الفصَل التَاسع وَالعشرون: يعَقوب يَتزوّج في حَاران

الفصَل التَاسع وَالعشرون
يعَقوب يَتزوّج في حَاران
(29: 1- 35)

أ- المقدّمة:
1- هنا تبدأ سلسلة أخبار يعقوب ولابان (آ 1) وتنتهي في 32: 1
المقطع الأوّل (29: 1- 14) يرجع إلى التقليد اليهوَهيّ (ما عدا آ 1 ألوهيميّ) الذي يقدّم لنا مشهداً جميلاً يذكّرنا بأليعازر على البئر وقد جاء يخطب رفقة لمعلّمه (24: 11- 33) أو موسى الهارب من فرعون يلتقي ببنات كاهن مديان الآتيات لرعاية غنمهنّ (خر 2: 15- 22). هرب يعقوب من وجه أخيه والتجأ عند أقاربه (27: 41- 45؛ 28: 10)، ولكن لجوءَه سيصبح إقامة تمتدّ عشرين سنة.
2- أمّا المقطع الثاني (29: 15- 30) فهو يرجع إلى التقليد الألوهيميّ (ما عدا آ 26: يهوَهيّ. آ 24، 28 ب، 29: كهنوتيّ) وهو يروي كيف احتال لابان على يعقوب فزوّجه ليئة قبل أن يزوّجه راحيل الجميلة التي أحبّها وعمل لأجلها سنواتٍ عديدة عند خاله.
3- في المقطع الثالث (29: 31- 34) الذي يرجع إلى اليهوهيّ نعرف أنّ ليئة ولدت ليعقوب أربعة بنين: رأوبين، شمعون، لاوي، يهوذا. أمّا راحيل فكانت عاقراً.

ب- تفسير الآيات الكتابيّة:
1- يعقوب عند لابان (29: 1- 14)
(آ 1) ننتقل مع يعقوب من بيت إيل إلى حاران.
لا يتوقّف الكاتب على تفاصيل السفر، بل ينقلنا بسرعة إلى أرض بني المشرق، أي نحو الشرق والشمال حيث تقيم القبائل الآرامية والعربيّة (قض 6: 23، 33، اش 11: 14، ار 49: 28). أيكون موطن لابان قريباً من كنعان؟ أيكون سهل آرام أحد سهول سوريا؟
(آ 2- 3) وصل يعقوب إلى بئر على فمها حجر عظيم جدّاً، ووجد رعاة ينتظرون رفاقهم ليسقي الجميع مواشيهم تمّ يعيدون الحجر على البئر.
(آ 4- 11) سأل يعقوب الرعاة: من أين أنتم؟ أجابوا: من حاران. هل تعرفون لابان؟ فدلّوه على راحيل التي جاءت مع الغنم. دحرج يعقوب الحجر عن فم البئر وسقى أغنام خاله، فأظهر قوّته واهتمّ بقطيع خاله. ثم قبّل راحيل وبكى معبِّرا عن عاطفته لأهله وأقاربه.
(آ 12- 14) أخبر يعقوب راحيل بأنّه قريب إلى والدها، فذهبت وأعلمت أباها بالأمر، فجاء لابان وأبدى عطفاً على ابن أخته بعد أن انقطعت عنه أخبار أخته. وقال له: أنت عظمي ولحمي، وهذا ما يدلّ على العلاقة الحميمة بينهما. ووجد لابان في هذا الشابّ القويّ خير معين له في أعماله.
2- زواج يعقوب (29: 15- 30)
(آ 1- 19) عمل يعقوب شهراً عند خاله، ثمّ اتفقا على الأجرة. سيعمل سبع سنوات فيزوّجه خاله بابنته راحيل. لا مال ليعقوب أو مواشي يقدّمها مهراً لعروسته، فقدّم عمل يدَيه. قبل لابان، ولكنّ جشعه جعله يرفع المهر على ابن أخته، وقبل يعقوب بعرض خاله دون أن يهتمّ بعدد السنوات التي يعملها لأنّه كان يحبّ راحيل. هل قصد لابان من خلال زواج يعقوب ببنته أن يبقى المال والمواشي بين الأهل والأقارب، فلا يذهب إلى الغرباء؟
(آ 20- 24) خدم يعقوب خاله سبع سنوات، فبدت له المدّة قصيرة لأنّ حبّه لراحيل كان كبيراً، وأقام لابان وليمة للأهل والجيران تمّ قدّم ليعقوب ليئة بدل راحيل زوجة له. لم يشعر يعقوب بحيلة خاله قبل الصباح لأنّ الوقت كان ليلاً وكانت ليئة وراء الحجاب فلم يرها.
(آ 25- 30) دهش يعقوب وسخط على خاله: ماذا صنعت بي؟ لماذا خدعتني؟ ويُجبر يعقوب على خدمة لابان سبع سنوات أخرى لقاء زواجه براحيل. تزوّج يعقوب براحيل بعد ليئة، ثم أعطى لابان جارية لكلّ بنت من ابنتَيه: زلفة لليئة، وبلهة لراحيل.
يبدو أنّ زواج رجل بأختَين لم يكن ممنوعاً، غير أنّ الشريعة سوف تحرّمه في ما بعد (لا 18: 18).
3- بنو يعقوب (29: 31- 35)
(آ 31) ليئة غير محبوبة أمّا راحيل فمحبوبة.
سيكون ليعقوب اثنا عشر ولداً في حاران: أحد عشر ابناً وابنة واحدة هي دينة، وسيلد له في كنعان ابن هو بنيامين (35: 16- 19).
(آ 32- 35) رأوبين أي رأى الربّ عنائي وشقائي
شمعون أي سمع الرب صوت دعائي
لاوي أي تعلّق زوجي بي وصار رفيقاً لي
يهوذا أي أحمد وأشكر الربّ يهوه.

ج- ملاحظات:
1- بدأت حياة العذاب والشقاء ليعقوب وسوف يتمنّى أن يعود سريعاً إلى البيت الوالديّ، بل سيهرب عندما تسنح له الفرصة. ولكن، بانتظار ذلك الوقت سيستثمره خاله فيفرض عليه سبع سنوات لقاء مهر ابنته، تم يحتال عليه فيزوّجه مَن لا يحبّ ويفرض عليه سبع سنوات أُخَر من أجل من أحَبّ أي راحيل. غير أنّ يعقوب سيتغلّب على خاله في ما بعد فيجمع ثروة كبيرة من عند خاله، وهذا ما جعل أولاد لابان يتذمّرون (31: 1).
2- أحسّت ليئة أنّها ضحيّة بريئة قضت عليها حيلة أبيها بأن تتزوّج يعقوب، كما أنّ عينَيها المسترخيتَين جعلتا زوجها يبغضها، أي يحبّها أقلّ من أختها (تث 21: 15). غير أنّ الربّ تحنّن عليها فنظر إلى عنائها ومذلّتها، وسمع شكواها ففتح رحمها بخلاف أختها. الربّ يحبّ المساكين والمتروكين والبائسين، فيساعد هاجر، الأمَة الهاربة (716- 16) ويسمع لإسماعيل، الابن المطرود مع أمّه (21: 17- 21) ويرافق يوسف، الشابّ الذي باعه إخوته (49: 21- 22). وهو يعطي ليئة أولاداً تفتخر بهم أمام العاقر. تركها زوجها فعزّاها الربّ وأعطاها أربعة بنين

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM