الفصل الثالث والعشرون: وأخذوا يسوع إلى بيلاطس

الفصل الثالث والعشرون

وأخذوا يسوع إلى بيلاطس
27: 1-2

تقابل هاتان الآيتان في مر 15: 1 المطلع إلى محاكمة يسوع لدى الرومان. فإن مت الذي يستعدّ ليُقحم خبرًا خاصًا به (27: 3-10)، قد فصل خبر التشاور وتسليم يسوع إلى بيلاطس، عن مشهد مثول يسوع أمام بيلاطس. هنا نجد فعل ((اقتاد)) الذي يتوزّع خبر المحاكمة. في 26: 57ي يتحدّث مت عن الذين قبضوا على يسوع ((فاقتادوه إلى قيافا)). وفي 27: 2، ((أوثقوه واقتادوه إلى بيلاطس)). وفي 27: 31 ب: ((اقتادوه ليُصلب)).
إن الحاشية الكرونولوجية التي تعلمنا أن الصباح قد أقبل (تحويل في نص مر 15: 1: وحالاً الصباح) تجد ما يقابلها في شكل شبه حرفي في بداية خبر الدفن (27: 57: ولما كان المساء). والاثنان يجعلان الأحداث التي سوف تحصل في إطار يوم واحد، ونجد هنا العبارة المتّاوية المعهودة: ((عظماء الكهنة وشيوخ الشعب)). وإذ قال مت إن الوجهاء هم ((كلهم)) هنا، دلّ على شيء معروف تجاه ما قاله مر 15: 1: (كل المحفل). كما دلّ على الطابع الرسمي جدًا للجلسة.
ولكن هل تختلف هذه الجلسة عن جلسة الليل أم هي خاتمتها؟ من الواقع في مر أن الجلسة الليلية انتهت بالحكم بالموت على يسوع. إن فعل ((كاتاكريناين)) في 14: 64ج يدلّ على ذلك بوضوح: قضى الجميع أنه يستوجب الموت. غير أننا لا نجد هذا الفعل في نص مت الموازي (26: 66ج). قالوا: إنه يستوجب الموت. ولكن مقابل هذا نجده في بداية الحدث الذي يلي النص الذي ندرس (27: 3: حُكم عليه) حيث نعلم أن يوضاس ندم حين لاحظ أن يسوع قد ((حُكم عليه))، وفي 27: 1 نقرأ ((على يسوع لكي يميتوه))، فنجده شبه موافق لما نقرأ في بداية مشهد المحاكمة (26: 59)، ساعة طلب القضاة ((شهادة زور ضد يسوع لكي يميتوه)). هذه الحاشية المزدوجة أتاحت لبعض الشرّح أن ينسبوا إلى متى نظرة تختلف عن نظرة مرقس في ما يخصّ مسيرة المحاكمة اليهوديّة: تضمّنت هذه المحاكمة (في نظر مت، وكما يقولون) جلسة واحدة بدأت في الليل وانتهت عند طلوع النهار. حينئذ حكموا على يسوع. وهكذا يكون لهذه المحاكمة طابعًا شبه شرعي، لأنه يمنع على القضاء أن يُصدر حكمًا في الليل. بالإضافة إلى ذلك، رتّب مت تدرّجًا في ثلاث محطات تنطلق من 26: 59 (شهادة زور ليقتلوه) أي 27: 1 (لكي يقتلوه) مرورًا بـ 26: 66 حيث نجد إشارة إلى موت يسوع الذي تقرّر في النهاية.
نلاحظ أولاً أن ((سمبوليون لمباناين)) لا تعني ((اتخد قرارًا))، بل ((عقد جلسة)). ففي العهد الجديد (12: 14؛ 22: 15؛ 27: 1، 7؛ 28: 12؛ مر 3: 6) تعني ((سمبوليون)) فقط الجلسة. أي مجلس منعقد للتشاور. وهكذا نكون في 27: 1 على مستوى التشاور لكي ((يميتوا)) يسوع.
ثم حين نقرأ مت نشعر أن الانجيلي جعل من 26: 66 - 27: 3 وحدة تامة في إطار ((قتل)) يسوع. وسيتحقّق هذا القصد على مراحل. ولن يتحقّق نهائيًا إلاّ حين يسلم يسوعُ إلى بيلاطس. لهذا فالفعل ((كاتاكريناين)) (حكم) نُقل من 26: 66 إلى 27: 3. غير أن هذا الحكم لا ينتج (عند مت) من حكم قضائي (نجد له أثرًا في مسيرة المحاكمة في كل مراحلها). إنه نتيجة ((تشاور)) كان امتدادًا لجلسة الليل. فلا شيء يدلّ (وهذا خلافًا لمقاطع أخرى، مثلاً 26: 3، 57) على أن السنهدرين اجتمع (من جديد) من أجل جلسة أخرى. في هذه الحال، يكون مشهد الهزء احتلّ الفسحة: لقد أمضى أهلُ المجلس وقتًا ((ممتعًا)) في قاعة القضاء بانتظار طلوع النهار.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM