أبصر في الحال وتبع يسوع

أبصر في الحال وتبع يسوع
صلاة البدء
نقف يا يسوع مع هذ الأعمى على قارعة الطريق. نتسوّل. لا من الناس، بل منك. نتسوّل ونتوسّل إليك بأن ترحمنا. نريد أن نرى، وحين نرى نتبعك. نريد أن نمشي، أن نضع خطانا في خطاك. نريد أن نسمع منك الكلمة التي تقول لنا اذهب، إيمانك خلّصك.
قراءة النصّ
مر 10: 46- 52
نصمت بعد القراءة ثلاث دقائق، ونطرح على نفوسنا الأسئلة التالية:
هل نحن على جانب الطريق الذي يمرّ فيه يسوع وكأننا لا نراه، أن نطلب أن نسير وراءه في الطريق؟
هل نحن عائق يمنع الناس، أما مشجِّع يوصل الناس إلى يسوع؟
ما هو طلبنا من يسوع كي نرى؟ ما الذي يجعلنا عميانًا بحيث لا نرى؟
دراسة النصّ
هي معجزة يسوع الأخيرة قبل الانطلاق إلى الآلام والموت والقيامة. وصل يسوع إلى أريحا، بل اجتاز المدينة، وصار في الطريق التي تقود إلى أورشليم، هو مع تلاميذه يسيرون مع جمهور كبير، سيلعب الجمهور دورًا هامًا هنا فيشكّل عائقًا لشفاء الأعمى (آ 48). قد نكون أمام الحجّاج الاتين إلى العيد، والذين سيهتفون ليسوع في يوم الشعانين ودخول يسوع إلى أورشليم (11: 8). يسوع هو قلب هذا الجمهور وقائده. ولكنهم لن يتابعوا المسيرة معه حتّى النهاية. والتلاميذ أيضًا سوف يهربون (14: 50)، فلا يبقى سوى إبن طيما الأعمى. الذي رأى في يوم من الأيام الطريق التي تقود إلى أورشليم، والتي يسير عليها يسوع، داعيا التلاميذ إلى أن يتبعوه.
لا يستطيع الأعمى أن يرى يسوع، وحين مشى استطاع أن يراه. هو سأل سمع، وفي الحال صاح، هي مناسبة فريدة، فكيف يتخلّى عنها. عرف يسوعَ الناصري وهل يخرج من الناصرة شيء فيه صلاح؟ أما لأعمى فهتف: يا يسوع ابن داود ارحمني. يسوع هو في نظره المسيح وهو أيضًا حامل الشفاء. أجل، نادى الأعمى يسوع باسمه. وتلا صلاة من المزمور (ارحمني)، فدلّ على الضيق الذي يسيطر على حياته، ويكبّله وفي مكانه على قارعة الطريق. صار جزءًا من الطريق، مع الرداء الذي يجعل فيه ما يقدّم له من صدقة.
انزعج الجمهور الكبير الذي يرافق يسوع من هذا الصياح، فحاول أن يمنع الأعمى من المجيء إلى يسوع. هكذا فعل التلاميذ (10: 13) حين جاء الأطفال إلى يسوع. كأننا نريد أن نبقي يسوع في عليائه، بحيث لا يتنجّس بلمسة أيدينا وصرخة أفواهنا! ولكن الأعمى ثبت في إيمانه وما تراجع. بل ازداد صياحًا. يسوع هو حامل الخلاص، فكيف لا يدعوه؟ وإلاّ يكون مثل هؤلاء الذين يرافقون الرب عل غير وعي منهم فإلى أين تقود هذه الطريق التي يسير فيها يسوع؟ إلى مسيح ممجّد يدخل مدنية ظافرًا؟ أم إلى مسيح يمرّ في الآلام قبل أن يدخل في المجد؟ هل عرف الأعمى هذا؟ كلا، بدون شك. ولكنه سيضع خطاه يخطى يسوع، وحيث يكون يسوع يكون الأعمى معه. حسبُه أن يكون وراءه.
توقّف يسوع. أوقفه صياحُ هذا المسكين، هذا يدلّ علي قوّة الإيمان التي لا يستطيع يسوع أن يقاومها. أما هكذا فعلت المرأة الكنعانيّة؟ فقال لها يسوع: عظيم إيمانك أيتها المرأة، فليكن لك ما تريدين. قال يسوع: نادوه. والذين كانوا عائقًا، تبدّل موقفهم وشجّعوه ليقوم فقام بعد أن تخلّى عن كل ما يعيقه، ولا سيّما هذا الرداء بما فيه من "خيرات" لا تساوي الدرّة الثمينة التي هي أمامه. التقى بيسوع. طلب فنال، وسار وراء يسوع في الطريق.
التأمل
نتأمل عشر دقائق في نقطة من هذه النقاط. ونفهم أن الإيمان بيسوع تدريجي. هو لا يأتي دفعة واحدة. نبدأ فنمشي وإن بدا لنا الناس وكأنهم أشجار (8: 24). نمشي وإن لم يكن كل شيء لنا واضحًا. حين نمشي نرى، حين نعمل بما يأمرنا يسوع نفهم.
المناجاة
ننطلق من هذا الإنجيل وما شاركنا فيه ونتساءل: هل نثق بيسوع وإن كنّا لا نرى كل شيء؟ هل نتركه يمسك بيدنا فيقودنا حتّى إلي حيث لا نشاء؟ هل تغلب علينا الحكمة البشرية، أم نأخذ بحكمة الصليب؟
تأوين النصّ
إنسان جالس على قارعة الطريق. إنسان مسمَّر في وحدته وعماه. ولكنه إنسان يبحث كأني به هنا بشكل موقّت كأني به ينتظر شيئًا ينتظر شخصًا. وها هو قد وجد الشخص الذي يفتشّ عنه. قالوا له: هو يسوع الناصري، أما هو فنادى يسوع ابن داود. دعا المعلّم الذي يمرّ هنا وكأنه لا يعبأ به، بل إن يسوع يريدنا أن نصرخ، أن تعبّر عن همومنا وآلامنا كي يخلّصنا. صرخة هذا الأعمى تدلّ على ضيقه. وتدلّ في الوقت عينه على ثقته التي تضاهيها ثقة. والمفارقة هو أن هذا الأعمى "يرى" ما لا يراه الآخرون وما يراه في أعماق قلبه يقوده إلى الإيمان وبالتالي إلى الخلاص.
مسيرة يسوع هي أعظم من أن يوقفها هذا الشحاّذ الذي لا يهتمّ له أحد. يسوع ذاهب إلى أورشليم. وله يهيّأ استقبال "شعبي" كبير. فهل يضيع وقته مع هذا الأعمى؟ بلى. ويقول له: اذهب، فيبدو هذا القول أمرًا بالانطلاق، أمرًا يحرّره من كل ما كان يقيدّه: يحرّره من عماه تجاه أناس اعتقدوا أنهم "يرون". رداءه تجاه رجل غنيّ مضى كئيبًا لأنه كان يملك أموالاً كثيرة (آ 22). يحررهم من طريق يسير فيها الحجّاج ولا يعرفون أن السائر معهم هو مسيح سيمّر في الألم قبل ان يصل إلى المجد، وفي الموت قبل أن يصل إلى القيامة.
صلاة الختام
الصلاة الربية أو ترتيلة

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM