الخاتمة

الخاتمة

ذاك كان الكتاب الأول بين ثلاثة كتب داخل سلسلة القراءة الربيّة. كان "شرحًا" للمزامير 1- 50. بدأنا مع المزمور الأول الذي يتحدّث عن السعادة الحقّة. وأنهينا مع المزمور الخمسين (في النصوص الطقسيّة هو المزمور 49) الذي حدّثنا عن العبادة التي ترضي الله. وإن شاء الله في الجزء الثاني، نبدأ في المزمور 51 (50 في الليتورجيا): إرحمني يا الله كعظيم رحمتك، فنبدأ انطلاقة توبة ندعو فيها الله لكي يخلق فينا قلبًا نقيًا، قلبًا جديدًا.
هي طريقة خاصة نترك فيها الكثير للقارئ. لا نأخذ مكانه. لا نقرأ عنه. لا نتأمّل باسمه. نصّ الكتاب المقدّس في يده، وهذا الكتاب رفيق له. يأخذ منه ما يشاء. وحين تنطلق صلاتنا من عمق القلب، نستغني عن "الشرح". وقد نستغني عن نصّ المزمور، لنترك قلبنا يرفع صلاة صامتة على مثال حنة، أم صموئيل، التي قال عنها الكتاب: "كانت تصلّي في قلبها، وشفتاها تتحرّكان ولا تُخرجان صوتًا" (1 صم 1: 13). عند ذاك ظنّها عالي الكاهن سكرى. هو ظنّ خارجي. ولكنها في العمق كانت سكرى بالله على مثال الرسل يوم العنصرة، على مثال الأبرار والصدّيقين، الذين يصبحون "مجانين" من أجل كلام الله وعمل الله. يتركون حسابات العقل والفكر. يتركون حكمة البشر، ويأخذون الحكمة الحقيقيّة التي يعتبرها العالم جهلاً.
من أجل هذا سمّينا هذه الانطلاقة الأولى في "شرح" المزامير "ألهج بكلامك نهارًا وليلاً". يُغرم المؤمن بالرب، يُولع بع ولعًا، يلتصق به التصاقًا بحيث لا يفصله شيء عنه. فيصلّي ويثابر على الصلاة، بل يعتاد عليها فتصبح جزءًا من حياته. هذا ما يسمّى الهذيذ الذي اعتاد عليه المتصوّفون. ونحن نعتاد عليه حين نردّد كلام الله فتصبح حياتُنا نشيدًا متواصلاً يلتقي بنشيد الملائكة الذي يتكلّم عنهم سفر الرؤيا في خطى أشعيا. قال الرائي: "لا تنقطع عن التسبيح ليل نهار: قدوس، قدوس، قدوس، الرب الإله القدير، كان وكائن ويأتي" (رؤ 4: 8).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM