عشاء الربّ في كورنتوس

عشاء الربّ في كورنتوس
11: 23- 26

وصلت إلى بولس معلومات مؤلمة، حملها إليه المسؤولون في الكنيسة: استفاناس، فورتوناتوس، أخائيكوس (16: 17). يقول بولس: بلغني. سمعتُ من قال لي (آ 18). ماذا سمع بولس؟ اجتماعات الكنيسة لا تؤول إلى خير الجماعة، بل هي تقسم المؤمنين. لهذا لا يستحقّ الكورنثيّون المديحَ بل التوبيخ، لأنهم يستخفّون بكنيسة الله ويهينون الفقراء (آ 22). أجل، عشاء الربّ تحوّل إلى عشاء خاص فيه يجوع البعض، ويُتخَم الآخرون ويسكرون. فكان لا بدّ من العودة إلى مساء ذاك الخميس الذي فيه صار عشاء الفصح اليهوديّ، عشاء الربّ يسوع، ونقرأ النصّ:
(23) فأنا من الربّ تسلّمتُ ما سلّمتُه إليكم، وهو أن الربّ يسوع في الليلة التي أسلم فيها، أخذ خبزاً (24) وشكر وكسره وقال: "هذا هو جسدي. إنه لأجلكم. إعملوا هذا لذكري". (25) وكذلك أخذ الكأس بعد العشاء وقال: "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي. كلّما شربتم، فأعملوا هذا لذكري". (26) فأنتم كلّما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الربّ إلى أن يجيء.

1- سياق النصّ
السؤال المطروح في 11: 17- 34 هو: كيف نحتفل بعشاء الربّ. لم نعد فقط أمام لباسٍ محتشم تلبسه النساء في الجماعة، بل أمام الجماعة التي تستحقّ التوبيخَ بعد أن سيطر عليها الروحُ الدنيويّ.
اعتاد المسيحيّون الأوّلون أن يجتمعوا، مرّة في الأسبوع، لا ليمارسوا شعائر العبادة، بل ليأكلوا معاً أيضاً، على ما نقرأ في أع 2: 46: "وكانوا يلتقون كلَّ يوم في الهيكل بقلب واحد، ويكسرون الخبز في البيوت، ويتناولون الطعام بفرح وبساطة قلب". فالطعام الذي يأكلونه معاً هو طعام المحبّة (أغابي)، وفيه يهتمّون اهتماماً خاصاً بالفقراء في الجماعة. هنا نفهم ما كان يفعله بعضهم. "يبيعون ما يملكون من حقول وبيوت، ويجيئون بثمن المبيع فيُلقونه عند أقدام الرسل ليوزّعوه على قدر احتياج كل واحد من الجماعة" (أع 4: 34- 35).
هو عشاء أخويّ، يذكّر الحاضرين بموت الربّ (لو 22: 14- 20)، ويجعلُهم يعيشون بفرح حضورَ القائم من الموت في وسطهم. عناصر ثلاثة اجتمعت: الأخوّة، حضور الربّ، الفرح. ولكن الكورنثيين جعلوا في وليمة الكنيسة عوائدَ ورثوها عن العالم الوثنيّ، حيث الولائم المقامة إكراماً للآلهة كانت تنتهي في السكر والعربدة. من أجل هذا، وبّخهم الرسولُ وكان قاسياً في توبيخه.
فاجتماعات الكنيسة تُظهر تحزّبات وانقسامات وتكتّلات خاصة (رج 1: 10 ي). لا شكّ في أن المسيحيّين يجتمعون في موضع واحد، ولكنهم يأكلون في مجموعات تنفصل فيها الواحدة عن الأخرى، فأين وحدة الجسد (10: 17)؟ لا يوبّخهم بولس كلّهم بسبب هذا الوضع. فالانقسامات أمرّ لا مفر منه، شأنُها شأن الشكوك في الكنيسة (مت 18: 7). والله يستفيد منها ليكشف المرائين ويميِّزهم من الذين يعيشون الحبّ الأخويّ.
والتوبيخ الأساسيّ، هو أن العشاء الذي يشاركون فيه ليس عشاء الربّ. فبدلاً من طعام مشترك يشارك فيه كلُّ واحد بحسب امكانيّاته، يبدأ البعض يأكلون ولا ينتظرون الآخرين، ولا سيّما العمّال والعبيد الذين يأتون متأخّرين بعد العمل. هم لا يحملون شيئاً معهم، فيخجلون. ويكتفون بأن ينظروا إلى الأغنياء يأكلون حتى التخمة ويشربون حتّى الارتواء والسكر. مثلُ هذا الطعام لا يدلّ على الوحدة في الكنيسة والتضامن بين المؤمنين، بل على الأنانيّة والشراهة في وجه الفقراء الذين هم حصّة الكنيسة. اغتاظ الرسول من هذا الواقع، وتخيّل هذا المشهدَ الذي فيه تُحتقَر الكنيسة. مثلُ هذا السلوك يدمّرها. فالذين يريدون أن يأكلوا وحدهم، فليأكلوا في بيوتهم قبل أن يجيئوا إلى حيث نلتئم الجماعة.هذا التنبيه سيعمل على إزالة هذه العشاءات الأخويّة. تركت الجماعات كل ما هو وليمة وطعام، وصار عشاء الربّ شعيرةً من شعائر العبادة.
وتجاه هذه الانحرافات، ذكر الرسولُ كيف يجب أن يكون عشاء الرب. فسلّم إلينا ما تسلّمه من الربّ، وقد عرفه أول ما عرفه في الجماعات التي عايشها في بلاد العرب، أي جنوبي دمشق، سواء في حوران أو في شرقي الاردن، ثم مارسه في أنطاكية. وهكذا أورد لنا تقليدَ الكنيسة الذي يعود إلى الربّ نفسه.

2- ما حدث ليلة الخميس
هنا نقرأ ما فعله الربّ ليلة الخميس الذي سبق آلامه. "فأنا" (آ 23). هكذا ترتبط آ 23- 26 بما سبق: «فالطريقة التي بحسبها تتصرّفون تدلّ على أنكم ما عدتم تعرفون ما يعنيه عشاء الربّ. وبما أنكم نسيتم، فأنا أذكّركم». أسلّم ما تسلّمتُ. أنقل إليكم ما تقبّلته من جماعات كانت جدّ قريبة من المسيح. هذه الأفعال هي المستعملة في المدارس الفلسفيّة اليونانيّة، كما لدى المعلّمين اليهود. الربّ هو ينبوع هذا التقليد الذي غرف منه الرسول، هو أول السلسلة، لا حلقة في السلسلة. وهذا يعني أننا لسنا أمام تقليد بشريّ، بل تقليد إلهيّ، لأنه يعود إلى الربّ يسوع نفسه. وإذ ذكر بولس ينبوع هذا التقليد، بدا وكأنه يقول: حين تحتفلون بهذه الصورة بعشاء الربّ، فأنتم تغيظون الربّ نفسه. ما تفعلونه يتعدّى الأعراف البشريّة وقواعد التهذيب في المجتمع. وبالأحرى هو يسيء إلى الربّ وكنيسته.
"الربّ يسوع في الليلة التي أسلم فيها". في آ 23 ب- 25، يورد الرسول ايراداً حرفياً الكلمات الليتورجيّة (إن آ 26 هو تفسير أورده الرسول). ما نقرأه هنا يتوافق مع المعطيات الانجيليّة. ولكننا لا نجد أي تلميح إلى الفصح، كما هو الأمر في الأناجيل. فنحن نقرأ مثلاً في مت 26: 2: "تعرفون أن الفصح يقع بعد يومين". وفي آ 17: "وفي أول يوم من عيد الفطير، جاء التلاميذ إلى يسوع وقالوا له: ''أين تريد أن نهيّئ لك عشاء الفصح''؟" وفي مر 14: 12: "وفي أول يوم من عيد الفطير، حين تُذبح الخراف لعشاء الفصح سأله تلاميذه: ''إلى أين تريد أن نذهب لنهيّئ لك عشاء الفصح لتأكله''؟" ونقرأ بالاضافة إلى كل هذا، نتذكَّر ما قاله يسوع لتلاميذه، في بداية ذاك العشاء: "كم اشتهيتُ أن أتناول عشاء الفصح معكم قبل أن أتألّم" (لو 22: 15). لا شكّ في أن بولس قال في 1 كور 5: 7: "حملُ فصحنا ذُبح، وهو المسيح". ولكنه لا يربط هذا القول بالافخارستيا.
ويرد فعل «أسلم» الذي هو لفظ مفتاح في أخبار الحاش والكرازة عن الآلام. فهو يعود، بلا شك، إلى إش 53 الذي لعب دوراً هاماً في فكر الكنيسة الأولى حول معنى موت المسيح "من أجل الكثيرين". ونقرأ: شكر، كسر الخبز: هذا ما يفعله ربّ البيت في بداية كل طعام. وهذا ما فعله يسوع حين كثّر الأرغفة وأطعم الجماهير. "هذا هو جسدي". يقول يسوع للتلاميذ ما يعنيه الخبز الذي يوزّعه عليهم: في فعل التأسيس، تماهى الخبزُ تماهياً أسرارياً مع جسد المسيح، مع المسيح الذي بذل نفسه عنّا (غل 2: 20). وهكذا جعل الذين يأكلون منه يشاركون المسيح في حياته. «إنه لأجلكم». إنه ذبيحة تكفّر عن الخطايا.
"وكذلك أخذ الكأس" (آ 25). متى؟ بعد العشاء. نحن هنا في الأصل أمام تذكّر تاريخيّ. ولكن حين دخل في نصّ التأسيس، صار إشارةً ليتورجيّة. ففي بدايات الكنيسة، كان الفعلان الأسراريان، كسر الخبز وتوزيع كأس البركة، بدايةَ عشاء الربّ ونهايتَه.
والمقابلة مع نصّ مرقس، بين الكلمة حول الخبز والكلمة حول الكأس، تُبرز بعضَ اللاموازاة. فلا نجد تقابلاً بين الخبز والدم (مر 14: 22، 24)، بل بين الخبز والعهد (العهد الجديد في دمي). هو اختلاف بسيط، ولكننا نحسّ به مع غياب "لاجل كثيرين" في الكلام عن الكأس، وهذا ما يجعلنا في حالة سابقة للتنظيم الليتورجيّ، حيث اختلف مدلول الخبز ومدلول الكأس. أما بالنسبة إلى بولس، فالموازاة حاضرة (رج 10: 16). وعبارةُ العهد الجديد تعود إلى إر 31: 31. فالعهدُ المؤسّس على ذبيحة المسيح هو جديد، بمعنى أنه يدشّن تتمّةَ زمن الخلاص.
"فاعملوا هذا لذكري"، تتكرّر العبارة مرتين (آ 24، آ 25). هذا يعني أننا نقوم بهذا الفعل الأسراريّ، بتشديد على التكرار. وهناك الإحياء التذكاريّ، الذي ليس تذكّر الماضي وحسب، بل تأوين الماضي، وجَعْل عمل المسيح الفدائي حاضراً في الآن وفي المكان، بالعمل الأسراريّ، وهو تأوين يكون فيه المسيحُ نفسه حاضراً في وسط الجماعة ليعطي ذاته لها. هو تذكير مهمّ لجماعة كورنتوس، بعد أن صارت الوليمة الافخارستيّة فيها إلى هذه الحالة المؤسفة.
وننتهي مع آ 26 التي تتوسّع في نهاية آ 25: هذا ما تفعلونه حين تجتمعون من أجل عشاء الربّ. أنتم تتذكّرون موت الربّ. فكيف تجرأون بعد هذا، على تصرّف لا يليق بانتظار المجيء. فالمجيء الثاني يرتبط بعشاء الربّ مع عبارة نقرأها في نهاية الرسالة: "مراناتا: تعال، أيها الربّ" (16: 22). كل هذا يعني أنهم حين يتهاملون بالاحتفال بعشاء الربّ، فإنهم يدلّون أنهم ينسون الربّ، ولا يُكرمون موتَه إطلاقاً.

3- العشاء الربّاني في أصوله
أ- أصول عشاء الربّ
حين نقرأ النصوص التي تتحدّث عن العشاء الذي أخذه يسوع مع تلاميذه، ليلة آلامه، نرى فروقات في عدد من التفاصيل. ونحن لنا نبحث عن "تقرير" دقيق لما حدث في تلك الليلة. ولكن كل كنيسة أخذت روحَ ذاك العشاء، وقدّمت لنا تقليدها. فهناك تقليد أنطاكية القديم الذي عرفه بولس واورده سنة 57، في 1 كور. هذا يعني أنه تكوّن قبل ذلك الوقت. وهناك تقليد يرتبط بعيد الفصح. هذا يعني أن العشاء السريّ جاء حالاً بعد خبر الاستعداد للفصح. ونحن نقرأه في الأناجيل الازائيّة. وأما التقليد الافخارستيّ، الذي تمّت صياغته في إطار الليتورجيا مع المباركة وكسر الخبز واقتسام الكأس وكلمات التكريس، كل هذا نميّزه في مر 14: 22، 24. ولكن هناك بعض انقطاع في التواصل. فبعد البركة على الخبز، انتظرنا البركة على الكأس، فإذا نحن أمام فعل شكر. هذا الانقطاعُ يُفهَم إذا كان مر 14: 23 يوازي لو 221: 7 ويأتي من التقليد الفصحيّ، حيث الكأس هي الأخيرة في الوليمة الفصحيّة، والتي كانت كأس الشكر عند اليهود. وهناك انقطاع آخر حين ننتقل من آ 23 إلى آ 24 في مر14. هي اللحمة بين التقليد الفصحيّ والتقليد الافخارستيّ كما نجدها في مت 26: 26 ي. هذا يعني في النهاية أن عشاء الربّ هو افخارستيا ووليمة شكر، كما هو احتفالٌ فصحيّ أعطى الفصحَ اليهودي كاملَ معناه.
فما هو مضمون التقليد الفصحي ومضمون التقليد الافخارستيّ؟
ب- التقليد الفصحيّ
لا نتوقّف عند الاسبوع الأخير في حياة يسوع. ولكن عند الخبر الذي قدّمه لنا الرسل. فهناك تقليدان: واحد يركّز على الفصح، وآخر على المقاسمة الليتورجيّة للخبز والخمر. ونبدأ بالتقليد الفصحيّ.
ارتبط الفصحُ اليهودي طبيعياً بالخروج من مصر، الذي هو فعل خلاص اتّخذ بُعد الخلق وارتبط بالعهد كامتداد لعمل الخلاص. هذا ما يجب أن نتذكّره ساعةَ يُذكر العهد الجديد. وارتبط أيضاً بالفصح، تذكّرُ ذبيحةٍ استعد ابراهيم ليقدّمها. فمع أنه كان يحبّ ابنه اسحق، استعدّ ليفعل، وقَبِل اسحقُ أن يُذبَح. بفضل هذه الطاعة في المحنة وهذا القبول، شارك المؤمن في استحقاقات الآباء، وصار اسحق صورة عن الحمل الفصحيّ ونموذج الشهيد الذي يموت في سبيل ربّه. وإذ أراد التفسير اليهودي أن يربط ربطاً أفضل بين الفصح وذبيحة اسحق، جعل هذه الذبيحةَ تتمّ في أورشليم، وفي يوم الفصح، ورأى فيها أول ذبيحة من أجل خطايا بني اسرائيل. وحين قال يسوع لتلاميذه إنه يريد أن يأكل الفصح معهم قبل أن يموت، تطلّع الرسل طوعاً إلى اسحق (رج يو 3: 16؛ روم 3: 25).
وكان للفصح أيضاً طابعُ الخلق الجديد. فحين وعى اليهود سرّ الله، عرفوا أن الخروج من مصر لا يستنفد سرّ الفصح. فهذا الخروج لا يكشف سوى وجهة من عمل الله العظيم، منذ بدايات الزمن حتّى نهايته. وهكذا يعني الاحتفالُ بالفصح مواصلةَ عيش نشاط الله حتى النهاية. وحين قال يسوع: "لن أشرب من نتاج الكرمة..."، فهمَ الرسلُ أنهم، مع المسيح الذي يستعدّ للموت، يشاركون مشاركة سريّة في خلق العالم وفي تكملته. وهكذا فُهم المسيح على أنه آدم الجديد، أو الحمل كما في سفر الرؤيا. في هذا الاطار، يُصبح العماد الذي يشركنا في هذا الموت، ولادةً جديدة وخلقاً جديداً.
ج- التقليد الافخارستيّ هذا التقليد ذو الطابع الليتورجيّ، يعود إلى العشاء الفصحيّ أو إلى وليمة ذبائحيّة أكلها يسوع مع تلاميذه. فما هو مدلولها؟ في الحالين، نحن أمام فعلة نبويّة، والفعلة تحمل فاعليّتها في ذاتها. فيسوع حين أخذ أحد طقوس الوليمة، مقاسمة الخبز والخمر، جعله وحياً لخلاص بدأ يتحقّق. وهذا الطقس يُشركنا في عمل الخلاص الذي أتمّه المسيحُ حين بذل حياته من أجل البشر. فكما كان الدم يُرشّ على العبرانيّين (خر 24: 8) فيُدخلهم في العهد القديم، هكذا دخل الرسل حقاً في العهد الجديد الذي دشّنه يسوعُ بدمه، حين شربوا من الكأس.
وإذا كانت هذه الفعلة النبويّة قدّ تمّت خلال وليمة فصحيّة، فهي تُتمّ ما دلّ عليه هذا الطعامُ كاحتفال بسرّ الخروج الذي ضمّ خلق العالم إلى ذبيحة اسحق إلى مجيء الملكوت في نهاية الأزمنة. في هذا الاطار، نستطيع أن نرى في الخبز المكسور المنَّ الذي عرفه العبرانيون في الخروج، والتوراةَ الجديدة التي صار الخبز رمزاً لها بعد المنفى. أما النبيذ فرمز إلى الدم المراق على الشعب من أجل العهد الجديد.
أمّا إذا كانت هذه الفعلة النبويّة قدّ تمّت خلال وليمة ذبائحيّة، فيشدّد النصّ على هذه الوجهة، بعد أن حلّ الخبزُ والخمر محلّ الضحيّة. ومهما يكن المحيط الحياتيّ لهذه الفعلة، فكتّاب العهد الجديد جعلوها في التقليد الفصحيّ، وهكذا تداخل التقليدان، فوجب أن نفسّر الواحد بالآخر لكي نحيط بما فعله يسوع "ليلة آلامه".

خاتمة
ذاك هو عشاء الربّ الذي احتفل به يسوع، يوم الخميس الذي سبق آلامه. انطلق من عناصر عرفها اليهود في أيامه، سواء ما يتعلّق بخروف الفصح، أو بالخروج وما يسبقه من ذبيحة اسحق وخلق العالم، وما يتبعه من أحداث تقودنا إلى النهاية. كل هذا عاشه يسوع، ولكن تلاميذه سيفهمونه شيئاً فشيئاً. غير أنَّهم سيعرفون في النهاية، أن يسوع أتمّ كل هذا في شكل لا يتصوّره عقلٌ بشريّ. لم نعد بحاجة إلى حملان عديدة. فهو الحمل. واستغنينا عن العدد الكبير من الكهنة، لأن هو الكاهن الذي يقدّم ذبيحة نفسه بشكل سريّ، بانتظار أن يقدّمها بشكل حقيقيّ على الصليب، يوم الجمعة العظيمة. وكما كان ذاك العشاء رمزاً إلى ذبيحة، فهو أيضاً وليمة أكلها الربّ مع شعبه، فوحّدهم بشخصه وبعضَهم ببعض في عهد جديد أبديّ. أما يجب على الكورنثيين أن يتذكّروا كل هذا حين يحتفلون بعشاء الربّ؟

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM