المَرحَلَة الرابعَة: عَشْرُ مُعجَزات الفصل التاسع والثلاثون: من شفاء واحد إلى أشفية عديدة
 

 

الفصل التاسع والثلاثون
من شفاء واحد إلى أشفية عديدة 9: 27- 38

في نهاية ف 9 نقرأ ثلاثة مقاطع قصيرة تنهي هذه المرحلة من انجيل متّى، وكان عنوانها: إن سلطة الملكوت تظهر في شفاء المرضى على يد يسوع. في المقطع الأول (9: 27- 31) نقرأ خبر شفاء الأعميين اللذين طلبا الرحمة من ابن داود. أعطياه هذا اللقب الشعبيّ قبل الأوان ففرض عليهما الصمت. ولكنهما لم يسمعا، بل شهرا يسوع في تلك الناحية كلها. في المقطع الثاني (9: 32- 34) نتعرّف إلى شفاء ممسوس أخرس، مسّه الشيطان، أقام فيه، فصار أخرس. هكذا كانت ترتبط الشياطين بالأمراض. لا شكّ في أن المرض شّر في حدّ ذاته، ولكن عمل الشيطان هو من نوع آخر. هو عمل روحي يريد أن يهلك النفس والجسد في جهنّم. هو يؤثّر على الإنسان، على حياته. ويؤثّر بشكل خاصّ على حريته، لأن من يصنع الخطيئة يصبح عبداً للخطيئة، عبداً للشيطان، عبداً لنزواته وشهواته. في المقطع الثالث (9: 35- 38) نجد خاتمة ف 8- 9 ومدخلاً إلى ف 10. كان الانجيليّ قد لخّص تعليم يسوع وأعماله في 4: 23- 25. وها هو يقدّم ملخصاً مماثلاً. وهكذا ينهي قسماً كبيراً من الانجيل ويبدأ قسماً آخر. بدأ يسوع فبشّر. وها هو الآن سيدعو تلاميذ ليساعدوه في عمل البشارة داخل أرض اسرائيل بانتظار أن يرسلهم إلى العالم أجمع.

1- قراءة روحيّة
نبدأ أولاً بقراءة هذه المقاطع قراءة روحيّة.
أ- شفاء الأعميين (9: 27- 31)
ترك يسوع بيت الوجيه يائيرس، فتعلّق أعميان بخطواته (آ 27). اعتاد ما أن يذكر اثنين حيث يذكر مر ولو شخصاً واحداً، من أجل الشهادة التي سيؤديّانها على ما قيل في تث 19: 15 "لا تثبت شهادة شاهد واحد... لكن بشهادة شاهدين...".
توسّل الأعميان إلى رحمة يسوع التي هي موضوع رسالته. فقد قال في 9: 13: "أريد الرحمة لا الذبيحة". وتوسّلا إليه على أنه "ابن داود". هذا نداء عرفه البؤساء في فلسطين. فهم مستعدّون أن يروا المسيح في أي شخص. أما يرونه في ذلك الذي بدت أعماله دلالة على أنه المسيح: طهّر البرص، أقام الموتى... وتركهما يسوع يناديانه بهذا الاسم. ولكننا نعرف منذ انجيل الطفولة المعنى العميق الذي فيه سمّي يسوع ابن داود. فيسوع هو من نسل داود بحسب الجسد (روم 1: 3)، كما قال المسيحيون الأولون، ولكنه ابن الله بالقدرة التي نالها.
كل هذا حدث علانية أمام الجميع. ولكن الشقّ الثاني من الخبر (آ 28- 30) حدث على حدة، "في البيت". أي بيت؟ قد يكون بيت سمعان. وقد يكون أيضاً الكنيسة، حيث تجتمع الجماعة فتسمع الكلمة وتُشفى من أمراضها. أما موضوع الحوار فهو الإيمان (هل تؤمنان) الذي نفهمه ثقة بقدرة يسوع التي تستطيع أن تعيننا. سألهما يسوع، فأجابا بالإيجاب. قال لهما يسوع: "ليكن لكما بحسب إيمانكما" (آ 29). هذا ما قاله في الماضي عن قائد المئة: "لم أجد مثل هذا الإيمان حتى في اسرائيل" (8: 10). وقال للمرأة الكنعانيّة: "عظيم إيمانك أيتها المرأة، فليكن لك ما تريدين" (15: 28). وهكذا أقام يسوع علاقة وثيقة بين الصلاة الواثقة والخير الذي نحصل عليه.
"فانفتحت أعينهما". هنا نتذكّر وعد الربّ في أش 35: 5: "تتفتح عيون العمي". وأمرهما يسوع بأن لا يخبرا أحدا. هذا ما نجده أيضاً في خبر مر 1: 43- 45 وشفاء الأبرص. ولكن هذه الحاشية هنا تبرز استحالة حفظ السرّ (آ 31). نحن هنا كما في قيامة ابنة يائيرس: عُرف الخبر "في تلك الناحية كلّها" (آ 31).
هل فهم الأعميان أنهما حين ناديا يسوع على أنه المسيح، عاد إليهما البصر؟ ترك متّى السؤال معلّقاً في الوقت الحاضر. وسوف يعود إليه مع أعمى أريحا (20: 29- 34). ولكن منذ الآن جاء شفاء الأعميين يدلّ على الجديد في عمل المسيح. وهذا ما جعل الناس يقولون في مكان آخر: "ما رأينا في حياتنا مثل هذا".
ب- شفاء الأخرس (9: 32- 34)
ما إن ذهب الأعميان اللذان شُفيا بقدرة يسوع، حتى بدأا عمل البشارة. عند ذاك جاؤوا إلى يسوع بأخرس. وكانت العقليّة في ذلك الزمان تنسب مثل هذا المرض إلى الشيطان. خرج الشيطان فتكلّم الأخرس. أبعد يسوع الشّر عن ذلك الرجل، فشُفي وعادت إليه ملكة النطق.
حين نقرأ هذا الحدث نجده قريباً من الحدث السابق في نقطتين. الأولى: نحن هنا كما في شفاء الأعميين، أمام "نسخة" عن خبر سيعود في انجيل متّى (12: 22- 23). سوف يتوقّف الفريسيون عند إخراج يسوع للشياطين ويتهمونه بأنه بعل زبول. ولكن ما نلاحظه هو أن الممسوس (فيه شيطان) في ف 12 هو أعمى وأخرس. أيكون قد جمع المعجزتين المذكورتين هنا (9: 27- 34: الأعميان، الأخرس) في مشهد واحد فقال: "مجنون أعمى وأخرس". النقطة الثانية: إن نبوءة أش 35: 5- 6 التي أعلنت أن عيون العمي سوف تنفتح، زادت أيضاً: وفم الأخرس يهتف فرحاً. وهكذا نجد في خلفيّة هذين الخبرين نبوءة أشعيا التي ستجعل يوحنا المعمدان يفهم أنه حقاً أمام المسيح المنتظر (رج مت 11: 4- 6).
لم يتوقّف متّى طويلاً عند الشفاء، بل أبرز ردّة الفعل لدى السامعين. فعلى مرّ الأحداث رأينا موقفين: موقف القبول والرضى لدى الجموع. موقف الانتقاد والهجوم لدى الكتبة والفريسيين وتلاميذ يوحنا. والآن، قد ارتسم بوضوح فريقان تجاه يسوع: شهدت الجموع آيات اجترحها يسوع، فبدت معجبة وأقرّت بالجديد الذي يحمله هذا النبيّ. "لم يظهر قط مثل هذا في اسرائيل" (آ 33 ب). أما الفريسيون فجسّدوا جبهة الرفض. لا جديد يحمله يسوع. إنه يعمل لحساب الشيطان. وسوف يتقوّى هذا الموقف حتى الحكم على يسوع بالموت.
ج- الحصاد والعمّال (9: 35- 38)
وتأتي آ 35 فتختتم المنظر الشامل الذي حدّثنا عن نشاط يسوع الإرساليّ، في إجمالة استعملت قبل عظة الجبل. في 4: 23، كان إطار هذا النشاط، "كل الجليل". أما الآن، فهو "كل المدن والقرى". وهكذا يهتمّ المعلّم كل الاهتمام بكل موضع فلا يفلت من تأثيره مكان حتى تلك "المدن" التي ستكون له معادية.
إن آ 35 هي انتقالة بين قسم وقسم. إذا كان يسوع قد "شفى كل مرض وكل سقم"، فالاثنا عشر سيتسلّمون منه قريباً السلطات عينها (10: 1، أن يطردوا الشياطين ويشفوا كل مرض وكل سقم). كيف يتمّ انقسام هذه السلطات ولماذا؟ ستأتي استعارة تفسّر كل ذلك: استعارة الراعي (آ 36). استعارة الحصاد (آ 37- 38). وهاتان الاستعارتان قد استقاهما مت من مرقس ومن "المعين" الذي عاد إليه كل من لو ومت.
إن يسوع في هذه المرحلة من رسالته قام بعمليّة حساب. هو لا "يشفق" فقط على الجموع. كما يشفق الغنيّ على الفقير، وصاحب الصحة على المريض، والكبير على الصغير. بل هو يتحنّن على الجموع ويعاملهم بالرحمة كالأمّ مع أولادها. إنه يراهم بعين الله ومحبّته. هي جموع "منهوكة، منطرحة" كما على الأرض من التعب واليأس. وهذا ما يدلّ عليه استعراض كل شفاء أو مرض شفاه يسوع. ولكن هناك أصعب من مرض الجسد. فهؤلاء الناس متروكون، كخراف لا راعي لها. ليس لهم من يقودهم. فـ "رعاتهم" الطبيعيّون، الكتبة والفريسيون والشيوخ، ينغلقون على كل جديد يقدّمه الملكوت. فكيف يستطيعون أن يدخلوا إليه ويُدخلوا الآخرين معهم. وسيقول فيهم يسوع: "لا يدخلون ولا يدَعون الداخلين يدخلون" (23: 13). بل هم سينغلقون شيئاً فشيئاً حتى الموت فيطلبون أن يكون دمه عليهم وعلى أبنائهم.
حنيئذ لاحظ يسوع اتساع الحصاد وضعف الوسائل والإمكانيّات. هنا نتذكّر أن صورة الحصاد في التوراة تدلّ على محطّة حاسمة ستحلّ عاجلاً: هي تدلّ على تجمع اسرائيل النهائيّ كما يقول أش 27: 12- 13: "في ذلك اليوم ينفض الربّ شجرة من مجرى الفرات إلى وادي مصر ويلتقطكم واحداً فواحداً، يا بني اسرائيل. وفي ذلك اليوم يُنفخ في بوق عظيم، ليجيء المشتّتون في أرض أشور، والمشّردون في أرض مصر، ويسجدون للربّ في الجبل المقدّس، في أورشليم". بعد تجمّع بني اسرائيل الذين تشتتوا بين النيل والفرات، وفصْلهِم عن سائر الأمم كما في عمل حصاد ودراس بالنورج على البيدر، يُنفخ في البوق، من أجل الدينونة الأخيرة.
لهذا نقول أيضاً إن صورة الحصاد تدلّ مراراً على الدينونة الأخيرة. هذا ما نقرأ في يوء 4: 13: "والآن أعملوا المنجل فالحصاد نضج، تعالوا ادرسوا فتمتلىء المعصرة وتفيض الخوابي". وفي رؤ 14: 14- 20 نرى المنجل المسنون، ونسمع الصوت يقول: "خذ منجلك واحصد! جاءت ساعة الحصاد حصاد الأرض". ويتابع النصّ: "فألقى الجالس على السحابة (أيّ المسيح، ابن الإنسان) منجله على الأرض فحصد الأرض". وهكذا نكون في الحصاد الاسكاتولوجيّ الذي بدأ مع يسوع بعدما نضج الحصاد فما عاد يتحمّل أي تأخير. في هذا الإطار الكونيّ، تعود كل مبادرة لله، ويكون الملائكة عمّالاً بين يديه (13: 39: الحصّادون هم الملائكة). لقد أدرك يسوع في حصاده أن كل شيء قد نضج، وأن شعب اسرائيل صار الغلّة التي ينتظرها الله ليجمعها في أهرائه. ولكن الواقع سيكون غير ذلك. وسيدخل إلى إهراء الرب الوثنيّون المنتشرون في كل أصقاع الأرض.
بعد اليوم صار الحصاد من الأرض ومن السماء معاً: هو من الأرض، لأن يسوع يعمل في قلب التاريخ البشريّ. وقد ضمّ إليه في عمله مشاركين هم الاثنا عشر. والحصاد هو من السماء أيضاً، لأن الله يبقى "ربّ الحصاد". فالعمّال ليسوا بمالكين، بل هم عاملون عاديّون في حقل الرب وكرمه. لهذا سيكونون دوماً جاهزين ومستعدّين، ويصلّون طالبين من الربّ أن يزيد عددهم من أجل عمل يحمل أطيب الثمار.

2- شفاء أخرس وأعميين
ونعود إلى قراءة النصّ قراءة تفصيليّة. بعد الحديث عن شفاء أعميين، ثم عن شفاء أخرس، نتوقّف على عتبة الجزء الثاني من شرح القديس متّى، ساعة أرسل يسوع تلاميذه ليبشّروا بملكوت الله.
أ- وردّ يسوع النظر إلى أعميين (آ 27- 31)
هذا الخبر له ما يقابله في مت مقابلة جزئيّة. في 20: 20- 34= مر 10: 46- 52= لو 18: 35- 43. هناك يبدو يسوع بشكل صريح على أنه ابن داود الداخل إلى مدينته أورشليم. ومع أنه ذلك الملك الممجّد، فهو سيكون قبل ذلك عبد الله المتألّم من أجل شعبه. وسيكون لنا في مرحلتين من رسالة يسوع، أعميان يشهدان ليسوع ويخبران عنه في المنطقة التي يعيشون فيها.
في خبرَي مت (9: 27- 31 و20: 29- 34)، نجد نفوسنا أمام أعميين يقفان على قارعة الطريق ويتوسّلان إلى يسوع في العبارة نفسها: "يا ابن داود ارحمنا"! غير أن أقوال يسوع وحركاته ليست هي هي في المشهدين. ثم إن السياق التعليميّ يختلف كل الاختلاف بين مقطع وآخر. في ف 20، نحن أمام الملك الصاعد إلى مدينته لكي يتألّم فيها. وهو يتنازل فيتوقّف على قارعة الطريق لكي يعين رجلاً بائساً، رغم احتجاجات الجموع (زجرهما الجميع ليسكتا، آ 31). أما هنا، فيسوع هو وحده مع الأعميين وهو يطرح عليهما سؤالاً عن إيمانهما (بستوواتي، آ 28 ب). هذا الفعل (أتؤمنان) يرتبط ارتباطاً تاماً بالخبر الذي يسبقه. هل هناك تأثير من خبر على الآخر قبل أن يثبتا كتابة؟ الأمر ممكن. ثم إن نصّ ف 20 يختلف عمّا يوازيه في مر ولو: يتحدّث مت عن أعميين. وسمّى مر الأعمى: ابن طيما. وتحدّث لو عن أعمى جالس على قارعة الطريق.
"وفيما يسوع منصرّف، تبعه أعميان". عبارة وصل غامضة: تكاثرت الأشفية في مكان واحد، فدلّت على سلطة يسوع (رج 7: 28- 29: يعلّمهم كمن له سلطان)، وهيّأت الطريق أمام الخطبة الكبرى في مت 10 والتي توجّهت إلى المنادين بالملكوت، إلى الرسل.
أن يكون ملكوت الله الذي انتظره الناس بشوق ورهبوا في الوقت ذاته مجيئه، قد وجد له تعبيراً في شفاء البائسين، هذا ما أعلنته نبوءات من العهد القديم صارت منسيّة في زمن يسوع.
كان العميان عديدين في فلسطين في زمن المسيح. فالمستنقعات المحيطة بالأردن كانت تحمل الحشرات المؤثّرة في العيون. بل إن الشرق كله عرف في الماضي (وما زال في بعض المناطق) الكثير من أمراض العيون. لهذا انتظر العهد القديم كل عون من الربّ في هذا المجال. وجاء العميان كثيرين إلى يسوع، فصار موضوع العمى موضوعاً لاهوتياً. الفريسيون هم "عميان" لأنهم يرفضون أن يروا الحقيقة (12: 22). وخبر أعمى بيت صيدا كما ورد في مر 8: 22- 23، يدلّ على أن عمى التلاميذ لا يقلّ عن عمى هذا البائس الذي "لمسه يسوع فرأى كل شيء جلياً". ومشهد الأعمى منذ مولده في يو 9 ينتهي بهذه العبارة: "يُبصر الذين لا يبصرون (أي الأعمى)، ويعمى الذين يبصرون" (أي الفريسيون) (آ 39).
"الصياح" (كرازو، رج 8: 29؛ 14: 26؛ 15: 22)، الصراخ، هو مزيج من نداء إلى المعونة ومن هتاف مسيحانيّ. كما نرى في هذا النصّ أن فعل "الايايو" لا يعني فقط أحسّ بعاطفة داخليّة من الشفقة، بل أشفق وتحنّن، أعان (5: 7؛ 20: 30- 31). أما الفكرة التي نجدها في خلفيّة النصّ فهي أن يسوع ليس فقط صانع معجزات، ولا مقسّماً يخرج الشياطين كما كان يفعل الرابانيّون في عصره. وإن كانوا قد سمّوه "ابن داود"، فهذا يعني أن الأيام التي أعلنت شفاء العميان قد جاءت. نادى الأعميان يسوع "ابن داود"، ولا غرابة في الأمر، ونحن في زمن انتظار مسيحانيّ محموم ووسط شعب تغذّى من نبوءات العهد القديم.
"ولما دخل البيت دنا إليه الأعميان" (آ 28- 29). نستطيع أن نفهم من النصّ أن هذين الأعميين حاصرا يسوع وضايقاه، فلم تكن ردّة الفعل سريعة عنده. ولما دخل الثلاثة إلى البيت (رج 9: 10: وإذ كان يسوع متكئاً في البيت)، دخل يسوع معهما في حوار قصير على عادة ما نجد في مت (لا وقت للملك يضيعه في الكلام. فهو يفعل حالاً). وهذا ما يميّز الانجيل الأوّل.
بدأ يتحقّق من إيمانهما في ألفاظ ما كنا لنتوقّعها. نادراً ما تستعمل الأناجيل فعل "آمن" مع الأداة "هوتي" (أن، هل تؤمنان أني أقدر) (رج مر 11: 23: نؤمن بأن ما يقوله يكون). فالمؤمنون في الأناجيل يؤمنون. يؤمنون بشكل مطلق. لا مكان للنسبيّة والاستنساب. هم يؤمنون بالله وبالمسيح، ولا يؤمنون بأن "شيئاً" ما سيتمّ. ثم إن الوضع هنا ليس كذلك. فالأداة "هوتي" يتبعها حالاً فعل في صيغة المتكلّم المفرد يرد على شفتَي يسوع (أتؤمنان أني أستطيع). هذا يعني أن يسوع يقدّم نفسه. فاعلاً تجاه إيمان هذين الأعميين، ولا يقدّم "شيئاً" متعلّقاً به. يسوع لا يعطي أشياء فحسب. إنه يعطي ذاته. وشخصه هو الذي يفعل. يبقى أن يجد لدينا التجاوب الضروريّ لكي يعمل.
وجاء جواب الأعميين موجزاً مقتضباً حتى "بعض الغموض": غير أنهما رغم كل شيء قالا "نعم" عبرّا فيها عن جوابهما إلى سؤال يسوع. "هل تؤمنان"؟ "نعم نؤمن". وكان هذا الإيمان خلقاً جديداً، عطيّة منحها حضور يسوع وكلامه. حين سألهما أعطاهما. نحن هنا كما في حفلة عماد: يدعونا الكاهن باسم الكنيسة إلى الإيمان. وإذ نعلن إيماننا بالله الآب والابن والروح القدس، يتولّد فينا هذا الإيمان ويتقوّى.
"حينئذ لمس أعينهما". نجد اللمس مراراًَ في أخبار المعجزات الانجيليّة. في 9: 21، لمست المرأة طرف ثوب يسوع، فعبرّت عن إيمانها بلمسها. وتجاوب يسوع مع هذا الإيمان فوهبها الشفاء والخلاص. وهنا لمس يسوع الأعميين، فكانت لمسته مقدّمة لكلمته السامية: "ليكن لكما بحسب إيمانكما".
وهكذا يربط موضوعُ الإيمان هذه المقطوعة بسابقتها. والعبارة التي استعملها يسوع، تحمل ذات المدلول الذي نجده في آ 22 (يا ابنتي، إيمانك خلّصك). فهي لا تعني، ليكن لكما على قدر إيمانكما. ولا: ليكن لكما ما يرجوه إيمانكما. بل: بما أنكما تؤمنان فقد استجيبت صلاتكما. نجد عبارة مماثلة في 8: 13: "ليكن لك بحسب إيمانك". قد يكون الإيمان ناقصاً، فهل يكون الشفاء ناقصاً، أو هل يتأخر الشفاء؟ كلا. فالنص يقول: "وشُفي الغلام من تلك الساعة" (آ 14). ونقرأ في 15: 28: "إيمانك عظيم أيتها المرأة، فليكن لك كما تريدين" (هوسا، كما)، فشُفيت ابنتها من تلك الساعة". الله هو الذي يبادر ويفعل. والإيمان هو تجاوب من قبل الإنسان الذي يفتح قلبه لعطاياه.
"فانفتحت اعينهما" (آ 30- 31). وتمّت المعجزة حالاً بعد أن قال يسوع كلمته. حينئذٍ انتهرهما: "إياكما أن يعلم أحد". هذا ما نجده مراراً في مر. ونجده هنا في مت، حيث يمنع يسوع الأعميين من أن يخبرا بالمعجزة (12: 16؛ 17: 9). فالحماس المسيحاني الذي قد تحرّكه هذه الأخبار في الشعب، سيكون بعيداً كل البعد عن هذه "النعم" التي تلفّظ بها الأعميان في حوار شخصيّ مع يسوع.
ونلاحظ أيضاً أن صراخ الأعميين إلى يسوع، ابن داود، لا يقدّم على أنه تعبير عن إيمان إنجيليّ. فيسوع لا يُعجب بهذا الصياح كما سيُعجب بإيمان بعض محاوريه، مثل قائد المئة (8: 5- 13: لم أجد مثل هذا الإيمان). لهذا نراه يطرح عليهما سؤالاً شخصياً حول إيمانهما. لقد كان الشفاء بالنسبة إليهما بداية طريق أوصلتهما إلى الإيمان بيسوع.
ب- أخرج الشيطان فتكلّم الأخرس (آ 32- 34)
يقدّم هذا الخبر القصير ذات المفردات التي قدّمها الخبر السابق من زاوية النقد الأدبي. هو خاص بمتّى. ويجد نسخة عنه في 12: 22- 24. في ف 9: نحن أمام ممسوس (فيه شيطان) أخرس. في ف 12، نحن أمام ممسوس أعمى وأخرس. في الخبر الأول "أخرج الشيطان". في الخبر الثاني "شفى" يسوع البائس. في الخبرين تعجّبت الجموع. أما في ف 12، فتساءلت: أيكون يسوع ابن داود؟ في هذا الخبر وذاك تدخّل الفريسيون فاتهموا يسوع بأنه يطرد الشيطان برئيس الشياطين. وهذا الاتهام يسير مسيرة أفصل بتساؤل الجموع حول هويّة يسوع. كما سنجد في نهاية المقطع إعلان يسوع حول الخطيئة ضدّ الروح القدس (12: 25- 37).
إذن، نحسّ أن الخبر في 12: 22- 24 قد أثّر على خبر ف 9. فالسياقان التعليميان في ف 9 وف 12 مختلفان جداً. في ف 12، نحن أمام سلسلة من جدالات بين يسوع والفريسيين قبل الخطبة الكبرى الثالثة، خطبة الأمثال، حول سرّ الملكوت (ف 13). وفي ف 9، نحن أمام عدد من الأشفية السريعة التي تصوّر سلطة يسوع وتهيّىء الطريق. للخطبة الرسوليّة في ف 10، لتعليم يتوجّه إلى المنادين بالملكوت. من هذا القبيل، ترتبط هذه المقطوعة بسابقتيها حيث يشدّد النصّ على كلمة يسوع وإيمان الذين حصلوا على المعجزة. أما هنا، فشخص يسوع لا يُذكر، كما لا يظهر إيمان الذين نعموا بعطيّة الربّ.
"وبعد أن خرجا، أحضروا إليه أخرس" (آ 32). هذا ما يحدث مراراً في مت (مثلاً 9: 18، 27): تأتي عبارة فتربط الخبر الجديد بالخبر السابق لتدلّ على السرعة في توالي المعجزات. يتوخّى هذا النهج الأدبيّ أن يشدّد على نشاط يسوع المحرّر والذي لا ينضب، كما يتوخّى أن يحافظ على انتباه السامعين، فلا يتشتّت.
إن الصمم يرافق عدم إمكانية التكلّم، وهكذا يُغلق على الإنسان في عزلة تحرمه إمكانيّة الاتصال بالآخر، وبالتالي إمكانيّة النموّ الشخصيّ. هذا ما تشير إليه مراراً النصوص البيبليّة. رج 12: 22؛ لو 11: 14... إن اللفظة اليونانيّة "كوفوس" تعني أولاً الأصمّ، ثم الأخرس، وأخيراً الأصمّ والأخرس. ونحن نجد هذه المعاني الثلاثة في النصوص البيبليّة والهلنستيّة (خر 4: 11؛ أش 43: 8). تحدّث أحد الفلاسفة اليونان عن الصمم والعمى، فدلّ على أناس نقصتهم المعرفة، ولكنه جهل الرجاء النبويّ الذي عبّر عنه أش 29: 18؛ 35: 5؛ 42: 18: الصم يسمعون أقوال الكتاب... آذان الصم تنفتح.
ويقدّم لنا مت هذا الأصم على أنه ممسوس. أن فيه شيطاناً. قال هذا لا لأن المرض يُنسب بشكل عام إلى الشياطين، بل لأن هذا السقم بدا أمراً لا عادياً ومقلقاً. قد يجرّ الشّر على صاحبه وعلى الذين حوله.
"فلما أخرج الشيطان تكلّم الأخرس" (آ 33- 34). إن الصمت الذي فيه تمّت المعجزة يؤثّر علينا تأثيراً كبيراً. على المستوى البشريّ، لا شيء يتيح ليسوع الاتصال مع هذا الرجل. هناك حاجز صعب جداً، ولكن يسوع حطّم هذا الحاجز. في الواقع، حين تعود إلى الأصمّ ملكة السمع، فهو لا يتكلّم في الحال. عليه أن يتعلّم التكلّم (على مثال ما يحدث اليوم للصم والخرس). غير أن الإنجيليّ لا يتوقّف عند هذه الصعوبات. تدخّل يسوع فكان عمله منذ البداية تاماً ناجزاً.
تحدّثنا عن اتهام الفريسين ليسوع "برئيس الشياطين يخرج الشياطين". هناك تأثير ف 12 على ف 9. وقد نكون أمام اعلان أول، صريح، واضح، عن الصراع القاتل الذي يضع يسوع والفريسيين وجهاً إلى وجه.
نرى الفريسيين هنا، كما نراهم مراراً. وهم يتدخّلون حين يشعرون أن الجموع تأثّرت بيسوع وبدأت تتخلّى عنهم. هم لا يبحثون عن ملكوت الله. بل عن نفوسهم، عن منفعتهم. يقول بولس عنهم وعن أمثالهم: إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم، وهمّهم أمور الدنيا" (فل 3: 19). أجل، إن اتهامهم ليسوع من وجهة يعتبرونها "لاهوتيّة" تخفي في الواقع عطشهم لكي يتسلّطوا على الشعب. بما أننا لا نجد الصادوقيين ولا كهنة الهيكل، بل الفريسيين وحدهم، فهذا يعني أن الخبر قد حصل في شمال الجليل حيث الفريسيون كانوا الوحيدين للشعب في أمورهم الدينيّة بل وحتى الدنيويّة منها.

3- على عتبة الجزء الثاني (9: 35- 38)
مع هذا المقطوعة نعبر مرحلة هامة في الإخبار المتاوي. فبحسب البنية الأساسيّة التي أشرنا إليها، نصل هنا إلى الخطبة التعليميّة الثانية من خطب يسوع الخمسة التي تشكّل المحطات الرئيسية في الإنجيل الأول. فبعد أن صوّر الإنجيليّ "البرّ" الجديد أو الأمانة للملكوت (ف 5- 7)، وقبل أن يصوّر "سرّ" الملكوت في الأمثال (ف 13)، قدّم لنا المنادين بهذا الملكوت مع التعليمات التي نالوها من يسوع. كل هذا يدخل دخولاً تاماً في نظرة مت التربويّة واللاهوتيّة.
فالرباط الأدبيّ والإخباري مع ما سبق يبدو واضحاً: فإن كانت قد أشرفت على ف 5- 7 وملحقها الأخباري في 8- 9، فكرةُ سلطة يسوع في تفسيره للشريعة وعلاقته مع السلطات الدينيّة (الفريسيون) والشيطانيّة (الأمراض) في عصره ووسط شعبه، فهذا القسم الجديد يقدّم لنا هذه السلطة عينها التي "أعطاها" (10: 1) يسوع لرسله. ولكننا لم نصل بعد إلى إرسال التلاميذ.
"وكان يسوع يجول في جميع المدن" (آ 35). إن خبر إرسال الرسل تسبقه صورة سريعة عن نشاط يسوع الذي لا يكلّ في الكرازة والأشفية. والسرعة الرسوليّة التي سوف نتحدّث عنها تجد جذورها في سرعة يسوع نفسه. أما آ 35 فهي تستعيد 4: 23 مع ثلاثة أنشطة ليسوع: يعلّم، يكرز، يشفي. حدّد 4: 23 أن يسوع لم يتجاوز حدود الجليل. أما آ 35 فتشدّد على امتداد هذا النشاط والسرعة في العمل. ونلاحظ أيضاً أن يسوع. ظلّ اميناً لاحتفالات اليهود في المجامع.
وتوالي اللفظات الثلاث (تعليم، كرازة، شفاء) هو الذي نجده في 4: 23. وهذا ليس من قبيل الصدف: فتعليم المسيح في المجامع يتّخذ شكل تعليم كتابيّ تقليديّ، أي يرتكز على الكتب المقدّسة. ولكنه منذ الآن كرازة عن الملكوت (لو 4: 16- 30). فالكرازة ترتدي طابعاً علنياً وشاملاً. والأشفية تدلّ على الملكوت الذي أعلنته الكرازة. وليست علامات من أي نوع كان، لأنها تعود إلى بعض نبوءات العهد القديم (رج 11: 2- 6).
لا، لم ينفصل يسوع عن شعبه. فإن آ 35 وآ 36 وخبر إرسال التلاميذ، كل هذا يريد أن يبيّن لنا إلى أي حدّ نجا يسوع من التجربة التي وقع فيها الفريسيون والأسيانيون. لا، لم يُرد أن يكوّن شيعة منفصلة عن الآخرين أو مغلقة على ذاتها، أراد أن يؤسّس كنيسة تكون حدودها حدود العالم، بل تصل الأرض بالسماء.
"ولما رأى الجموع" (آ 36). يحدّثنا مت مراراً عن يسوع الذي "يرى الجموع". وعندما يهرب منها (5: 1: صعد إلى الجبل؛ 8: 18: ذهب إلى العبر) فهو لا يفعل باسم مبدأ يوجّه حياته أو احتقاراً للشعب على مثالا الفريسيين أو الاسيانيّين. بل لينضمّ إليها في ما بعد بطريقة أفضل، ويخدمها الخدمة التامّة كما هو الأمر هنا. نستطيع أن نورد هنا لعنات قاعدة قمران ضدّ "حصّة بليعال": "يلعن اللاويون كل البشر الذين من حصّة بليعال (= الجموع غير الاسيانيّة): ملعون أنت في كل أعماله كفرك الشّرير. ليجعل لله منك موضوع رعب بواسطة كل المنتقمين انتقاماً" (قاعدة الجماعة 2: 1- 5).
فأعظم شقاء لدى هذه الجموع لا يكمن في كفرها، ولا في جهلها، ولا في رذائلها، بل في أمر يمكن أن يكون خطيراً أو لا: لا راعي لها. جاءت العبارة من عد 27: 17 (رج 1 مل 22: 17: قال ميخا بن يملة: أرى شعب إسرائيل على الجبال كغنم بلا راعٍ) حيث يتحدّث الكتاب عن تعيين يشوع كقائد لشعب إسرائيل. قال موسى: "يخرج يشوع أمامهم إلى الحرب ويعود بهم، لئلا تبقى جماعة الرب كغنم لا راعي لها".
لا تشدّد هذه العبارة كما هي في الأصل وكما وردت في مت، على الضيق الذي يحسّ به كل خروف في القطيع، بل على تشتّت القطيع نفسه. ينقص شعبَ يسوع "رجلٌ يخرج أمامهم" ويعود بهم لئلا يظلّوا مشتتين.
وعى يسوع أنه مرسل إلى شعبه كلّه، فأملى عليه هذا الوعي هذه العجلة الرسوليّة التي صوّرتها آ 35. وسنجد الملاحظة نفسها في 10: 6 حيث يقول يسوع للاثني عشر: "إنطلقوا بالحريّ إلى الخراف الضالة من بيت إسرائيل". لا تتشتتوا وتتبعثروا في كل مكان، بل ركّزوا عملكم على الشعب الذي خرجتم منه. بعد ذلك، تنطلقون إلى العالم أجمع. كم نحن بعيدون عن مثَل النعجة الضالة حيث السياق مختلف تماماً، وحيث يترك الراعي 99 نعجة ويلحق بتلك التي شردت عن القطيع (18: 12- 14). أما هنا فنظرة يسوع ترافق القطيع كله فيجتمع في حظيرة واحدة في إمرة راعٍ واحد لا يمكن أن يكون إلا يسوع المسيح.
"قال لتلاميذه: الحصاد كثير" (آ 37- 38). تحدّثت آ 26 عن العجلة الرسوليّة: لا وقت لنا نضيعه في الطريق (لا تسلّموا على أحد في الطريق). لا نبعثر القوى في كل مكان. وهنا يأتي سبب آخر لكي نتجنّب هذه البعثرة: الحصاد كثير والفعلة قليلون. ارتبط هذان السببان ارتباطاً حميماً في هذا النصّ: بما أن "إسرائيل الله" مشتّت، صار الحصاد كثيراً. وبدا ألم الشعب علامة عن الدينونة القريبة. في العهد الجديد وفي العهد القديم، يحصد الإنسان ما زرع. يجمع ثمرة أعماله (أم 22: 8؛ أي 4: 8؛ سي 7: 3؛ غل 6: 7 ي؛ 1 كور 9: 14 ي). والله يحصد في نهاية الأزمنة، في الدينونة الأخيرة، فيجمع الحنطة بعد أن يفصلها عن التبن والقشّ، أو يفصلها عن الزؤان (13: 24- 30؛ رج 3: 12).
ولكن إن مثّل هذا الحصادُ الدينونة الأخيرة، فماذا يقابل عمل هؤلاء العمّال؟ هناك فرضيّتان: كما في 13: 41، ينضمّ هؤلاء العمّال إلى الملائكة الذين ينفّذون الدينونة الأخيرة. أو يكونون السابقين في الدينونة فينبّهون البشر إلى أنها صارت قريبة، ويدعونهم إلى التوبة ما دام الوقت يسمح لهم.
ما يُسند هذه الفرضيّة الثانية هو السياق المباشر وأفكار العالم اليهوديّ حول تهيئة إسرائيل وتنقيته من أجل الدينونة. مع فارق واحد وهو أن هاتين الآيتين تتحدّثان عن الحصاد وكأنه يحصل الآن: بواسطة خدمة يسوع ورسله، الدينونة تتمّ منذ الآن. وهذه الدينونة ليست سحقاً للامؤمنين كما انتظرها الفريسيون (كما في مزامير سليمان) والاسيانيون، بل المناسبة الأخيرة المعطاة لخراف إسرائيل لكي تجتمع وتتوب ملبّية نداء راعيها الوحيد.
ونلاحظ أخيراً الرباط الذي يجمع الفكرة عن "العمّال" والفكرة عن "الصلاة". الله وحده يفعل في التاريخ، ولكن ليست النتيجة أن الإنسان لا يستطيع إلا أن يقبل الأحداث بطريقة منفعلة (أي لا يفعل شيئاً). كلا، ومع أن الله يقود التاريخ إلى النهاية، تبقى صلاة الإنسان وعمله ضروريين جداً. فالربّ بذاته أرسل عملة إلى كرمه وانتظر أن تكون له ثمار من كرمه (20: 1 ي؛ رج لو 17: 7 ي، روم 15: 16؛ 2 كور 3: 4- 5؛ فل 2: 12- 13؛ 1 كور 15: 8.
وهكذا جعل يسوع تلاميذه في جوّ الرسالة. الحصاد ينتظرهم. وهو سيختار من بينهم اثني عشر رسولاً، يرسلهم كالخراف بين الذئاب، ويمنحهم وداعة الحمام، وحكمة الحيّات، وينبّههم إلى أن الاضطهادات تنتظرهم. غير أن هؤلاء الرسل لن ينطلقوا الآن، بل بعد الفصح والقيامة. حينئذٍ يقول لهم يسوع: "إذهبوا، تلمذوا جميع الأمم، عمّدوهم، علّموهم... وأنا معكم كل الأيام حتى انتهاء العالم".

 

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM