الفصَل السَادسَ والعشِرُون: إسْحق في جرَار وَبئر سَبْع

الفصَل السَادسَ والعشِرُون
إسْحق في جرَار وَبئر سَبْع
(36: 1- 35)

أ- المقدّمة:
1- يرجع هذا الفصل إلى التقليد اليهوهيّ، وقد زاد عليه الكاتب آ 34- 35 من التقليد الكهنوتيّ وأعاد صياغة بعض آياته (آ 1، 2 ب، 3 ب، 5، 15، 18) لتتوافق مع سائر النصوص.
2- يروي الكاتب هنا ثلاثة أحداث في حياة إسحق هي صورة طبق الأصل لثلاثة أحداث في حياة إبراهيم. الحدث الأوّل: كما قال إبراهيم إنّ سارة امرأته هي أخته (12: 10- 20) كذلك فعل إسحق برفقة (آ 7- 11)، وكما حفر إبراهيم آباراً لماشيته (21: 22 ي)، كذلك فعل إسحق (آ 15 ي) الذي قطع عهداً مع أبيملك (آ 26 ي) كما فعل أبوه من قبله (21: 27 ي).
3- أربعة مقاطع من هذا الفصل. إسحق في جرار (26: 1- 14)، إسحق يحفر الآبار (26: 15- 22)، إسحق في بئر سبع يعقد معاهدة مع أبيملك (26: 23- 33)، وأخيراً امرأتا عيسو الحثّيّتان (26: 34- 35).

ب- تفسير الآيات الكتابيّة:
1- إسحق في جرار (26: 1- 14)
(آ ا- 5) يبدو إسحق راعياً من الرعاة يتنقّل من مكان إلى آخر ساعياً وراء الماء والكلإ. وحدثت مجاعة، فأراد أن ينزل إلى أرض مصر الخصبة، ولكنّ الله منعه من ذلك وطلب إليه البقاء في أرض غربته. ثم باركه كما بارك إبراهيم ووعده بأن يعطيه الأرض التي يقيم بها.
(آ 6- 7) وأقام إسحق في جرار. وسأل الناس عن رفقة فأجاب أنّها أخته، ليؤمّن على نفسه، غير آبه بالخاطر التي تلحق بامرأته. خاف إسحق من سكّان المكان كما خاف إبراهيم مرّة من فرعون (12: 10- 20) ومرّة من ملك جرار (20: 1 ي).
قلنا رأينا في هذا الحادث لمّا ذكرناه في حياة إبراهيم، وشدّدنا على أنّ الله ينفّذ مخطّطه عبر أناس أتقياء أو خطأة أو ضعفاء، لتبدو القوّة منه لا من الإنسان.
(آ 8- 11) عرف أبيملك أنّ رفقة ليست أخت إسحق بل امرأته، وذلك عندما رأى إسحق معها. لم ينتظر أبيملك تدخلاً من الله أو تهديداً من العلاء (12: 17) ليعيد رفقة إلى زوجها. ردّها إليه ثم لامه على فعلته الشنيعة.
(آ 12- 14) لم يكتفِ إسحق بحياة البداوة ومما توفّر له المواشي، بل أخذ يزرع الحبوب كفلاّح من الفلاّحين، فبارك الله عمله وأعطاه الحصاد الوفير. أطاع إسحق الله فلم يذهب إلى مصر فجازاه الربّ بخيرات الأرض الوفيرة والمواشي الكثيرة.
2- إسحق يحفر الآبار (26: 15- 22)
(آ 15- 18) بارك الله إسحق فكثرت عياله ونمت مواشيه، فخاف ملك جرار من أن يسيطر إسحق على المنطقة فأبعده عن أرضه قبل أن يقوى عليه. ترك إسحق المكان متوخّياً السلام كما فعل والده إبراهيم (13: 8) مع ابن أخيه لوط، وكما سيفعل يعقوب مع أخيه عيسو (43:27، 33: 1 ي) ومع بني لابان (31: 20 ي). بعدها، أقام إسحق في وادي جرار.
(آ 19- 22) يذكر الكاتب الخصومة بين رعاة المدينة ورعاة إسحق على الآبار، التي انتهت يوم حفر رجال إسحق بئراً لا نزاع عليها.
3- معاهدة بين إسحق وأبيملك (26: 23- 33)
(آ 23- 25) ثمّ انطلق إسحق إلى بئر سبع حيث وعده الله، كما وعد أباه بالبركة، فيكثر أبناؤه وتنمو مواشيه وتتوافر غلاله.
إنّ الله بارك إسحق في جرار كما باركه في بئر سبع، فإله الآباء لا يرتبط بمكان فحسب، فيكون إله شكيم، أو إله حبرون، بل هو يرتبط بشخص أيضاً. قال لإسحق: أنا إله أبيك إبراهيم.
(آ 26- 33) قطع إسحق عهداً مع أبيملك كما فعل أبوه قبله (21: 22 ي) عرف أبيملك أنّ إسحق "مبارك الرب" فحسده في الماضي وطرده من أرضه، ثمّ خاف منه في الحاضر وجزع لمّا رأى موازين القوى تنقلب لصالح إسحق، وأخيراً طلب إليه أن يقيم عهداً معه، ففعل.
4- إمرأتا عيسو (26: 34- 35)
(أ 34- 35) يذكر الكتاب أنّ عيسو تزوّج امرأتَين حثّيّتين معرضاً عن تقاليد القبيلة، فكان تصرّفه سبب مرارة لوالدَيه. ماذا ننتظر من رجل باع بكوريّته بصحن من الطعام؟ ألاَ يبيع شريعة الله ووصيّة أبيه (نبّه إبراهيم خادمه ألاّ يأخذ لإسحق ابنة من بنات الكنعانيّين) ويتصرّف بحسب رغبته الخاصة. بعد ذلك لن يتأسّف القارئ عليه ولن يتحسّر معه على البكوريّة التي خسرها بعد أن رفض شريعة الله المرّة تلو الأخرى

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM