الفصل السادس: جماعة الصغار

الفصل السادس
جماعة الصغار
ف 18

1- موقع "خطبة الجماعة"
منذ ف 11، رأينا المعارضة ليسوع والمقاومة المتزايدة: كانت خطبة الرسالة (10: 17- 19) قد نبّهت التلاميذ أن عليهم، هم أيضًا، أن ينتظروا الاضطهاد، أن ينتظروا أن يقادوا أمام القضاء من أجل ربّهم (5: 11- 12). منذ تلك اللحظة، ولاسيّما منذ البحث الذي قام به تلميذا يوحنا، نحسّ أن المحاكمة قد بدأت. وقد تأثّرت بها مسيرة الانجيل كلّها. ومنظور الصعود إلى أورشليم بما يحمل من موت (16: 21)، أبرز هذا الشعور، كما أبرز الاتّهامات المتكرّرة من قبل الفرّيسيين والصادوقيين والكتبة (12: 2، 14، 24، 38) الذين رأيناهم آتين إلى أورشليم (15: 1) ليقوموا هم أيضًا ببحثهم واستقصائهم (15: 12؛ 1:16).
وهكذا فهمنا شيئًا فشيئًا أن الناس الذين لا يستطيعون أن يتقبّلوا الكلمة، يجعلون يسوع في قفص الاتّهام. ولكن هذا ليس سوى الوجهة الخارجيّة للخبر: فهذا الانسان الذي يُتّهم ويُحكم عليه (12: 14) هو في الواقع ذاك الذي يدين معارضيه. والكلام الموجّه إلى مدن البحيرة (11: 20-24)، وإلى "هذا الجيل" (11: 16؛ 39:12-45؛ 16: 4؛ 17:17)، وإلى بطرس (16: 23). والتلميحات إلى "مجيء" ابن الانسان (10: 23؛ 11: 19؛ 13: 41، 48-50؛ 27:16-28؛ 9:17)، كل هذا يجعلنا نستشفّ أسسًا غير التي يتحدّث عنها الناس.
ساعة دوَّن الانجيليّ كتابه، كان المسيحيّون في الواقع يُضطَهدون من أجل المسيح. فلا بدّ من تثبيت إيمانهم بشكل يبيّن لهم أن الدينونة التي يحملها القائم من الموت تتواصل في التاريخ عبر شهادة تؤدّيها الجماعة بقدر ما تكون أمينة لروح المسيح وتجد وحدته فيها. فعلى مدّ كل هذه المتتالية الجديدة التي تبدأ مع ف 18 وتنتهي مع ف 25، لا يني تدخّل مت يتّضح يومًا بعد يوم. لهذا، لن نعجب أن يكون الانجيليّ قد وضع في هذا الموضع من كتابه "خطبة الجماعة"، خطبة يسوع الرابعة بين خطب متّى الخمس.
خلال المرحلة السابقة، وساعة كانت تُرسم مسيرات الايمان المختلفة، تعرّفنا شيئًا فشيئًا إلى وجه جماعة التلاميذ، وهي جماعة توجّه أنظارها إلى شخص يسوع الذي اتخذ بطرس بقربه مكانة مميّزة (14: 28- 31؛ 15: 15؛ 16: 16- 23؛ 17: 1-4، 24-27). فمجموعة التلاميذ التي انتقلت دومًا من الشكّ إلى الايمان، ومن اللافهم إلى الفهم، هي صورة عن كنيسة تسير مسيرتها يومًا بعد يوم، حيث ترافق نعمةُ الاعتراف الايمانيّ الرفض "الشيطانيّ" في التباس يعرفه التاريخ في كل يوم من أيامنا.
وهكذا نشهد منذ بداية الانجيل مواقف مختلفة تجاه يسوع الحاضر وسط الجماعة البشريّة. كما نشهد ملكوت السماوات الذي صار قريبًا. الذي هو معروف ومجهول معًا. الذي نقبله ونرفضه معًا. وبقدر ما نتقدّم في قراءتنا، يبدو لنا يسوع كالعنصر الذي يجمع البشريّة: فكل واحد مدعوّ بشكل تدريجيّ إلى أن يحدّد موقعه بالنسبة إليه. هذا مع العلم أننا لا نستطيع على المستوى السوسيولوجي أن نفهم كل فئة أشار إليها مت: الناس، الجموع، الاخوة، التلاميذ، الكتبة، الفرّيسيّون، الصادوقيّون. انطلق متّى من دعوة مشاركي يسوع الأوّلين (بطرس، اندروس، ابنا زبدى، 4: 18- 22، متّى، 9: 9)، فمرّ في نداء الاثني العشر وإرسالهم (10: 1- 5)، لكي يركّز كل انتباهنا (وبشكل خاص في ف 13-17) على جماعة التلاميذ التي فيها "يتجسّد"، على مستوى التاريخ، "الملكوتُ الاسكاتولوجيّ"، الملكوت الذي يدشّن نهاية الأزمنة.
ولهذا، فالأسئلة التي ستُطرح، تشير إلى وجود هذا الملكوت في بُعده الزمنيّ والأرضيّ، داخل جماعة ملموسة تعيش في زمن يسوع أو في زمن متى.
"من هو الأعظم في ملكوت السماوات" (18: 1)؟ سؤال يُطرح بشكل بديهيّ إذا نظرنا إلى الطريقة التي بها برز بطرس شيئًا فشيئًا خلال المرحلة السابقة، من خلال مجموعة التلاميذ الذين يتبعون يسوع. فاتّباع يسوع يفرض على أعضاء الجماعة علاقات "أفقيّة"، علاقات بعضهم مع بعض، وليس فقط علاقات بينهم وبين يسوع. فما هي نوعيّة هذه العلاقات؟

2- البنية الاجماليّة للخطبة
أ- نظرة عامّة
يقسم معظم الشرّاح ف 18 حسب الموضوعين الكبيرين اللذين تتطرّق إليهما هذه الخطبة: الصغار والأطفال (18: 1- 14) 0 المغفرة والحبّ الأخويّ (آ 15-35).
ويحلّل عدد كبير منهم عمل مت التدوينيّ الذي استقى أمورًا مختلفة من التقليد الإزائيّ. وذلك لأننا نجد في بداية الخطبة ما يوازي مر 33:9-47؛ 10: 15. ما يوازي لو 46:9-48؛ 17: 1-2؛ 17:18. أما بعد آ 1، فلوقا وحده يوازي مت (لو 15: 3-7؛ 17: 3-4). والقول حول الصلاة المشتركة (18: 19-20)، ومثَل العبد الذي لا يرحم (18: 23-35) هما أمران خاصّان بمتّى.
نحن لا نهمل الأضواء التي يحملها إلينا التقليد الإزائيّ والتدوين المتّاويّ. إلاّ أننا نحاول أن نتفحّص النصّ كما هو اليوم بين أيدينا لنكتشف البنية التي أشرفت على اختيار المواد وتجميعها وترتيبها.
على المستوى الأدبي تنقسم "الخطبة" إلى حوارين يشير إليهما تدخّل التلاميذ (آ 1: دنا التلاميذ وسألوه)، وتدخّل بطرس (آ 19: فدنا بطرس وقال ليسوع). هذا ما فعلوا أيضًا في خطبة الأمثال (13: 10، 36). من جهة سؤال التلاميذ حول "التراتبيّة" في الملكوت. ومن جهة ثانية، سؤال بطرس حول اتساع المغفرة التي نمارسها مع اخوتنا.
ب- القسم الأول (18: 1- 20)
يتضمّن القسم الأول سؤالاً (آ 1) وجوابًا قد تسجَّلا في تضمين كبير تدلّ عليه عبارة تعود في آ 2 وآ 20: "في وسطهم". "دعا يسوع طفلاً وأقامه في وسطهم". "كنت هناك في وسطهم، بينهم". وهناك تضمينات أخرى قصيرة تحدّد ثلاث محطات أخرى في قلب هذا الجزء الأوّل. الأولى (آ 2، 5) تشكّلها استعادة لفظة "طفل" (بايديون). مع لفظة "واحد" التي تستعمل بشكل عاكفة في آ 6 (من أوقع واحدًا من هؤلاء). والمحطّة الثانية تبدأ مع "واحد من هؤلاء الصغار" (آ 6-14 مع وقفة في آ 10: إياكم أن تحتقروا واحدًا من هؤلاء الصغار). والثالثة تظهر في آ 15 مع لفظة "أخيك" تجاه لفظة "أبيكم" (آ 14)، ومع تهيئة لسؤال بطرس (آ 21). إن آ 20 هي صدى لما في آ 5 مع تكرار "باسمي".
ج- القسم الثاني (18: 21- 35)
يبدأ هذا القسم بتدخّل بطرس الذي يذكّرنا بما في آ 15: "إذا خطئ أخوك إليك". وهكذا يرتبط قسم بقسم. ويتكرّر أربع مرات "الرب" (آ 25، 27، 31 ,32) خلال المثل قبل أن يرد في الخاتمة (آ 34. نلاحظ أهميّة الرقم 5). وهناك تضمين آخر يحدّده تعبير "غفر لأخيه" (آ 21، 35)، فيقدّم موضوع المثل الذي ينتهي بعودة إلى "الآب السماويّ" (آ 35). هكذا انتهى القسم الثاني مع تعبير "أبي الذي في السماوات" (آ 19؛ رج آ 10).
ونجد في 19: 1 العبارة المقولبة التي تختم الخطب المتّاويّة (7: 28؛ 11: 1؛ 53:13: ولما أتمّ) والتي تُدخلنا في انتقالة تدلّ على أن يسوع ترك الجليل "مهاجرًا" إلى اليهوديّة. تجنّب السامرة، فدار حوله الاردن وأريحا. "وتبعته جموع كثيرة". هذا ما حدث بعد عظة الجبل (8: 1). تبعته فشفى مرضاها كما في 24:4؛ 15:12؛ 30:15.
وهكذا تبرز بنية أدبيّة واضحة من هذه العناصر المختلفة:
أ- الطفل علامة حضور الملكوت في الجماعة (18: 1-20).
- سؤال التلاميذ: من هو الأعظم في الملكوت (آ 1)؟
- جواب يسوع:
* نصير مثل الأطفال (آ 2- 5).
* نهتمّ بواحد من هؤلاء الأطفال: الشكّ، الاحتقار (آ 6-14).
* الإصلاح الأخويّ والصلاة المشتركة (آ 15- 20).
ب- نعمة الغفران التي يشارك فيها الإخوة (18: 21- 35).
- سؤالا بطرس: كم مرّة أغفر لأخي (آ 21)؟
- جواب يسوع:
* غفران لا حدود له (آ 22).
* مثَل حول مغفرة السيّد ولامغفرة العبد (آ 23- 35).
خاتمة وانتقالة: ترك يسوع الجليل، وجاء إلى اليهوديّة، فتبعته الجموع (19: 1-2).

3- تحليل الخطبة
إن هذه الخطبة التي توضح العلاقات بين التلاميذ، تتوزّعها (كما في خطبة الرسالة، 10: 15، 23، 27، 42) اعلاناتٌ احتفاليّة ليسوع: "الحقّ أقول لكم" (3:18، 10، 13، 18، 19) مع صدى في جوابه لبطرس (آ 22). والعودة إلى يسوع التي شدّدنا على أهميّتها في ما سبق، تتأكّد هنا أيضًا بوضوح. كما نلاحظ أن حضور الآب السماويّ يملأ كل هذه الخطبة ولاسيّما في آ 10، 14، 19، 35. فالعلاقة بالآب هي التي تثبت الطفل في كرامته الحقيقيّة. ومن الآب تنبع كل مبادرة غفران.
أ- الطفل علامة حضور الملكوت في الجماعة (18: 1- 20)
"في تلك الساعة" (18: 1). هكذا يبدأ هذا الفصل بعبارة قرأناها مرارًا عند متّى. بمناسبة شفاء (13:8؛ 22:9؛ 28:15؛ 18:17). أو حديث عن الاضطهاد (10: 19؛ رج 26: 55). هذان النمطان السياقيّان يلقيان الضوء على النصّ الذي ندرس، فيجعلاننا نستشفُ "الساعة" التي ينبغي للجماعة المسيحيّة أن تعيشها. وسيأتي ف 24-25 فيقدّمان إيضاحًا أفضل لهذه النقطة.
أولاً: سؤال وجواب (آ 1- 5)
والسؤال الذي طرحه التلاميذ نجده أيضًا في الجدالات الرابينيّة. أما في مت، فيرتبط ببعض أقوال يسوع (رج 5: 19؛ 11: 11). ورد هذا السؤال عند مرقس (9: 35) وكأن مجموعة الاثني عشر قد طرحته. أما مت فيتحدّث عن "التلاميذ". يبدو ملكوت السماوات كواقع مقبل. ولكنه منذ الآن حاضر. سؤال حافظ على آنيّته في الجماعات المتّاويّة.
ما أجاب يسوع بشكل مباشر على السؤال. بل قام أولاً بفعلة رمزيّة، على مثال ما اعتاد الأنبياء أن يفعلوا. وهذه الفعلة قلبت رأسًا على عقب النظرة الوصوليّة التي دلّ عليها سؤال التلاميذ. وهكذا نجد نفوسنا حالاً في جماعة انقلبت فيها المقامات، لأن الطفل الذي نستقبله هو يسوع نفسه. وهذا واضح من التضمين في آ 2 وآ 20، بعد أن استضاءتا بما في آ 5. "من قبل طفلاً مثله باسمي يكون قبلني".
بعد ذلك، شرح يسوع فعلته، فبدا أنه لا يستطيع أن يجيب عن الطريقة التي بها يحدّد الناس موقعهم تجاه بعضهم بعضًا إلاّ عبر كلامهم حول موقعهم تجاه الله. فالعلاقات بين الناس لا تتحدّد بشكل صحيح إلاّ بعد ارتداد واتخاذ موقف صحيح أمام الله (آ 3). وحين ندرك أننا صغارًا ومساكين أمامه، نستطيع أن نفهم كيف يتفتّت السؤال: "من اتّضع وصار مثل هذا الطفل فهو الأعظم" (آ 4).
غير أننا لا نمتلك مرّة واحدة موقعنا في الملكوت (آ 1، 4). فهو مشروط بالارتداد والتبدّل (ستريفو). مشروط بالمجيء إلى ملكوت السماوات (آ 3). فاللعب على حرفَي الجرّ "في"، "إلى"، يدلّ على انشداد سنجده فيما بعد بين ما يتطلّبه الملكوت الآتي وإن لم يكتمل بعدُ مجيئه، وبين واقع لا نستطيع أن نتجنّبه، هو واقع كنيسة البشر.
التبدّل هو أن نصير كالأطفال. هذا لا يعني "العودة إلى الولدنة". لأن الانجيل يريدنا كبارًا، ولا يريدنا أن نعود إلى الوراء على مستوى العقل والفكر والتمييز. مهما كان عمر الانسان، فهو يكتشف نفسه دومًا أمام الله كطفل بالنسبة إلى البالغين، كذاك الذي يرى الحياة أمامه. وهذا الوضع ينظر إليه الانجيل كمتطلّبة نقاوة وتواضع تتيح لنا أن ننمو كل النموّ. فنحن نصير مثل طفل حين ندرك أن الآب يدعونا لأن ننمو أيضًا وأيضًا، لأن نصير ما نحن عليه. نصير صغارًا ومساكين ينتظرون كل شيء من نعمة الله كما تقول التطويبة الأولى (5: 3). فأمام الآب، تتحطّم نظرتنا إلى التواضع: إذا كان الله أبًا، فكل أخ هو أصغر من أخيه.
لقد بدا الطفل كعلامة ليسوع نفسه. فأساس التربية الانجيليّة هو أن نعتبر يسوع المسيح في شخص الأطفال الذين يضعهم الله في وسطنا. وهذا التواضع الناشط (لا يُفرض علينا) يتأصّل في الله ويبني "الجماعة". إنه يشبه مسيرة يسوع إلى حاشه وآلامه. وهو يدعونا إلى أن نتّخذ المكان الذي هو في الحقيقة مكاننا. فالتواضع (تابايتون، آ 4، رج 11: 29؛ 23: 12) يدلّ على خدمة نمارسها بشكل محسوس تجاه الله والقريب. وليس مثالاً نسكيًا من الامّحاء الخائف أو الخضوع الخانع.
ثانيًا: الشكوك والمعثرة (آ 6- 12)
ويبيّن لنا وفي الخطبة (آ 6-12) أنه ينبغي لنا أن نراعي الصغار، بحيث نتجنّب كل شكّ واحتقار، ونسهر بعناية لئلا يهلك خروف واحد. نحن هنا أمام ملكوت السماوات الذي نبنيه، لا أمام مملكة أرضيّة. لهذا يُلغى كل حديث عن تراتبيّة في الحالات، لأن ملكوت السماوات يخصّ أولئك الذين هم قرب يسوع الذي يبدو "صغيرًا" أمام الآب. بعد ذلك، من يتجرّأ على القول: إنه أعظم من الآخرين؟
مقابل هذا نحذر من أن نضع عائقًا أمام الآخرين حين نشككهم فنجعلهم يعثرون (آ 6-7؛ رج 17: 27). كما نحذر أن نكون عثارًا لأنفسنا (آ 8-9). جمع مر 9: 42-48 هذين القولين. أما لو 17: 1-2 فأورد فقط القول الأول وفي سياق مختلف. من شكّك الصغار منعهم من الايمان بيسوع (آ 6). جعلهم يشكّون بنعمة الله وغفرانه. جعلهم ينفصلون عنه. وقد يكون المؤمن أيضًا سببَ شكّ لنفسه فتوقعه يده أو رجله في الخطيئة.
استعادت آ 8-9 ما قيل في عظة الجبل (29:5-30) التي تتكلّم عن شهوة الزنى، فدلّتا على أن كل ضعف على مستوى الايمان (إيمان نعبّر عنه في تصرّفنا) يشكّل جرحًا للجماعة التي فيها يدشَّن الملكوت. أن نشكّك الآخرين، أو نشكّك أنفسنا، فهذا أمر خطير يفرض علينا أن "نقطع" يدًا أو رجلاً إذا كان القطع يبعد التجربة. ليست ضرورة الشكوك قدرًا أعمى نبقى أمامه عاجزين. إنها وضع لا نستطيع أن نتجنّبه في الواقع التاريخيّ الذي نعيشه في هذا العالم، عالم السقوط.
وقبل هذا نجد قولاً يماهي بين الشكوك واحتقار واحد من هؤلاء الصغار (آ 10). إن قساوة هذه الوصيّة تُبرز الأهميّة التي يكنُّها يسوع لكل انسان. فالانسان، والصغير بشكل خاص، هو انعكاس وجه "أبي" الذي في السماوات. فالصغير هو ابن الله. إنه ينمو وسيصبح إلى ملء قامة المسيح. والطفل هو موضوع عناية الله الخاصة (10: 29- 31). لهذا لا يمكن أن يُحتقر. بما أن "ملائكتهم في السماء يرون دومًا وجه أبي الذي في السماء" (آ 10). وبما أن الصغير بين هؤلاء الصغار يمتلك (كما يقول بولس) "حياة خفيّة مع المسيح في الله" (كو 3:3)، يجب أن نسهر على إيمانهم لئلاّ يعثر.
وتأتي آ 11 التي لا نجدها في أكثر المخطوطات (فابن الانسان جاء ليخلّص الهالكين)، وقد أقحمت هنا بتأثير من لو 19: 10، فأعدّت الطريق لما في آ 14: "وهكذا لا يريد أبوكم الذي في السماوات أن يهلك واحد من هؤلاء الصغار".
ثالثًا: الخروف الضال (آ 12- 14)
ويأتي مثل الخروف الضال فيتسجّل في هذا المنظار: لا يريد الله أن يهلك واحد من هؤلاء الصغار بشكل نهائيّ. في سياق مت الأدبيّ، "الخروف الذي يضلّ" هو ذاك الذي يُشكّك (آ 6) أو يحتقَر (آ 10)، فيذهب من خارج الجماعة التي لا تعرف أن تستقبله في الواقع اليوميّ. في هذا المعنى، كل عضو في الجماعة قد استُودع همّ الآب الذي لا يريد أن يرى أحدًا يضلّ، بل يتقبّل كل واحد وحده وكأنه فريد. أما لو 15: 4-7 فتوسّع في ذات المثل مشدّدًا على حبّ الله للخاطئين وعلى الفرح الذي يسبّبه رجوعهم.
نلاحظ أن كما يبدأ هذا المثل بسؤال يتطلّب حكم السامعين: "ماذا ترون" (آ 12)؟ هذا النداء إلى التمييز لدى التلاميذ قد سمعناه يتوجّه إلى بطرس في 17: 25، وذلك بفم يسوع. وسيعود فيما بعد مرّات عديدة في فم يسوع خلال حديثه مع خصومه (28:21؛ 42:22)، أو خلال أسئلة يطرحها هؤلاء الخصوم (17:22؛ 26: 66). يُبرز المثل المتّاوي رغبة الآب في أن لا يرى نعجة تضلّ عن القطيع. والتعارض بين مئة خروف وواحد منها يذهب الراعي في طلبه (آ 12) قد أراده الانجيليّ: فكل توسيع خطبة الجماعة يشدّد تشديدًا خاصًا على "الواحد"، على ما هو فريد: منذ آ 5 نهتمّ لا بالأطفال بشكل عام، بل بواحد منهم (آ 6، 10، 12، 14، 24، 28). نحن في الواقع أمام جماعة حيث لكل واحد دوره. لا أمام حشد من الناس يُذكرون بالأرقام. في هذه الجماعة كل واحد فريد، وكل واحد يستحقّ الكرامة كأخ بين الإخوة.
وهذا الطابع الفريد (الوحيد) يؤسّس ضرورة الغفران المتبادلة الذي يتكرّر كل يوم (آ 22). فلا يجب أن نرى فيه تعظيمًا للفرد بشكل أنانيّ. فنحن نحاول أن نعيده إلى الحظيرة (في الجماعة المسيحانيّة) كما يقول لو، أن نحافظ عليه فيها، كما يقول مت. بما أن لكل مسيحيّ قيمته في نظر الآب، فلا أحد يستطيع أن يأخذ دوره في جماعة الصغار والإخوة. هو شخص لا يُستغنى عنه. لهذا، اهتمّ مت اهتمامًا خاصًا بواجب المحبة الرعائيّة الذي ينتج عن حضور المسيحيّين الخطأة في الكنيسة. إنهم ضالّون، ولا يحقّ لنا أن نتركهم يهلكون. لهذا يطلب منّا أن نفعل المستحيل لنعود بهم إلى طريق الأمانة.
رابعًا: التوبيخ الأخويّ (آ 15- 20)
وبدأ مت هنا توسيعًا جديدًا حول الإصلاح الأخويّ والصلاة المشتركة المتّفقة: "إن خطئ أخوك إليك" (آ 15). وهكذا ننتقل من الشكوك إلى الخطيئة التي تُوجد ضمنًا في الشكوك. فمسؤوليّة كل واحد هي مسؤوليّة جميع أعضاء الجماعة الذين يهمّهم العمل بإرادة الآب (رج 6: 10؛ 7: 21؛ 12: 50). فكيف نوبّخ الأخ الذي خطئ؟
قدّم لو 17: 4 في مقطع مواز التوبة كشرط للغفران. أما مت فتوسّع بالأحرى بعمل ذاك الذي يحاول مساعدة الخاطىء على استعادة الشركة الأخوية التي هي موضع الجماعة. إن لفظة "أخوك" (آ 15) التي تعود في آ 21، تدلّ على هدف المدوّن اللاهوتيّ: الكنيسة هي جماعة الإخوة. ويتمّ العمل في ثلاث محطّات: إذا كان الحوار بيننا وبينه لم يحمل الثمار المرجوّة، نستطيع أن نلجأ إلى إخوة آخرين. وفي النهاية نلجأ إلى الجماعة كلّها.
شدّدت آ 15 على الطابع الشخصيّ للتوبيخ. ويبدو أنه لا حاجة إلى تنبيه الجماعة في أوّل الطريق، إلى إيصال الأمر إلى الكنيسة (آ 17). غير أننا نلاحظ أن هذا التوبيخ لا يصدر عن وجدان شخص آخر، بل أخ يمثّل الواقع الكنسيّ، واقع الجماعة الملتئمة باسم يسوع وحوله (آ 20). وهكذا فما بدا طريقة القساوة والحرم إذا قرأنا آ 15-18 بمعزل عن سياقها، يتّخذ في الحقيقة شكل الرحمة. لهذا نفهم المحطّات الثلاث على ضوء المثل السابق كمجهود لإعادة الضّال إلى وحدة الجماعة. نحن هنا أمام طريقة بشريّة تضع قيد الممارسة صبر الله وطول أناته.
وينتهي هذا التوبيخ بإشارة فيها بعض الاحتقار إلى "الوثنيّ والعشّار" (آ 20). كيف نشرح هذا التبدّل في اللغة لدى ذاك الذي أعجب بإيمان الوثنيين (8: 10؛ 15: 28)، والذي اتّهموه بأنه يأكل مع العشّارين والخطأة (9: 1)؟ في الواقع، سمّى يسوع هنا "الوثنيّ والعشّار" كشخصين لا يستطيع المؤمن أن يصنع لهما شيئًا. فتجاه هذا الأخ الذي يسمع سماع اللامبالي (باراكواين في آ 17: سمع جانبًا) لم يعد للمسيحيّ مسؤوليّة مباشرة: يبقى له أن يسلّمه إلى يد الآب، معترفًا بأن المعونة المطلوبة تتجاوزه كل التجاوز. إذن، تبدو الكنيسة هنا كواقع يتميّز عن العالم، كما كان الشعب اليهوديّ بالنسبة إلى الأمم التي لا تقاسمه إيمانه. وكما كان المؤمن اليهوديّ بالنسبة إلى العشّار الذي بسببه يجدّف الوثنيّون على اسم الله.
فالكنيسة هي قبل كل شيء جماعة يكون فيها الواحد مسؤولاً عن إيمان إخوته. أما الذين يبتعدون عن الايمان رغم مجهود هؤلاء الإخوة، فنحن نسلّمهم إلى رحمة الآب. هكذا بدا الراعي الذاهب في طلب الخروف الضالّ (آ 12). وفي النهاية لا ترتبط هذه الجماعة في النهاية بمجهود بشري قد ينتهي إلى الفشل، بل بالآب الذي في السماوات. هناك صراعات عديدة تمزّق البشر. وحده حضور الله يؤمّن الوحدة بين الإخوة. "فإذا اجتمع اثنان أو ثلاثة باسم يسوع" (توجّهوا "إلى" اسم يسوع) تاركين حضوره يكوّن فعل إيمانهم، فيسوع هو حقًا في وسطهم. فما يتيح لاثنين أو ثلاثة أن يتّفقوا على الأرض في أيّة قضيّة كانت (آ 19) هو حضور يسوع الحيّ في كنيسته كما في كل مبادرة بشريّة.
إن موضوع حضور الله وسطَ صلاة شعبه نجده في العهد القديم: فالمزامير ترينا الرب وهو يستمع إلى أبنائه من أعلى السماء أو من معبد أورشليم حيث تجتمع توسّلات شعب اسرائيل (مز 11: 4؛ 4:22؛ 6:68؛ 102: 2-3؛ 116: 1). أما في الملكوت، فهذا الحضور الالهيّ لم يعد مرتبطًا بالهيكل، بل بشخص يسوع، الربّ القائم من الموت، الذي يحرّك إيمان الإخوة، ويُلهم صلاتهم، ويعطيهم أن يقاسموا الله رحمته وحبّه على الأرض (آ 18- 19).
ارتدت الكنيسة سلطة يسوع ذاتها (28: 20). وصار التلاميذ وكلاء غفران الربّ مثل بطرس (16: 19) ومع بطرس كما تقول آ 21. فالجماعة التي يؤلّفون تجد قوامها الذي لا يزعزعه شيء في حضور القائم من الموت في وسطها. وقد رأى التقليد الكنسيّ في هذه الكلمات التي وُجِّهت أولاً إلى بطرس ثم إلى التلاميذ، تأسيسَ سرّ التوبة والغفران: لقد تماهى يسوع مع الجماعة التي أسّسها. وهكذا فسلطان المصالحة والحرم الذي يمنحه لها، يدلّ على "أن ابن الانسان له على الأرض سلطان غفران الخطايا" (9: 6). فغفران الله يمرّ عبر غفران البشر. أو بالأحرى، لا يستطيع الناس أن يغفروا بعضهم لبعض إلاّ إذا تقاسموا نعمة المصالحة التي صاحبُها الله وحده (6: 12).
إذن، كشف تدخّل بطرس (18: 21) والمثل الذي به أوضح يسوع جوابه (18: 22، 25)، هدف متّى اللاهوتي. فجماعة الملكوت الحقيقيّة (أي: الكنيسة) هي جماعة نقتبل فيها الخلاص في مشاركة أخويّة، في مصالحة حملها يسوع المسيح.
ب- نعمة الغفران التي يشارك فيها الإخوة (18: 21- 35)
أولاً: مغفرة بلا حدود (آ 21- 22)
عندذاك يعبّر عن أولويّة الغفران الإلهيّ بغفران لا حدود له ويتبادله الإخوة. يتسجّل هذا القسم الثاني من الخطبة في تضمين يتحدّث عن "الغفران للأخ" (آ 21، 35). وهو عمل يتمّ تحت نظر الربّ (آ 21، 34). لاشكّ في أن بطرس يعرف أنه ينبغي أن يغفر لأخيه. ولكن ما هي حدود هذا الغفران؟ اعتبر أنه دخل في روح يسوع حين قال "سبع مرّات".
ناقش الرابينيّون هذه المسألة مع عا 2: 4 وأي 29:33 وتك 50: 17 (وصلاة يوسف المثلّثة)، فاعتبروا أنه يجب أن نصل في الغفران إلى ثلاث مرات. أما جواب يسوع فجاء واضحًا جدًا: قلب رأسًا على عقب نشيد لامك الذي صوّر موج العنف كما بدأ مع قايين: "يُنتقم لقايين سبع مرّات. أما للامك فسبعًا وسبعين مرّة" (تك 4: 24). وكشف يسوع ينابيع الرحمة التي لا تنضب بمجيء الملكوت: "لا أقول لك حتّى سبع مرات، بل حتّى سبعين مرّة سبع مرات" (آ 22).
ثانيًا: العبد الذي لا يغفر (آ 23-35)
فأمام الله نحن كلنا أصحاب دَين لا نستطيع أن نفيه. لا نقدر أبدًا أن نردّ له ما يجب علينا ردّه. ومثَل الغفران الذي لم يشارك فيه العبدُ ربّه، يبيّن لنا كم نحن قاسون على بعضنا في ديوننا المشتركة. "تحرّكت أحشاء سيّد ذلك العبد فغفر له" (18: 28). نكتشف في هذه العبارة الينبوع الذي منه يتفجّر الغفران الملكيّ فيفيض في الاخوة. "أما كان يجب عليك، أنت أيضًا، أن ترحم أخاك كما أنا رحمتك" (آ 33)؟ إن دينونة "الملك" تتسامى فوق كل مقولاتنا القانونيّة (ما لي وما عليّ). هي على مستوى الحبّ والغفران، وتمارس بالحنان والرحمة. وهكذا تكون المغفرة في الله قبل كل شيء إطلاقًا.
ولكن مقابل رحمة لا حدود لها، نجد في توازٍ تناقضيّ مذهل، قساوة العلاقات البشريّة من أجل ديون تافهة. لهذا نفهم حزن الرفاق أمام موقف أخيهم الذي لا رحمة فيه (آ 31). وهو حزن يشبه حزن التلاميذ حين أخبرهم يسوع بحاشه وآلامه (17: 23). أو حين عرفوا الخائن (26: 22). تولّد هذا الحزن (ليباين) من وضع ملموس هو الحياة الواقعيّة في التعارض بين ما يجب أن يُصنع (مع الغفران الضروريّ: "أما كان يجب؟) وما يتمّ في الواقع (الشكوك التي تحدث).
فكما أن الذي يشكّك أخاه، يشكّك في النهاية نفسه (آ 6-9)، هكذا يصبح الدائن الذي لا يرحم أخاه، ذاك الذي لا يرحم نفسه، لأنه يحتفظ بالرحمة كما في سجن: حين يرفض أن يمنحها للآخرين، فهو يمنعها من أن تتجسّد فيه. هنا يظهر كما ظهر في كل ف 18 إلى أيّ حدّ يتضامن الإخوة في خلاص الآب المحرّر تجاه الآخرين وتجاه أنفسهم: لا نتقبّل حريّة الله إلاّ حين نصبح محرِّرين. على هذا الضوء، نقرأ آ 18 حيث يسلّم يسوع كنيسته الوكالة على الغفران الالهيّ.
وخاتمة آ 35 التي تستعيد مقاطع من عظة الجبل حول المغفرة (6: 14- 15) والدينونة المتبادلة (7: 1-2)، تدلّ على أن كل حياة الانسان الذي غُفر له، تخضع لدينونة "نهائيّة"، لدينونة اسكاتولوجيّة بها يحاسب الله كل واحد بحسب أعماله (رج 16: 27). ينتج من هذا أن كل واحد يُدان منذ الآن على الطريقة التي بها يتقبّل غفران الآب ويشارك إخوته في هذا الغفران.
فبقدر ما يغفر كل واحد لأخيه من كل قلبه، على مثال الله، بهذا القدر يتمّ غفران الله الذي هو أول دائمًا، في الجماعة وفي كل من يتقاسم هذا الغفران مع إخوته. هكذا ينكشف عمق طلبة "الأبانا": "اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا لمن أساء إلينا" (6: 12). وفي الوقت عينه تبرز حقيقة التطويبة الخامسة: "طوبى للرحماء فإنه يُرحمون" (5: 7).

4- البعد اللاهوتيّ لخطبة الجماعة
أتاحت لنا ف 13-17 أن نشهد حوله يسوع نموًا بطيئًا لجماعة تلاميذ كُشفت لهم أسرار الملكوت عبر نداء يطلقه يسوع لإيمانهم من خلال الأحداث والمواقف والأشخاص. ولقد بيّن ف 18 كيف أن هذه الجماعة ساءلت نفسها وكيف أعطاها يسوع قوامها بحضوره وسط تلاميذه، مثل الطفل الذي ينمو تحت نظر أبيه الذي ينتظر منه كل شيء والذي يشاركنا في حبّه الغافر مع إخوته الصغار و"الوحيدين". لهذا نستطيع أن نقول إن الكنيسة هي في نظر متّى جماعة إخوة، جماعة تلاميذ، جماعة أبناء. هي تكوّن بيت الآب المبنيّ على الصخر (7: 24). التلاميذ هم أهل البيت، هم قريبون من الرب بقرابة أين منها قرابة اللحم والدم. ما يوحّدهم مشيئة الآب الذي يريد خلاص الجميع (14:18).
إن حضور القائم من الموت في قلب الجماعة يخلق وسط الإخوة مسؤولية متبادلة هي اهتمام الآب بأبنائه الذين يرى فيهم ابنه الحبيب (17: 5). عندذلك تبدو الكنيسة تجليًا لكل جماعة بشريّة في يسوع، لأن "ملكوت السماوات قد اقترب". لهذا لا تكون كرازة التلاميذ (10: 7) سوى كرازة يسوع (4: 17).
ولكن أي تلاميذ نعني؟ وإلى من تتوجّه هذه الخطبة؟ ولمن أعطي سلطان الربط والحلّ؟ منذ اختيار الاثني عشر وخطبة الرسالة (ف 10) يدلّ "التلاميذ" على مجموعة الرسل الصغيرة. وحين يتكلّم متّى عن التلاميذ بشكل عام، فهو يستعمل اللفظة مع الضمير "تلاميذه". أما بطرس فهو واحد من هؤلاء الصغار.
يذكّرنا الاثنا عشر بالقبائل الاثنتي عشرة، بواقع تكوّن في شخص يسوع. ثم إن التلاميذ الذين أعطي لهم أن يفهموا، يرثون دور اسرائيل بالنسبة إلى الأمم. فالذين يفهمون يفهمون للجميع. فكل كلمة يوجّهها يسوع للتلاميذ، تُعطى لهم في النهاية من أجل الجموع.
لاشكّ في أننا هنا أمام كنيسة مبنية بناء محكمًا على مستوى التراتبيّة. غير أن هذه الكنيسة تظهر في الوقت عينه كجماعة إخوة يحبّون بعضهم بعضًا ويغفرون بعضهم لبعض. فالطفل هو العلامة الكبرى لحضور الملكوت فيها.

خاتمة
ذاك ما يجب أن تكونه الجماعة التي تجمعها الافخارستيا. فتجاه هذا الطفل الذي لا أهميّة له على المستوى الاجتماعيّ، وهذا الطفل هو الفقير والمهمش وكل إنسان، تقوم عظمة الأخ في خدمة ملموسة داخل الجماعة التي فيها يشعر الإخوة أنهم مسؤولون بعضم عن إيمان بعض. وهذه الخدمة تجد أفضل تعبير لها في مغفرة ننالها من الآب ونتقاسمها مع الإخوة. أجل، كل الكنيسة هي في هذه المغفرة الأخويّة "من أعماق القلب" (آ 35)، التي نشارك فيها نحن العبيد الذين لا يعرفون أن يرحموا إخوتهم كما رحمهم الآب السماويّ.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM