ اسم أجداده فيها (1 أخ 9: 1؛ عز 2: 63).
نقرأ الفصول التسعة من 1 أخ، فيُطالعنا موكب لا ينتهي من أسماء العلم، ولوائح نتوقّف ثمّ تنطلق من جديد، فتلتقي بلوائح أخرى، وتكرر ما قالته الأولى، أو تتضارب معها. لا نأخذ بظاهر هذه اللوائح، بل نكتشف الفكرة العميقة، وهي أنّ بناء الهيكل وتنظيم العبادة، هما تحقيقٌ لمُخطّطٍ وضعه الله منذ بداية البشرية. فكلّ من قبيلة يهوذا (قبيلة داود) وقبيلة لاوي (قبيلة الكهنة) وقبيلة بنيامين (حيث موقع الهيكل)، قد لعبت دوراً هاماً، في أن تكون أورشليم قلب شعب إسرائيل، وأن يكون الهيكل، قَلْبَ مدينة أورشليم

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM