تحنّن يا الله وباركنا

تحنّن يا الله وباركنا
المزمور السابع والستون

1. المزمور السابع والستون هو مزمور تنشده الجماعة في أعياد القطاف (عيد الأسابيع وعيد المظال. خر 23: 16) لتشكر للرب ما أعطاها من الخير، وتطلب منه أن يبارك الموسم المقبل رحمة بشعبه. يعدّد المؤمن محاصيل الأرض ليتذكّر أن حياته مغمورة بعطايا الله، وأن عليه أن يعلن أمام كل شعوب الأرض أن حضور الرب غنى كله. وهكذا يظهر اسرائيل، من خلال هذا المزمور، أنه الشاهد لمجد إلهه في العالم.

2. المجد للرب الذي يباركنا ويفيض علينا نعمه.
آ 2: مقدمة: صرخة يعبّر فيها الشعب عن ثقته بالرب الذي ينظر إلى شعبه بوجه تنيره ابتسامة الرضى.
آ 3- 4: يعترف الشعوب بالرب يوم يعرفون طرقه وعمل خلاصه. طريق الربّ تدلّ على تصرّفه تجاه اسرائيل (77: 14): تذكّر رحمته فأظهر خلاصه. وما فعله لاسرائيل هو صورة مصغّرة عما يقدر ويريد أن يفعله من أجل البشر.
آ 5: أعظم عمل يقوم به الرب في يهوذا وبين الشعوب وفي العالم كله هو عمله كديّان يدين باستقامة وعدل، فيتصرّف مع شعبه والعالم مثل راع يهتم بقطيعه ويدلّه إلى الطريق القويم.
آ 6- 7: يعترف الشعوب بالرب لأنه بارك شعبه، وبركته تزيد الافراد والشعوب حياة، تتضمّن عطاء الشتاء الذي يبارك الأرض فيجعلها تعطي ثمارها: الغلال الوفيرة تجعل المؤمنين يفتخرون بالههم، والغلال الحقيرة تجعلهم يستحون منه.
آ 8: الخاتمة: يتمنّى الشعب البركة التي تجعل عظمة الرب ورحمته تصلان إلى أقاصي الأرض.

3. عندما يبارك الرب شعبه يعرِّف شعوب الأرض طرقه وتاريخ خلاصه. والخلاص يعبّر عنه المزمور بمطر كاف يؤمّن للشعب غلالاً وفيرة. خلاص الله لا يقتصر على خلاص الننوس، بل يتعدّاه إلى عطايا تجعل الشعب يحسّ بعمل الله الدائم من أجله.
إن الأمم عرفت هذا الخلاص الالهي انطلاقًا من وجود الشعب على أرضه. فإن زال الشعب أو جاع تساءلت الأمم: أين اله هذا الشعب؟ أما إن حلّت البركة على الشعب الصغير، فيعرف الناس أن ما فعله الله لهذا الشعب الصغير سيفعله من أجل الكون كله. دور اسرائيل أن يعلن هذا الخلاص على البشر. فإن هو زال فمن يعلنه؟
لم يكن اسرائيل الشعب الوحيد الذي استفاد من بركات الله. فشعوب نينوى وبابل تستفيد منها، وإن عبدت آلهة غريبة وشكرتها على ما أرسلته لها من خيرات. ولهذا ينتظر الشعب المختار يومًا تصعد فيه جميع الأمم إلى أورشليم لتشكر الرب وتحمده على عطاياه. هذا اليوم سيأتي، هذا هو رجاء اسرائيل، فتعترف الشعوب أن الرب هو الديّان الوحيد الذي يعطي الجميع حاجاتهم ويوجّه التاريخ في الطريق الذي خطّطه له.

4. نحن نشكر للرب ما أعطانا من خيرات الأرض وغلالها، ونشكر له أيضًا عطاياه التي وعدنا بها في الزمان المسيحاني وجاءتنا بشخص المسيح وبعطيّة الروح القدس فكان لنا الخلاص. ولكن خلاص الرب لم يظهر بجلاء على عيون المؤمنين. فلهذا نصلي هذا المزمور فنطلب من الرب أن تظهر أعماله من أجل كنيسته فتصبح كمدينة على جبل (مت 5: 14) ويشع بواسطتها على عيون الأمم وجهُ الاله الذي أوحى في شخص يسوع المسيح أنه الاله المحبّ للبشر.

5. البركة هي علامة حضور الله في قلب نشاط البشر، ونصوّرها بنور وجه الله. وحين "يخبئ الله وجهه" لأن اسرائيل خاطئ وقد خان العهد، فهذا يعني أنه "رفض" بركته: "خطاياهم جعلته يستر وجهه" (أش 59: 2) لئلاّ يراهم. تعلّم الشعب في المحنة فندم. وحنّ إلى حضور الرب فتوسّل إليه لكي يعيد إليه هذا النور: "ليُنر وجهك على معبدك الخرب" (دا 9: 17). وإلاّ لا خلاص له. "أنر بوجهك علينا فننال الخلاص" (80: 4).
هذه البركة ترافق عمل الإنسان: "يأمر الله بالبركة فتكون مع شعبه، في أحزانه وفي أعماله" (تث 28: 8). فعمل الإنسان وحده، مهما كان عنيدًا، يبقى بدون فاعلّية: حين يُحرم الإنسان من عون الله، لا يجد إلاّ سماء من حديد (لا تمطر) وأرضًا من نحاس (لا تنبت) (لا 26: 19). إذًا، ينبغي على الإنسان أن يستنفد قواه "على" الله. فمن زرع الشرّ حصد الاثم (هو 10: 13). ينبغي عليه أن لا يعمل شيئًا بدونه. فإن زرع زرعه وكان قلبه بعيدًا عن الله، فلا يكون زرعه مباركًا. "تُخرج بذرًا كثيرًا إلى الحقل، وقليلاً تجمع" (تث 28: 38).
أما إذا اشتغل الإنسان مع الربّ، فلن يتعب باطلاً... ويكون بنوه ذرّيّة مباركة (أش 65: 23). وحين يتجدّد الشعب في الألم، يتحقّق له الوعد الذي أعلنه النبيّ حجاي: "هل ينقص البذر في الاهراء؟ أما يُثمر التين والكرم والرمان والزيتون؟ لكن من هذا اليوم أبارك" (2: 19).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM