على عود بعشرة أوتار هللوا، يا عبيد الرب، هللوا لاسم الرب

113
هللوا، يا عبيد الرب،
هللوا لاسم الرب

مع مز 113 تبدأ مجموعة سمّتها الكتابات الرابانيّة "الهلل المصريّ" (مز 113- 118). يجد هذا الهلل مكانه في الليتورجيا المجمعيّة للأعياد السنويّة الثلاثة، أي الفصح والعنصرة والمظال. كما في عيد التدشين وعيد بداية القمر، لا في بداية السنة الجديدة.
نحن أمام فعل شكر. أمام مديح جماعيّ لاسم الربّ. والجماعة ليست كل اليهود بل "رعايا" مشتّتة عبر الزمان والمكان. يبدأ المزمور بدعوة إلى المديح (آ 1- 3)، يتبعها إكرام لقدرة الله السامية (آ 4- 6). وكل هذا ينتهي بما عمله الله من عظائم من أجل شعبه (آ 7- 9).
بدأ المرنّم فدعا عباد الربّ ليمدحوا اسم الربّ ويباركوه. هذا يفترض أن المعجبين بعمل الله الخلاصيّ ينضمّون إلى الذين نعموا بهذا الخلاص. وهكذا يتميّز هذا المزمور عن أناشيد الاعتراف حيث يضمّ المؤمن في مديحه الشعب والأمم الغريبة والكون المادي نفسه.
قد تدلّ عبارة "عبيد الله" على اللاويين في الهيكل. وتدلّ أيضاً على بني إسرائيل إجمالاً. تلك هي الحالة في هذا المزمور الذي دوّن في صيغته النهائيّة بعد المنفى. فالسامعون هم أكثر من جماعة ليتورجيّة محصورة داخل إطار المعبد. فعل المديح أن يمتدّ إلى أقاصي الأرض، ويصل إلى منتهى الزمن.
على الشعب المختار أن يقوم بعمل المديح باسم خلائق السماء وأمم الأرض. وها هو ينشد أمجاد إلهه. ويستعيد العبارة: "من هو مثلك، يا إلهنا"؟ يقف الرب فوق السماوات، فوق الأمم، ويشرف بملء قامته على الكون والتاريخ.
ليست هي المرّة الأولى نرى فيها الله يجلس على عرشه في السماء، وينظر إلى الأرض من العلى. فهو الاله المتسامي الذي لا يكون حضوره خارج العالم، بل في قلب العالم. في جميع الخلائق من أكبرها إلى أصغرها.
وفعل الشكر الذي تقوم به الجماعة يتوقّف عند عمل من أعمال الله: يرفع البائس (شعبه في المنفى) عن المزبلة، ليجلسه مع العظماء. هذا ما أنشدته حنّة، أم صموئيل (1 صم 2: 8). هذا ما أنشدته مريم في نشيد التعظيم (لو 1: 46- 56).

مبارك أنت أيها الربّ يسوع يا من أنشدت هذا المزمور، مزمور التهليل العظيم
أنشدته قبل عيد الفصح، قبل موتك وآلامك، فتمّمت بذلك سعيك
مبارك أنت يا من هللت لاسم الله أبيك الذي يبدّل الأمور من أجل خير محبّيه
مبارك يا من قلت حين جئت إلى العالم: ها أنا آت لأصنع مشيئتك يا الله.

مباركة أمك بين نساء العالم، مجد صهيون وفخر أورشليم
مباركة هي التي أنشدت عظمة الله على الوضعاء والمساكين
مباركة هي فيك يا من تحطّ المقتدرين على الكراسي وترفع المتواضعين
مباركة هي الأم السعيدة التي قدّمت نفسها في البتولية فكادت أن تصبح عاقراً
ومبارك أنت يا من أعطيتها عند موتك أن تكون أم أبناء عديدين.

مبارك أنت، ننشدك نحن عبادك وخدّامك من الآن وإلى الأبد
ننشد عظمتك وتساميك، ننشد اسمك المقدّس على الدوام
أنت الإله السامى فوق كل الخلائق، وأنت الإله القريب من الخلائق
مجدك فوق جميع السماوات، وأعمالك ظاهرة في الأرض.

يباركك كهنتك وخدّام مذبحك، يهلّلون وينشدون لك
يباركك مساكينك وأتقياؤك، فأنت رفعتهم عن التراب
تهلّل لك كنيستك، وهي تستعدّ لعيد ميلادك، يا من صرت طفلاً صغيراً وأنت الإله العظيم
ونهلّل نحن الذين ألزمنا نفوسنا بأن نكون خاصتك وأحبّاءك
فاقبل منا كلام التهليل، ولتحلّ علينا بركاتك، نحن الذين نبارك اسمك.

هللوا يا عبيد الرب: هللوا لاسم الرب.
ليكن اسم الرب مباركاً من الآن وإلى الابد.
من مشرق الشمس إلى مغربها يهلّل البشر لاسم الربّ.

ها نحن نردّد اسمك المرة بعد المرة، فنتعرّف إلى شخصك الإلهي
نردّد اسمك فندخل في حياتك الحميمة وفي سّرك العميق
اسمك موضوع عبادتنا، اسمك موضوع محبتنا وتباهينا
اسمك عنوان القدرة ونار مشعة على البشر أجمعين
ليتقدّس اسمك كما في السماء كذلك على الأرض.

اسمك وحيد وعجيب وسريّ، اسمك يختلف عن سائر الأسماء
اسمك يدل على شخصك، أنت يهوه الكائن، الذي يعمل من أجل شعبه
اسمك يدل على عظمتك، لأنك تفعل بطريقة تختلف عن طرائق البشر
اسمك له تاريخ خاص ونكهة خاصّة، ولا يقابله أي اسم آخر.

أعلنت اسمك لموسى، فأعلنت له في الوقت ذاته ما أنت مزمع أن تصنع لشعبك
اسمك وحي، اسمك نعمة وصلاح، اسمك عمل ورحمة
اسمك يتدخّل في تاريخ البشر، فيسيّر الأمور حسب مخطّطك الإلهي
وهذا الاسم نمدحه، نسبّحه، نهلّل له، من مشرق الأرض إلى مغربها.
البشر كلهم يهلّلون لك، الارض والمسكونة تنشدك، يا من أنت ملكٌ على الجميع
ونحن نسبّحك في كل ساعة من ساعات حياتنا، نسبّحك ولا نهدأ من يوم ولادتنا إلى يوم مماتنا.

الرب متعال على الأمم وفوق السماوات مجده
من مثلُ الرب إلهنا، ذاك المقيم في الاعالي؟
لكنه ينحني من أعاليه ليرى السماوات والارض.

نهلّل لك يا ربّ، يا من أنت في السماء، نمجِّدك يا ساكناً في الأعالي
ونمدحك، لأنك تتنازل فتنزل إلى الارض، وتحلّ فينا وتسكن بيننا
أنت من السماء تدير الكواكب والنجوم، فتأتمر بأمرك وتعمل إرادتك
وأنت على الارض تسيّر تاريخ البشر، وتوجّه مسيرة الأمم.

أنت فوق الخلائق وأنت مع الخلائق، فمن يقابلك يا الله
عظمتك أعظم من كل شيء، وتواضعك أوضع من كل شيء
أنت البعيد بطبيعتك، أنت اللامحدود فلا يقربك انسان
وأنت القريب بإرادتك، شئت أن تحبّ وتعطي وتستعطي.

أنت عظيم في الأعالي، أنت عظيم في الاعماق
أنت صغير معنا وقد شابهتنا في كل شيء ما عدا الخطيئة
أنت الإله الكامل في قداسة لا يحقّ لأحد أن يدنو منها
وأنت الإله المحبّ الذي يبحث عن اتصال بالبشر
أنت قدوس إسرائيل الذي يرهبك السرافيم، وأنت عمانوئيل، إلهنا معنا.

فمن مثلك أيها الربّ إلهنا في العظمة والقداسة؟
إن احتويناك فلست الله، وإن حدّدناك لست الله
إن حسبنا أننا أدركناك، فأنت أبعد من الادراك
وإن أردنا أن نعرفك، نؤمن أنك تتجاوز بكيانك كل أفكار البشر.

أنت موجود في ذاتك، أنت موجود في الخليقة
أنت حاضر، وحضورك يتعدّى كل حضور،
أنت خفيّ وخفاؤك لا يعلوه خفاء
أنت البعيد وأبعد من البعد، أنت العميق وأعمق من العمق
أنت العظيم وأعظم من العظمة، أنت القدوس وأقدس من القداسة
نحن لا نستطيع أن نقول شيئاً، فيتلعثم لساننا، ونودّ أن نلوذ بالصمت
نضع يدنا على فمنا مثل أيوب، لنتأمل عظمتك واتضاعك ونسجد خاشعين.

يقيم الذليل عن التراب ويرفع البائس من المزبلة
ليجلسه مع العظماء مع عظماء شعبه يجلسه.
يجعل العاقر في بيتها أماً بأبنائها فرحانة.

عرشك في الاعالي، فأنت ملك الملوك الذي تملأ أذياله الهيكل
وكرسيك في الأعالي لترى كل شيء، يا قاضي القضاة، وديّان العالم
أنت تدين، فتعاقب الخاطئين المتكبرّين، وتنزلهم عن الكراسي
أنت تدين، فتحاسب كل إنسان على أعماله، أخيراً كان أو شراً.

ولكن لا يهمّك أولاً عقاب الاشرار، بل مجازاة الأبرار
فإن انتصرت على الأقوياء، فلكي ترفع الوضعاء وتخلصهم من الظلم
وإن تغلّبت على قوى العالم، فلكي تجعل العاقر أم بنين
ما يهمّك هو الذليل والفقيرة والوضيع والضعيف.

تريد أن تشركهم في مجدك وارتفاعك وملكك
تريد أن تقلب حسابات البشر للذين لا يعرفون أن يحسبوا
تريد أن تقلب احتياطات البشر للذين لا يقدرون أن يحتاطوا
تريد أن تبدّل مسار الاحداث للذين هم أضعف من أن يغيّروها
تريد أن تهتمّ بشعبك، ذلك القطيع الصغير، وتعطيه الملكوت.

تاريخ الخلاص يا رب ليس في متناول الانسان إن لم تساعده أنت
تاريخ الخلاص لا يصل إليه البشر، لأنك وحدك تستطيع أن تمسكه بيدك
أحداث الكون تفلت من أيدينا، ووحدك تستطيع أن توجّهها لخير الذين يحبّونك
فاذكر رحمتك واعضدنا بنعمتك، أنت أيها الإله الأمين، والثابت في مواعيدك.

أنت عظيم، والشعوب أمامك كنقطة ماء في دلو،
أنت عظيم، والأمم حبّة تراب في الميزان
الأكوان أمامك ليست أثقل من حبّة رمل، والشعوب عدم وكلا شيء
سماء السماوات لا تسعك، ومع ذلك ندعوك يا إلهنا، ويا أبانا.
فما أعظمك في عظمتك، وما أدهشك في تنازلك.

أنت لا تذهب إلى العروش والكراسي، بل إلى المزبلة حيث الفقراء والمعدمون
أنت لم تولد في قصر منيف، بل في مغارة ومذود حقير، وفي إحدى الزوايا المظلمة
أنت لا تنظر إلى الاشراف والعظماء، بل إلى الأذلاء لترفعهم إلى مركز الشرف والعظمة
أنت لا تنظر إلى الملوك، بل إلى المساكين، لتملّكهم عرش المجد.

أنت نظرت إلى يوسف، ورفعته من السجن إلى عرش فرعون
أنت نظرت إلى داود، وأخذته من وراء الغنم، وجعلته ملك شعبك
أنت أخذت موسى، ذلك الغريب في أرض مديان، وإرميا ذلك المضطهَد في شعبه
أنت اخترت رسلك من بين الصيادين، وتلاميذك من المساكين وشعب الأرض.

وتنظر أيضاً إلى العاقر فتجعلها أم بنين
بعد العار المجد، بعد الحزن الفرح، بعد العقم الأولاد العديدون
نظرت إلى سارة العاقر فصارت أم الشعوب،
نظرت إلى راحيل فولدت مخلص الشعب من الجوع
نظرت إلى حنة فأعطيتها صموئيل، ذلك السامع لكلامك، العامل بإرادتك
نظرت إلى صهيون فكانت أماً روحية لا لأبناء شعب واحد، بل لأبناء الشعوب جميعاً
ونظرت إلى مريم العذراء، فأعطيتها البنين العديدين، وصيّرتها أم البشر وأم الكنيسة.

ونعود إليك يا يسوع، يا من تنازلت من العلى، ونظرت إلى حقارة طبعنا
ونعود إلى أمك مريم، رمز الكنيسة، التي صارت أماً فرحانة بأبنائها
نهلّل لك أنت الغني، الذي صرت فقيراً لتغني فقرنا
نهلّل لك أنت العظيم، الذي صرت طفلاً ضعيفاً لتقوّي ضعفنا
نهلّل لك، يا من عظمت أمك، ورفعت قدرها، فجعلت الشعوب تنشد عظمتها.

ونحن شعبك الساجدين لك، يا أعظم العظماء
نتأمّل تواضعك وانحدارك بيننا.
نسألك أن تعلّمنا، فنحس بقربك منا، يا جسداً ودماً على مذابحنا
ونسألك وعياً أمام قداستك ولاهوتك، فلا يأخذ منا الكسل واللامبالاة كشف مأخذ
ونسألك أن ترينا من خلال مذودك والقماطات ذلك المخلّص والديان
ذلك المخلّص الذي يحنو على البشرية، ويقودها في حبّه إلى الآب
وذلك الديّان الذي لا يرضى أن يقابَل حبُّه بالرفض والفتور
فأنت ربنا، ونحن نسجد لك، وأنت فادينا، ونحن نحبّك.
أنت قريب منا، فقرّبنا إليك أكثر، واجمعنا في كنيستك
واجمعنا حول جسدك ودمك لتكون حياتنا حياتك، وموتنا موتك، وقيامتنا قيامتك.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM