كتاب المزامير

كتاب المزامير

كتاب المزامير يفتتح القسم الثالث من التوراة العبريّة، وهو يتضمّن 150 نشيدًا. عنوانه في العبريّة "سفر تهليم" أي سفر التهاليل والتسابيح. في السبعينيّة: كتاب داود. دُوّن لكي يُنشد مع آلة موسيقيّة. وفي السريانيّة: كتاب مزامير داود الملك والنبيّ. أخذت العربية من السريانية لفظة "مزمور" وربطتها بفعل "زمّر" الذي يعني "غنّى بالنفخ في القصب وغيره". هذا مع العلم أن فعل "زم ر" في السريانيّة، يعني: رنّم، سبّح، هتف. وهكذا تكون المزامير قصائد تُنشد برفقة الآلات الموسيقيّة.
عدد المزامير: 150 مزمورًا. وهي تتوزّع في خمسة أقسام أو كتب، وكل كتاب ينتهي بمباركة. الكتاب الأول، 1- 41 وهو ينتهي كما يلي: "مبارك الرب إله إسرائيل من الأزل إلى الأبد. آمين ثم آمين". والكتاب الثاني (42- 72): (تبارك الرب إله إسرائيل، الاله الصانع العجائب وحده. تبارك اسمه المجيد إلى الأبد، ولتمتلئ الأرض كلها من مجده. آمين. ثم آمين". والكتاب الثالث (73- 89): " تبارك الرب إلى الأبد. يقول الشعب كله: آمين. هللويا". والخامس (107- 150) يجد خاتمته وخاتمة المزامير كلها في مز 150: "هلّلوا لله في بيت قدسه، هلّلوا له في سماء عزّته...".
كيف تمّ ترقيم المزامير؟ هناك الترقيم العبري الذي هو معتمد في هذا الكتاب وفي الترجمات العاديّة المعاصرة. أما الترقيم اليوناني واللاتيني، فيختلف عن العبريّ بشكل عام، برقم واحد. مثلاً رقم 51 في العبري يقابل في اليوناني واللاتيني ومختلف الطقوس الرقم 50 (إرحمني يا الله). فالمزموران 9- 10 في العبري صارا في اليونانيّة المزمور التاسع. والمزموران 114- 115 في العبري صارا مز 113 في اليونانيّة. والمزموران 114- 115 في اليونانيّة صارا في العبري 116. وأخيرًا صار مز 147 في العبري، المزمورين 146- 147 في اليونانيّة. وما عدا ذلك، كان الفرق رقمًا واحدًا بين الترقيم العبري والترقيم اليوناني. أمّا الترجمات الحديثة فاعتادت أن تجعل الرقم العبري، ثم تُتبعه بالرقم اليوناني بين قوسين. أمّا السريانيّة البسيطة فتتبع بشكل عام ترقيم النصّ العبري.
أما نحن فلا نتوقّف عند التقسيم في خمسة كتب كما نجده في النص العبري، بل عند الفنّ الأدبي للمزامير. هناك مزامير الشكر سواء كانت فرديّة أو جماعيّة. ومزامير الثقة. والمزامير التعليميّة أو الحكميّة. والمزامير التاريخيّة. والمدائح أو أناشيد الحمد. ومزامير مُلك الله. والمزامير الملوكيّة والمسيحانيّة. ومزامير صهيون. والتوسّلات الفرديّة والجماعيّة.
المدائح تنشد الله الخالق والمخلّص. والمزامير التاريخيّة تستعيد تاريخ شعب الله فتطلب من الرب أن يفعل اليوم ما فعل في الماضي. ومزامير صهيون تنشد مدينة أؤرشليم. والمزامير الملوكيّة أو المسيحانيّة هي التي تتحدّث عن الرب الملك في شعبه، فتصل في القراءة الكاملة إلى يسوع المسيح. ومزامير ملك الله تعلن أن الله سيقيم ملكه قريبًا في شعبه. والمزامير التعليميّة تنشد شريعة الله ومسأله المجازاة. ومزامير الثقة تعلن أمانة الله وتدعو المؤمن إلى الاتّكال عليه. والتوسّلات الفرديّة تبدأ بنداء ملحّ يوجّهه المؤمن إلى الرب، ثم بتصوير الحالة التي يعيش فيها، وفي النهاية يعلن المؤمن ثقته التامة بالربّ. أما التوسّلات الجماعيّة فيتلوها الملك أو الكاهن باسم الشعب ساعة تحلّ الكارثة في البلاد. ومزامير الشكر تحمل اسمها معها. يشكر المؤمن ربّه على نجاة من مرض أو عدوّ. على غلّة حصل عليها أو خير ناله. ولكن يجب أن لا ننسى أنه قد يكون أكثر من موضوع في المزمور الواحد.
المزامير هي نتاج الحياة الليتورجيّة في شعب إسرائيل، سواء نبعت من أرض فلسطين أو جاءت من البلدان المجاورة. وهي التي تغذّي الصلاة الفرديّة كما تغذّي الصلاة الجماعيّة. وقد صارت أيضًا في الحياة المسيحيّة أساس الصلاة منذ قال يسوع من على صليبه: "إلهي إلهي لما تركتني"، فعبّر عن ألمه وعزلته في البداية، بانتظار أن يعلن "نجاح" مهمّته التي هي حمل البشارة إلى إخوته. كما أنشد: "يا أبت، في يديك أستودع روحي"، فتلا صلاة الأبناء قبل النوم بانتظار اليقظة في اليوم التالي. أما يسوع، فكان نشيده ثقة بالقيامة لأن الرب لا يسمح أن يصيب صفيَّه فساد. ونحن اليوم نتلو هذه المزامير أو ننشدها في الأديرة وفي الكنائس، فتصير صلاتنا مستندة إلى كلام الله، وإلى صلاة آلاف المصلّين منذ شعب العهد القديم، حتى المسيح والكنيسة، بل حتى انقضاء العالم

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM