الفصل الثالث والعشرون: يا للجمال، يا للسحر، يا للحبّ

الفصل الثالث والعشرون
يا للجمال، يا للسحر، يا للحبّ
7: 7- 10

وينتقل الحديث إلى العريس الذي يعرب عن رغبته واشتياقه: جميلة أنت يا حبيبة! ويلجأ إلى الصور والاستعارات، إلى صورة الثمرة والشجرة ليدلّ على "امتلاكه" لعروسه: تأتي شجرة النخيل مع عناقيد العنب، مع الخمر والتفّاح. يا ليت الطبيعة تقدّم له الآن أعذب ما عندها، فيأخذه ليجدّد التعبير عن عاطفته. الصور تتغيّر، ولكن نقاوة هذا الحبّ لا تتغيّر بعد أن انضمّت إلى عذوبة لا يمكن التعبير عنها.
(آ 7) إن فعل "ي ف ه" الذي تسبقه أداة التعجّب (م ه) قد سبق وقرأناه في 4: 10: "ما أجمل حبّك يا أختي العروس ". وقرأناه في 7: 2: "ما أجمل خطواتك في الحذاء". أما الجذر "ي ف ه" فيدلّ على الجمال الطبيعيّ أكثر منه على التأثير الذي يسبّبه هذا الجمال.
ونجد "ن ع م": العذوبة، السحر، الفتنة. رج فعل "نعم" في العربيّة الذي يدلّ على طيب العيش ورفاهه. وهذه العبارة "ما أجملك وما أفتن" تشبه تلك التي وجّهتها العروس إلى العريس في 1: 16: "ما أجملك حبيبي، ما أفتن"!
وضاع بعض الشرّاح أمام لفظة "ا هـ ب هـ " التي تعني "الحبّ " في صيغة مجرّدة. لهذا قالت البسيطة "رحيمتا" اي المحبوبة. ومثلها فعلت الشعبيّة. في الواقع، نحن أمام الصيغة المجرّدة التي تستعمل عن الصيغة المحسوسة. يا للحبّ! ونجد بعد ذلك صيغة الجمع "ت ع ن و ج ي م " التي تعود إلى "ع ن ج " (غنج في العربيّة: دلّ، تدلّل، دلال). أنت يا "بنت الغنج، يا بنت الدلال ". نزيد الباء فتصبح الكلمة: "ب ت. ع ن و ج ي م"، كما في السريانيّة "بيت فونقا".
بدأت الجوقة تتكلّم في آ 2، فكان لنا وحدة تامّة في آ 2- 6. ومع آ 7، نحن مع بداية كلام العريس. هذا ما نجده في 4: 1 وفي 6: 4: "جميلة أنت يا رفيقتي ".
(آ 8) "ز ا ت " أي هذه. قامتك التي أراها. حذفت الشعبيّة المم الإشارة، واعتبره الشرّاح أنه نادر في مثل هذه الحالة. في الواقع، نجده في خر 32: 1 ؛ أش 23: 13، مز 104: 25. هذا الاسم يدلّ على أن العريس هو في حضرة العروس وهو يتأمّلها.
"ق و م ت " تدلّ على بعد شيء من الأشياء حين يرتفع (خر 25: 10، 23). وحين نتحدّث عن البشر أو النبات، تعني "القامة" كما في العربية. رج 1 صم 16: 7؛ حز 19: 11؛ 31: 3، 5. 10، 15. تبدو العروس طويلة القامة مثل النخيل. هذه الشجرة لم تتكاثر في المناطق الجبليّة من فلسطين، بل في السهل الساحلي (فونيكس أي فينيقيّة. أعطى اسمه لفينيقية)، في أريحا (تث 3:34؛ قض 1 :16 ؛ 13:3؛ 2 أخ 28: 15)، في عين جدي (سي 24: 14)، في جنوبي البحر الميت حيث نجد تامار (1 مل 9: 18؛ حز 47: 19؛ 48: 28) التي هي حصاصون تامار (تك 14: 7).
إن العروس تشبه النخيلة بقامتها الفارعة وأناقتها المحبّبة. تذكر التوراة عددًا من النساء حملن اسم "تامار" (تك 38: 6؛ 2 صم 13: 1؛ 14: 27). إذا عدنا إلى هو 2: 4 وحز 23، نجد أن الأمّة المشخّصة استسلمت في زناها إلى مداعبة عشّاقها (مزاحمي الرب) النجسة. فلا يحقّ إلاّ للزوج أن يداعب زوجته.
"ا ش ك ول " هو العنقود من العنب (تك 49: 10) أو من أي شجر كان. في 1: 14، قرأنا "عنقود من كافور". هناك من ظنّ أن الكرمة تعلّقت بالنخيلة. هذا ما قاله ابن عزرا وتبعه عدد من الشرّاح (إر 8: 13؛ مي 4: 4؛ حب 3: 17؛ مز 80: 11؛ 105: 33؛ رج 1 مل 5: 7). تلك عادة ما زالت سارية في فلسطين ولبنان وسورية.
(آ 9) يدلّ فعل "ا م ر" (قالت) على انسان يكلّم نفسه (تك 20: 11؛ 26: 9)، ويدلّ في صيغة المضارع على قرار اتخذه انسان (را 4: 4: أقول لك أن تشتريها). أما الفعل هنا فيدلّ على عمق العاطفة التي تمتلك العريس الذي يدلّ على عزمه بما سوف يعمل. قال: "أتسلّق النخيلة". استعمل الى التعريف. ولم يقل "نخلة من النخلات". بل هذه النخلة المحدّدة التي تمثّل العروس (آ 8). قد نستطيع القول: يا ليتني أتسلّق هذه النخيلة!
"ا ح ز": أخذ، أمسك (خر 4: 4 ؛ قض 16: 3). فعلة تدلّ على القوّة وربّما على العنف. "س ن س ن ي و". قد تعني "الأعالي ". في السريانية: الأغصان (سوكوهي). فالحبيب يبعد الأغصان ليقطف الثمار الموجودة وسط الأوراق. ما يهمّه هو الثمر (كذا في الشعبيّة). ونحن نستطيع أن نقول: أخذ الغصن ومعه الثمار التي "يحمل. وهكذا نلتقي مع "عناقيد".
"لتكن ثدياك... يا ليتهما". هذا ما يدلّ على التمنّي ويعبّر عن رغبات العريس الحارّة. مثل عناقيد الكرم. مثل عناقيد العنب. إن الكاتب يجمع التشابيه ليعبّر عن حبّه. بعد عناقيد النخيل، ها هي عناقيد العنب. بانتظار أن يأتي التفّاح.
وتأتي استعارة الطيب مرارًا في نش، فتدلّ على السحر الذي يحرّك الحب. في 1: 3: "عبيرك طيّب الرائحة واسمك عطر مراق". في آ 12: "ينشر نارديني عبيره". في 4: 10- 11: "أطيب من كل الطيوب عبيرك... ومثل عبير لبنان غير ثيابك ". رج 2: 13، 7: 14. ونقرأ لفظة "ا ف" التي تعني الانف والأنفاس.
وننهي مع التفاحة التي يربطها نش دومًا بالحبّ. "كالتفاحة في أشجار الغابة حبيبي بين البنين... أسندوني بأقراص الزبيب، أعينوني بعصير التفّاح " (2: 3، 5). "تحت التفّاح نبّهتك " (8: 5). هناك لون التفاح وهناك رائحة التفاح. وجه أحمر كالتفّاح هذا منتهى الجمال، ورائحة تجتذب الحبيب إلى الحبيبة.
(آ 10) "ح ك " هنا كما في 5: 16 تدلّ على الفم كأداة الكلام. لا تدلّ على الريق ولا على القبلات. هنا نستطيع العودة إلى ما قلناه في 4: 11: "شفتاك أيها العروس تقطران شهداً". يشبّه الفم بـ "خمر طيّب" (لذيذ). إن استعارة الخمر في نش تدلّ على سكر الحب. كما في 1: 2: "حبّك أطيب من الخمر". وفي 2: 4: "أدخلني بيت خمره ". وفي 4: 10: "أطيب من الخمر حبك ". وفي 5: 1: "أشرب خري ولبني ". وفي 8: 2: "هناك تعلّمني الحبّ فأسقيك أطيب الخمر".
هـ و ل ك. د و د ي ". يسري لحبيبي، لحبّي. قالت الشعبيّة: يليق بحبيبي. الفعل يعني "سال، سانح "كما في جا 1: 7، يوء4: 18؛ أم 23: 31. هناك من انطلق من الضمير (الياء في حبيبي) ليدلّ على تبدّل في الشخص الذي يتحدّث. يعتبر أن العروس هي التي تقول ما تقول. ولكن يبدو أن العروس تبدأ كلامها في آ 11. وما يُقال هنا هو تشبيه يكمّل ما قلناه عن الخمر. فإذا أخذنا بالرأي الأول، نحسّ كأن العروس تكمّل التشبيه فتقول عن الخمر إنها "تسوغ للحبيب كما تجري على شفاه النائمين".
"د و ب ب ": لا يرد هذا الفعل إلاّ هنا في كل التوراة. هناك من صحّحه إلى "د و ب ق ": دبق أي لصق به ولم يفارقه. أو إلى "ن و ب ب " سالم بوفرة. قالت البسيطة في خطّ التأويل اليهوديّ: يحرّك الشفاه، يجعلها تتكلّم (مزيع سفوتي). والشعبيّة: يجعل الشفاه تتمتم. وعادت السبعينيّة الى العربيّة "د بّ ": مشى مشيًا بطيئًا كالطفل.
ومعنى "ش ف ت ي. ي س ن ي م"؟ هنا الشفة وهناك الوسن. حرفيًا: شفتا النائمين. وكانت الشروح العديدة: الحبّ خمرة تعطي البلاغة للبلداء. للحبيبين في نومهما أحلام تُترجَم كلامًا. أثير الحبيب فتكلّم أثناء نومه عن قبلات الحبيبة. فالحبّ شأنه شأن الخمر، يجعل الانسان يضيعّ عقله.
قد نفهم بالمقابلة مع "ا ن ى. ي س ن ه"، أنا نائمة. ومع الردّة التي تتكرّر في 2: 7 (لا تنهضن الحبيبة ولا تنبّهنها حتى تشاء)؛ 3: 5؛ 8: 4. هذه المقاطع تتضمّن موضوعًا هامًا في نش. العروس نائمة، ولكها "متنبّهة" بما فيه الكفاية لكي يواصل قلبُها حبّه. ثم هي لا تزال محبوبة العريس. هذا ما نجده في شطري هذا الشعر: تسيل خمرة الحب للعريس (آ 10 ب): تسوغ للحبيب. ومقابل هذا، تأتي من الحبيب فتسيل رقراقة على شفتي العروس النائمة (آ 10 ج): كما تجري على شفاه النائمين. إذن، تتوخّى آ 10 ج أن تؤكّد مرة أخرى تبادل الحبّ بين العروسين، فتطبّق عليهما معًا الصورة عينها.
ولكن هناك رأيًا آخر يسير في خط الترجمات القديمة من سبعينيّة وشعبيّة وبسيطة، فيقرأ حرف العطف بين الابن: الشفاه والاسنان. وهكذا نبقى في تشبيه يدلّ على الخمر. كما نفهم أن العريس هو الذي يقول آ 10 ب ج، لا العروس. أما العروس فيبدأ كلامها في آ 11: "أنا لحبيبي أنا، وإليه اشتياقي ".

* ما أجملك وما أفتنك
لا يعرف الحبيب إلاّ أن يتمتم تمتمة الاعجاب حين يرى رفيقته جميلة حين تحِبّ، جميلة حين تحَب. فعليه أن يبدأ دومًا بالطريقة عينها: "ما أجملك، جميلة أنت "
ما نلاحظه في نش كله هو أن الحبيب لا يطلق لومًا واحدًا أو انتقادًا واحدًا على تلك التي يحبّ. بل هو لا يعطيها نصحًا، كما لا يحضّها على شيء ولا يوصيها أية توصية، بل هو لا يعرض عليها مهمّة، أو مشروعًا يقومان به معًا. فهو عالم كل العلم أنها سلّمت نفسها إليه بدون تحفّظ. لهذا، فهو لا يكلّمها إلاّ ليقول حبّه وإعجابه. بل كلامُه حبّ وإعجاب.
وكم من الاسماء يعطيها في جنون حنانه. فلا يكفيه أبدًا اسم واحد. هي جميلة. هي فاتنة. هي الحبّ عينه. هي كل سحر كل بهجة. هذا ما كان الرب قد قاله لشعبه في إر 31: 20: "افرائيم ابن عزيز عليّ، ولد يبهجني كثيرًا. كل مرة أتكلّم عنه (بالشرّ، أريد أن أعاقبه) أعود فأذكره بالخير. فأحشائي تحنّ عليه ".
"يا للحبّ، يا للبهجة"! حين نفكّر أن الحبيب يعطي اسم الحبّ هذا، يعطي اسمه الخاصّ لتلك التي يحبّ، وأن ذلك الذي يتمتعّ بسعادة ابديّة يقول إنه يجد "بهجته" في حبيبه. وحين نتذكّر اعترافه في أم 8: 31: "نعيمي أن أكون مع بني البشر"، وكلامه في أش 62: 4: "يقال لك: أنت موضع سروري وبهجتي ". عندما نفكّر بكل هذا يأخذنا الدوار فما نعود نعرف إلاّ أن نتمتم كالاطفال: "أنت بهجتي. وأنا أيضاً أريد أن أكون بين يديك من هو بهجتك وسرورك "

* قامتك مثل النخلة
الحبيبة رفيعة، مستقيمة، مشيقة. ترتفع في انطلاقة واحدة نحو السماء. إنها تدلّ بقامتها على النخلة التي تتواجد في أماكن عديدة من الشرق. تامار هي شجرة الجمال والخصب معًا. وهي ترمز إلى المرأة، كما يرمز ثدياها إلى العناقيد.

* قلت أصعد النخلة
ما إن سمّى العريس النخلة، حتى استيقظت في قلبه رغبة مجنونة بأن يتسلّق هذه النخلة. قال: قلت أصعد النخلة وأتعلّق بأغصانها بما فيها من ثمر.
نستشفّ من كلمات العريس أنه قرّر ولا عودة عن قراره. أنه عزم ولا شيء يثنيه عن عزمه. قلت، أتسلّق، أتعلّق، أمسك. لا شيء يستطيع أن يوقفه في اندفاعه، في مشروعه. سيحاول كلّ شيء لكي يربح صديقته له بكلّيتها. وإذ هو العظيم العظيم والعليّ العليّ، ذلك الذي وجب عليه دومًا أن ينزل إليها في جنّته، هذه المرة سوف يصعد، سوف يرتفع إلى صديقته. قال: أتسلّق النخلة.
لقد جعله حبُّه صغيرًا جدًّا بحيث رأى حبيبته فوقه. قال الربّ: "ها أنا بينكم كالخادم ". نعم، السيد والربّ هو عند أقدام أحبّائه. ما يؤلمنا حقًا هو أن ذلك الذي أنشدته صديقته في القصيدة الرابعة على أنه بعيد المنال، يحاول الآن أن يجمع ويركّز كل قواه لكي يدرك حبيبته. صعود الحبّ هو الذي قام به في النهاية.
وحين تأمّل بعض المتصوّفين هذا المقطع من نش، اكتشفوا مسبقًا الحبّ الجنونيّ الذي جعل يسوع يرتفع على خشبة الصليب لكي يقبّل الكنيسة والبشريّة عروسه. قال في لو 12: 50 فدلّ على حرارة حبّه: "عليّ أن أقبل معموديّة (الآلام والموت). وما أضيق صدري حتى تتمّ ". وقال في يو 12: 32: "حين أرتفع عن الارض أجذب إليّ جميع البشر".
في هذا الإطار قالت إحدى المتصوّفات: سريره الزواجيّ الرفيع كان الصليب القاسي الذي صعد إليه بفرح وحرارة عريس خُطف بجمال عروسه. وقالت تريزيا الافيليّة: "من على الصليب قالت العروس لحبيبها إنها نخلة ثمينة قد تسلّقها". فالاندفاع عينه الذي جعل الحبيب يصعد مركبته ليلاقي عروسه، يحثّه الآن على أن يتسلّق النخلة التي تتماهى معه، على أن يتسلّق خشبة الصليب القاسية والعذبة معًا لكي يضمّها إلى صدره. وقال بما يشبه السكر:

* ثدياك كعناقيد الكرم
كل حواس العريس قد بدت مسحورة في تلك الساعة. سكرت حاسة الذوق والشم، كما سكرت حاسة السمع. قال: "كلمتك (فمك) خمر طيّبة". هو سكر سوف يسيطر عليه في النهاية. كان قد قال في نهاية القصيدة الثالثة وفي وليمة حبيبته: "أشرب خمري مع لبني ". وها هو يقول الآن بجرأة ما بعدها جرأة: "لتكن ثدياك كعناقيد العنب لعطشي ". وقال: أتعرفين أن نفحة فمك، أن أنفاسك تحمل عذوبة قوية أين عطر التفاح منها؟
فكيف لا تُخرج أنفاس الحبيبة دومًا عطر ثمر الحبّ، عطر التفاحة الجميلة المحبوبة التي وجدها "حلوة في حلقه " (2: 3)؟ وكيف لا تسحره كلماتها، وهو الذي أسقاها من خمر "كراره " (2: 4)، وهو الذي جعلها تذوق "حبّه الذي هو أطيب من الخمر" (1: 2- 4)؟ فإذا كان لأنفاسها عطر التفاحة، وإن كانت كلماتها خمرًا مسكرًا، وإن كان قد قال لها إن عينيها حمامتان (1: 15)، فهي في الواقع قد أخذت كل شيء منه. هو الذي أعطاها هذه الأنفاس المعطّرة. وهذه الخمرة القويّة، خمرة حبّه الذي أفاضه في قلبها بالروح الذي وهبه له (رج روم 5 :5).
هذا ما فهمه أحد المتصوّفين فقال: "هو الذي علّمنا أن نحبّ، حين أحبّنا أولاً... أجل، أحببتَنا أولاً لكي نحبّك. وحبّك أيها الاله السامي في صلاحه وخيره، هو الروح القدس الذي يقدّم ذاته للجميع ويجتذب كل شيء إليه. إنه يلهمنا. إنه يجتذبنا".

* فمك خمر لذيذ
هذا ما قاله الحبيب للحبيبة: "فك خمر لذيذ، يسوغ رقراقًا للحبيب على الشفاه والأسنان ".
جاءت كلمات الحبيبة من الحبيب، وهي بالطبع ستعود إليه في هذا الحوار حيث كلماتها كلماته. حيث تقول له وتعطيه كل ما تسلّمت منه. حيث تحبّه بالحب الذي أحبّها به. حيث الخمر في فمها يأتي من فمه. حيث عطر أنفاسها هو عطر أنفاسه. إذن، نحن أمام مدّ وجزر متواصلين بينه وبينها.
من قلبه إلى قلبها، ومن قلبها إلى قلبه. وحتى في الليل ساعة تنام، يأتي خمر الحبّ ويذهب بين الاثنين بشكل مباشر وبدون وسيط، كما الذين يتشاركون في رقاد الحبّ الواحد. بينه وبينها، في كل ساعة من ساعات الليل والنهار تبادل خمرها بخمره، وتمزج خمرها بخمره. تصبح أنفاسا أنفاسه، وعطرها عطره، وروحها روحه على ما وعد به الحبيب: "أضع فيكم روحي " (حز 36: 27). فإذا كان الآب هو ساقي هذه الخمرة المسكرة، فالابن هو الكأس، والروح هو الخمر.


Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM