الفصَل السَادِس عَشر: مَولدُ إسمَاعِيل

الفصَل السَادِس عَشر
مَولدُ إسمَاعِيل
(16: 1- 16)

أ- المقدّمة:
1- ثلاث مرّات وعد الله إبرهيم بأنّ نسله سيكون كبيراً (2:12؛ 13: 6؛ 15: 5)، ولكنّه تأخّر في تحقيق وعده فم يكن لسارة ولد. حينئذٍ يئست امرأة إبرهيم من نفسها وقدّمت إلى زوجها هاجر، خادمتها المصرّية، فولدت له ولداً سمّاه إسماعيل. ولكنَّ إسماعيل هذا لن يكون جدّ بني إسرائيل، بل جدّ القبائل المجاورة (25: 12- 18).
2- وهكذا نتعرّف في هذا الفصل إلى تقاليد بني إسرائيل عن مولد إسماعيل واسمه وموطنه في البرّية ومصيره أن يكون أباً للعرب.
3- يرجع الفصل إلى التقليد اليهوَهيّ مع بعفو الآيات المأخوذة من الكهنوتيّ (آ 1، 3، 15، 16). ربط الكاتب الملهم بين المرجعَين عبر آ 9- 10 لينسّق بين الخبر الذي نقرأه هنا والنصّ الذي يورده التقليد الألوهيميّ عن هرب هاجر وإسماعيل إلى البريّة (21: 8- 21)، وليهيّئ الطريق للحديث عن سلالة إسماعيل (25: 12- 18).
4- بعد مقدّمة تذكر اسم هاجر (16: 1)، يروي الكاتب ما فعلته سارة ليكون لزوجها ولد (16: 2- 6). ولكنّها أذلّت في ما بعد خادمتها فهربت إلى البرِّية جهة أرض مصر موطنها (16: 7- 14). ثمَّ عادت هاجر إلى بيت سيّدتها فولدت لإبرهيم ابناً سمّاه إسماعيل (16: 15- 16).

ب- تفسير الآيات الكتابيّة:
1- المقدّمة (16: 1)
(آ 1) هاجر ترتبط بقبائل بدو عربيّة: الهاجريّون المقيمون شرقيّ جلعاد (1 أخ 5: 10 ي؛ 27: 31؛ مز 83: 7).
2- وحبلت هاجر (16: 2- 6)
(آ 2) لم يتحقّق وعد الله لإبرهيم، فأعطت سارة زوجَها جاريتَها هاجر، وهذا حقّ من حقوقها، بل واجب من واجباتها، فلا ينقطع نسل زوجها ويُعاد إليها اعتبارها إذا كانت عقيمة (30: 3- 13).
يعتبر العقم عند المرأة الإسرائيليّة (والشرقيّة بنوع عامّ) عاراً تودّ التخلّص منه (لو 1: 25) أو قصاصاً يأتيها من عند الله (هو 9: 14)، كما كان الخصب دليل عطيّة من الربّ لأتقيائه. فالمرأة التي لا تلد تمثِّل خطراً على مستقبل العيلة التي ستنقرض، فلا يكون منها عقب يرى المسيح. ولهذا كان بإمكان زوجها أن يطلّقها ويقترن بغيرها. وكان الرجل عندما يزوّج بناته يخاف عليهنّ إن لم ينجبن أولاداً (سي 42: 9- 10). نقرأ أنّ ليئة وراحيل، زوجتَي يعقوب، فعلتا المستحيل ليكون لهمَا نسل كبير (30: 14- 18). استعانتا باللفّاح وهو نبت يساعد على الحَمل، كما كانوا يظنّون. كما نقرأ أنّ حنّة، أم صموئيل، كانت حزينة كئيبة لأن لا ولدَ لها (1لم 1: 10) بينما كان لضرّتها فننة البنون والبنات. وكانوا يعتبرون، وما زالوا، أنّ الله يغلق الرحم (1 صم 1: 5) فتحرَم المرأة الأولاد، أو يفتح الرحم فتعطى الأولاد العديدين. هذا ما فنهرت به سارة، فوهبت زوجَها أمَتَها هاجر، كما ستفعل كلّ من راحيل وليئة ليعقوب (30: 1- 11). كانت العادة أن يعطي الأب ابنته خادمة تكون معها وتستطيع أن تقدّمها إلى زوجها إذا دعت الحاجة إلى ذلك. ولقد كانت شرائع حمورابي تمنع الرجل من أن يتزوّج امرأة ثانية إذا أعطته الخادمة ابناً، وابن الخادمة يكون ابن المرأة التي تستقبل الولد على ركبتيها علامة تبنِّيها له. وهكذا كان لسارة ولد من هاجر، كما اعتبرت راحيل أنّ الله سمع لصوتها ورزقَها ابناً عندما حملت بلهة خادمتها وولدت لها ابناً سمَّته "دان" (30: 3- 6).
(آ 3) عشر سنوات، نذكر هنا أنّ إبراهيم جاء إلى كنعان وكان عمره خمساً وسبعين سنة (12: 4).
(آ 4) إعتقد إبرهيم أنّ وعد الله يتحقّق بهذه الطريقة، فقبل ما عرضته عليه امرأته. حملت هاجر فاحتقرت مولاتها العاقر. نسيت حالتها ووضعها الاجتماعيّ، وحسبت أنّها ستحلّ محلّ مولاتها في قلب سيّدها. أمَا يشمئزّ صاحب الأمثال (30: 22- 23) من عبدٍ إذا ملك، وأحمقَ إذا شبع، وممقوتة إذا وقعت على رجل يتزوّجها وجارية إذا ورثت مولاتها؟
(آ5- 6) لم تحتمل سارة الإهانة، فجعلت إبرهيم مسؤولاً عن الحال التي وصلت إليها: هو لم يشكر لها كرَم أخلاقها عندما قدّمت إليه خادمتها، وهو لم يتدخّل عندما تحصد الإهانة جزاء فعلها له. لكنّ إبرهيم يترك لها الأمر فيذكّرها أنّ هاجر ما زالت أمَة من الإماء ويسمح لها بأن تفعل بها ما تشاء.
كانت الشرائع تعطي المرأة الحقّ في ضرب خادمتها (خر 21: 25- 21)، وهذا ما فعلته سارة فهربت هاجر من وجهها.
الخلاف بين هاجر وسارة أمر معروف في حياة العائلة الإسرائيليّة، وهو يتولّد بسبب وجود نساء عديدات في البيت الواحد. في هذا السبيل تتكلّم الكتب الحكميّة عن المرأة الغيور، فيقول سفر الأمثال (21: 9): "السكن في زاوية سطح خير من امرأة منازعة"... ويقول أيضاً (27: 15): "السيل المتواصل في يوم ممطر والمرأة المنازعة سيّان" (رأسي 25: 22- 36).
وقالت سارة لإبرهيم: ليحكم الله، وحكم الله يمكنه أن يحمل العقاب للظالم (15: 14).
(آ 6) ظلّ إبرهيم هادئاً رغم كلّ ما قالته سارة وأعاد هاجر إلى وضعها الأوّل: كانت أمَة سارة وظلّت أمَة سارة كما يقول الشرع في بلاد الرافدَين. وسيأتي وقت يتصرّف فيه إطاعة لكلمة الله (21: 12) أمّا هاجر فأبانت عن شجاعة بوجه سيّدتها وفضّلت الحياة في الصحراء حرّة على العيش ذليلة في بيت إبرهيم. لا شكّ في أنّ إسماعيل سيكون ابن الجارية، لا ابن الموعد مثل إسحق (رج غل 4: 22- 31)، ولكنّ هاجر قبلت قدرها وقدر ابنها بصبر وتجلّد.

3- وهربت هاجر (16: 7- 14)
(آ 7) هربت هاجر إلى صحراء النقب، لجهة مصر، وطريق "شور" التي اختارتها توصلها إلى الحدود المصريّة... وتوقّفت على عين ماء. وجدها ملاك الربّ، أي الله نفسه. وسوف تسمّيه هاجر "إنّه الله الرائي" أي الإله الذي يراني.
ملاك الربّ أو الله كما يقول المرجع الألوهيميّ في 21: 7 هو الربّ كما يظهر بطريقة حسيّة على البشر.
شور: بريّة تقع على التخوم الشرقيّة للدلتا المصري (20: 1؛ 25: 18؛ خر 15: 22).
لا نجد في هذا النصّ شيئاً يدلّنا على كيفيّة ظهور الله على البشر. أيكون ذلك بشكل إنسان عاديّ أم بطريقة أخرى لا؟ هذا ما لا يقوله الكتاب، ولكنّ ما يبيّنه لنا هو أنّ ملاك الربّ يدلّ على ظهور الربّ (48: 15- 16؛ قض 6: 11- 24). وسننتظر الجلاء ليميّز الكتاب بين الربّ وملاك الربّ، والهدف من ذلك التشديد على قداسة الله التي تجعله بعيداً عن متناول الخلائق. سيأتي يوم يخاف اليهوديّ من التلفّظ باسم يهوه (كان يكتب يهوه ويلفظ "أدوناي" أي السيّد) ويفضّل أن يتحدّث عن "ملكوت السماوات" لئلاّ يقول "ملكوت الله"، والسماء عرش الله هي.
(آ 8- 9) يحدّث الله هاجر ويطلب إليها أن تعود إلى مولاتها. ناداها: يا هاجر أمَة سارة. الأمَة لا تترك بيتها، وخاصةً إذ أعطت لسيّدها ولداً. هذا ما يقوله قانون حمورابي.
(آ 10- 11) يعد الله هاجر بنسل كبير جزاءً لها على طاعتها له. تمّ يعطي الولد اسم إسماعيل ليدلّ على أنّ الله سمع صوت شقائها وكان لها عوناً (رج 17: 20).
(آ 12) سيكون إسماعيل كالحمار الوحشيّ الذي يسعى إلى الحياة الحرّة في الصحراء (أي 6: 5؛ 24: 5؛ هو 8: 9؛ اش 32: 14). وتشبيه إسماعيل بالحمار الوحشيّ يدلّ على أنّه ونسله سيعيشون كالبدو لا يستقرّون في مكان، بل يتنقّلون بعيداً عن الحواضر ويعيشون من السلب والنهب. تلك كانت حالة القبائل التي تنتسب إلى إسماعيل: تنتقل في الصحراء الممتدّة من الخليج الفارسيّ إلى الحدود المصريّة.
(آ 13- 14) سمّت هاجر هذا المكان "إيل روئي" لتعلن أنّها رأت الله وكلَّمته. ولكن العبرانيّ الذي يخاف الله ويعتبر أن لا أحد يرى الله ويبقى على قيد الحياة! فسّر اسم المكان: الله يتراءَى أو الله يُرى.
4- وولدت لإبرهيم ولداً (16: 15- 16)
(آ 15- 16) يروي الكاتب كيف رجعت هاجر إلى مولاتها ويذكر ولادة إسماعيل وقد سمّاه إبرهيم بهذا الاسم، لأنّه بالحقيقة ابنه. ولكنّ سارة سوف تعمل على إبعاده عندما يعطيها الربّ ابناً.
ج- ملاحظات:
1- ملاك الربّ ودوره في حياة شعب الله
إنّ كلمة ملاك تعني الرسول (راجع لأك باللغة العربيّة) من قبل الناس أو الله. يظهر الملائكة في النصوص الكتابيّة القديمة، وهم يدلّون تارة على الله وطوراً على وسطاء بين الله والبشر. فني 16: 17 (رج 16: 13) ، ملاك الربّ هو الربّ ذاته كما سبق وقلنا، وفي خر 3: 2، ملاك الربّ الذي يتجلّى لموسى هو الربّ عينه (رج 21: 17). أمّا في 18: 22 فيتميّز الربّ عن ملاك الربّ. يذهب الزائران المرافقان، وهما ملاكان (19: 1)، ويبقى إبرهيم أمام الربّ الذي أعلن عن عزمه على هدم سدوم (رج 24: 7؛ خر 23: 2). وسنرى في قصّة سنحاريب، ملك أشور (704- 681 ق. م.)، كيف أنّ ملاك الربّ ينفذ أوامر الله فينزل الوباء بجيش أشور (2 مل 19: 35) كما نفذها في الضربة العاشرة على شعب مصر (خر 12: 13)، وكما فعل بأورشليم بعد أن أحصى داود سكّانها (2 صم 24: 16)، فسمّي الملاك المهلك المبيد.
يذكر أشعيا (6: 1 ي) السارافيم، هؤلاء الملائكة "المحرقين"، الذين يقفون قرب عرش الله ويعلنون قداسته (رؤ 4: 8)، ويذكر حزقيال (1: 1 ي) الكاروبيم الذين يحملون عرش الله المجيد ويفسّرون له الرؤيا التي رآها (حز 9: 2- 6، 40: 3) 0 اخذت صورة الكاروبيم من التماثيل الموضوعة على باب هياكل بابل وقصورها، فلم تعد رموزاً وثنيّة، بل دلّت على خدّام الله الذين يقفون على باب الفردوس صنعوا الخاطئين من دخوله، أو بقرب تابوت العهد يسترونه عن عيون الناس.
بعد الجلاء سيتأثّر العبرانيّون بالبابليّين فيجعلون دور الملائكة كبيراً وينظّمونهم في جوقات سبع (طو 12: 15) ويعطون بعضهم أسماء: ميخائيل، مَن مِثل الله، جبرائيل، رجل الله، رفائيل، شفاء الله. هؤلاء الملائكة يدافعون عن أنبياء الله (1 مل 19: 7)، يرافقون أتقياءه (طو 5: 6 ي) ويحمونهم من كلّ خطر (مز 91: 11) كما حموا الشعب في البرّية وساروا أمامه يرشدونه إلى الطريق (خر 14 : 19؛ 23: 20).
وهكذا يبدو الملائكة وسطاء بين السماء والأرض، يرسلهم الله فيدخلون عالم البشر ويفعلون ما يأمرهم به الرب. ويتساءَل البعض: إذا كان الله يتدخّل في حياة البشر ويوجّه التاريخ بطريقة شاملة، فكيف نتصوّر عمل الملائكة؟ هذا السؤال يبقى بدون جواب، وهو ما حدا بعض المفكّرين على إنكار وجود الملائكة واعتبارهم تجسيماً لقدرة الله ورحمته بين البشر. ولكن، مهمَا يكن من أمر فالكتاب يذكر ملاك الربّ ليعبّر عن حضور الربّ بشكل بشريّ في أماكن معيّنة ومحدودة.
2- إسماعيل بن إبراهيم
مَن هو إسماعيل؟ هو إبن إبراهيم من جاريته هاجر واسمه يدلّ على أنّ الله سمح لإبراهيم فأعطاه ابناً وسمع لهاجر فاعانها في ضيقها.
يذكر الكتاب المقدّس أنّ والده طرده فعاش في الصحراء، وكما كان إسحق، عبر يعقوب، أباً لأسباط إسرائيل الاثنَي عشر، كذلك سيكون إسماعيل أباً لرؤساء القبائل الاثنَي عشر، (25: 12- 18). وكما كان إسحق قرب إسماعيل يوم موت إبرهيم (25: 9) كذلك سيكون الإسماعيليّون قرب الإسرائيليّين جيرانهم عبر أحداث التاريخ. فاللغة بين الشعبَين واحدة وهي اللغة الساميّة والأرض متاخمة، وصحراء العرب امتداد لأرض كنعان، والاسم واحد، والفرق بين كلمة عرب أبناء إسماعيل، وعبر (جدّ العبرانيّين) بسيط ويكفي أن نقلب الحَرفَين الأخيرَين لنجد التقارب بين الاسمَين.
إسماعيل هو البكر وإسحق هو الثاني. إسماعيل يمثّل عالم البدو وهو سابق لإسحق الذي يمثّل عالم الحضر، والبدو أقدم من الحضر. في منطق الكتاب المقدّس، الله يختار مَن يشاء، ويختار عادة الثاني لا البكر. اختار يعقوب ورذل عيسو، وفضّل يهوذا على إخوته الأحد عشر. واختار إسحق فجعله مباركاً، وأعطاه أرضاً وعده بها، وغمره بكلّ الخيرات الماديّة والروحيّة، وأبعد إسماعيل إلى الصحراء فحرمه بركة والده وجعله مثل قايين تائهاً شارداً لا يقرّ له قرار.
ولكنّ الإسلام، وهو يرى نفسه وريث إسماعيل، يعتبر أنّ البكر لا يخسر حقوقه وأنّ إسماعيل هو الوارث الحقيقيّ لإبراهيم وأنّه يرتبط عبر إبراهيم بآدم، أبي البشريّة جمعاء. بهذه الطريقة تتأصّل جذور الإسلام في بداية الكون كما يرتبط تاريخ الشعب اليهوديّ ببداية التاريخ البشريّ (رج لو 3: 23- 38 الذي يجعل يسوع ابن شيت، ابن آدم، ابن الله).
إذا كانت المسيحيّة قد ورثت غنى العهد القديم واعتبرت نفسها شعب الله الجديد، فرأت في تاريخ الشعب اليهوديّ استعداداً لتاريخ المسيح وكنيسته، وفي الشريعة نواة لشريعة جاء يسوع لا لينقضها بل ليكمّلها، هل نستطيع أن نرى في الإسلام مخطّطاً يحقّقه الله في التاريخ فننتظر خلاص أبناء إسماعيل بفضل صلاة إبراهيم ودموع هاجر كما ننتظر خلاص جميع إسرائيل لأنّ مواهب الله ودعوته إلى إبراهيم هي بلا ندامة. (روم 11: 26- 29).
في هذا السبيل ينطلق فكر الأب ميشال حايك في كتابه "العرب أو عماد الدموع" فيتصوّر هاجر على مثال حوّاء التي طُردت من الفردوس الأرضيّ فهجرت موطنها وانطلقت إلى الصحراء أرض اللعنات، فولدت ابنها هناك بالألم والدموع والحرمان والموت في أرض ملعونة لا ينبت فيها إلاَّ الشوك والقطرب. ويتصوّر إسماعيل على مثال المسيح الذي يهلك عطشاً في صحراء العالم بعد أن تخلّى عنه والده وأصدقاؤه وأخذ يعاني سكرات الموت أمام عينَي والدته هاجر. وهاجر هي أيضاً صورة عن مريم التي هربت إلى الصحراء فولدت بالأوجاع ابناً سيتعرّض لقوى الشرّ والموت.
إذا كان آباء الكنيسة قد توقّفوا على شخصيّة إسحق وأعطَوها مداها الروحيّ، يستطيع المسيحيّون اليوم أن يتعمّقوا في شخصيّة إسماعيل ذلك الواقف خاضعاً أمام الله يتطلعّ إلى يوم يطلّ عليه رجاء المسيح

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM