القِسمُ الثَاني: تاريخ القضَاة الاثني عشر

القِسمُ الثَاني
تاريخ القضَاة الاثني عشر
3 : 7 – 16 : 31

1- بعد المقدّمة التاريخية التي عرضت لنا الواقع، كما عرفه شعب الله يوم كان مشتتًا، وبعد المقدّمة اللاهوتية التي أفهمتنا السبب الحقيقي للضيق المُسيطر على العبرانيين، ها نحن ندخل في تاريخ القُضاة بالمعنى الحصريّ. ولكن لا ننسى أنّ الكاتب المُلهم، سيحاول أن يطبّق على كلّ قاض ما قاله في المقدّمة اللاهوتية.

2- في سِفْر القضاة لا نجد في المقام الأول لا الكهنة ولا الأنبياء ولا العرّافين أو الناذرين أنفسهم، بل القضاة، وهم أناس حلّ عليهم الروح فعملوا باسمه. ألقاضي ليس فقط من يحكم ويفصل قضية بين خصمين، بل هو الذي يُتِّم الأمر ويفرغ منه، الذي يصنع الشيء بإحكام ويُقدّره، الذي ينفّذ العهد ويبلغ الهدف. هذا في اللغة العربية. أمّا في سفر القضاة، فالقاضي إنسان أقامه الربّ فقام بعمل تحريري: قاوم العدو، نظّم عملية الدفاع عن الأرض، ومنع الهجمات عن سكّانها، فقاد الشعب إلى النصر. ألقاضي هو "رئيس محليّ" طرد الغُزاة، وأعاد السلام إلى البلاد.

3- ستتخذ كلمة قاضٍ معنى أوسع، فلا تعني فقط القائد الحربيّ بل القائد السياسيّ أيضًا (عا 2: 3). هكذا كان الكاهن عالي قاضيًا في إسرائيل أربعين سنة. ونعني بهذا الكلام أنّ هذا الرجل كان، بفضل الدور الذي لعبه في شيلو، في وقت غاب فيه الحاكم، كان ذلك الذي يقود شعبه ويُوجّهه. وهكذا كان صموئيل (1 صم 7: 6، 15-16) الذي مارس سُلطته على بني إسرائيل، دون أن يكون قائدًا عسكريًا. وعندما يأتي زمن الملكية، ستتحوّل وظيفة القاضي إلى حاكم مدني أو حربي محلي.
4- وإليك أسماء هؤلاء القضاة: عتنيئيل (7:3- 11)، أهود (3: 12-30)، شمجر (3: 31)، دبورة وباراق (ف 4- 5)، جدعون وأبيملك (6: 1-9: 57)، تولع (10: 1- 2)، يائير (10: 3- 5)، يفتاح (10: 6- 12: 7)، أبصان (12: 8- 10)، إيلون (12: 11- 12)، عبدون (12: 13- 15)، شمشون (13: 1-31:16).
5 - أهود هو قاتل محتال ومتهوّر، دبورة هي النحلة ذات الشخصية القوية التي يحترمها الجميع ويسألها رأيها، التي لا تخاف القتال والتي هي شاعرة فوق كل هذا. جدعون هو ابن مزارع وهو مملوء غيرة للربّ. إنّه مغامر خدّاع، ولكنّه لم يستطع أن يتخلّص من الكنعانيين. يائير أبصان وعبدون تركوا نسلاً كبيرًا، وكانوا وجهاء في منطقتهم أو ملاكين كبارًا. يفتاح هو ابن الزنى العائش خارج القانون، وهو رئيس العصابة العنيد. وشمشون هو الرجل الشجاع الذي يغضب، فيتصرّف كالعُميان بطرق بدائية، هو القوة المجسّمة التي لا تهم بأي شيء رغم كثرة الأعداء.
هؤلاء رأوا الأخطار تحيط بأرضهم، فما خافوا ولا جمدوا مكانهم، بل عملوا حيث هم بالوسائل التي بين أيديهم، فحرروا ما استطاعوا من أرضهم، ثمّ اختفوا بسرعة كما ظهروا. غير أنّ اسمهم وأعمالهم ظلّت عالقة في ذكرى شعب الله

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM