تقديم

تقديم

هذا هو القسم الثالث والأخير من انطلاقتنا في سفر المزامير. عنوانه: هلّلوا للرب من السماوات. هكذا في العبرية. وإذا عدنا إلى السريانية قلنا: سبحوا الرب من السماوات. فبعد الجزء الأول (مز 1- 50) الذي جعلناه في إطار الهذيذ باسم الرب واللهج بكلمته. وبعد الجزء الثاني (مز 50- 100) الذي هو نشيد صلاة وترنيم، بل نشيد حياة وفرح. ها هو الجزء الثالث الذي أخذنا عنوانه من عنوان المزامير في اللغة العبريّة: تهليم أو التهاليل.
وقسمناه خمسة أقسام، وجعلنا في كل قسم عشرة مزامير. هكذا نمنع الرتابة، ونتوقّف في المحطّة بعد الأخرى لكي نتأمّل، نستعيد أنفاسنا، نعود إلى الحياة اليوميّة بانتظار الرجوع إلى قراءة مزمور آخر وإنشاده والتأمّل فيه. وجاءت هذه الأقسام كما يلي: من الملك إلى الكهنوت. خبرة الخلق وخبرة الخلاص. صعود إلى أورشليم. عودة الحجّاج. مزامير المساء والصباح كما في الليتورجيا التي فيها يبدأ اليوم عند المساء ويمتدّ إلى الصباح.
وكان الاسلوب هو هو كما في الجزئين السابقين. (1) الفن الأدبي. هل هذا المزمور هو توسّل أم صلاة شكر وحمد...؟ (2) العنوان والتصميم. نتوقّف عند أقسام المزامير ونحاول أن نجمع تفاصيله في جملة واحدة. (3) المعاني الكتابية التي نستخلصها من المزمور بحيث ترتبط الأفكار التي نجدها هنا بما نقرأ في سائر أسفار الكتاب المقدس. (4) المزمور كما صلاّه المسيح، وكما تصلّيه الكنيسة. يعني كما يجب علينا نحن أبناء العهد الجديد أن نصلّيه بروح الانجيل تاركين جانبًا كل ما يسجننا في العهد القديم ومتطلّعين إلى مجيء المسيح في حياتنا وفي جماعاتنا. وكان تأمّل (5) مع بعض المزامير، ونصوص من آباء الكنيسة (6). هكذا ترتبط كلمة الله التي دوّنت على مدى ألف سنة تقريبًا بطريقة التأمّل فيها لدى الذين كانوا قريبين من الجذور.
مسيرة طويلة قمنا بها مع المؤمنين المتعطّشين إلى كلمة الله. الطالبين أن يفهموا ما يقرأون ويصلّون. مسيرة مع المزامير التي هي صلوات شعب العهد القديم وصلوات شعب العهد الجديد. ونحن نرجو أن تصبح هذه الكتب الثلاثة رفيق المؤمنين والمؤمنات ولاسيّما أولئك الذين يتلون صلاة الفرض اليوميّة وفيها ما فيها من مزامير يردّدونها في الصباح والمساء كما في ساعات النهار. وهكذا لا يبقى  الكتاب  المقدس  سرًا  نقرأه ولا نفهمه. لا يبقى مغلقًا علينا نتلو كلماته كأنها ألفاظ سحريّة. هكذا يصبح الكتاب قريبًا منا على ما قال سفر التثنية: "ليست الكلمة صعبة عليكم، ولا هي بعيدة عنكم. فلا هي في السماء لتقولوا: من يصعد لنا إلى السماء فيتناولها ويسمعنا إياها فنعمل بها؟ ولا هي في عبر البحر لتقولوا: من يعبر لنا هذا البحر ويسمعنا إياها فنعمل بها؟ بل هي قريبة منكم جدًا. في أفواهكم هي في قلوبكم لتعملوا بها" (30: 11- 14).
تلك هي تمنيّاتنا لنفوسنا ولاخوتنا الذين يقرأون هذه "الشروح" القصيرة عن المزامير: أن تصبح الكلمة نشيدًا في أفواهنا، موسيقى في آذاننا، متعة لعيوننا، لذّة في قلوبنا أين منها لذّة العسل، وعملاً في حياتنا يُفهمنا أن السعادة ملء السعادة هي أن نسمع كلمة الله ونعمل بها.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM