الفصل الرابع والثلاثون: إغتصاب دينَة وَانتِقام بني يعقوب

الفصل الرابع والثلاثون
إغتصاب دينَة وَانتِقام بني يعقوب
(34: 1- 31)

أ- المقدّمة:
1- تبرز قصة دينة العلاقات القائمة بين قبيلة بدويّة (بني إسرائيل) وقبيلة حمور التي تقيم في شكيم. ضاجع ابن الملك ابنة يعقوب ثمّ عرض على إخوتها أن يتزوّجها. تظاهر الإخوة بالقبول تمّ احتالوا على أهل المدينة فأعملوا السيف في رقاب الرجال، وسلبوهم ثروتهم، وسبوا أطفالهم ونساءهم. تلك كانت العادات بين البدو الغزاة والحضر المقيمين في المدن.
2- نجد هنا خبرَين دمجهما الكاتب الملهم وضمّ أقسامهما بوصلات وشروح متوخِّياً التناغم والتناسق. يروي التقليد الألوهيميّ (1، 2 أ، 3 ب- 4، 6، 8- 10، 13، 15- 18، 20- 25 أ، 25 ج، 27- 29 أ) أنّ شكيم أحبّ دينة ابنة يعقوب وطلب يدها. أرسل أباه باسمه فاقترح على بني يعقوب عهداً زواجيّاً: أعطونا بناتكم واتّخذوا بناتنا. قبل بنو يعقوب بما عرض عليه حمور واشترطوا عليه أن يختتن كل ذكرٍ في شكيم. ولمّا كان بنو شكيم متألمين انتهز بنو يعقوب الفرصة فقتلوا الرجال في شكيم وسلبوا المدينة.
3- الخبر الألوهيميّ يرسم أمامنا خلافاً بين قبيلتَين، أمّا الخبر اليهوَهيّ (2 ب، 3 أ، 5، 7، 11، 12، 14، 19، 25 ب، 26، 29 ب- 31) فيروي خلافاً عائليّاً محدوداً. أخذ شكيم دينة وضاجعها واغتصبها ثم طلب يدها. إشترط إخوة دينة عليه أن يختتن هو وأهل بيته، فقبل. فانتهز شمعون ولاوي الفرصة فقتلا شكيم وأهل بيته واستردّا أختهمَا.

ب- تفسير الآيات الكتابيّة:
(آ 1- 4) لقد كبرت دينة (كان عمرها 12 سنة بحسب كتاب اليوبيلات) خلال إقامة والدها في جوار شكيم، ولمّا خرجت لتنظر بنات البلد، أخذها شكيم بن حامور الحُوِّي وضاجعها، تمّ أخذ يلاطفها بكلمة رقيقة، وبعد أن أعلن حبّه لها طلبها للزواج.
(آ5- 12) عرف يعقوب وبنوه بعار دينة فم يرضوا عن فعل ابن حامور. غير أنّ والد حامور لم يذكر ما فعله ابنه بدينة، بل اكتفى بذكر حبّه لها وعرض أن يقدّم المهر المطلوب. لكنّه أراد أن يكفّر عن خطيئة ابنه فقال: أكثروا عليَّ المهر والهدايا...
(آ 13- 17) تظاهر بنو يعقوب بالقبول وأضمروا في نفسهم أن يثأروا لشرف أختهم. طلبوا إلى أهل المدينة أن يختتنوا جميعاً. نفهم من هذا الكلام أنّ أهل كنعان كانوا يمارسون الختان، على خلاف الفلسطيّين، والختان علامة تربط الرجل بشعبه وقبيلته، وسيكون في شعب الله علامة تربط المؤمن بربّه. ونفهم أيضاً علاقة الختان بالزواج كما نرى اليوم ذلك في قبائل أفريقيا البدائيّة. ولكن لماذا فُرض على آهل شكيم الختان؟ هل كانوا يؤلّفون قبيلة أتت من الشمال فلم تمارس الختان؟ ومهمَا يكن من أمر فبنو يعقوب فرضوا الختان عليهم ليصاهروهم فيصبح الشعبان شعباً واحداً.
(آ 18- 31) قبِلَ حمور وشكيم بما اقترح عليهما بنو يعقوب، واجتمعا بأهل شكيم عند "باب المدينة"، أي الساحة العامّة التي فيها يجتمع الناس لدرس قضاياهم. واختتن كلّ ذكر في شكيم... واستغلّ أبناء يعقوب آلام أهل المدينة وعدم تمكّنهم من المقاومة فقتلوا جميع الرجال وسلبوا المدينة.
لم يرضَ يعقوب عن العنف الذي أظهره أبناؤه في معاملتهم لأهل شكيم، فخاف من انتقام الكنعانيّين والفرزيّين، أقرباء أهل شكيم، ومضى إلى بيت إيل، وقد عبّر عن عدم رضاه على شمعون ولاوي فأنذرهما في وصيّته الأخيرة (49: 5) بأنّهمَا سيشتّتان في كلّ إسرائيل عقاباً لهمَا على فعلهمَا. أمّا سفر يهوديت (9: 2- 4) فيعتبر أنّ ما فعله شمعون ولاوي هو العقاب الضروريّ لكلّ من تسوّل له نفسه أن يمسّ فتاة في إسرائيل. هل يرضى أحد أن تُعامل أختُه كزانية؟

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM