الفصل التاسع عشر: الكرّامون القتلة

الفصل التاسع عشر
الكرّامون القتلة
21: 33- 46

لا يبدو مثل الكرّامين القتلة شفافًا وبسيطًا مثل أخبار أخرى من النوع ذاته. ولكنه يبدو من القوّة بحيث ندرك هدفه: أسمع تنبيهًا إلى الأعضاء الجدد في الشعب المختار. فقدّم لهم كما في مرآة مصير أولئك الذي حلّوا محلّهم في قصد الله. لقد حلّت الكنيسة محلّ المجمع وهي مسؤولة عن هذه النعمة الجديدة. فيجب عليها أن تسهر لئلاّ تخون الدعوة التي دُعيت إليها. تسهر لتحمل الثمار التي ينتظرها الله منها. بعد العالم اليهوديّ، يتوجّه هذا الكلام إلى الكنيسة: الويل لها إن لم يزد برّها على برّ الكتبة والفرّيسيين (5: 20): مثل هذا التعليم يتوجّه إلينا نحن اليوم أيضًا.

1- الدراسة الادبيّة
أ- السياق
كان أشعيا في قصيدة مؤثّرة قد شبّه اسرائيل بكرمة زرعها الله وفلحها وأحاطها بعنايته. وانتظر أن يكون القطاف وافرًا. "انتظر بأن يُثمر عنبًا فأثمر حصرمًا بريًا. فالآن أعلمكم ما أصنع بكرمي: أزيل سياجه فيكون مباحًا، وأهدم جداره فيدوسه الناس" (أش 5: 4- 5). إن المثل الانجيليّ يتذكّر منذ كلماته الأولى "نشيد الكرمة" هذا. وهكذا يجد قارئ الانجيل نفسه في هذا السياق المظلم الذي صوَّره القول النبويّ: بما أن الشعب لم يعط الثمار الجيّدة التي ينتظرها الرب، فسوف يدان.
ولكن في المثل الانجيلي، نرى أن الكرمة قد سلّمت إلى وكلاء، إلى عملة. هذه الإشارة الجديدة تعطي الخبر أصالته وتدلّ على اتجاهه. وتبدأ "لعبة" قاسية بين ربّ الكرم والكرّامين. ففي أوان القطاف، أرسل ربّ الكرم خدمه ليتسلّموا الثمار. ولكن الكرّامين تصرّفوا بشكل مذلّ ومشين. أساؤوا معاملة المرسلين. بل قتلوا بعضًا منهم. وإذ أراد ربّ الكرم أن يؤكد على نيته بأن يتسلّم ما يعود إليه، ويفرض سلطته على الوكلاء، أرسل عبيدًا آخرين أكثر من الأولين: فنالوا المصير الذي ناله العبيد الأوّلون. وفي النهاية أرسل السيّد ابنه قائلاً: لعلهم يهابونه.
هنا ظهر شرّهم في كل بشاعته. قالوا: هذا هو الوارث. وقرّروا التخلّص منه لكي يرثوا الكرم. لا حاجة إلى قول ما فعل السيّد بمثل هؤلاء الكرّامين. وترك يسوع خصومه أنفسهم يستخلصون النتيجة.
إن هذا المثل يُلقي بضوئه على أزمة شعب اسرائيل: هو يستعيد القول النبويّ في العهد القديم، ويدلّ على أنه تمّ في يسوع المسيح. فالرب، إله اسرائيل، كان قد اشتكى إلى إرميا من قساوة قلب شعبه وعنادهم. "لم يملّ". "كل يوم" أرسل إليهم عبيده الأنبياء. ولكنهم لم يسمعوا لهم. ودلّ كل جيل على أنه شر من سابقه (رج إر 7: 24-26). وها هو هذا الجيل لا يسمع لابن الله بالذات. ماذا سيكون مصيرهم؟
ومع ذلك، مخطّط الله لا يستطيع أن يفشّله تصرّفُ الكرّامين وهذه الخبرة التي خيّبت أمل الربّ الكرم. والابن المقتول لن يبقى طويلاً في الموت، لأن الله سيقيمه. والحجر الذي رذله البناؤون، واعتبروه بلا فائدة، صار الأساس الذي يُسند البناء كلّه. وقد رأت الكنيسة الأولى في هذه الصورة التي أخذت من مز 118: 22-23 (رج مت آ 42) المسيح الذي ارتفع في المجد بعد أن رذله شعبه. وما اكتفى متّى بأن يشدّد على فعل الايمان الكرستولوجيّ الذي يختتم المثل، بل أبرز فكرة الشعب المسيحانيّ الجديد. فمرمى المثل في نظره نجده في آ 43 (ملكوت الله يُنزع منكم). فالملكوت (أو الكرمة) سيعطى إلى شعب جديد يعطي الثمار التي ينتظرها الله. ظلّ اسرائيل عقيمًا وكان ثمره حصرمًا بريًا. فلتحذر الكنيسة لئلاّ يكون مصيرها مصير اسرائيل الذي سبقه الوثنيون إلى ملكوت السماء.
ب- التأليف الأدبي
ألّف متّى مجموعة من ثلاثة أمثال (28:21-22: 11). وجاء خبر الكرّامين القتلة في الوسط. هناك أولاً مثل الابنبن (21: 28-32) مع تطبيق يثبت أمرًا واقعًا: أولئك الذين وجب عليهم أن يسرعوا ويتقبّلوا تعليم يوحنا المعمدان، لم يفعلوا. طُلب منهم أن يذهبوا إلى الكرم، وهم أبناء الكرم (أبناء اسرائيل)، فلم يذهبوا. فذهب الوثنيون وعملوا إرادة الآب. تطلّع المثل الأول إلى الماضي، إلى تاريخ شعب اسرائيل. أما المثل الثالث فيتطّلع إلى المستقبل، إلى العقاب الذي يحلّ باسرائيل حين تدمّر أورشليم ويحرق الهيكل سنة 70 ب م (7:22). إن مثل وليمة العرس قد حذّر المؤمنين من خيانة دعوتهم (22: 11-14). وهكذا عالجت هذه المجموعة من ثلاثة أمثال، ثلاثة مواضيع متتالية: التدرجّ في الخطيئة صعدًا، تحضير العقاب، تنفيذ العقاب.
ولكن حان الوقت لنتوقّف عند بعض الأسئلة التي يطرحها النصّ. نبدأ فنتساءل: هل يتيح لنا تدوين مرقس أن نكتشف الشكل الأولاني للمثل؟ نقابل مت ومر ونشدّد على مواضيع خاصّة بمتّى.
ج- جذور المثل
اعتبر بعض الشرّاح المعاصرين أن المثل كله هو استعارة دوّنها الجيل المسيحيّ الثاني. وقالوا إن الجماعة قد فسّرت (صوّرت) هكذا مصير المعلّم، فقابلته بالفشل الذي رافق تاريخ اسرائيل. وهكذا نكون منذ البداية أمام تأليف مصطنع لا يستند إلى خبر أمثالي (يعني: لم يقل يسوع هذا المثل، بل استنبطته الكنيسة). وهكذا نكون أمام استعارة كبيرة لأن كل ما في هذا الخبر من أشخاص ووقائع قد جُعل هنا لينطبق على وضع معيّن.
نبدأ فنقول إن النصّ حتى في هذه الفرضيّة يحتفظ بقيمة كبيرة. ففي تطبيق مثلَي الزرع والزؤان وجدت الخبرة الرسوليّة لدى المسيحيّين الأولين، وتفسير هذين المثلين في الايمان، تعبيرًا هامًا. ونستطيع أن نقول الشيء عينه عن تاريخ الخلاص وتفسيره في الايمان. إذن، نحن أقلّه أمام قول رسوليّ من الكنيسة يقودها الروح القدس.
غير أن هذه الطريقة في النظر إلى مثل الكرّامين القتلة، يصطدم بعدّة اعتراضات. الأول يأتي من أن الحدود في الأدب البيبليّ بين المثل والاستعارة تبقى غامضة، ولا يمكن أن ندرسها بطريقة عقليّة كما ندرس الفنون الأدبيّة. يجب أن نقول إن استطعنا، إن النصّ قد بُني في منظار استعاريّ كما في سفر دانيال أو رؤيا يوحنا اللذين يستعملان صورًا استعاريّة. هناك مقطع يبدو فيه الانقطاع واضحًا: في النهاية، تقابل مقدّمةُ الايراد الكتابي (مز 118؛ مت 21: 42؛ مر 12: 10) الطريقة التي بها يلجأ المسيحيّون إلى البرهان الكتابي. "أما قرأتم في الكتب"؟ بالإضافة إلى ذلك، يبدأ مقطع المزمور الوارد (118: 22-23) أحد النصوص الكتابيّة التي أوردتها الكنيسة القديمة لتعلن قيامة الربّ (أع 4: 11؛ 1 بط 2: 7). إذن، لا يمكن أن يدوّي في المعنى الذي أعطي له إلاّ بعد حدث الفصح وانطلاقًا من الايمان بالقيامة. وكان يمكن لكلمات أخرى من الكتاب المقدس أن تكلّمنا بطريق أوضح (رج مز 16: 10؛ أع 2: 27؛ 13: 35). فصورة الحجر الذي صار الأساس (أو الغلقة) لا يمكن أن ينطبق على المسيح إلاّ بعد القيامة التي تأمّلت فيها الجماعة في فرح الغلبة الفصحيّة. أخيرًا، نستطيع بسهولة أن نقتطع آ 42، فينتهي المثل حينذاك مع عقاب الكرّامين القتلة. فيجب أن يأتي القول الذي به يحكم ربّ البيت على خدّامه في الدرجة الأخيرة: لقد دلّ الخبر كله أن الشرّ المتنامي لدى الكرّامين سيصل إلى تلك النهاية.
والاعتراض الثاني: نجد في المثل وحدة حقيقيّة لاشكّ فيها: هناك مقدّمة خاصة تلجأ إلى مثل كتابيّ يفهمه المؤمنون وحدهم. وأخيرًا، لا يهتمّ المثل بشكل خاص إلاّ بالابن الذي قُتل، لا بالصراع بين ربّ البيت ووكلائه. من أجل كل هذه الاسباب، يبدو مر 12: 11- 11 وقد أخذ من أصل مسيحيّ وزيد فيما بعد ليعبّر عن إيمان الكنيسة بالمسيح الذي هو "الابن". إن مجرّد استعارة ذات أصل مسيحيّ لا يمكن أن تنتهي في عقاب القتلة (مر 9:12). ومقابل هذا، إن الإضافة الكرستولوجيّة في مر 12: 10- 11 تؤكّد بشكل مباشر أن الكنيسة قد أحسّت أن شيئًا ما ينقص المثل. فالخبر لا يستطيع أن ينتهي بموت الابن واعلان العقاب الذي يستحقّه القتلة. فإذا كانوا قد رأوا في الابن يسوع المسيح، وجب عليهم أن يزيدوا أنه لم يبقَ في الموت. وإلاّ ظلّ كل شيء غامضًا وضاع المدلول كلّه.
كل هذه الاعتبارات تدعونا إلى أن نبحث عن مثل أولاني نعيد بناءه الادبيّ. هذا العمل قد صُنع فكان لنا ما يلي: يروي المثل خبرًا حقيقيًا حيث يلعب الابن الدور الأوّل، ولكنه لا يدلّ للوهلة الأولى على يسوع المسيح (إذن، لسنا أمام استعارة تدلّ على شخص محدّد). غير أن إرساله إلى الكرّامين، قد ارتدى في نصّ مر القديم، أهمّية كبيرة. فإذا أخذنا بعين الاعتبار التدرجّ المتصاعد في الخبر، يشكّل إرسالُ الابن ذروة التدرجّ، ذروة التوتّر الذي وصل إلى درجته الأخيرة. فهل سوف يراعي الكرّامون. الابن؟ كلا. هذه اللامبالاة كشفت عمق البشاعة عند البشر. لهذا أخفى يسوع نفسه تحت صورة "الابن" كما يقول المثل. وإذ فعل ما فعل، كشف وأخفى في الوقت عينه لقبه كمرسل الله، وبالتالي آخر مرسلي الله (مر 12: 6).

2- من متّى إلى مرقس
بعد مقابلة بين مرقس ومتّى، نتوقّف عند السمات الخاصة بمتّى.
أ- مقابلة بين مرقس ومتّى
نتوقّف هنا فقط عند الاختلافات التي ترتدي أهميّة كبرى لقيمتها الموضوعيّة في مقدمة المثل تكلّم متّى عن سيّد استأجر عملة لكرمه. استعمل ذات الألفاظ في نصوص أخرى تتحدّث بشكل واضح عن الله. قال مرقس إن ربّ الكرمة أرسل على التوالي ثلاثة خدّام ليتسلّموا ثمار كرمه. وأخيرًا، أرسل "كثيرين آخرين" (مر 12: 25). أما متّى فتحدّث منذ البداية عن خدّام كثيرين دون أن يحدّد عددهم. غير أنه لاحظ أنهم كانوا في المرّة الثانية أكثر عددًا (مت 21: 36). فكّر الكاتب في مرسلي الله إجمالاً، وبشكل خاص بالأنبياء.
في خبر متّى دلّ الكرّامون منذ البداية على قساوتهم. أما في خبر مرقس فهناك تصاعد ونموّ في موقفهم. ضربوا العبد الأولى. شجّوا رأس الثاني وأشبعوه إهانة. وأخيرًا حين جاء الوفد الثالث "ضربوا بعضًا وقتلوا بعضا" (مر 35:12).
لم يحتفظ متّى بهذا التدرجّ المتصاعد. فمنذ المرّة الأولى، أمسك الكرّامون الخدّام، فضربوا الأول، وقتلوا الثاني، ورجموا الثالث. وعاملوا ذات المعاملة أولئك الذين أرسلهم ربّ الكرم بعد ذلك (مت 21: 36). وبعبارة أخرى، رفض اسرائيل جميع مرسلي الله وأساء معاملتهم. هذا ما يريد النصّ أن يشير إليه. ففظاعة هذا التأكيد العام ستخفّ بعض الشيء حين نعلم أننا أمام مثَل، ومثل فيه الهجوم على الكتبة والفريسيين. غير أن متّى يفكّر أن الأمور حصلت بهذا الشكل، لأنه يتحدّث عنها بشكل قاطع في خارج هذا السياق الامثاليّ. فيقول في 23: 34-35: "من أجل ذلك، ها أنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة. فمنهم من تقتلون وتصلبون. ومنهم من تجلدون في مجامعكم، وتطردون من مدينة إلى مدينة لكي ينزل عليكم كل دم زكيّ هُدر على الأرض...".
يتحدّد موضع إرسال الابن عند مرقس في ديناميّة تصاعديّة لافتة: "وبقي له واحد، ابن حبيب" (مر 12: 6). وهكذا كان الابن الخاص، المرسلَ الأخير بعد فشل المهمّة التي سلّمت على التوالي إلى عبد واحد ثم "عبيد كثيرين". أما عند مت فالتعارض يبرز بين مجموعتين من الخدم أرسلوا إلى الكرّامين من جهة، ومن جهة ثانية "الابن". هنا نلاحظ أيضًا نيّة متّى بأن يميّز الابن عن سائر المرسلين كلهم، أن يميّز المسيح يسوع عن سائر أنبياء الله.
فلقي ذات المصير الذي لقيه هؤلاء. ولكن لأنه "الابن" أغضبت تلك المعاملةُ التي قاساها، ربَّ الكرم بشكل خاص. "فماذا يفعل رب الكرم"؟ حسب مت 23:21، طرح يسوع السؤال على عظماء الكهنة وشيوخ الشعب. وحسب 21: 45. يتوجّه إلى عظماء الكهنة والفريسيين. يعني إلى هؤلاء الذين يعتبرهم الانجيل الأول خصوم يسوع الرئيسيين. عليهم الآن أن يحكموا ولا يتهرّبوا. عند مت كما عند مر، تضمّن جوابهم شقّين: إن الكرّامين يستحقّون الموت. يجب أن يُدفع الكرم إلى كرّامين آخرين. غير أن مت يضيف تفصيلاً يميّز أسلوبه: هؤلاء الكرّامون الجدد يردون إلى رب الكرم "الثمر في أوانه" (آ 41). هذا التفصيل يلتقي مع ما قالت آ 34: "ولما حان أوان الثمر، أرسل خدمه إلى الكرّامين". لسنا فقط أمام ثمار نؤدّيها، بل نؤدّيها "في الوقت المطلوب".
غير أن أكثر ما يلفت النظر في المقابلة بين مت ومر هو الآية الأخيرة. "من أجل ذلك أقول لكم: إن ملكوت الله يُنزع منكم ويُدفع إلى أمّة تستثمره" (آ 43، تجعله يعطي ثمرًا. نلاحظ اهتمام متّى بالثمر). هناك أسباب عديدة على المستوى الموضوعيّ والنقديّ تجعلنا نقول مع بعض اليقين إن آ 43 هي في مت خاتمة الخبر أو نتيجته. ففي هذه الاية، ما عاد يسوع يتكلّم بشكل خفيّ وبأسلوب مصوّر كما في المثل بحصر المعنى. من أجل هذا، يجب أن نفهم في المعنى الموضوعيّ سائر الألفاظ التي استعملت سابقًا: رب الكرم، زمن الثمار، ارسال عبيد كثيرين، المعاملة التي لاقاها الابن، وفي النهاية، الكرّامون الجدد ومهمتهم. في كل هذا نحن أمام تاريخ العلاقات بين الله وشعبه. لقد انتهى هذا التاريخ بالفشل. غير أننا نشهد بداية جديدة مع شعب جديد.
ب – السمات الخاصة بمتّى
أول ما يلفت انتباهنا هي فكرة الثمر. فهذه الفكرة بارزة جدًا عند متّى بشكل عام، وبشكل خاص على مدّ المثل. تمتزج اللغة الرمزيّة والمدلول الحقيقيّ مزجًا وثيقًا في هذه المقطوعة. فصورة "دفع" الثمر تؤخذ أولاً في المعنى الطبيعيّ. نحن حقًا أمام محصول الكرم. ولكن في آ 43، نرى المدلول الحقيقيّ حين نطبّق الكلام على شعب الله الجديد الذي نُقل إليه ملكوت الله. فعلى هذا الشعب أن يصنع (وسوف يصنع) ثمار الملكوت. يجب أن لا يخيب أملُ الله مرّة ثانية. إذا كان الكرم عطيّة ملكوت الله، فالثمار هي التي توافق هذا الملكوت. على ملكوت الله أن يُثمر في الذين ينتمون إليه، في الذين سلّم إليهم، أن يعطي ثمرة حياتهم التي هي عطيّة الله. إذن، نحن هنا أمام فعل "صنع" (بوياين، ثمرًا). وبحسب نصوص أخرى من الانجيل أمام عمل تنعشه المحبّة.
إن الآيات التي سبقت، قد انطبعت بهذه الفكرة التي عبّرت عنها بوضوح آ 43. فهي تتحدّث أولاً عن "زمن الثمار": ولما حان ذاك الوقت، أرسل السيّد خدمه (آ 34). وبعد ذلك يُقال عن الكرّامين الجدد أنهم يؤدّون له الثمر "في حينه"، في وقته. في الوقت الذي يحدّده الملكوت (آ 41). إذن، هناك زمن، هناك مهلة محدّدة فيها يمكن أن ندفع الثمر. ومن الضروريّ أن نسلّم الثمر في هذه المهلة. لا نستطيع أن نترك الوقت المحدّد يمضي. فالكرّامون الأوّلون خيّبوا الأمل لأنهم لم يراعوا "زمن الثمار". ففي نظر متّى، تتضمّن الحياة المسيحيّة أيضًا متطلّبة مراعاة المهل. ونحن نحسّ بهذه المتطلّبة حين تبرز فكرة الدينونة وتطبّق على الانسان الفرد. فهذا الانسان قد نال عددًا من الأيام معدودًا. هو يسير إلى لقاء الدينونة. وأعمال المحبّة المفصّلة في خطبة الدينونة الأخيرة (25: 31-46) هي الثمار التي يتحدّث عنها مثَل الكرّامين القتلة. عند ذاك نعي إن كنا عرفنا الوقت أو تركناه يمضي عبثًا. إن كنا رأينا في وجه كل محتاج وجه المسيح أم لا.
إن هذا التشديد على الوجهة الخلقيّة في المثل، نجده أيضًا في المسألة التي تتحدّث عن خطيئة الأوّلين. لاشكّ في أن خطيئتهم الكبرى تقوم في أنهم قتلوا مرسلي الله، وحتى ابن الله. ولكن جزءًا من خطيئتهم هو أنهم لم يحملوا ثمرًا. وهنا أيضًا لا يقف المثل فقط على مستوى صورة حمل الثمار، بل يتحدّث عن عقم الحياة كلها، وهذا لعمري تعبير عن عصيان داخليّ تجاه الله. كل هذا يتوافق مع نظرة الانجيليّ. لقد أراد أن يبيّن أن ملكوت الله قد نُزع من شعب اسرائيل الذي كان أداة خلاص، لأنه رفض أن يُتمّ مشيئة الله. نقصته المعرفةُ الحقّة والاستقامة والرحمة والأمانة (23: 23). ونقصه أيضًا هذا البرّ الحقيقيّ في الحياة فلم يدخل إلى الملكوت (5: 20). بقدر ما يحمل المثل لهجة هجوميّة قاسية، بقدر ذلك يدخلنا في هذه المعرفة العميقة. فالخطيئة تكمن في رفض داخليّ لله. والعقاب ليس فقط ما يصيب "الجرم" من الخارج، بل نتيجة خطأ باطني، يخرج من أعماق القلب.
وما يلي من النصّ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بما سبق: إن العقاب يتضمّن عملين: هلاك القتلة. ثم حرمانهم من الكرم. هذا ما يدلّ عليه مر أيضًا بلا شك. ولكن ظلّ كل شيء عنده مغلّفًا في إطار المثل الاخباري. سيأتي رب الكرم ويهلك الكرّامين ويعطى الكرم إلى آخرين (مر 12: 9). شدّد مر بلا شكّ على هلاك الكرّامين الذين تصرّفوا تصرّفًا مشينًا. غير أن مت توسّع في النقطة الثانية بتفسير آ 43 التي تُبرز المعنى الحقيقيّ للمثل.
لاشكّ في أن متّى تحدّث بكلام قاس عن هلاك الكرّامين. قال: "يهلك أولئك الأردياء على أكمل وجه" (آ 41). ما فكّر فيه متّى بهذا التعبير، يظهر بوضوح عندما نعود إلى المثل التالي، مثَل وليمة العرس. فكّر في دمار المدينة المقدّسة ومقتل سكّانها (22: 1-14 وخصوصًا آ 7). أما هنا فهو لا يتوسّع في هذه الوجهة. ونحن لا نجد أي تلميح عن الأحداث التي طبعت بطابعها سقوط أورشليم. غير أنه يشدّد بقوّة على الفكرة الثانية التي تقول: يُنزع الكرم منكم ويُعطى لآخرين. وهكذا انتقلنا من ناحية إلى ناحية في تنفيذ العقاب. فالقصاص الحقيقيّ الذي يحمل أقسى النتائج وأصعبها، يقوم في أن اسرائيل خسر دعوته أمام الله. لم يعد الشعب المختار الذي سلّمت إليه الخيرات. لم يعد مالكًا ملكوت الله (الكرم) ولا مرشحًا لأن يمتلكه. وحين انتقل متّى من ناحية من القصاص إلى ناحية أخرى، كشف عن ذات الاهتمام الخلقيّ واللاهوتيّ الذي لاحظناه في موضوع "تسليم الثمار". نجد في خلفيّة هذا الكلام تفكيرًا عميقًا من الكنيسة الأولى حول تاريخ الخلاص.
قامت مهارةُ الانجيليّ في أنه ظلّ مرتبطًا ارتباطًا تامًا بلغة المثل، وتوصّل إلى قول متماسك يتميّز بواقعيّة حقّة. وجعل امتداد المثل في اتجاه محدّد بحيث وصل بنا إلى شك مستقلّ على مستوى اللغة والفكرة. في مثل هذا النهج، أبرز نيّته بقوّة دون أن يتخلّى عن المثل.
ونلاحظ نقطة أخيرة. من أجل أسباب أدبيّة ولاهوتيّة، وأسباب ترتبط بالتأليف، نستنتج أن آ 43 هي من تدوين الانجيليّ، أو من نصّ سابق له. لم تكن هنا، ولكنه وضعها هنا من أجل الهدف الذي أراد الوصول إليه. فمن المستغرب أن يبتعد متّى هنا عن لغته العاديّة، فيقول "ملكوت الله" لا "ملكوت السماوات". فعبارة "ملكوت الله"، لا تظهر عنده إلاّ في ثلاثة أماكن. في 28:12: "إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين، فذلك أن ملكوت الله قد انتهى إليكم". في 21: 31: "إن العشّارين والبغايا يسبقونكم إلى ملكوت الله". في آ 43، في مثل الكرّامين الذي نقرأ (وربّما في 6: 33: أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره، وفي 19: 24: يستطيع الغني أن يدخل ملكوت الله). لا فرق جوهريًا بين عبارة "ملكوت الله" و"ملكوت السماوات" ولكننا أمام طريقة "غير منطقيّة" عند متّى نجد عنها أمثلة أخرى. فمتّى يشذّ عن قواعد خاصّة به وقد ثبّتها في إنجيله. قد يكون الانجيليّ هنا أراد أن يشدّد على فكرة الاله الشخصيّ الذي يشبه ربّ عائلة (33:21). كان ضحيّة ظلم فعاقب. أو أراد أن يشير إلى هذا الاله الحيّ الذي ما زال يعمل في ملكوته. أو: إن ملكوت السماوات يجعلنا في إطار اسكاتولوجيّ. وملكوت الله يدلّ على سلطة الله على اسرائيل. وأخيرًا نستطيع القول إن هذه العبارة التي يرد فيها "ملكوت الله" (بدل
ملكوت السماوات) قد تكون جاءت إلى متّى من مراجعه، فأخذها كما هي فبانت غريبة بعض الشيء عن الاسلوب الذي عوّدنا عليه.

3- ملاحظات أخيرة
أ- بنية الخبر
يبدأ مثل الكرّامين القتلة بفعل في صيغة الأمر: "اسمعوا مثلاً آخر". أما الخبر في حد ذاته (آ 33-39) فيشمل مقدّمة (آ 33 ب: الاطار) تتبعها ثلاثة أعمال وثلاثة أجوبة (آ 34-39).
بنى ربّ الكرم كرمه ومضى (آ 33 ب)
أ- أرسل ربّ الكرم خدمه (آ 34).
- الجواب: جلدوا، قتلوا، رجموا (آ 35).
ب- أرسل رب الكرم آخرين (آ 36 أ)
- الجواب: فعلوا بهم كذلك (آ 36 ب)
ج- أرسل رب الكرم ابنه (آ 37).
- الجواب: قتله الكرّامون (آ 38-39).
وبعد المثل طرح يسوع سؤالاً (آ 40: ماذا يفعل ربّ الكرم). وكما في 21: 31 (أي الاثنين فعل إرادة أبيه) حمل السؤال جوابًا مسبقًا: "يهلك أولئك الأردياء" (آ 41). هذا الجواب الذي قدّمه خصوم يسوع يحكم عليهم (ق 2 صم 12: 1-7 حين قال داود: مثل هذا الرجل يجب أن يقتل، حكم على نفسه). وهذا ما فسّره يسوع في آ 42-43. ونجد في النهاية ملاحظة حول الكتبة والفريسيين. فهموا أنه يعرّض بهم فطلبوا أن يقبضوا عليه (آ 45-46). هنا نلاحظ ما قاله الناس عن يوحنا في 21: 26 وعن يسوع في آ 46 فنفهم أننا في تضمين يجعلنا ننتظر النهاية المأساويّة: ما حدث ليوحنا سوف يحدث ليسوع.
ب- مثل بشكل استعارة
هو استعارة حول عدم الايمان والدينونة التي تنتظر أولئك الذين لم يحملوا ثمرًا. ولكن إن تحدّثنا عن استعارة (أو: اليغوريا: عناصر تصويريّة أو خارجيّة. وكل عنصر يقابل تفصيلاً من تفاصيل الفكرة التي يعبّر عنها الكاتب)، فهذا لا يعني أننا ابتعدنا عن الحياة الحقيقيّة. بل نحن أقرب ما يكون إلى الحياة. كما لا يعني أننا سنجد لكل تفصيل معنى رمزيًا. ولكننا نكتفي بالعناصر الرئيسيّة.
الكرم يدلّ على اسرائيل، أورشليم، الملكوت.
رب الكرم يدلّ على الله.
الكرّامون هم رؤساء أورشليم، رؤساء اسرائيل.
الثمار هي ما يجب أن نؤدّيه لله من عمل (ولا نكتفي بالكلام).
رفْض الخدم يدلُّ على رفض اسرائيل لأنبيائه.
الابن هو يسوع. أرسله الآب فرفضه الشعب اليهوديّ.
عقاب الكرّامين يقابل دمار أورشليم.
الكرّامون الجدد هم الكنيسة.
قد يكون في أساس المثل أكثر من عودة إلى أش 5: 1- 5. فهناك تقارب مع ترجوم أش 5: 2، حيث البرج يقابل هيكل أورشليم. هذا ما يقوله أيضًا أخنوخ الحبشي (89). ونتذكّر أيضًا راعي هرماس الذي كتب بعد متّى بوقت قليل.
إن هذا المثل وتفسيره يضمّان موضوعًا تقليديًا هو رفض الأنبياء وقتلهم، إلى استعارة تقليديّة عن اسرائيل الذي هو كرم الله. أما في ما يتعلّق بقتل الأنبياء فنحن في خطّ من التقليد ثابت وقديم. أولاً في التوراة التي تتحدّث عن الأنبياء الصادقين الذين قتلهم شعب اسرائيل العاصي. وأقدم نصّ هو نح 9: 26: "أسخطوك (الشعب) وتمرّدوا عليك ونبذوا شريعتك وراء ظهرهم وقتلوا أنبياءك الذين نبهّوهم ليعودوا إليك، وجدّفوا تجديفات عظيمة فأسلمتهم إلى أيدي مضايقيهم". وهناك مقاطع أخرى تعكس هذا الموضوع. رج 1 مل 18: 4، 13؛ 19: 10، 14؛ 2 أخ 24: 20-21؛ 25:26-21؛ إر 2: 30؛ 25:7- 26؛ 26: 20-24. ثم في المراجع اللابيبليّة حيث نجد علاقة بين الأنبياء والاستشهاد: إن مصير الأنبياء هو الموت قتلاً. والاستشهاد هو البرهان أو العلامة التي تدلّ على وظيفة الأنبياء. مثلاً، اليوبيلات 1: 12؛ تفسير هو 2: 3-6؛ يوسيفوس، العاديّات اليهوديّة 10: 38؛ صعود أشعيا 2: 16؛ 5: 1- 14؛ أخبار إر 9: 21-32؛ ترجوم أش 28: 1. وتبع العهد الجديد هذه المراجع اليهوديّة. رج مت 13: 57؛ 21: 35-36؛ 22: 6؛ 23: 29-32، 34-37؛ مر 4:6؛ 2:12-5؛ لو 4: 24؛ 11: 47- 51؛ 33:13-34؛ يو 44:4؛ أع 7: 51-52؛ روم 11: 3؛ عب 11: 32-38؛ يع 5: 10- 11؛ رؤ 6:11-7؛ 6:10؛ 24:18. ونقرأ بشكل خاص 1 تس 14:2-16: "فإنكم أيها الأخوة قد صرتم مماثلين لكنائس الله التي في اليهوديّة التي في يسوع المسيح، إذ قد أصابكم أنتم أيضًا من مواطنيكم ما أصابهم من اليهود الذين قتلوا الرب يسوع والأنبياء واضطهدونا نحن أيضًا...". ارتبط موضوع استشهاد الأنبياء هنا لا مع رفض يسوع بل مع اضطهاد تبّاع يسوع، أي بولس ورفاقه في العمل. وهذا ما يجعلنا قريبين من 12:5، حيث يُضطهد تلاميذ يسوع كما الأنبياء من قبلهم.
ج- مقابلة مع نصوص أخرى
أما في ما يتعلّق بكرم الرب (رج 18:21) والتينة الملعونة، فنقرأ في تفسير تث 2: 3: "وذلك كمثل الملك الذي امتلك حقلاً وسلّمه إلى مزارعين فأخذوه ولكنهم سرقوا صاحب الحقل. فأخذه منهم وأعطاه إلى أبنائهم، ولكنهم توصلوا إلى أن يكونوا شرًا من الآخرين. ووُلد للملك ابن. فقال لهم: أخرجوا من ملكي. لا أريدكم فيه. أعيدوا لي حقلي. وكذلك حين كان ابراهيم أبونا حيًا، أنجب الشر: اسماعيل وأبناء قطورة. وحين كان والدنا اسحاق حيًا أنجب الشر: عيسو، أمير أدوم، الذي كان شرًا من الآخرين. ولكن حين كان يعقوب حيًا، لم ينجب الشرّ، بل كان كل أبنائه صالحين مثله. فمن هو الذي دعاه حصته؟ أليس يعقوب"؟
ونقابل بين مت 21: 33-46 ومر 12: -12 في التفاصيل. (1) في مت فقط يقال إن الرجل هو "رب بيت" (آ 33). (2) استعمل مت ضمير المفرد مرات عديدة: خدمه (آ 34، 35). ثمره (آ 34). ابنه (آ 37). ميراثه (آ 38). وهذا ما لا نجده عند مر. (3) عند مر، أرسل صاحب الكرم عبدًا واحدًا، ثم عبدًا آخر، عبدًا ثالثًا، ثم عبيدًا كثيرين. ثم ابنه. أما في مت فأرسل صاحب الكرم عبيدًا كثيرين ثم عبيدًا كثيرين آخرين، ثم الابن. قد نظنّ أننا تجاه الأنبياء الأولين (نقرأ عنهم في يش، قض، صم، مل) ثم تجاه الأنبياء اللاحقين (أش، إر، حز، الاثنا عشر). أو أمام الآباء ثم الأنبياء (رج عب 1: 1-2). لا ننسى أن متّى يحبّ المثلث: أنبياء، أنبياء آخرون، الابن. رج إنجيل توما عدد 65. (4) إضافة "رجم" في آ 35، تجعلنا أمام مثلّث آخر: جلد، قتل، رجم. (5) في آ 36 قالت مت "ففعلوا بهم كذلك" فأوجز مر 12: 4 ب- 5. (6) في سر 12: 8: قتلوه وطرحوه. في مت آ 39: طرحوه، قتلوه. (7) سؤال بلاغيّ في مر 9:12 (فماذا يفعل ربّ الكرم): يسوع نفسه أعطى الجواب. أما في مت 21: 40- 41، فيسوع طرح السؤال على خصومه فأجابوه هم: "إنه يهلك الأردياء". وهذا ما فرض مقدّمة فيها يتكلّم يسوع من جديد (حينئذ قالت لهم يسوع، آ 42 أ). (8) إن عبارة "يؤدّون إليه الثمر في أوانه" (21: 41) لا تُقرأ إلاّ في مت، مثل آ 43 عن انتقال الملكوت الله من شعب إلى آخر. (9) إن عظماء الكهنة والفريسيين تحدّثوا أيضًا في مت عن القبض على يسوع، ولكنهم امتنعوا عن ذلك لأن الشعب يعتبره نبيًا (آ 46). هذا ما لا نجده في مر 12: 12 الذي يقول فقط: "همّوا أن يقبضو عليه ولكنهم خافوا من الشعب".
لا جدال على المعنى العام للمثل الذي يرسم تاريخ الخلاص. ولكن السؤال: هل قال يسوع هذا المثل، أم استنبطته الكنيسة انطلاقًا من حياة يسوع؟ يبدو أن الكنيسة أعادت قراءته. أما البراهين فهي التالية: (1) استعمال السبعينيّة في الاستشهاد الكتابي لا العبريّة. (2) نبوءة موت الابن. (3) تسبيق على دمار أورشليم. (4) وجود الاستعارة أو "اليغوريا". (5) تماهٍ ضمنيّ بين يسوع والابن.

خاتمة
وجّه متّى هذا المثل إلى رؤساء الشعب الذين دعاهم يسوع لكي يسمعوا. فاللهجة الهجوميّة تشرف على الخبر كله. هذا الرجل يمتلك كرمة كما في 28:21 وهو يمثّل الله. وها قد حان وقت جميع الثمار (رج زمن الحصاد في 13:30). فالقطاف يدلّ على الوقت الحاسم الذي فيه سيحاسب الله شعبه. لقد اقترب الزمن كما اقترب الملكوت. لا بل هو هنا الآن وقد أدرك شعبَ الله. فأين الثمار التي يقدّمها لربّ الكرم؟
لم يُعط الكرّامون الثمار. بل أرادوا أن يخفوا تقاعسهم، فضربوا، وقتلوا، ورجموا (الرجم هو قمّة العنف في زمن يسوع). لقد تأزّمت العلاقات بين ربّ الكرم والكرّامين، كما تأزّمت بين يسوع ورؤساء الشعب المسؤولين عن كرم الرب الذي هو شعب اسرائيل. اعتبروا أن الميراث صار لهم فقتلوا الابن أيضًا، فجاءهم العقاب القاسي في وجهتين: هلكوا، وأخذ الكرمُ منهم فأعطي لآخرين. فهل يستطيع الرؤساء أن يبدّلوا مخطّط الله؟ كلا. إذن، سيقتلون يسوع لئلاّ يعود يوبّخهم. هكذا فعلوا بالأنبياء. وهكذا سيفعلون بالتلاميذ.
ذاك هو خبر شعب الله في العهد القديم. وهو نداء إلى الكنيسة. فهل ستحمل ثمرًا فتنجو من العقاب، أم تكون مثل الشعب الأول، شعب موسى، فيُنزع منها الكرم ويعطى لآخرين؟ الجواب تعطيه كنائسنا وجماعاتنا وكل واحد منا، حين نثمر أعمالاً صالحة فنمجّد الآب الذي في السماء.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM