ملحق

ملحق
القراءة الربية

اعتاد الكردينال مارتيني، رئيس اساقفة ميلانو في ايطاليا، ان يلتقي مع الشباب في ابرشيته. وهو يدعوهم إلى قراءة الكتاب المقدس ويقدّم لهم طرقاً تقرّبهم من النص. وهكذا تحدّث الناس عن "أسلوب مارتيني"، الذي يكوّن جسراً بين التأويل العلمي والقراءة الرعائية للكتاب المقدس. وها نحن ننقل إلى القرّاء مقدّمة كتابه "فرح الإنجيل" وفيها ما يسمّيه: "القراءة الربيّة".

القراءة الربيّة هي اقتراب تدريجي من النص البيبلي. وهي تعود إلى زمن الآباء، بل إلى زمن المعلّمين في العالم اليهودي. والقسمة إلى "الذاكرة والعقل والارادة" هي قسمة قديمة جداً. فقد توسّع القدّيس أغوسطينوس في موضوع الذاكرة. ويعده صار المثلّث "الذاكرة والعقل والارادة" مرادفاً لاسلوب تأملّي حول الكتاب المقدّس أو حقيقةٍ من حقائق الإيمان.

أ- محطّات في الصلاة الربيّة.
1- القراءة: نقرأ النص ونعيد قراءته حتى نبرز العناصر الهامّة. نكتشف الافعال، الاشخاص الذين يعملون، العواطف التي يعبرّ عنها النص، الكلمات التي تفتح اذهاننا. نستطيع هنا ان نستعمل القلم. كما نجعل النص في سياق أوسع: في الفصل كلّه، في السفر كلّه، أو في إطار الكتاب المقدّس ككلّ.
2- التأمّل: هو تفكير في القيم المستمرّة التي نجدها في النصّ. في القراءة نهتم بالمعطيات التاريخيّة والجغرافيّة والحضاريّة التي ترافق النصّ. في التأمل أطرح السؤال: ماذا يقول لي أنا؟ أي تعليم اكتشفه اليوم في هذا النصّ الذي هو كلمة الله الحيّ وما هو النداء والقيم التي أجدها وراء الأقوال والأعمال والأشخاص؟
3- المناجاة: يصعب علينا أن نفسّرها ونعبرّ عنها. يجب أن نقيم بحبّ في النصّ. ننتقل من النصّ والتعليم إلى مناجاة ذاك الذي يتكلّم في كل صفحة من صفحات الكتاب المقدّس: يسوع ابن الآب الذي يعطينا الروح القدس.
المناجاة سجود ومديح وصمت أمام الذي هو الموضوع الاخير لصلاتي، المسيح الرب المنتصر على الموت، حامل وحي الآب، الوسيط الوحيد للخلاص، ومانح فرح الإنجيل إلى جميع البشر.
ب- علاقة الصلاة مع الذاكرة والعقل والارادة.
1- الذاكرة: نتذكر مقطعاً من الكتاب المقدّس، نتذكّر حدثاً من الاحداث أو آية من سفر المزامير مثلاً. فالذاكرة تعكس العناصر الهامّة في الصفحة البيبلية، كما تذكر نصوصاً أخرى قريبة من هذا المقطع... من يعرف الكتاب المقدّس، يجد أن هذه الآية ترتبط بغيرها، وهذا الحدث بحدث آخر. نتوقف عند أحداث مهـن حياة يسوع، عند أقواله، عند صفحات نبويّة أو آيات مزموريّة. بهذه الطريقة نحتفظ بهذه الامور في قلبنا على مثال مريم العذراء. نحن نتذكّر مقاطع من الكتاب، كما نتذكّر احداثاً من حياتنا ترتبط بهذه المقاطع.
2- العقل: إذا كانت الذاكرة تقابل القراءة، فالعقل يقابل التأمل. إنه يحاول أن يدرك معنى الأحداث. لا يكفي أن نتذكّر. بل يجب أن نفهم. قال يسوع: "أما أدركتم بعد وفهمتم؟ أعميت قلوبكم إلى هذا الحدّ؟ أما فهمتم بعد" (مر 8: 17- 21)؟ هذا ما قاله يسوع بعد تكثير الخبز، فدعانا بعد الذاكرة إلى إعمال العقل وفهم الوقائع ومدلولها.
3- الإرادة: تدل الإرادة على ما في الإنسان من عطاء وحبّ. تدلّ على الصلاة التي هي تعبير عن العاطفة والاندفاع والرغبة، الارادة هي تأمل ومناجاة.
الروح يقود صلاتنا بطرق متعددّة. وعلى كل واحد منّا أن يبحث عن طريقه، أن يبحث عن أفضل السبل لتكون صلاته مرتبطة بحياته ومتوافقة مع كلام الله الذي يتأمل فيه.
صلاتنا مسيحيّة لأنها تنطلق من المسيح. وستأتي أوقات لن نحتاج فيها إلى نصوص: فالمسيح القارئم من الموت هو حاضر، ولسنا بحاجة إلى مجهود لكي نناجيه. فالتأمل المسيحيّ يتحرّك بفعل الروح ويرتبط بيسوع المسيح. إنّه أيضاً مشاركة في صلاة يسوع لأبيه

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM