باركي يا نفسي الربّ

باركي يا نفسي الربّ

نجد هنا صورة الربّ الملك الذي ينصب عرشه ويفرض سلطانه على الجميع. هكذا يحتفل المرتّل بعمل الله المتشّرب بحكمة ملوكيّة. وفاعلّية مثل هذه الحكمة تفترض القوّة. لهذا تشدّد بداية المزمور (آ 1- 2) على العظمة والبهاء والجلال.
لسنا هنا في معرض الهتاف للملك كما في مز 29. فالبلاط السماويّ مدعوّ ليبارك الربّ، أي ليعبّر عن فرحته أمام العمل الذي يشارك فيه أو ينعم بخيره. ويأتي هتاف "أيها الربّ إلهي ما أعظمك" بشكل جواب من قِبَل البلاط الملكي، على الدعوة المرسلة إليهم لكي يباركوا الله.
الربّ هو الذي بنى السماء والأرض (آ 3- 9). وهو يفعل من أعلى سمائه بحرّية سامية، كما يجعل للأرض أساسها. والربّ هو الذي يعطي المياه (آ 10- 18) التي بدت مهدّدة في البداية، واستحالت في ما بعد شرطاً من شروط الحياة. مياه الينابيع للوحوش. ومياه المطر التي تدلّ على حنان الله وتنبّهه إلى أخصّائه منذ بداية السنة إلى نهايتها. بعد هذا، ينظّم الله الأوقات (آ 19- 23): زمن الظلمة لوحوش البرّ، وزمن النور لنشاط البشر.
بعد أن أعطى الربّ الماء، ونظّم الأوقات، صار الكون مستعدّاً لاستفبال الإنسان والحيوان. فهو يعطي الجميع طعامه (آ 24- 30). وهكذا يتمجّد الله بأعماله (آ 31- 35)، ولا سيّما بواسطة الإنسان الذي هو سيّد الطبيعة باسم الربّ.

باركي يا نفسي الربّ
أيها الربّ إلهي ما أعظمك

هذا هو نشيد مديحنا لك أيها الإله الخالق
منذ البدء خلقت السماء والأرض وكل ما فيهما
منذ البدء خلقت بكلمتك. قلت: ليكن النور فكان النور
يوم كان ظلمة وظلام كان ابنك نور العالم
منذ البدء خلقت بروحك المرفرف على وجه المياه
يوم كانت الأرض خالية خاوية كالصحراء،
جعلها روحُك القدّوس جنّة غنّاء
جعلها روحك القدوس فردوس السعادة
فما أعظمك أيها الربّ الإله.
نحن نباركك، ونقدّس اسمك، ونسجد لك سجود العبادة
مبارك أنت يا الله الآب: خلقتنا من العدم وأتيت بنا إلى الوجود
مبارك أنت يا الله الابن: خلّصتنا من الموت وأعدت خلقنا من جديد
مبارك أنت يا الله الروح القدس: قدّستنا فنقّيتنا من كل نقص وعيب
مبارك أنت أيها الثالوث القدّوس: أظهرت لنا نفسك في عمل الخلق والخلاص
فما أعظمك أيها الربّ الإله.

أنت عظيم أيها الربّ ولا حدود لعظمتك
أنت عظيم واسمك مسبّح مدى الدهر وإلى الأبد
أنت عظيم وصانع العجائب يا من أنت الله وحدك
أنت عظيم في خلائقك ومعروف في شعبك وميراثك
أنت عظيم في مجدك ونحن ننشد لك ونرنّم
فما أعظمك أيها الربّ الإله.

جلالا وبهاء لبست،
تغطّيت بالنور كثوب،
ونصبت السماء كخيمة.

لبست الجلالة، جلّ جلالك، فكنت الكبير العظيم
لبست الجلالة فترفّعت وتنزّهت عمّا للبشر، فأبنت عظمة لاهوتك
لبست البهاء يا بهياً في الحسن، فبان مجدك وبرزت عزتك
إذا كان ما صنعته مطبوعاً بالجلال والبهاء، فما أعظم بهاءك وما أجلّ جلالك
إذا كنت تلقي البهاء والجلال على الملك الذي تختار، فأنت الجلال والبهاء بالذات
كيف لنا أن نحدّث عنك يا ربّ بكلماتنا الضعيفة العاجزة عن الإحاطة بك
أجمل ما في الكون، أنت أجمل منه بلا حدود،
أعظم ما في البشر، أنت أعظم منه بلا قياس.

يسير الجلال والبهاء أمامك فيكونان لك حرساً يسبقك ويخبر بقدومك
ويغطّيك النور كما بغطاء فيحجبك عن أعين البشر يا إلهاً لا تراه عين بشر
النور صورة عنك يا الله، وهو يرافق الخلاص الذي تقدّمه للإنسان
نورك قبل كل ضياء، نورك قبل نور الشمس
نورك قبل نور القمر والكواكب التي تستمدّ نورها من نورك.

يا يسوع، يا نوراً من نور، انتظرك الناس منذ القديم يا شمس البر والعدل
ورآك يوحنا نوراً يأتي إلى العالم فتنير العالم
وانشدك زكريا والد يوحنا المعمدان نوراً يشرق من العلى فيضيء على القاعدين في الظلمات.
ويا أيها الروح القدس يا من علّمنا أن الله نور ولا ظلمة فيه البتة
يا أيها الروح الذي دعانا من الظلمة إلى نور الله العجيب
قدّسنا واجعلنا ذرّية مختارة وأمّة مقدّسة وكهنوتاً ملكياً والشعب الذي اصطفاه الله لخدمته.

نحن نبني لك يا ربّ هياكل وكنائس على الأرض بالحجارة والخشب
وأنت تبني لك هيكلاً في السماء، تنصب لك خيمة تقيم فيها
نحن نتصوّرك مثل بني البشر وكأنَّك تحتاج إلى مكان تقيم فيه
ولكن سمحت بهدم هيكلك في أورشليم لتعلّم شعبك أنك لا تقيم فقط في بيت من الحجر
بل تقيم مع شعبك، بين أبناء البشر
قال لك سليمان: السماوات وسماء السماوات لا تسعك فكيف البيت الذي ابتنيته لك
ونحن نقول لك: السماء عرشك والأرض موطىء قدميك، أنت يا خالق السماء والأرض.

وعلّمتنا يا يسوع أنك أنت الهيكل الجديد في العهد الجديد
يُهدم الهيكل الذي بناه هيرودس في مدة أربعين سنة، ولكن هيكل جسدك دائم إلى الأبد
وعلّمتنا أيها الروح القدس أنك فينا بعد أن أرسلك يسوع إلينا
وعلّمتنا أيها الروح القدس أن أجسادنا هياكل لك فيجب أن تكون مقدّسة منزّهة عن كل عيب.

بعد أن جئتَ يا يسوع الكلمة وسكنت بيننا ونصبت خيمتك عندنا
نقلتَ خيمتك من السماء إلى الأرض وقلت لنا: ملكوت الله في داخلكم
وقلت لنا: سأسكن عندكم وأسير بينكم وأكون إلهكم وتكونون شعبي
وطلبت إلى كل واحد منا أن يجعل من جسده خيمة يقيم فيها الثالوث ويرتاح
قلت لنا: من أحبّني حفظ كلامي فنجيء إليه ونجعل لنا عنده مقاماً.

فما أعظم فرحتنا، وأي كرامة لنا بعد أن صرنا هيكلاً يقيم فيه الثالوث الأقدس
هذا شرط أن لا نجعل أعضاءنا سلاحاً نحارب به من أجل الاثم والخطيئة
هذا شرط أن لا نوفّق بين هيكل الله الحيّ وهيكل الأوثان الميتة
هذا شرط أن نقطع كل صلة بالفجور والظلمة والكفر والشيطان
هذا شرط أن لا ننسى أننا لسنا لأنفسنا بعد أن اشترانا المسيح فصرنا أعضاء في جسده
فتوجّب علينا أن نمجّد الله في أجسادنا.

ما أعظم أعمالك يا ربّ
بالحكمة صنعتها جميعاً
فامتلأت الأرض من غناك.

عظيم أنت يا ربّ، وعظمتك تبان لنا عندما نرى أعمالك
عظيم أنت يا ربّ، وقد ملأت الأرض غنى، وأفضت عليها خيراتك
عظيم أنت يا ربّ، وقد صنعت ما صنعت بحكمة فائقة
فالشكر لك يا الله والمجد لك.

الحكمة كانت معك قبل أن تكون الأرض وقبل وجود الغمار والينابيع الغزيرة
الحكمة كانت معك قبل الجبال والتلال، يوم لم تكن الأرض صُنعت والمسكونة
الحكمة كانت معك حين كوّنت السماوات ورسمت حداً حول الغمر
الحكمة كانت معك يوم ثبّت الغيوم في العلاء ورسمت أسس الأرض
فما أعظم حكمتك يا ربّ، وهنيئاً لنا إن بكّرنا في طلبها وإن أحببناها.

الحيوانات كلها تنظر إليك
لترزقها قوتها في حينه
تعطيها رزقها فتلقطه، وتفتح يدك فتشبع خيراً
تحجب وجهك فتفرخ، وتنزع أرواحها فتموت
ترسل روحك فتخلق وتجدّد وجه الأرض.

أنت يا ربّ تعطي كل خليقة الحياة فتحيا، وتنزع منها روحها فتموت
تحجب وجهك عن الأحياء فيفزعون ويرتاعون، وقد كدت تنساهم ولا تذكرهم
تحجب وجهك عنهم فكأنك تعيدهم إلى العدل وتردّهم إلى التراب
إما إذا أنرتهم بوجهك، أما إذا أرسلت إليهم روحك، فهم يُحلقون من جديد
يكفي أن يحلّ روحك على الأرض فيتجدّد وجه الأرض.

خلقت كل شيء بكلمة من فيك، بإشارة من عينيك، بحركة من يديك
صنعت كل شيء، ويهمك أن يبقى في الوجود ولا يزول، لأنك إله الأحياء لا إله الأموات.
أنت يا من تهتّم بزنبق الحقل فتجعله ينمو وهو لا يتعب ولا يغزل
أنت يا من تنظر إلى طير السماء فترزقه طعامه مع أنه لا يزرع ولا يحصد ولا يخزن في الأهراء
أنت يا من تشرق شمسك على الأشرار والأخيار، وتسكب غيثك على الأبرار والفجّار
نحن نشكرك ونمجّدك ونبارك اسمك من الآن وإلى الأبد.

مجد الربّ إلى الأبد، يفرح الربّ بأعماله
أنشد الربّ كل حياتي، أرتّل له ما دمت حياً
وأرجو أن يروقه نشيدي فأفرح كل الفرح بالربّ
ينقرض الخاطئون من الأرض ولا يبقى فيها أشرار
باركي يا نفسي الربّ. هللويا.

ممجَّد أنت يا ربّ، وأعمالك عظيمة
كل ما خلقته حسن جداً وأنت تفرح بأعمالك
إملأ قلبي من فرحك، أعطني أن أنشد لك وأرتّل ما دمت حيّاً
أنت تفرح بالأبرار، ولكن الخطأة يغيظونك والأشرار يرفضون وصاياك
حين نصلّي إليك أن تزيلهم فلا يبقى من نسلهم في الأرض، تبدو صلاتنا من الأرض لا من السماء
أنت يا ربّ ترفض الشر، وتحبّ الأشرار، وتودّ أن يعودوا إليك بالتوبة
أنت يا ربّ حملت الخطيئة في جسدك وقتلتها، علّ الخطأة إليك يرجعون.

من أجل أعمالك أباركك يا ربّ، من أجل عظائمك أهلّل لك
أمجّدك عندما يعود إليك الأشرار، وأباركك مع الأبرار الذين يعملون بوصاياك
أنت تهتمّ بكل انسان فتحصي شعر رؤوسنا
أنت تنظر إلى حياتنا، وهي أثمن من الطعام، وإلى أجسادنا، وهي أثمن من اللباس
أنت تعلم ما نحتاج إليه قبل أن نطلب، لهذا نحن لا نسأل ولا نطلب
بل نشكر ونمدح ونبارك الثالوث الأقدس الآب والابن والروح القدس من الآن وإلى الأبد

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM