تقديم

تقديم

من القراءة إلى التأمل. ذاك كان كان أول كتاب في سلسلة القراءة الربيّة. ومع هذا الكتاب السابع، ننتقل من القراءة إلى الصلاة. نتوقّف عند المزامير نقدّمها في صلاة يستطيع المؤمن أن يردّدها في سهرات صلاة، في حلقات مشاركة، في تأمّل صامت ندخل فيه مخدعنا ونغلق بابنا.
مزامير اخترناها من كتاب الصلاة في العالم اليهودي، من كتاب الصلاة في العالم المسيحيّ. فالمسيح تلا بعضاً من نصوصه على الصليب. "إلهي إلهي لماذا تركتني". "يا أبتِ في يديك أستودع روحي". والكنيسة ما زالت تصلّيه وتنشده في حفلاتها الليتورجيّة. والرهبان والراهبات يتلون كل نصوصه ومرّات عديدة خلال السنة.
مزامير ننشدها اليوم في طقوسنا واحتفالاتنا: الربّ راعيّ فلا يعوزني شيء... كما يشتاق الأيّل إلى مجاري المياه... لا لنا يا رب لا لنا، لكن لاسمك أعطِ المجد... لماذا ارتجّت الأمم... ننشدها داخل الجماعة ونردّدها في ذهابنا وفي إيابنا، في ساعات الفرح والحزن، في ساعات النجاح والفشل، في الضيق والشدّة، أمام المرض الذي ينتابنا، والظلم الذي يسيطر في العالم، والموت الذي يهدّدنا.
مزامير توسّعنا فيها وربطناها بحياتنا اليوميّة، بجوّ العنف الذي يعرفه العالم. مزامير صلّيناها أسبوعاً بعد أسبوع في جماعات صغيرة أو كبيرة. وقد عاد إليها عدد من الناس يجدون فيها القوّة والعزاء في الصعوبات التي كادت تؤدّي بهم إلى اليأس. كما عاد إليها غيرهم خلال خلوة صامتة، خلال رياضة سنويّة يعود فيها الإنسان إلى ذاته، فيتطلّع إلى المستقبل على ضوء كلام الله وحضوره.
بالمزامير نكلّم الله بلغة الله. والمزامير هي خلاصة حياة شعب من الشعوب، وخلاصة حياة كل إنسان. فالألم والفرح واليأس والثقة والشكّ والتساؤل، كل هذا جزء من حياة البشر في كل عصر وزمان. لهذا صلّى هذه المزامير أناس عديدون في هذا الشرق القديم الممتدّ من مصر إلى بلاد الرافدين، مروراً بالعالم الآرامي والفينيقي والعبرانيّ... ونحن نصلّيها بالروح عينه، والله هو هو أمس واليوم وإلى الأبد. وصلاتنا ترتفع إليه من عمق ضيقنا وخطيئتنا، من عمق عودتنا إلى "البيت" الوالدي بعد أن ضللنا وابتعدنا...
هذه هي المزامير، أو بالأحرى بضعة مزامير نقدّمها باقة في سلسلة القراءة الربيّة. عنوانها: سبّحوه بالعود والكنّارة. هكذا نسبّح الربّ وننشده فيرافق تسبيحنا ونشيدنا الآلاتُ الموسيقيّة. فيجب أن نحمل كلَّ نشيد الكون إلى ربّ الكون. هذه هي المزامير التي توسّعنا فيها وقدّمنا نصوصها. فجاء كل فصل في ثلاث اتجاهات: شرح أول للمزمور يعطينا معناه العام. نصّ المزمور الذي نتأمّل فيه وهو يرد مقاطع مقاطع. وأخيراً، توسّع نابع من المزمور، من سفر المزامير، من الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM