سبّحوه بالعود والكنّارة، صلاة من المزامير : فرحت بالقائلين لي

فرحت بالقائلين لي:122

وصل الحجّاج إلى أورشليم، فبدت لهم المدينة المقدّسة في كلّ بهائها. حينئذ عبرّوا عن فرحتهم ودهشتهم. غير أن هذا الفرح الذي حصلوا الآن عليه، قد بدأ يحلّ فيهم منذ زمن بعيد، منذ بدأ الحجّاج يزورون بيوت إخوتهم ويدعونهم لمرافقتهم في مسيرة الحجّ. ويتذكّر أحدُ الحجّاج "المنادي" الذي جاء يدعوه للذهاب إلى بيت الرب (آ 1).
الطريق طويلة، الطريق صعبة. ولكن الحجّاج نسوا الآن هذا كله، فامتلأ قلبهم بالفرح، فرح الانطلاق وفرح الوصول. حينئذ يتفجّر من أعماقهم نشيد الشكر وعرفان الجميل. كلّهم هنا في صفّ واحد. كلّهم متراصّون مثل حجارة أورشليم. كلهم يؤلّفون وحدة تامّة وجماعة مؤمنة في مسيرتها إلى الربّ.
وموقف الحجّاج أمام المشهد الذي ينتصب أمامهم، هو موقف الإجلال والدهشة. وهم يتكلّمون عن أورشليم لا كمدينة من المدن، بل كالمدينة، بل كأنها شخص حيّ جاؤوا يزورونه. أجل، أورشليم هي أكثر من حجارة ميتة. هي حيّة. وحضور الله في الهيكل يحوّل كل شيء، فتنتعش الحجارة ويضيء البناء.
جاءت الأسباط كلّها إلى أورشليم. ولكنها جاءت معاً. فالتضامن الأخويّ يوحّد كل واحد منهم، حتى أولئك الذين لا يعون شيئاً. والنعمة تطال الذاهبين إلى الحجّ. ومن تخلّف كان من الخاسرين. عصى أمرَ الربّ وفرائضه. بل لم يكن له لقاء مع الربّ في هيكله. جاء الربّ إلى موضع اللقاء، ولكننا نحن كنّّا غائبين. أما الذين ذهبوا، فسينعمون بالسلام الذي نعمت به أورشليم، وبالسعادة التي يعرفها أحبّاء الله.

صلاتي اليوم يا رب، صلاة الفرح، صلاة البهجة
أريد أن أنسى طلباتي، وأنت عالم بها تبل أن نسألك سؤالاً
أريد أن أنسى خطاياي، وأنت تغفرها للسائرين نحو معبدك،
تستقبلهم كما استقبلت الابن الشاطر الضالّ العائد إليك
أريد أن أنسى ذاتي في جمهور هؤلاء المؤمنين المتوجّهين إليك،
الذين يرفعون أنظارهم وعقولهم وقلوبهم إلى مقرّ سكناك.

نعبرّ عن فرحتنا بك، أنت يا خالقنا ومخلّصنا
أنت تفرح بأعمالك، ونحن بك نفرح
ونأتي إلى معبدك، نهلّل لك، ونهتف لك يا خالقنا، نهتف لك بالأناشيد
بل ندعو الأمم ليحدّثوا بمجدك، وجميع الشعوب ليخبروا بعجائبك
فما أعظمك يا رب.

فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب.
تقف أقدامنا هناك في أبوابك يا أورشليم.
أورشليم المبنيّة كمدينة توحّد وتجمع بيننا.

بين الذهاب والوصول الوقت قصير، أو هو بدا قصيراً بالنسبة إلى الحجّاج الآتين إليك
بين وقت نادى فيه المنادي وتجمّع المؤمنون
وبين وقت وصل فيه المؤمنون إلى أبواب هيكلك
مرّ يومان أو ثلاثة أو أربعة، ولكنها بالنسبة إلى المحبّ دقيقة،
وقلبه مشدود إليك يا حبيب القلوب
أنت يا من معك تقصر المسافات، وبرفقتك يحلو السير، وعلى سماع تهاليلك يزول التعب.
لم تكن الطريق سهلة يا رب. وأنا أصعد قمة جبل، وأنزل وادياً بعده جبل
ولكن الصعوبات تبخّرت، يوم أطللت علينا من البعيد من تلّة صهيون
وتجلّى لنا وجهك وتراءى، فهتفنا هتاف الفرح وبلغت أصواتنا أعلى السحاب.

لم تكن الطريق سهلة يا رب، والشوك يدمي قدمي والحجر يؤلمها
ولكنك أنت حارسي، لا تغفو ولا تنام
لا تترك قدمي تزل ولا رجلي تعثر
بل ترسل ملاكك فتوصيه بي ليحفظني في الطريق
ليحملني على يده فلا تصطدم رجلي بحجر.

لم تكن الطريق سهلة وكان الهازئون كثيرين: أين إلهك لا ينجّيك؟
إتّكلَ على الرب، فلينجّه الرب إن كان راضياً عنه
رافقني الضيقُ يا ربّ، وحاربَني الخصومُ
فصرخت إليك في ضيقي فنجيتني من خصومي، من الشفاه الكاذبة.
نجيّتني من اللسان الخادع، نجيتني من الذين لا مكان للسلام في قلوبهم.
فالشكر لك يا رب، الشكر لك.
وصلت أقدامنا هناك إلى أورشليم، حيث مقامك وسكناك
وصلنا مع الواصلين، ومنهم من قال لنا فرحته بك يوم التقاك.
إلتقاك في الأيام الماضية فعاد اليوم إليك
صعدنا حتى وصلنا إليك، صعدنا مع الصاعدين، وأنشدنا المنشدين.
سألنا أمراً واحداً، طلبنا مطلباً واحداً: أن ننظر إلى هيكلك، أن نقيم في ديارك
أن نعاين السعادة التي يتمتّع بها سكان بيتك.
أعطي لنا كل هذا، ننحن لن نسأل شيئاً بعد
ولا نطلب شيئاً، بعد أن أعطي لنا حظ لن يُنزع منا.

أورشليم أمامنا بأسوارها العالية وألوانها الزاهية
حجارتها العديدة حجر واحد مبنيّ عليك أنت الصخرة يا ألله
حجارتها العديدة هي أبعد ما تكون عن كومة مبعثرة أو رجمة على تلة
حجارتها أسوار منشقة حول مديتك، حول الهيكل بيتك.

أورشليم يا رب صورة عن شعبك
تحيط بها الجبال، فتعطيها قوّة ومناعة، وأنت تحيط بشعبك من الآن وإلى الأبد
حجارتها تتماسك في وحدة يجمع بينها اللبن والطين
وشعبك واحد لأنك أنت لحمته، أنت يا من تجمعه كما يجمع الراعي خرافه
أنت يا من توحّد بين أفراده كما يوحّد الملك شعبه.

أورشليم يا ربّ صورة عن كنيستك
هي تجمعنا باسمك من اليهودية والسامرة والجليل بل من أقاصي الأرض
هي توحّد بيننا رغم خلافاتنا واختلافاتنا
نتكوِّن منا أغصاناً في كرمتك، وأعضاء في جسدك، وتلاميذ على خطاك
إلينا تُوصل الإيمان بك، وتنعش حياتنا بحياتك،
وتقدّم لنا تعاليمك، نحن شعبك وميراثك
وتعطينا كل هذه الخيرات ميراثاً، كما يعطي الأب أبناءه.

الشكر لك يا رب، والمجد لك.
إجعلنا حجارة حيّة في كنيستك
أفهمنا أن لا حياة لنا في داخلنا،
وأننا سنكون أغصاناً يابسة إن لم نتّحد بك أيتها الكرمة الحقيقيّة
أفهمنا أن لا معنى لوجودنا إن لم نفهم أهميّة اتحادنا في جسدك الواحد:
تقوم العين بعملها، واليد بعملها، والأذن بعملها، والرجل بعملها
فلا يفتخر عضو على الآخر، بل يجعل غناه في خدمة الآخرين.
من أعطي أن يخدم يخدم، ومن أعطي موهبة التكلّم يتكلّم.
وأوضع الأعمال في كنيستك تحصل على الكرامة والوقار
لأنك أنت ترفع المتواضعين وتحطّ المتكبرين.

إلى هناك تصعد الأسباط، أسباط بني إسرائيل
ليحمدوا اسم الرب حسب فرائضه لهم
هناك أقيمت عروش حكّام بيت داود.

نحن لا ندخل بيتك يا رب كما ندخل أي بيت من بيوتنا
عتبتك فاصل بين عالم الناس وعالم الله، بين ما هو عاديّ وما هو مقدّس
قبل دخول بيتك نتوقّف ونسمع:
من يحق له أن يقيم في بيتك؟ السالك في طريق الكمال.
من يقيم في موضع تحلّ فيه قداستك؟
النقيّ اليدين، الطاهر القلب.

ونسمع التعليم نحن مؤمنيك
أتينا إليك لأنك أوصيتنا بذلك، بل فرضته علينا كما يفرض الحبيب على حبيبه موعداً للقاء.
أتينا إليك لنمجّد اسمك، ونجدّد العهد معك
أتبنا إليك كلنا، أتت إليك الأسباط الإثنا عشر، ومن خلالهم شعبك كله
أتى إليك الرسل الإثنا عشر، ومن خلالهم كنيستك كلها
بل البشرية المدعوة كلها إلى حظيرتك
وكم نتمنّى أن يأتيك الناس من المشرق والمغرب من الشمال والجنوب!
يتكئون إلى مائدتك، يكونون معك، ونكون كلنا معك كنيسة واحدة موحّدة.

أطلبوا السلام لأورشليم. قولوا: ليسعد أحبّاؤك
ليكن السلام في أسوارك والسعادة في قصورك
إكراماً لإخوتي ورفاقي أدعو لك بالسلام
إكراماً بقيت الرب إلهنا أطلب لك الخير.

نقف على عتبة بيتك يا رب، وننظر ونعدّ الوافدين إلى هيكلك
أين هم البعيدون الذين لم يعرفوك بعد؟
أين هم القريبون الذين تسمّوا باسمك؟ أين آباؤنا وإخوتنا وأبناؤنا لا يهمّهم بيتك وحضورك، لا يهتمّون لوصاياك وفرائضك؟
شعبنا مقسّم، وكلّ يعبدك كما يشاء، أو هو يعبد نفسه ومصالحه ويعتبر عمله عبادة لك.

هذا ما يؤلم قلبنا، ولهذا جئنا نصلي
نصلّي من أجل السلام داخل أورشليم وخارجها، في أرضنا وعلى حدودها
نصلي من أجل السلام في شعبنا وبين شعوب العالم
نصلّي من أجل أمان الأديرة ووحدة الكنائس، فيعرف الناس حولنا أننا تلاميذك،

وعندما يحلّ علينا سلامك تكون السعادة لنا، لأورشليم،
تكون السعادة لكنيستك وشعبك، للعالم أجمع.
سلامك غير سلام العالم الزائل
لذلك ستكون السعادة الآتية من عندك سعادة دائمة
والحياة معك تكون نهاراً لا ليل فيه، وربيعاً لا برد فيه ولا حر، وعيداً لا بكاء فيه ولا دموع.

تلك هي صلاتي إليك يا رب، باسمي أنا، باسم اخوتي ورفاقي، باسم جميع الناس.
باسم الذين يصلّون إليك، وباسم الذين لا يدعون اسمك
لهم جميعاً أطلب السعادة والسلام منك يا رب الذي لا تميّز في عطائك بين الأبرار والأشرار
أطلب الخير لجمعنا وشعبنا، وأنا عارف أن صلاتي لا تخيب، لأني في بيتك أقيم وبيتك له كرامته.

إكراماً لبيتك أيها الرب إلهنا، وإكراماً لكلامك الذي تتلوه كل يوم على مسامعنا، إكراماً لجسدك الذي تكسره لنا، ودمك الذي تسقينا
إمنح السلام لشعبك، والسعادة لكنيستك، والخير للعالم أجمع
فيعمّ الفرح، وتنتعش القلوب بالرجاء بك، يا خالقنا ومخلّص الملتجئين إليك.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM