الفصل الثاني والأربعون :تفسير الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي

 

الفصل الثاني والأربعون
تفسير الرسالة الثانية
إلى أهل تسالونيكي

كتب بولس الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي ولم يمرَّ وقت طويل على الرسالة الأولى، فاستعاد نقطةً تطرّق إليها في 1 تس وهي: المشكلة المطروحة بمجيء المسيح المجيد. هذا الموضوع ما زال يقلق بال المسيحيّين في تسالونيكي فاعتبر بعضُهم أنَّ ذلك اليومَ جاء (2: 2)، واعتبر البعض الآخر أنه قريب جدًا فرفضوا أن يعملوا، وعاشوا في الكسل على حساب الآخرين.
نتوقّف عند هذه الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي لنشرحها. بعد العنوان والسلام (1: 1-2) نسمع كلام القديس بولس عن الورَع المسيحي والثبات في الاضطهادات، وهذا دليلُ خلاص في يوم الدينونة. ويصل بولس إلى الموضوع الأساسي في رسالته وهو يوم الربّ (2: 1-3: 5). فبعد أن يوضح الأمور يشجّع المؤمنين الذين سيقوّيهم الله ويحفظهم من الشرير. في مقطع أخير يتصدّى بولس لمشكلة الفوضى والكسل (3: 6-15). ثم يُنهي رسالتَه بصلاة وداعيّة وبركة (3: 16- 18).
أ- القسم الأول: الورع المسيحي في تسالونيكي (1: 1- 12)
1: 1-2 العنوان والسلامات: العنوان هو ذاته الذي نقرأه في 1 تس.
في آ 1 نقرأ "في الله أبينا" لا "في الله الآب". وهذا ما نجده في روم 7:1؛ 1 كور 1: 3؛ 2 كور 1: 2. كان السلام مختصرًا في 1 تس فكتب بولس: عليكم النعمةُ والسلام. أما في 2 تس فنقرأ: عليكم النعمة والسلام من الله الآب ومن الربّ يسوع المسيح.
وذكرُ بولس وسلوانس وتيموتاوس في بداية الرسالة يفرض أنها كُتبت بعد وقت قصير لأن أع 18: 5 هو آخر نصّ يشير إلى حضور سلوانس قرب بولس. يبدو أن سلوانس لم يشارك بولس في عمل التبشير بعد رسالة كورنتوس.
لا يطالب بولس بلقب رسول كما يفعل في رسالته إلى الغلاطيّين والكورنثيّين لأن لا أحد يناقشه هذا الأمر (رج فل 1: 1 حيث يسمّي نفسه خادم يسوع المسيح).
كلمة كنيسة مستعملة هنا بمعنى الجماعة المسيحيّة المحليّة. هذه الكلمة تعود إلى العهد القديم حيث جماعة الرب (قهل في العبرانية) تدلّ على تجمّع الشعب يدعوه الله (تث 23: 2-9).
آ 3-4 ويبدأ بولس فعل الشكر كما في معظم رسائله فيؤكّد لقرّائه أنه يوجّه إلى الله أفعال شكر متواصلة من أجلهم. ما سبب أفعال شكر الرسول؟ إيمانُ التسالونيكيّين الذي ما زال ينمو وحبُّهم بعضهم لبعض الذي يزداد يومًا بعد يوم. يمكننا أن نفترض أن بولس تلقّى من تسالونيكي أخبارًا مفرحة حملت إليه استجابة صلواته من أجل كنيسة تركها في خضمّ الاضطرابات (1 تس 1: 2؛ 3: 12 ي). ولكن ندهش ألاّ يذكر رجاء التسالونيكيّين (رج 1 تس 1: 3) لأنه يشكّل مع الايمان والمحبة مثلثًا يحدّد في نظر بولس حياة المسيحي بعناصرها الجوهريّة. فإن نقَص عنصرٌ تشوَهت صورة هذه الحياة المسيحيّة (1 تس 5: 8؛ 1 كور 13:13). إن عدم ذكر الرجاء يدل على أن 2 تس كُتبت في إطار يختلف عن الإطار الذي كُتبت فيه 1 تس. ولا يشكر بولس الله فقط من أجل نموّ التسالونيكيّين في الايمان والمحبّة، بل يفتخر بهم في كنائس الله بسبب الصبر والايمان في الاضطهادات التي يحتملونها. في 1 تس قال بولس إن التسالونيكيّين صاروا مثالاً للمؤمنين في اليونان (1 تس 1: 7)، إنهم إكليلُ فخره أمام الرب (1 تس 19:2). وها هو يتحدّث الآن عن صبر التسالونيكيّين في الاضطهاد فيتطرّق إلى موضوع جديد سيتوسّع فيه فيتذكّر المصير المجيد الذي ينتظرهم في مجيء ربنا. ولكنه يذكر مع الصبر الايمان. في الاضطهادات يبرهن المؤمنون عن صبرهم في إيمانهم، بانتظار يوم الربّ الذي يحمل إليهم الخلاص. أشارت 1 تس وأع 17: 5 ي إلى الاضطهادات التي رافقت تجمّع الكنيسة في تسالونيكي (1 تس 1: 5؛ 14:2؛ 3:3)، فتحدّث عنها بولس لا كأنها من الماضي بل كأنها حاضرة اليوم.
إن الضيقات تجمع بولس والمسيحيّين (1 تس 3:3-7) إلى آلام المسيح، وهي عربون الراحة الأخيرة (7:1). إن استعمال هذه الكلمة يربط الشقاء الحاضر بالضيق العظيم الذي يدلّ على نهاية الزمن. والروح الالهي يعطي الفرح وسط هذه المحن (روم 14: 17).
آ 5 ويعلن بولس أن الشدائد التي يتحمّلها التسالونيكيون هي الدليل على حكم الله العادل. سنعرف في آ 6 لماذا يجب أن يتألم التسالونيكيون الآن ليكون حكم الله في اليوم الأخير عادلاً بالنسبة إليهم وبالنسبة إلى مضطهديهم. إذا تألموا الآن فلكي يكونوا أهلاً لملكوت الله على يد الديّان السامي. كلُّ ألم لا يمنحهم هذه الدينونة، بل الألم الذي يتحمّلونه من أجل الملكوت. هذا ما قاله يسوع في مت 5: 10- 11: "طوبى للمضطَهدين من أجل البرّ (أو: الملكوت)، فإن لهم ملكوت السماوات. طوبى لكم إذا عيّروكم واضطهدوكم وقالوا عنكم كل كلمة سوء من أجلي".
آ 6 تُبرِّر هذه الآية ما ورد في آ 5. فالشدائد التي يتحمّلها التسالونيكيّون هي الدليل أن حكم الله عادلٌ لأن الله لن يتأخّر في أن يعطي الشدّة للمضطهدين والراحة للمؤمنين. هذه العدالة التي بها يعلن الله حكمَه. هذه العدالة التي يفترضها وجدانُ الانسان بل وجدانُ المؤمن، نجدها في العهد القديم (مز 73). إن انقلاب الحالة بين السعداء والتعساء في هذا العالم، بين المضطهدين والمضطَهدين كدليل على عدالة الله، أعلنه يسوع في إنجيله (لو 6: 20-26؛ 16: 25)، ودعا بولسُ المؤمنين لانتظارة فيحترزوا أن يمزجوه بعواطف الثأر والانتقام كما عند البشر (روم 12: 19 ي). والراحة الموعود بها للمضطَهذين تقابل الشدائد التي ستنتهي. وفي هذه الراحة يشارك المؤمنون الرسل. هذا ما قاله الرسول: إنكم في قلوبنا لنعيش معًا أو نموت معًا (2 كور 7: 3؛ رج 1 كور 8:4؛ 1 تس 2: 19ي).
أجل، الله ينتقم من الذين يضطهدون المسيحيّين (1 تس 4: 6) ويعطي هؤلاء الراحة (فل 1: 28). هذا الحكم لا يشكّ فيه بولس وهو العارف التقليد القائل إن الله يجازي كلّ إنسان حسب أعماله (مز 13:62؛ إر 17: 10؛ مت 16: 27؛ روم 2: 6؛ رؤ 2: 23).
آ 7-8 يومُ الربّ، يوم الحساب الأخير. فالله سيمارس دينونة عند مجيء الرب المسمّى ظهورًا (1 كور 1: 7؛ 1 بط 1: 7-13) لأن الجالس خفيًا عن يمين الله سيظهر في ذلك اليوم فتراه كلُّ العيون. ولكن كيف يكون هذا الظهور؟ سينزل الربُّ يسوعُ من السماء (1 تس 4: 16) موطن الله ويحمل معه مجازاته. سيرافقه الملائكة خدّامُ جبروته أي ملائكة يكونون بأمره فينفّذون رسالته كديّان في آخر الأزمنة (مر 38:8؛ مت 27:16؛ 24: 30؛ 25: 31؛ 1 تس 13:3). ستحيط به نار ملتهبة (آ 8) فتلحفه ببهاء مهيب للخاطئين. ويصور بولسُ الدينونة في نتائجها فتطابق ما قلناه عن ظهور الربّ: حينئذ يتقبّل العقاب هؤلاء الذين لا يعرفون الله ولا يطيعون إنجيل ربّنا يسوع. من هم هؤلاء الخطأة الذين يشير إليهم بولس؟ الذين لا يعرفون الربّ (رج إر 10: 25 حسب السبعينيّة)، هم الوثنيّون. والذين لا يطيعون الانجيل، هم اليهود الذين رفضوا أن يؤمنوا (روم 10: 16). هذا التفسير يتوافق مع حالة التسالونيكيّين الذين اضطهدهم الوثنيّون بتحريض من اليهود (أع 17: 5؛ 1 تس 2: 14 ي). هم لا يعرفون الله، أي لا يؤدّون له الإكرام والشكر كما لله (روم 1: 21)، وهم لا يطيعون إنجيل الربّ يسوع الذي به عرّف الله عن نفسه فرفضوا أن يقبلوا التعليم الذي يحرّرهم من كفرهم: أما سبب عقابهم فليس نشاطهم كمضطهدين بل كُفرهم الذي جعلهم يضطهدون المسيحيّين. الصورة هنا كما في 1 تس 4: 14- 17 تأخذ عناصرها من العالم الجلياني اليهودي: السماء (1 تس 16:4)، والملائكة (مت 39:13، 41)، النار المشتعلة تعطي بهاء للظهور (خر 3: 2؛ أش 66: 15؛ دا 7: 9- 11؛ مز 18: 8). نلاحظ الطريقة المعتدلة في التصوير والتي تبعدنا عن غزارة الصور في الجليان اليهوديّ.
آ 9 فماذا سيكون عقاب هؤلاء الكافرين؟ الهلاك الأبدي، الهلاك الأخير والنهائيّ، وهو عقاب يرتبط بالعالم الآتي. أما الطابع الروحي لهذه الدينونة فيشير إليه المفعولان اللذان يحدّدانه بالنسبة إلى مجيء الرب في مجده: سيُطرد المحكوم عليهم من حضرته، فلن يروه. أما المؤمنون فيُقبَلون في حضرته ويجدون في هذه الحالة تحقيق أعمق رغباتهم. والمحكوم عليهم سيُرذلون من مجد قوته فلا يشاركون القدرة التي يبسطها الله في مجيئه حين يظهر ملكوتُه ويُشرك فيه أحبّاءه.
آ 10 سيكون ظهور الربّ يسوع للكافرين دينونة وعقابًا وهلاكًا أبديًا، أمّا للمختارين فنورًا وحياة. إن هدف مجيء الرب هو تمجيده وتمجيد أخصّائه، لأنه لن يأتي وحده بل مع كل المؤمنين الذين يمجّدهم ويشركهم في انتصار موكبه (1 تس 4: 17) ومُلكه (1 كور 15: 23 ي؛ روم 17:8). هذا ما قالته نصوص العهد القديم بحسب السبعينية (مز 37:67؛ 8:88). من هم هؤلاء القدّيسون الذين يتمجّد الله في وسطهم؟ يمكن أن يكونوا الملائكة، وتشهد نصوص العهد الجديد (آ 7، مر 8: 38؛ لو 9: 26) على حضورهم بجانب الربّ يوم مجيئه. ولكن هدف الكاتب أن يبرز شناعة مصير المحكوم عليهم تجاه مجد الربّ وأخصائه، فالقدّيسون هم المؤمنون كما يسمّيهم بولس الرسول.
ويورد النصُّ فعلين متوازيين: يتمجّد ويُعجب، وكلاهما يشيران إلى مجد الرب حين يأتي ليدين العالم ويظهر قدرته.
إن قلنا يتمجّد في قدّيسيه شدّدنا على أن القدّيسين يشاركون في مجده ويتأملون في بهائه. وإن قلنا يتمجّد وسط قدّيسيه شدّدنا على مجيء الرب المجيد وعلى الموكي الذي يهيّئه له الملائكة والمؤمنون. لا حاجة إلى القول إن المؤمنين الممجَّدين هم الذين يحيطون بالرب ويهتفون له.
وحين تكلّم بولس عن الذين آمنوا به أشار إلى أن التسالونيكيّين سيكونون منهم، ولكنّه حدّد فكرته فقالت: لأنكم صدّقتم شهادتنا. فكما أن الكرازة الرسوليّة تسمّى شهادة المسيح (1 كور 1: 6) وشهادة الله (1 كور 2: 1) تسمّى هنا شهادتنا. فالرسل حملوا إلى التسالونيكيّين بكرازتهم، شهادةً لما عمله الله في يسوع المسيح. وهذه الشهادة صدَّقها التسالونيكيّون الذين ينتمون هم أيضًا إلى شعب المؤمنين الذين يشعّ وسطهم مجدُ الرب في ذلك اليوم الذي يكون يومه (1 تس 2:5، 4؛ 1 كور 1: 8؛ 5: 5؛ 2 كور 1: 14؛ رج أش 17:2، 20 بحسب السبعينيّة).
آ 11 ويبدأ بولس صلاته من أجل التسالونيكيّين منطلقًا من مجيء الرب مع نتائجه للكافرين والمؤمنين (آ 6- 10). بعد أن شكر، ها هو يتضرّع من أجل قرّائه كما اعتاد أن يفعل (1 تس 1: 2؛ 3: 11ي؛ فل 1: 3-9؛ روم 1: 8، 10). ماذا يطلب بولس من الله؟ أن يجعلهم أهلاً لدعوته، وأن يتمّم حياتهم فيجعل منهم مسيحيّين كاملين وأهلاً لأن يشاركوا الربَّ في مجده.
إذًا يطلب بولس من الله في تضرّعه أن يقود بنفسه حياة التسالونيكيّين إلى كمالها: فعمَلُ الايمان يتأسّس على مشيئة الله ونعمته، والصلاحُ يوحي به الله ويكمّل النوايا والمبادرات. المؤمنون عاجزون ولكن الله يفعل بقوّة، ولهذا ينتظر بولس استجابة دعوته.
آ 12 وإليكم الآن هدَف الصلاة: أن يتمجّد اسمُ الربّ يسوع في شخص المؤمنين الذين جعلهم أهلاً لدعوته، وهذا التمجيد يتمّ وقتَ مجيء ربّنا. ويحدّثنا بولسُ عن اسم ربّنا يسوع، لأن المؤمنين الذين كملوا (فل 3: 12) يكونون لمجد الربّ الذي يعترفون باسمه (فل 2: 11؛ 1 كور 12: 3؛ روم 9:8) ويكونون عمله. وهم بدورهم يتمجّدون به حين يُشركهم في مجده وقدرته وملكوته. كل هذا بفضل نعمة إلهنا والربِّ يسوعَ المسيح. فالنعمة التي هي أصل حياة المؤمنين وتحدّدها تحديدًا كاملاً (روم 6: 14) تقودها وحدَها إلى غايتها المجيدة.
الاسم يمثّل الشخص ويعطيه كينونته ونشاطه (رج مت 6: 9). والايمان باسم الربّ يسوع يميِّز الجماعة المسيحيّة الأولى (أع 2: 21؛ 3: 16؛ 4: 10- 12؛ 1 كور 1: 2؛ 5: 4؛ فل 2: 9 ي).
ب- القسم الثاني: مجيء الرب (2: 1-3: 5)
2: 1-2 لا بلبلة ولا اضطراب في ما يخصّ يوم الربّ:
إن فعل الشكر والتضرّع (3:1-12) وجّه أنظار القرّاء إلى مجيء الربّ الذي سيكون لمجد الربّ والمؤمنين في تسالونيكي. وهذا الاجتماع حول الربّ هو موضوع انتظارهم العميق (1 تس 4: 3-5: 11). إلاّ أن الرسول يعرض طلبًا بالنسبة إلى هذا الحدث الحاسم.
نشير هنا إلى أنّ 1 تس تحدّد متى سيكون المجيء. وها هو بولس في 2 تس يعالج أسئلة جديدةً طُرحت عليه. وهو لا يردّد (آ 5) ما سبق وقاله عن مصير الأحياء والموتى، ولكنّه يكتفي بأن يصحّح بعض الأخطاء ويؤكّد أن مجيء الربّ ليس قريبًا وستسبقه علاماتٌ نستطيع التعرّف إليها.
هناك مرحلتان رئيسيّتان في هذا الحدث: مجيء الرب (1 تس 19:2) وتجمّع الشعب المسيحانيّ حوله (9:1 ي؛ 1 تس 4: 15-17؛ مت 30:24 ي).
آ 2 علم بولس بوسائل لا نعرفها أن البلبلة تسيطر على الكنيسة، لأن بعض الناس اعتدّوا أنهم يتكلّمون باسمه فأعلنوا أنَّ يوم الرب جاء وهو هنا (وليس فقط اقترب). هذا لا يعني أن المجيء كما يصوّره (1 تس 4: 16 ي) قد حصل ولكنّه قريبٌ جدًا بحيث لم يبقَ لنا شيء نعمله. نحن نتصوّر القلق في الكنيسة والرعبَ الذي يُمسك بالمتزعزعين ثم ينتقل إلى الباقين. والذين خلقوا هذه البلبلة احتموا بسلطة الرسول: نبوءةٌ أو كلمةٌ عن يوم الربّ قالها أحدُ "الأنبياء" في جماعات الكنيسة الأولى (1 تس 5: 19 ي؛ 1 كور 14: 1ي). قولٌ يتميّز عن النبوءة بطابعه التعليميّ في إطار إسكاتولوجيّ. رسالةٌ تكون قد انتحلت اسمه أو الرسالة الأولى إلى تسالونيكي.
آ 3-4 قبل المجيء، الكفرُ ورجلُ المعصية:
يحذّر بولس التسالونيكيّين من الضلال: لا يخدعنَّكم أحدٌ بشكل من الأشكال، أكان بنبوءة أو قول أو رسالة، يجعلكم تعتقدون أنَّ يوم الرب جاء. إنه لن يحضر قبل أن تتمّ أحداثٌ معروفة وظاهرةٌ لا تمرُّ دون أن نحسّ بها. الكفرُ وظهور المعصيّة. في التقليد الجلياني اليهودي، الكفر يدلّ على ضيق آخر الزمان. وهذا الاعتقاد يرجع إلى ذكر المحاولة المريعة التي قام بها أنطيوخس الرابع إبيفانيوس (175-164 ق. م.) ليفرض الثقافة الهلّينيّة على اليهوديّة ويحارب عبادة الرب. في ذلك الوقت سقط كثيرون من المؤمنين وجحدوا إيمانهم. ولكن كيف ينظر القديس بولس إلى هذا الكفر؟ هل سيظهر في العالم عبر المعصية وفساد عام للأخلاق؟ هل يصيب الكنيسة؟ إذا نظرنا إلى القرينة نلاحظ الطابع الديني للكفر لأنه تخلّ عن الله بل ثورة على الله تتجسّد في رجل المعصيّة. وآخر غموض سينكشف في آ 8 حين يكون "محازبو" رجل المعصيّة أناسًا رفضوا الايمان بالانجيل. ثم إن الكفر لا يهمّ بولس بحدّ ذاته، بل لأنه يرى قبل كل شيء ظهور رجل المعصيّة الذي سيكون صورة كاملة عن الكفر ويظهر هذا الكفر بكل قوته. وقال بولس إن رجل المعصيّة سيظهر، ليشدّد على أنه يعارض المسيح وعلى أن ظهوره سيكون حلقة في سلسلة أحداث النهاية التي حدّد الله مسيرتها. ولكن يجب أن لا ننسب إلى رجل المعصية وجودًا أزليًا نقابله بوجود المسيح. هو سيظهر لأنه خفيّ (آ 6 ي) واسمه رجل المعصيّة لأنه يتميّز لا بالفساد الأخلاقي بل بثورته ضدّ الله. إنه ينكر وجود الله وسلطان الله. وابنُ المعصيّة هو ابنُ الهلاك لأن ثورة تعدّه لحكم الله عليه حكمًا لا رجوع عنه.
آ 4 الذي يقف ويرفع نفسه فوق كل ما يدعوه الناس إلهًا أو معبودًا. إذًا هناك معارضة قويّة. نحن أمام صورة عن ذلك الذي يحاول أن يحطّم كلّ الآلهة ويزيل عن سطح الأرض كلّ ما يذكّر الناس بارتباطهم بقوّة سامية. يقف بوجه كلّ شكل دينيّ فيُعلن أن إرادته هي شريعة بحدّ ذاتها، ويحاول أن يملأ الفراغ الذي يتركه الاله الذي يُنكره. ولكن سنكتشف من خلال بُنية كيانه عجزَه عن أن يرذل الله دون أن يحلّ مكانه.
يجلس في هيكل الله. أين؟ في هيكل اليهود أم في الكنيسة؟ لا في هذا ولا في تلك. حين يجلس على عرشه يعتبر أن صفات الألوهة تحلّ له. من هو هذا الشخص؟ لا أحد يعرف بالضبط مهما تكرّرت محاولات الشّراح. إنه عنصر من العناصر الجليانية وأصله يختفي في أصل الزمن، وكل عصر يحاول أن يطبّقه على جيله. هل نحن أمام صورة التنّين، تلك القوّة المعادية لله التي تحاول أن تستولي على عرش الله؟ مهما يكن من أمر، فهدفُ بولس أن يبيّن جوهر ثورة رجل المعصيّة وإرادته الحرّة في أن يحلّ محلَّ الله. لا يقول النصُّ أكثرَ من أنه يحاول أن يجعل نفسه إلهًا. ولكن من خلال الكلمات نفهم انتقال عواطف دينيّة على رجل المعصيّة وهذه العواطف تستيقظ وسط الجماعات التي تبدو وكأن أمور الدين لا تهمّها.
آ 5-7 ما الذي يؤخّر ظهور رجل المعصية؟
أكّد بولسُ أنَّ يوم الربّ لن يأتي قبل أن يسودَ الكفرُ ويظهرَ رجلُ المعصية (آ 3 ي). هذا الكلام يعود بالقرّاء إلى أمور يعرفونها فيذكّرهم بولس بالتعليم الذي أعطاهم يوم كان عندهم: هنا نتساءل كيف أن بولس كان قد أعلن في 1 تس 5: 2 أنَّ يوم الربّ يأتي كلصّ في الليل لا ينتظره أحد، وهو يقول الآن إن يوم الربّ ستسبقه أحداثٌ مخيفةٌ كالكفر وظهور رجل المعصية.
آ 6 ويستند بولس إلى جواب بالايجاب فيقول: والآن، إذًا... تعرفون ما يعوقه عن الظهور في حينه. هناك أزمنة تقود إلى يوم الربّ بحسب مخطّط الله، وهناك زمن مُعدٌّ لظهور رجل المعصيّة، وقبل هذا الزمن لن يظهر. والحال أن هذا الوقت لم يحضر بعد لأن هناك ما يعوق رجل المعصيّة، هناك قوّة خفيّة يعرفها التسالونيكيّون.
آ 7 ويحاول بولس أن يبيّن أن الزمنَ الحاضر ليس زمنَ رجل المعصية. وهو زمن يحمل الخطر، سرُّ المعصية يعمل الآن عمله. وهذا الزمن يسبق زمن ظهور رجل المعصية، والمعصية تعمل بطريقة خفيّة لا يدري بها إلاّ الرجل المتنبِّه. لهذا تحدّث الكاتب عن سرّ المعصية. بالنسبة إلى الفكر الجلياني، كلُّ أحداث النهاية حدّدها الله في مخطّطه الأزلي ولكنها تبقى أسرارًا حتى تتمّ، وهي لا تُعرف إلاّ إذا كشف الله عنها لبعض عباده. وهكذا فالمعصَية سرٌّ وإن كانت واقعًا لأنها تعمل في السرّ عملها في العالم. لماذا لا تظهر بوضوح؟ لماذا لا تتجسّد أمام الجميع في شخص رجل المعصية؟ لأن الوقت لم يحن ولأن العائق يعوق رجل المعصية بقدرة سريّة يمارسها رجلٌ لم تحدّد وظيفتُه. غير أنه يجب أن ننتظر زوال العائق. إن مسيرة الأحداث وتوالي الأشخاص تخضع لإرادة الله الذي يبقى السيّد لتنفيذ مخطّطه وإكماله. فإذا أمر بأن يزول العائق، يظهر رجل المعصيّة لأن وقته جاء وأعطيت له حريّة العمل.
ما هو العائق، ومن هو المُعيق؟ قال الشرح التقليدي إنه المملكة الرومانيّة والإمبراطور. ولكن الشرّاح الألمان عرضوا عناصر تفسير أسطورية عن العائق: في البدء، يوم خلق الإله الكون تصارع مع وحش هو التنّين (عند البابليّين) والحيّة (عند الفرس) أو الذئاب... انتصر الاله على الوحش وقيَّده لئلا يسيء إلى أحد، ولكنه سيطلقه في نهاية الأزمنة فيحارب الاله الذي سيعدمه الوجود. أما الطابع الخاصُّ للزمن الحاضر فهو أن الوحش أسيرٌ الآن وهو لا يستطيع أن يفعل شيئًا... ولكن لا بدّ من القول إن هذا الوحش الظاهر عند خلق الكون انتقل إلى المستوى اللاهوتيّ الخاصّ بالمسيحيّة فاتخذ مضمونًا جديدًا يصعب علينا تحديده.
إن تيودوريتُس القورشي وتيودورس المصيصيّ قالا إن ما يعيقه هو مخطّط الله. فالنهاية بحسب كلام الرب لا تأتي قبل أن يُكرز بالانجيل للوثنيّين (مر 13: 10؛ مت 24: 14). وانطلق بعض الشّراح من هذه النظريّة فقالوا: إن كان ما يعوق هو كرازة الإنجيل للوثنيّين، فالذي يعوق مجيءَ الربّ هو بولس الرسول نفسه.
شروحٌ عديدة والسرُّ يبقى سرَا. المهمُّ أن نرى دور العائق: يومُ الربّ ليس حاضرًا لأنه يسبقه الكفرُ وظهورُ رجل المعصيّة. هذان الحدثان لم يتمّا ولن يتمّا ما دام العائقُ الذي يعوقُ رجلَ المعصية يأتي: فالحدثُ الأخير ليس بقريب لأن الحدث الذي يسبقه، لم يحن وقتُه بعد. إذًا يبقى لدينا بعضُ الوقت وبنيةُ العالم ما زالت ثابتة. إلى متى؟ لا أحدَ يعرف. يبقى على الكنيسة أن تحيا وتعترف بإيمانها وتخدم ربَّها في العالم الذي وُضعت فيه.
آ 8-12 ظهور رجل المعصيّة والحكم عليه:
وحينئذ، أي بعد زوال العائق لا قبل، ينكشف رجلُ المعصية. فتبدأ المعصيةُ عملها في العالم، فلا تعود سرًا. والتباسُ التاريخ الذي يمزج الخيرَ بالشرّ لن يعود يغطّي المعصية فتظهر في شخص يجسّدها تجسيدًا كاملاً، في رجل المعصية. ويبرز الحدَث ما قبلَ الأخير الذي يسبق مباشرةً مجيء الرب. وزاد الرسول حالاً: الربُّ يقضي عليه بنفَس من فمه ويبيده بضياء مجيئه، فأبان تسلسل الأحداث التي يفصلها فاصل، وألقى ضوءًا على بشاعة الحدث السابق للنور، للحدث الأخير. لا فائدةَ من أعمال رجل المعصية المبنيّة على الكذب، فالربُّ يكتفي ليبيده بنفَس من فمه، وظهورُه كاف ليعيده إلى العدم.
آ 9 ومع ذلك سيكون لرجل المعصية "مجيئُه" كما أن للرب مجيئَه. وإن لم يكن من مقابلة بين الاثنين، إلاّ أن مجيءَ رجل المعصيّة له أهميّته في التاريخ، وسيكون له وقته الذي يحدّده العائق قبل مجيء الرب.
كان بولس قد صوّر المعصية في شخص وها هو يتحدّث عن مجيئها. ففيها وبها ينتشر عملُ الشيطان، كما انتشر عملُ الروح القدس خلال حياة يسوع العلنيّة (مت 12: 28؛ لو 4: 14، 18)، بكلّ أنواع المعجزات فيؤثّر بالجماعة التي يشدّها كلُّ حامل قوّة فائقة. رجلُ المعصية سيصنع آيات وعجائبَ تنافس تلك التي عملها المسيح (أع 2: 43؛ 5: 12؛ 2 كور 12: 12). ولكن هناك فرقًا بين تلك المعجزات وهذه. فمعجزات رجل المعصية في خدمة الكذب، ومعجزات المسيح في خدمة الحقيقة. عمل رجل المعصية هو قلبُ الحالة التي يحدّدها الخالق للخليقة ورفضٌ للوحي، وهو كاذبٌ ولا يستطيع أن يضمّ إليه أشخاصًا إلاّ إذا كذب عليهم وغدر بهم.
آ 10 ولهذا فالعمل الشيطاني الذي يقوم به رجل المعصية يتمّ بشكل إغراء يأتي من المعصية. المعصية ليست فقط الخطيئة، إنها هي ما يتعارض والحق، وينافي الحقيقة المسيحية التي يكرز بها رسل المسيح والتي بها يؤمن الناس ولها يخضعون. المعصية هي رذلٌ لله واعتدادُ الانسان بالاستقلال الذاتيّ، مع كل النتائج للحياة الأخلاقيّة وكل الاغراءات التي تمارس على الانسان الخاطئ. فكيف نقاوم الاغراءات التي يضعها أمامنا رجلُ المعصية والتي يقع ضحيّتها كلُّ الذين يذهبون إلى الهلاك، يوم ظهور رجل المعصية، لرفضهم محبّة الحقيقة التي تمنح الخلاص؟ لو قال بولس إن التعساءَ يهلكون لأنهم لم يقبلوا الحقيقة ولم يؤمنوا بالانجيل، لهان الأمر. ولكن لماذا يقول بولس إن شقاءَهم يعود إلى أنهم رفضوا محبّة الحقيقة؟ لنفهم هذا الكلام يجب أن ننتقل إلى زمن مجيء رجل المعصية. في ذلك الوقت لن يُغري رجلُ المعصية إلاّ الذين هم في طريق الهلاك لأنهم رفضوا محبة الحقيقة. ولماذا رفضوها، وهل هم مسؤولون عن الحالة التي وصلوا إليها؟ لا شكّ في ذلك. فلو قبلوا الحقيقة ولم يرفضوا كلمة الله لقبلوا في الوقت ذاته محبة الحقيقة، لأنه لا يقدر أحد أن يقبل الحقيقة دون أن يحبّها ويعيش فيها ولأجلها. وهكذا نفهم العبارة "الذين رفضوا محبّة الحقيقة" على ضوء الحالة التي ولّدها عملُ رجل المعصية. فالذين لم يؤمنوا ولم يتعلّقوا بالحقيقة بحبّ قويّ يكونون ضحايا رجل المعصية الذي يجدهم عزّلاً ومحرومين ممّا يساعدهم على تمييز الكذب من الحقيقة، بينما تكون محبة الحقيقة دفعت عن المؤمنين كل إغراءات المعصية. إن ظهور رجل المعصية يفرض على كلّ إنسان أن يتخذ موقفًا، أن يتخلّى عن كل مساومة. سيُغري رجلُ المعصية كلَّ الناس، لكنّ المؤمنين لا يقعون في شباكه. هذا ما يساعد على تفسير الكفر ويشجّع المؤمنين.
آ 11 إذا عُدنا إلى آ 11-12 لرأينا أن زمن ظهور رجل المعصية لن يكون زمن قرار الايمان أو الكفر بل الزمن الذي تظهر فيه نتائج هذا القرار. سيكون إذًا زمن دينونة. وارتباط كل الذين رفضوا محبّة الحقيقة برجل المعصية سيكون عقابًا من الله. سيُرسل إليهم الله قوّة الضلال حتى يصدّقوا الكذب. إذا كانوا لا يستطيعون إلاّ أن يصدّقوا الكذب حين يظهر رجل المعصية، فهذا يعني أن الله يعاقبهم على خطيئتهم بخطيئتهم وعلى رفضهم للحقيقة بعجزهم عن التفلّت من إغراءات حياة غاب الله عنها، ومن سطوة رجل المعصية ومعجزاته.
آ 12 لماذا يفعل الله هكذا؟ لكي يدين في يوم الرب بكلّ عدالة الذين رفضوا أن يؤمنوا بالحقيقة فرغبوا في الباطل. الحقيقة هي الحقيقة المسيحيّة التي نؤمن بها أو لا نؤمن، والباطل يتعارض والحقيقة فيدلّ على حياة بدون الله رغب فيها الكافرون الذين فرغ قلبهم من الله فملأوه بشيء آخر.
ونتوقّف هنا عند المسيح الدجّال ومعنى 2: 1-12 بالنسبة إلى الكنيسة:
إن التقليد المسيحيّ سمّى الدجّال رجل المعصية. وهذا الاسم لا نجده إلاّ في العهد الجديد (1 يو 2: 18-19؛ 2: 22؛ 4: 2-23؛ 2 يو 7). المسيح الدجّال يحلّ محلّ المسيح، يقف في وجه المسيح، يعارض المسيح.
أما رجل المعصية في 2: 1-12 فيشبه الدجّال وإن لم يحمل اسمه، وهو يعارض الله أكثر ممّا يعارض المسيح. هو لا يقاوم مباشرةً المسيح والكنيسة ولكن صورته معاكسة لصورة المسيح. هو رجل يعمل فيه الشيطان كما يعمل الله في يسوع المسيح، وسيكون له مجيئُه كما أن للمسيح مجيئَه. سيصنع معجزات كما صنع المسيح وسيكون له تبّاع على مثال المسيح، فيقودهم إلى الهلاك فيما يقود المسيح تبّاعه إلى الخلاص. وهكذا فالمسيح الدجّال صورةٌ دينيّة محض وتتحدّد شخصيّته بعلاقة سلبيّة مع الله. لا طابعَ سياسيّ أو وطنيّ له. هو كائنٌ بشريٌّ مثل المسيح يعمل في الكون كله فلا نستطيع أن نماثل بينه وبين أحد سلاطين هذا العالم أو بين مسيح ينتظره اليهود. أما الأزمة التي يثيرها ظهورُه فتكون أزمةً روحيّةً تؤثّر على العالم والكنيسة. رجلُ المعصية صورةٌ جليانية. هو لا يظهر إلاّ إذا انكشف كما سيكون الربُّ يسوع في يومه. يغلّفه غلافُ سرّ المعصية ولن يُنتزع هذا الغلاف إلاّ حين يأتي الوقت الذي حدّده الله في تسلسل الأوقات. زمنُه سيكون الزمن ما قبل الأخير في تاريخ يضع له الربُّ يسوعُ حدًا، ولكنّه زمن في تاريخ هذا الكون سيدلّنا على النهاية القريبة. هنا نفهم لماذا حاول الشّراح أن يماثلوا بين رجل المعصية وبين كاليغولا (12- 41 ب. م.) أو نيرون (37-68 ب. م.) أو كلوديوس الأول أو غيرهم من أشخاص التاريخ. إن رجل المعصية يبقى صورة جليانيّة ولا نستطيع أن نضع لها اسمًا.
يطرح 2: 1-12 على الشارح مشكلة مخيفة وهامّة. فكاتب الرسالة ظنَّ أن الأحداث ما قبل الأخيرة ستحلّ قريبًا، ولكنّ التاريخ أبان العكس. ثم إن التعليم الجلياني صار غريبًا بالنسبة إلينا، فهل نرميه خارجًا كالغصن الذي خسر ماويّته فذبل؟ كلاّ. بل نعتبره مهمًا لكنيسة اليوم كما كان لكنيسة الرسل. أجل إن الرسول قدّم تعليمًا عن العالم والكنيسة والتاريخ، ووضع للكنيسة في التاريخ تعليمًا يبقى مهمًا بالنسبة إلينا.
ماذا أراد الكاتب؟ ألاّ ينقاد أحدٌ إلى أناس يستندون إلى سلطة بولس ليعلّموا أن يوم الرب جاء. هل زال هذا الاهتمام؟ إن قلنا نعم، ألغينا من العهد الجديد صفحات من نار ما زالت تشعل الكنيسة. في هذه الظروف يجب على الكنيسة أن تقدّم للمتزعزعين نصوصًا من العهد الجديد تعلن قرب مجيء الربّ فلا ينجذبوا بحمّى إسكاتولوجية مَرضيّة بعيدة عن الرجاء المسيحيّ الحقيقيّ. المهمّ للكنيسة التي جمعتها كرازة الانجيل أن تعي أن الزمن الذي تعيش فيه كجماعة إسكاتولوجيّة ليس الزمنَ الأخير بل الزمنُ الذي ما قبل الأخير. وخطأ الكنيسة أن تحاول أن تخرج من زمنها لتسبق بطريقة اعتباطيّة إلى الزمن الأخير.
بدل أن نبحث عن سرّ العائق، نلاحظ أن الكاتب يرجع إليه ليؤكّد لقرّائه أن زمن ظهور رجل المعصية لم يحن. فكم بالأحرى يومُ الربّ. فما زالت هذه القوّة السريّة تلعب دور الخير. فالأزمة الأخيرة لم تبدأ والتاريخ ما زال في التباسه بين الشرّ والخير، بين الخلاص والهلاك. نحن نعرف أن العائق يعمل حسب مخطّط الله ويظلُّ خاضعًا لمشيئته التي تقرّر ساعة زواله. يبقى أنّ على الكنيسة أن تتعرّف إلى القيمة الايجابيّة للزمن ما قبل الأخير والذي فيه تقوم برسالتها: الكرازة بالانجيل ليؤمن به الناس وتقبّل محبّة الحقيقة التي تهب الخلاص. وهذا الزمن السابق للأخير وزمن الكنيسة يرتبطان بزمن ظهور رجل المعصية.
إن زمن رجل المعصية يمتدّ في التاريخ ويضع له الله حدًا بعد أن يسرِّع أزمته الأخيرة. وحين يظهر رجلُ المعصية يجتذب إليه كلَّ البشر الذين لم يتعلّقوا بالربّ يسوع فرفضوا محبّة الحقيقة. ستنفصل الطرقات وتظهر المعارضات ويبين حزبان: فالحقُّ والضلال لن يمتزجا، والتقوى والكفرُ يتميّزان. وحين نقول إن رجل المعصيّة سيظهر في أوانه، فنحن نعني أن المعصيّة التي ظلّت خفيّة في التاريخ ستظهر في نهاية التاريخ وتُعرف على حقيقتها. مثل هذا الكلام لا يستند إلى معطيات التاريخ الملتبسة بل على وعي للمعارضة المطلقة بين الله والخطيئة. وهذا الوعي يأتي من الايمان. فالكنيسة (المؤمن) تهتمّ بهذا الكلام القائل إنه في نهاية التاريخ ستبيّن المعصية عن وجهها الحقيقيّ الذي هو وجه بشر. فإذا كان الله أخذ في يسوع المسيح شبه بشر يصالح معه العصاة، فالمعصية التي هي قمّة خطيئة الانسان ستتّخذ شبه بشر. رجلُ المعصية هو الخطيئة صار بشرًا، هو الخطيئةُ بالذات وتجسيدٌ للخطيئة.
هل رجل المعصية شخصٌ؟- نعم! كما أن الربَّ يسوعَ هو شخص. ولكن رجل المعصية لا يحمل اسمًا. أعطي له على مدّ التاريخ أسماء تغيّرت مع الأيام. والسببُ في ذلك لأنه سيكون الأخير، سيكون صورة إسكاتولوجيّة تقابل صورة الربّ. من الممكن أن تتجسّم المعصية التي تمثّل. وإذا كان زمن النهاية يتميّز بظهور رجل المعصية، يجب أن نفهم أنه في نهاية الزمن سيكون طابع عدد كبير من الناس المعصية الحرّة والمسؤولة: سيكون الانسان إلهًا للإنسان وسيقدّم الانسانُ نفسَه للناس الاله الوحيد الذي يضعون فيه ثقتهم (12: 4).
وتلعب المعجزات دورًا في ظهور رجل المعصية. هذه المعجزات تُنسب إلى الشيطان (12: 9) لأنها تدلّ على قوة تفوق قوةَ الانسان ولأنها لا تهدف إلى خلاص الانسان ومجد الله. هي علامات الكذب ومعجزاتُه، لأنها تبرّر اعتداد رجل المعصية في أن يعترف به الناس إلهًا. وواقع هذه المعجزات واقعٌ شيطانيّ في يُنبوعها وهدفها، فيجد رجل المعصية سببًا كافيًا لرذل الله وكل الديانة في القدرة العجيبة التي يملك والتي يمارسها في كلّ المجالات... وسرُّ المعصية هذا يعمل اليوم (7:12) في الزمن الذي ما قبل الأخير الذي هو زمن الكنيسة. فليس من العجب أن نكتشف في زمننا عناصر خفيّة عن الأزمة الأخيرة وأن تشكّل قوةُ الانسان على الأشياء تجربةً تجعله يحسب نفسه إلهًا. والألوهة هي بالنسبة إليه قوةٌ يخافها ويرجوها، الألوهة حاملةُ القوة.
ويقول النصّ إن الذين رغبوا في محبة الحقيقة لن يضلّوا بمعجزات الكذب وإغراءات حياة غاب الله عنها (12: 10). تلك تكون حالة البشريّة الروحيّة في نهاية التاريخ. فالذين كانوا ضحيّة سلطان رجل المعصية الذي هو تجسيدٌ لعالم ملحد، سيُواجهون الذين تحفظهم محبة الحقيقة من هذا الضلال. وهكذا تُعقد خيوط الأزمة الأخيرة الراجعة إلى أول الزمن (تك 3: 5). فمنذ البداية إلى النهاية تتنازع المعصية والتقوى والخطيئةُ والبرُّ قلبَ الانسان، ولن يتواجه العصاةُ والمؤمنون إلاّ في النهاية. وهذا اليقين يجده الرسول في نظرته إلى المسيح على ضوء الروح القدس وفي طابع قرار الايمان المطلق وفي صعوبة الاختيار الذي يفرضه الانجيل الذي يقول: لا تستطيعون أن تعبدوا ربيّن (مت 6: 24). أما خيوط الأزمة الأخيرة فسيحلّها ظهور يسوع المسيح والنصر الذي بلغه بموته وقيامته. أمام الرب يسوع لن يبقى رجلُ المعصية دقيقةً واحدةً ولن يسنده أحد. أمام الربّ يسوعَ الحقيقة المتجسِّدة، سيتلاشى العالمُ الملحد، كالليل أمام الشمس عند شروقها، ولن يبقى منه شيء. حينئذ تتمّ دينونة الذين آمنوا بالكذب وخلاص الذين حفظوا نفوسهم من كلّ ضلال بمحبّة الحقيقة. هذا تنبيهٌ إلى الكنيسة وإلى كل مؤمن: إن وجوده في العالم زمنيٌّ عابر، كان قرار الايمان أمرٌ خطيرٌ بسبب التجارب التي تكتنفه، ولكنه يستطيع أن يحيا ويشهد في الزمن السابق للأخير الذي هو زمنه في الايمان بانتصار يسوع المسيح النهائي.
13:2-14 فعل شكر:
حين صوّر بولس الأزمةَ التي أثارها رجلُ المعصية، بدا وكأنه نسي قرّاءه. ولكن الواقع هو غير ذلك، لأنه حين تكلّم عن الأزمة عرف كم يجب أن يرفع الشكر إلى الله سيّد الخلاص الذي يودّ أن يشارك فيه. فقرَّاؤه يفترقون عن الكافرين الذين سينالون حكم الله العادل، لأنهم موضوع محبّة الرب (في 1 تس 1: 4 هم موضوع محبة المسيح والمسيح هو يهوه الربّ). أما سبب شكر بولس لله من أجل إخوته، فلأن الله اختارهم منذ البدء (1 كور 2: 7؛ أف 1: 4؛ كو 1: 26؛ 2 تم 1: 9). اختار الله التسالونيكيّين ليخلّصهم بالقداسة التي يمنحها الروح، وبالايمان الحق. إذًا تمّ اختيار التسالونيكيّين بالقداسة التي يفعلها الروح كما تمّ بالايمان الذي هو جوابهم للحقيقة المسموعة. وهكذا يبقى الله أساس خلاص التسالونيكيّين أمام هلاك الذين رفضوا أن يؤمنوا بالحقيقة ورغبوا في الباطل (آ 12).
آ 14 والله ما اختار المؤمنين فقط منذ البدء، بل حقّق هذه الاختيار بوجودهم في هذا العالم فدعاهم إلى الخلاص بواسطة الانجيل الذي كرز به بولس ورفيقاه. وهذا الخلاص هو نوال مجد ربنا يسوع المسيح.
آ 15-17 دعوة إلى الأمانة والصلاة:
ويصل بولس إلى استنتاج عمليّ عن يقين الخلاص الذي أعلنه. هنا نربط آ 15 بالآيات 1-3: لا تتزعزعوا سريعًا في أفكاركم... كأن يوم الربّ جاء. أثبتوا، يقول بولس، واجعلوا ثباتكم بوجه كلام المتهوّسين. ولهذا حافظوا على التقاليد التي أخذتموها عنّا سواء كان مشافهة أو بالكتابة. يشير بولس هنا إلى 1 تس بكلمة كتابة، ويشير إلى تعليمه بكلمة مشافهة. ويعود بولس إلى كلمة تقاليد ليدلّ على التعاليم الشفهيّة الخطيّة. هذه الكلمة نجدها فقط في 1 كور 2:11؛ غل 14:1؛ 2 تس 15:2؛ 6:3؛ كو 8:2. ولكن واقع التقليد أمرٌ مفروضٌ في كتب العهد الجديد (رج لو 1: 1ي). والتقليد عنصر من الديانة يفترض وحي الله في التاريخ ترتبط به الأجيال اللاحقة بتقليد يعود إلى شهود عيان. في 1 كور 2:11 سمّى بولس التقاليد وصايا أخلاقية وعباديّة أخذها من كنيسة أورشليم وعدَّها قاعدةً لكلّ الكنائس. أما هنا فالتقاليد تعني التعاليم عن مجيء الربّ كما وصل إلى التسالونيكيّين من شفاه بولس ورفاقه (2: 5؛ 1: تس 5: 2).
آ 16-17 وينتهي هذا التحريض بصلاة يطلب فيها بولس من الربّ أن يمنح التسالونيكيّين الثبات المطلوب من أناس اختارهم الله للخلاص (آ 13-14)، ولكنّهم ما زالوا معرَّضين لتجارب ترتبط بوجودهم في هذا العالم ولتجارب محفوظة لهم في الزمن الأخير (آ 10). شكلُ هذه الصلاة يشبه شكل الصلاة التي تنهي القسم الأول من 1 تس (3: 11 ي) مع فارق واحد هو أن الربَّ يسوع مذكور قبل الله الآب. يذكّرنا بوليس بما عمله الله في المسيح من أجل المؤمنين، وعملُ الله هذا هو عربون استجابة صلاته لأن الربّ منح بالمسيح المؤمنينَ عزاءً أبديًا يعطيهم اليقين بالخلاص الإسكاتولوجيّ ويثبّتهم في كل المحن. ومنحهم رجاءً حسنًا موضوعه الخلاص (روم 5: 5). أما موضوع الصلاة فهو: أن يعزّي الله قلوبكم فيمنحها بروحه عزاءً أبديًا أعطاه للجميع في المسيح، وأن يقوّي قلوبكم فيعطيها هذا الثبات المطلوب منها في كل عمل وفي كل قول لتكون بحسب مشيئة الله.
إذا قابلنا 16:2 ي مع 1 تس 3: 11-13 نلاحظ أنّ هذه تتميّز بالطابع الاسكاتولوجي فتنظر إلى مجيء الربِّ يسوع القريب. أما تلك فتتطلّع إلى العزاء الحاضر المعطى للتسالونيكيّين وثباتهم في الحياة المسيحيّة في هذا العالم، وهذا ما يتوافق ونظرةَ 2 تس التي تجعل مجيء الربّ في مستقبل لا يعرفه أحد.
3: 1-5 صلاة وطلب:
آ 1-2 وبعد... وهكذا يطلب بولس صلاةَ قرّائه كما تعوّد أن يفعل (روم 15: 30؛ 2 كور 1: 11؛ 1 تس 5: 25؛ كو 3:4). وموضوع هذه الصلاة: انتشار الانجيل وحريّة التبشير بالانجيل لتُتابع كلمةُ الله جريَها (رج مز 147: 4 حسب السبعينيّة). في المسيحيّة الأولى، الانجيلُ واقعٌ حيٌّ فعّال يتميّز عن البشر الذين يحملونه (2 كور 7:4؛ 2 تم 9:2). وكلمة الربّ تتمجّد حين تُقبَل بفرح وتُظهر قوَّتها كما حدث في تسالونيكي (1 تس 1: 6 ي) وتكون موضوعَ شكر المؤمنين ومديحهم. ولقد أوكلت إلى الرسول مهمّةُ التبشير بها، لهذا على إخوته أن يصلّوا لأجله لينجو من الناس الأشرار الضالّين والكافرين الذين هم أعداؤه بسبب الانجيل الذي رفضوه. فما جميعُ الناس مؤمنون، والقارئ يعرف ذلك انطلاقًا من 1: 6 ي و2: 1ي والحالة كما هي مليئة بالأخطار لمرسَلي المسيح.
آ 3-5 ويعود بولس من الكافرين إلى التسالونيكيّين المؤمنين الذين يجب أن يثبتوا دومًا في الايمان الجديد. أما بولسُ فليس بقلق لأن الربَّ أمينٌ وهو يستجيب صلاته (2: 16 ي) ويقوّيهم ويحفظهم من الشرير أو من الشرّ (مت 6: 13). وأمانة الله تدعو المؤمنين إلى الأمانة. ويعبّر الرسول عن ثقته بقرّائه في أن يكونوا أمناء لله وفي طاعته: هم يعملون الآن ما يأمرهم به وسيعملون في المستقبل. ويوكل بولسُ المؤمنين إلى الربّ بالصلاة. محبةُ الله هي المحبة التي يمنحها الله للبشر (روم 5: 5، 8؛ 8: 39؛ 2 كور 13: 13) وثباتُ المسيح هو الثبات الذي يمنحه المسيح لأخصّائه. محبةُ الله واقع أولا وأساسيّ في الحياة المسيحيّة. فإذا أراد المؤمنون أن يتجاوبوا مع محبّة الله تصبح صلاةُ بولس على الشكل التالي: نرجو من الرب أن يقودكم إلى محبّة الله وانتظار المسيح بثبات.
ج- القسم الثالث: تحذير من الفوضى والكسل (3: 6-18)
آ 3-6 يثق بولس بكنيسة تسالونيكي (2: 13-3: 6) ومع ذلك فهو يعتبر أنَّ عليه التدخّل بكل سلطته في قضيّة خاصة. يقول: باسم الرب يسوع المسيح، ليدلّ أنه لا يتكلّم من عنده ولا يعطي نظرته الشخصيّة، بل إنما يتكلّم كممثّل للربّ يسوع المسيح الذي يتعبّد له التسالونيكيون. فأمرَهم أن يتجنَّبوا كل أخ بطّال أو يعيش بطريقة فوضويّة. في آ 11 نعرف أن الفوضى هي أن لا يعمل المؤمن، بل يقضي أوقات فراغه في حركة دائمة ويحمِّل إخوتَه ثقلَه. أشارت 1 تس 4: 11 ي إلى ظهور هذه الروح التي تسبّبها حمّى انتظار مجيء الربّ. ولكن الذين في هذه الحالة هم قلّة. ولهذا أمر بولس الكنيسة بمجملها أن تتجنّب كل أخ يتصرّف تصرّفًا مغايرًا للتعليم وتجابهه بالتقليد الذي أخذته من حياة الرسول أو من تعليمه. لسنا أمام حُرم، بل موقف من قبل الكنيسة التي ترفض أن تتبع مثل هؤلاء الضالّين وتعزلهم ما زالوا يتصرّفون تصرفًا يرفضه الرسول.
آ 7- 10 التقليد الرسولي في العمل:
مثالُ بولس ماثل أمام عيون التسالونيكيّين فلا يترك لهم مجالاً للتردّد، بعد أن رأوا أنه لم يتهرّب من العمل. لم يعش يومًا على حساب الآخرين، بل تعب وكدَّ ليقوم بأوَده وأوَد الفريق الرسوليّ. في 1 تس 2: 19 استعمل بولس الكلمات عينَها ولكنّه شدّد على تجرّده. أما هنا فأعطى نفسه مثالاً في العمل (آ 8). في كورنتوس لم يلجأ بولس إلى حقّه بأن تقوم الكنيسة بنفقته، وذلك من أجل الانجيل (1 كور 9: 12، 18؛ 2 كور 7:11 ي). أما في تسالونيكي فإن تخلّى عن هذا الحق فلكي يعطي الكنيسة مثلاً عن العمل (آ 10). ومثاله يسند تعليمه أو بالأحرى المثل المعروف: إن كان أحد لا يريد أن يشتغل فلا يحقّ له أن يأكل. إذا كانت التقوى تمنعهم من العمل، فلتمنعهم هذه التقوى من الطعام.
آ 11-16 إجراءات من أجل النظام في الكنيسة:
ويتحدّث بولس عن بعض الذين "يسلكون في الكسل، فلا يشتغلون بل يتشاغلون بما لا طائل فيه". يورد بولس سبب هذا النبأ، ويعزوه ولاشكّ إلى ما ورد في 2: 2 ي.
آ 12 إلى هؤلاء المخطئين يجدّد بولس أوامره بمحبة: ليشتغلوا بهدوء، فيربحوا خبزهم الذي يحتاجونه ليحيَوا. فالمطلوب هو حياة منظمة.
آ 13 ويتوجّه بولس إلى الاخوة الذين شكّلوا الاكثرية في الكنائس ويحرّضهم على ألاّ يملّوا من عمل الخير: فلا ينسَوا حتى الكسالى، ولا يسمحوا لأنفسهم بالتراخي فيتبعوا طريق الذين لا يريدون أن يعملوا.
آ 14 وبعد أن شجّع بولس الاخوة الأمينين لتعاليمه، أعطاهم إرشادات عن السلوك تجاه الأخ الذي لا يطيع كلامه: لاحظوه، أي بيّنوا له بموقفكم أنكم عالمون به. وتجنّبوه، أي اجعلوه خارج حياة الكنيسة ولا تشاركوه في الافخارستيا، وهذا كلّه ليخجل فيعود إلى نفسه ويأخذ من جديد مكانه في الكنيسة.
آ 15 هذه الروح الأخوية ظاهرة في التحريض الأخير: لا تعاملوه كعدوّ، بل انصحوه دومًا كأخ: فالكنيسة ما زالت مسؤولة عن الخاطئ. إنه من أعضائها. يجب ألاّ يُحرم من نصائحها. من يدري لعلّه يتوب.
آ 16 وينتهي التحريض بصلاة كما في 1 تس 23:5. ربّ السلام هو الذي يجمع الاخوة ويحفظهم متّحدين فيمنحهم السلام في كلّ وقت وفي كلّ حال.
إن آ 6-16 تشهد على ممارسة نظام في الكنيسة الأولى. الكنيسة مسؤولة عن أعضائها، والاخوة عن أخيهم. وهذا التصرّف توحيه محبة الخاطئ فيدعوه إلى الانقطاع عن الخطيئة والرجوع إلى حياة مسيحيّة حقّة واستعادة مكانه في الكنيسة.
آ 17- 18 سلام ختامي:
كان بولس يملي رسائله (روم 16: 22) وينهيها بخاتمة وسلام بخطّ يده (1 كور 16: 21؛ غل 6: 11؛ كو 18:4). وهو هنا يعطي علامةً لصحّة رسالته: هكذا أكتب، وكلّ واحد يستطيع أن يتعرّف إلى كتابته. بهذا يعطي التسالونيكيّين وسيلةً يكشفون بها من يدّعون أنهم يحملون رسالة من قبله (2: 2). والكلمة الأخيرة: لتكن نعمة ربنا يسوع المسيح معكم أجمعين! وتنتهي الرسالة بكلمة آمين في عدد كبير من المخطوطات لأنها كانت تتلى في الاجتماعات الليتورجيّة.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM