الفصل السابع والعشرون: "الإنجيل بحسب برنابا"

الفصل السابع والعشرون
"الإنجيل بحسب برنابا"
الأب متري هاجي اثناسيو

التعريف بالكتاب
يتصدّر النسخة الإيطالية عنوانُ الكتاب، هذه ترجمته: "الإنجيل الصحيح ليسوع المسمّى المسيح- نبي جديد أرسله الله إلى العالم- بحسب رواية برنابا رسوله".
وُجدت نسختان لـ "الإنجيل بحسب برنابا"، واحدة إيطالية وأخركما إسبانية.

1- النسخة الإيطالية
عثر كرامير، أحد مستشاري ملك بروسية، على مخطوطة باللغة الإيطالية سنة 1709 في مكتبة أحد مشاهير مدينة امستردام، من أعمال هولاندا. ثم انتقلت إلى خزانة كتب البلاط الملكي في فينّا سنة 1738، حيث لا تزال هناك حتى اليوم. وتقع المخطوطة في 231 صحيفة، وتتضمن 222 فصلاً؛ (من 1 إلى 27) معنونة تعبّر عن محتوى الفصل، أما الفصول الأخرى (من 28 إلى 222) فهي مرقّمة لا غير. وقد تبيّن بعد التدقيق أن ناسخها من أهالي البندقية، نسخها في القرن السادس عشر أو أوائل القرن السابع عشر، ويرجَّح أنه أخذها عن نسخة طسكانية أو عن نسخة بلغة البندقية. وقيل أن النسخ حدث نحو سنة 1575.

2- النسخة الإسبانية
وُجدت نسخة أخرى للإنجيل بحسب برنابا باللغة الاسبانية في أوائل القرن الثامن عشر، وهي معاصرة تقريباً للإيطالية. تقع في 220 فصلاً و 420 صحيفة. عرفها المستشرق الإنكليزي جورج سال سنة 1734، ووصفها، ونقل منها مقاطع في المقدمة التي صدَّر بها ترجمته للقرآن إلى اللغة الإنكليزية. وهي تنطبق حرفياً على الإيطالية، مع اختلافات طفيفة قليلة. وهي، بحسب سال، منقولة عن الإيطالية بقلم مسلم أوغوني يسمَّى مصطفى العرندي، و"مصدرة بمقدمة يقص فيها مكتشف النسخة الإيطالية- وهو راهب لاتيني غربي يسمّى الأخ (فرا) مارينو- كيفية عثوره عليها" في مكتبة البابا سكستوس الخامس (1585- 1590) وهي قصة ملفَّقة، القصد منها تغطية تأليفه هذا الكتاب للتركيز على "اكتشافه" فحسب. ثم نقلها الدكتور منكهوس إلى الإنكليزية حوالي سنة 1784. وسرعان ما فُقدت النسخة الإسبانية، في زمن غير محدد، وطُمس خبرها وامّحى أثرها.

المؤلف
وضع الراهب الأخ (فرا) مارينو الذي مرق إلى الإسلام هذا الكتاب؛ وقد حرمته الكنيسة ونبذته فحاول تبرئة نفسه بتأليف هذا الإنجيل المنحول. وترجمه مساعده مصطفى العرندي الأندلسي إلى الإسبانية.

الترجمات
1- الترجمة الإنكليزية
نُشر في أوكسفورد النص الإيطالي سنة 1907، مصحوباً بترجمة إنكليزية، مع مقدمة مسهبة التزم فيها المترجمان الإنكليزيان النقد الحديث. واهتمت الأوساط العلمية في الغرب لإنجيل برنابا، فمحّصه النقد العلمي، شكلاً ومضموناً، مصدراً وترجمة، جملة وتفصيلاً، وأوضح العلماء المتناقضات فيه، وفنّدوا تعاليمه، مبيّنين الضلالات المتعمدة والتزوير المستهدف، ومشيرين إلى أخطائه الجسيمة: التاريخية منها والجغرافية والكتابية واللاهوتية والروحية. وقد استنفد النقد العلمي في الغرب مضمونه الشامل استنفاداً يكاد يكون تاماً وكاملاً. وقال فيه بولس ماسينيون، المستشرق الفرنسي العظيم الشغف بالاسلام، انه "كتاب منحول بدون أدنى ريب" (مجلة العالم الإسلامي- بالفرنسية- سنة 1909)، كما أن كولدزيهر المستشرق الألماني، صرّح بأنه محض "بلفة" لا غير (في كتابه سنة 1920).

2- الترجمة العربية
وصلت الترجمة الإنكليزية الى الشرق الأوسط، فأولاها المسلمون اهتماماً مفرطاً، مما حمل محمد رشيد رضا، منشئ مجلة "المنار" في مصر، على الإنفاق على نقلها إلى العربية وطباعتها. وقد تولى الترجمة الدكتور خليل سعاده. فظهرت الطبعة الأولى في القاهرة سنة 1908، "مصدّرة بمقدمة للناقل ينكر فيها على "إنجيل برنابا" صحته، ويؤكد أنه كتاب منحولة، وبأخرى للناشر محمد رضا يحاول فيها إثبات صحة الكتاب. وفي سنة 1958 جُدّدت طباعة هذا الكتاب بدون تغيير البتة.
ما إن نُقل هذا الكتاب إلىٍ العربية حتى انبرى بعض الكتاب المسلمين يعتمدونه إنجيلاً صحيحاً، مكذّبين به الأناجيل القانونية التي يتداولها النصارى. وقد أصبح هذا الكتاب مصدر تفسير قرآني. أما ما دفع بعض المسلمين إلى هذا التهافت المنكر فهو تصريح محمد رشيد رضا، حيث قال: "إنه (إنجيل برنابا) يحكم لنا في المسائل الثلاث الخلافية: التوحيد، عدم صلب المسيح، ونبوّة محمد". وبلغ غلوّهم في أمر الكتاب حتى تحدّي المسيحيين في إبطال دعوى هذا الإنجيل. ثم تناولته حلقات التدريس في الجامعات، وعُقدت عدة أحاديث تلفزيونية ولقاءات إذاعية لنقل دعوته وتسفيه مضمون صحة الأناجيل الموثوقة.
ولكن لزمت فئة ضئيلة من الكتاب المسلمين حدود التعقّل والتبصّر، منهم الأستاذ ديب عبّاس، محمود العقاد، الذي كتب في جريدة "الأخبار" (26/ 10/1959): "... تتكرر في الإنجيل بعض أخطاء لا يجهلها اليهودي المطلع على كتب قومه، ولا يرددها المسيحي المؤمن بالأناجيل المعتمدة في الكنيسة الغربية، ولا يتورط فيها المسلم الذي يفهم ما في إنجيل برنابا من المناقضة بينه وبين نصوص القرآن... وليس من المألوف أن يكون السيد المسيح قد أعلن البشارة أمام الألوف باسم "محمد رسول الله" ولا يسجّل هذا الإعلان في غير صفحات هذا الإِنجيل (إنجيل برنابا)". وكتب المؤرخ محمد شفيق غربال، رئيس قسم التاريخ في كلية الآداب، الذي أشرف على دائرة المعارف العربية الميسّرة، في كلمة "برنابا" أو "إنجيل برنابا"، ما يلي: "إنجيل مزيّف وضعه أوروبي في القرن الخامس عشر. وفي وصفه للوسط السياسي والديني في القدس أيام المسيح أخطاء جسيمة، كما أنه يصرح على لسان عيسى أنه ليس المسيح، إنما جاء مبشراً بمحمد الذي سيكون المسيح".
أما من جهة المسيحيين المشرقيين، فقد حاولوا الرد على التخرصات والاتهامات والتزوير والافتراءات التي أُلصقت بإنجيلهم المعتمد والقانوني للنيل من صحته. فصدرت بعض المقالات والكتيّبات وأُذيعت لتبيان كتاب "إنجيل برنابا" شهادة زور على القرآن بالذات ونقض للإنجيل والقرآن معاً.

المخطط والمضمون
يتبع كاتب هذا "الإنجيل" الإطار العام الذي نجده في الأناجيل الإزائية:
أ) التقديم أو الفاتحة، يذكر فيها المؤلف باعثه على كتابة "الإنجيل": إفساد العقيدة، ومواقع هذا الإفساد ثلاثة: إسناد الألوهة إلى يسوع الذي يُدعى المسيح، ورفض الختان، وإباحة الأطعمة المنجّسة.
ب) طفولة يسوع وحداثته (الفصول من 1 الى 9).
ج) دعوة يسوع: يركّز هذا القسم الطويل من "إنجيله" على الفكرة الأساسية التي جعل منها قضية الكتاب ومحوره، وهي أن يسوع محض إنسان، وأنه نبي لا غير، يمهّد الطريق للمسيح الموعود الذي سيأتي بعده، وأن هذا المسيح الموعود هو محمد نبي الإسلام. ويتضمن هذا القسم حياة يسوع من بدء الدعوة إلى غروبها.
1- السنة الأولى من دعوة يسوع (تتضمن الفصول من 10 إلى 46)، وفيها التصريح الأول بمجيء محمد.
2- السنة الثانية من رسالة يسوع (تتضمن الفصول من 47 إلى 191)، وهمّ المؤلف تجريد يسوع من صفة الألوهة ثم من صفتَي المسيحانية والملكية، مؤكداً أنه مجرد إنسان أُرسل في آل إسرائيل نبياً، وأنه في مزاولته النبوة يمهّد السبيل للمسيح، ورسول الله، محمد. "... في ذلك الوقت يرحم الله العالم فيرسل رسوله الذي تستقر على رأسه غمامة بيضاء يعرفه أحد مختاري الله وهو سيظهره للعالم ..." (62).
3- آخرة يسوع على الأرض (تتضمن الفصول من 192 - 222). يذكر المؤلف في هذا القسم الأخير، الذي يتضمن الأسابيع الأخيرة من حياة يسوع، بعث لعازر من بين الأموات، ثم إعلان يسوع الحاسم بأن المسيح الموعود هو من ذرية إسماعيل. "فيجرّ عليه هذا الإعلان مؤامرة السلطات اليهودية الأخيرة. ويقود يهوذا الجند للقبض عليه ولكنه بمعجزة ينزل عليه شَبَه يسوع فيؤخذ ويحاكم ويصلب. ويقابل يسوع لآخر مرة أمه والرسل ثم يُرفع إلى السماء".

محور مضمون الكتاب
يتمحور "إنجيل برنابا" حول الفكرة الرئيسية وهي أن المسيح هو محمد بن عبد الله (أو محمد هو المسيح الحقيقي المنتظَر) أما يسوع (عيسى) ابن مريم فهو السابق الممهِّد للمسيح (محمد) والمتنبئ عن ذلك الذي سيأتي بعده أي محمد. ويطبق هذا الكتاب على يسوع بعض ما ورد عن يوحنا المعمدان في الإنجيل بحسب لوقا البشير. ويضرب صفحاً عن وجود زكريا وأليصابات وابنهما يوحنا، ذلك لأن الكاتب يبدّل الأدوار في كتابه: المسيح هو محمد، وسابق المسيح هو يسوع نفسه. ومن ثم فلا داعي لإقحام يوحنا المعمدان في حياة يسوع، هذا وقد أفضى غياب يوحنا المعمدان عن المسرح إلى إغفال اعتماد يسوع على يده.
فمَن سيكون عيسى ابن مريم في إنجيل برنابا؟ ومن هو المسيح المنتظَر بحسب هذا الإنجيل؟
يصرح يسوع لرسله الحواريين: "أما من خصوصي فإني قد أتيت لأهيئ الطريق لرسول الله الذي سيأتي لخلاص العالم. ولكن إحذروا أن تُغشّوا لأنه سيأتي أنبياء كذبة كثيرون يأخذون كلامي (يؤولونه) وينجسون إنجيلي" (72/ 10- 11). ويصرّح أن المسيح هو محمد بن عبد الله على ثلاث مراحل:
- أولاً لرسله الحواريين: (72/ 12- 24) وهناك علامات أربع لظهور المسيح الحقيقي، محمد بن عبد الله: إبطال الإنجيل، انتقام النبي الآتي من المسيحيين، سقوط الأصنام، الاعتراف بيسوع بشراً لا أكثر.
- ثانياً للشعب ولرؤسائه (91- 98) "... أجاب يسوع: إن اسم المسيح (ماسيّا) عجيب... إن اسمه المبارَك: محمد. حينئذ رفع الجمهور أصواتهم قائلين: يا الله أرسل لنا رسولك. يا محمد، تعال سريعاً لخلاص العالم" (97/ 13- 18).
- ثالثا في محاكمة يسوع (194- 208) وقد جرّده الكاتب من ألوهته ومسيحانيته وملكيته (126- 138).
يأخذ محمد شخصية المسيح في التوراة، فيحرّف المؤلف الكتاب والإنجيل- في المعطيات والأقوال والأحداث والشخصيات- لبلوغ مآربه. كما أنه يكذّب كل نبوة: "ما لي أتكلم عن كتاب موسى وكتاب داود؟ لقد فسدت كل نبوة" (189/ 10- 11). ويؤكد يسوع لتلاميذه أن الأنبياء قد جاؤوا كلهم إلا رسول الله الذي سيأتي بعدي لأن الله يريد ذلك حتى أهيئ طريقه" (36/ 6). وفي بدء دعوته يصرح يسوع: "الحق أني لست مسيّا" (42/ 5). ويضع الكاتب على لسان يسوع كلام يوحنا المعمدان: "أنا صوت صارخ في اليهودية كلها يصرخ: أعدّوا طريق رسول الرب..." (42/ 10- 11 يوحنا 1/ 19 – 27).
وبحسب كاتب الإنجيل اسماعيل هو ابن الموعد لابراهيم، ابن أمه هاجر؛ لا إسحاق، ابن زوجته الشرعية سارة؛ والذبيحة المحرقة هو الوحيد اسماعيل (13/ 15؛ 191).
ويضع نص الشهادة الإسلامية في بدء الخليقة مع آدم: لما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس، نصها: "لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله"، وكذلك كتب الله على ظفر إبهام يد آدم اليمنى: "لا إله إلاّ الله"، وعلى ظفر إبهام اليد اليسرى: "محمد رسول الله". وعند خروج آدم من الجنّة رأى فوق بابها: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" (39/ 23- 26؛ 41/ 30).
ويجعل المؤلف من نفسه في كتابه أحد الإثني عشر، بل أقربهم إلى يسوع وأفضلهم. فيلعب الدور الأول بين الرسل، ويحل المؤلف برنابا محل بطرس، ويحل نفسه الثالث بين الرسل في قائمة الرسل (14/ 10- 17)، وهو وحده يأمره يسوع بكتابة الإنجيل الصحيح "... يا برنابا عليك أن تكتب إنجيلي حتماً..." (221/ 1).

التحريف والتزوير في "إنجيل برنابا" المنحول
إن الأدلّة على التحريف والتزوير في هذا الإنجيل كثيرة حتى لا تُحصى. ونذكر هنا أهمها:
- تبيَّن من تحليل نوع الحبر الذي يتخلل ورق الكتاب وكذلك من نوع الخط الإيطالي المستعمل في المخطوط أن الإنجيل لا يرتقي إلى أبعد من القرن السادس عشر.
- كل الأناجيل المنحولة المعروفة وُضعت بلغات شرقية، وحده إنجيل برنابا وُضع باللغة الإيطالية وهو غير مترجم بل أصلي.
- أسلوبه إنشائي تابع لحقبة دانتي الشاعر الملحمي، ويستعمل لغة طوسكانا الإيطالية، مع تعابير لغة البندقية.
- ناهيك عن الأغلاط التاريخية- والتزوير التاريخي المتكرر- والجغرافية العديدة المتكررة والتعابير التي تفضح هوية الكاتب وجهله للبيئة المعاصرة للمسيح وللتاريخ القديم (للأحداث وللأشخاص). فهو بعيد عن الأحداث في صحتها التاريخية، وغير ملمّ بتاريخ الأمة اليهودية وعاداتها في الدين والدنيا، وهو متعثّر في شؤون جغرافية بلاد فلسطين، وهو غريب عن هذا البلد، جاهل، فلا يمكن التعويل عليه، متعمّد الافساد، ويوجب الحذر والنبذ.
إنه يجهل أوضاع عصر يسوع، فيتعثر في الشؤون المجتمعية والسياسية والعسكرية. فنجد في هذا الإنجيل الخلط في تقسيم فلسطين، وبين المدن ومواقعها (فالناصرة على البحر، وكفرناحوم على المرتفعات (20؛ 21؛ 147- 152)، والخلط في واقع السكان الإثني (142؛ 9؛ 21؛ 217) وفي حقيقة الفرّيسيين وتاريخهم (69؛ 144؛ 145- 150)، وفي النقود المستعملة في عهد المسيح (98)، وفي هوية السلطات المدنية والدينية ( 217؛ 214)، وفي العادات الدينية اليهودية: سنة اليوبيل (83) التي تقع كل 100 سنة والصيام الأربعيني، وعيد المظال (15 و 30)، وساعات الصلاة (155- 156)...
- إنه شديد الارتباط ببيئة العصور الوسطى: في فلسفته (إنه أسير فلسفة الأرسطوطاليسية المنتشرة في الغرب في القرن الثاني عشر فما بعد)، فالأوضاع والتعابير الفلسفية التي ترد على لسان يسوع في هذا الإنجيل متأثرة ومشبعة من العصر الوسيط، كاستعمال الغاية والحركة والعرض (83/ 30)، وتقسيم النفس من حيث العمل والجوهر، وإلى حاسية ونباتية وعقلية (106/ 3) الخ. ونستشف من صوفيته سمات وتعابير ذاك العصر: ظاهرة البكاء عند الصالحين والتائبين، وطريقة الكلام على الراء والمرائين، والخطيئة (153) ونظرية الخطايا الرئيسة السبع (135)، وكذلك تقسيم الجحيم إلى سبع منازل، وهكذا قسم دانتي (1265- 1321) منازل الجحيم في كتابه "الكوميديا الإلهية"، ووصف اليوم الآخر، الخ.
ويستخدم الكاتب، في سياق كتابه، أسلوباً للتأثير، كثيراً ما نجده في القصص الأسطوري، بتضخيم الأرقام:
- حراسة يسوع مضمونة ب 1000 الف ملاك؛
- يخلق الله التراب الذي سيصنع منه الإنسان ثم يدعه يرتاح 25 الف سنة (35/ 6-7)؛
- خلق الله روح رسول الله قبل كل شيء ب 60 الف سنة (35/8)؛
- يغلب إبليس مخائيل بضربه 100 الف ضربة بحربته (57/1 – 3)؛
- المُعتَرى فيه 6666 شيطاناً (21/ 6)؛
- عدد الأنبياء 144 الفاً (17/ 21؛ 35/ 8)؛
- يعد جبريل يسوع بالف الف من الملائكة يحرسونه، الخ.
- ويستعمل تعابير الترجمة اللاتينية المعروفة بـ "فولغات" (أي الشعبية).


إنجيل برنابا طعن في صحة القرآن وصدق رسالة محمد
إن دعاة "إنجيل برنابا"، بتشبّثهم وتهوّرهم، يفتحون ثغرات في بنيان الإسلام ويسددون ضربات إلى صحة القرآن وصدق رسالة محمد. وإذا ما اعتمدوا هذا الكتاب للطعن في حقيقة المسيح وصحة المسيحية، فإن بعض النَّبل، التي يسددها إنجيل برنابا إلى المعتقدات المسيحية، ترتدّ، عن علم منهم أو عن جهل، على الإسلام بالذات للنيل من المعتقدات الإسلامية، مما يؤدي إلى تخطئة القرآن وتسفيه وتكذيب ما جاء في الإنجيل والقرآن معاً حول قضايا إيمانية صميمية مشتركة. فإذا كان مؤلف هذا الإنجيل لمٍ يرحم المسيحية والمسيحيين، فهو، من حيث لا يدري، لم يرفق أيضاً بالإسلام والمسلمين في قضايا تتعارض مع معطيات القرآن والمعتقدات الاسلامية. ونشير باقتضاب، في هذه العُجالة، إلى بعض منها، بل إلى أهمها:
- القول بأن المسيح هو محمد بن عبد الله، لا عيسى ابن مريم، هو شهادة زور على الإنجيل والقرآن معاً.
- تجاهله شخص يحيى (يوحنا المعمدان) والإشاحة عنه، مناقض للقرآن وتزوير في شخصية الأنبياء ورسالتهم.
- اعتماده أسطورة الشبه ("شبّه لهم") التعليم الصحيح عن آخرة السيد المسيح وإسنادها إلى يهوذا الإسخريوطي (215- 221) دليل واضح تضليلي قد وضع حتماً بعد الإسلام؛ فقد شاعت هذه الأسطورة بعد القرآن بزمن بعيد. وفي تاريخ المسيحية، قبل الإسلام، لم يقل أحد بمقالة الشبه. وعلاوة على ذلك فإن أقوال المسلمين متضاربة حول الموضوع، وقد حسم الرازي كل جدل مستنتجاً أن موت المسيح عيسى ابن مريم حدث تاريخي لا سبيل إلى إنكاره. وأبان الرازي الإشكالات الستة في إلقاء شبه المسيح على الغير. والسؤال المطروح: هل المسلمون أشد حرصاً على سلامة ما جاء في القرآن من المسيحيين على سلامة ما جاء في إنجيلهم حول هذا الموضوع وغيره؟!
- دعوة إنجيل برنابا لوحدة الزواج (115/ 18) مناقضة للقرآن والإسلام.
- وكذلك دعوته للزهد والكفر بالجسد من الرهبانية المسيحية؛ ومعروف أن "لا رهبانية في الإسلام".
- كلامه عن الخطيئة الأصلية والقضاء والقدر تنكُّر لمقالة الإسلام.
- ناهيك عن الأمور الأخرى الخاطئة والمغلوطة التي يتطرق إليها هذا الإنجيل المشحونة بالتحريف الديني التاريخي...
يتضح من الأدلة الموضوعية والأسلوبية أن إنجيل برنابا منحول مزوّر، يخطئ الإنجيل والقرآن، ويسفّه تعاليم هذا وذاك، وينقض عقيدة المسيحيين والمسلمين على السواء. فلو أدرك دعاة هذا الإنجيل ما يشحنه من مغالطات ومناقضات وتكذيب وتزوير لما أقدموا ولا تجرأوا على اعتماده للطعن في المقدسات والعقائد المسيحية. إنه كتاب مدسوس، مغلوط، لا يجوز أبداً الأخذ بتعاليمه لكونه يستهدف في النهاية النيل من القرآن والكتاب، ومن المسلمين والمسيحيين. والأفضل أن يشهّر به ويرفض وينبذ، ليبقى قابعاً في زوايا المكتبات، بعيداً عن عيون القراء...
كتب المترجم، خليل سعادة، في مقدمة إنجيل برنابا: "إنه لم يرد لهذا الإنجيل في كتابات مشاهير الكتاب المسلمين سواء في الأعصر القديمة أو الحديثة، حتى ولا في مؤلفات من انقطع منهم إلى الأبحاث والمجادلات الدينية، مع أن إنجيل برنابا أمضى سلاح لهم في مثل تلك المناقشات، وليس ذلك فقط، بل لم يرد لهذا الإنجيل في فهارس الكتب القديمة عند الأعارب أو الأعاجم أو المستشرقين الذي وضعوا فهارس لأندر الكتب العربية من قديمة وحديثة".
وهذا الكتاب، الأصلي في نصه الإيطالي، هو إنجيل منحول لم يكتبه برنابا تلميذ بولس الرسول، بل وضعه الأخ مارينو، الذي تذكره مقدمة الترجمة الإسبانية، ما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM