المقدمة

آان إرميا وحده، أو آاد یكون ضد جميع الشعب، لكنه ظل أميناً حتّى النهایة للمهمة الّتي أوآلها االله إليه. وبهذا، یشبه إلى حد بعيد الرسول بولس الّذي عاش هذه الكلمات: قوّتي تظهر نتائجها آاملة حين أآون ضعيفاً .(٩ :١٢ آور٢) دعا االله إرميا وهو شاب، فحمل آلامه في أورشليم (١ :٤-٩ .(آان ذلك سنة ٦٢٦قم في أیام الملك یوشيّا (٦٤٠-٦٠٩قم). تنبأ إرميا لمدة أربعين سنة في أآثر الأوقات اضطراباً من تاریخ شعب إسرائيل. آانت مملكة أشور تسيطر على المنطقة آلها، لكنها أخذت تـتراجع أمام هجمات البابليـين. فاستفاد یوشيّا من هذه الظروف ليوسّع حدود مملكته، ویضم إليها قسماً من مملكة إسرائيل الّتي زالت سنة ٧٢٢-٧٢١قم ولكن یوشيّا مات سنة ٦٠٩م حين أراد أن یقف في وجه فرعون الزاحف لمساندة الأشوریـين. فخلفه ابنه شلوم (أو یوآحاز )، فاقتاده المصریون أسيراً وأقاموا محله یویاقيم. وصل البابليون أورشليم سنة ٥٩٧ بقيادة نبوخذنصّر، فسبوا قسماً من السكان مع یویاآين (أوآونيا) الّذي خلف أباه یویاقيم، ونصَّبوا على العرش ملكاً ضعيفاً اسمه صدقيا. تأثر هذا الملك بمحيطه، فجرَّ البلاد إلى ثورة على أسياده في بابل، فجاءت ردة الفعل عنيفة: إذ جاء نبوخذنصّر وحاصر المدینة سنة آاملة واحتلّها في تموز سنة ٥٨٧ ،واقتاد ملكها أسيراً ودمّرها وأحرق هيكلها وأخذ إلى السبـي قسماً من أهلها. ورجع البابليون وعيّنوا جدليا حاآماً على البلاد. إلا أن بعض المتعصّبـين لمصر قتلوه. فهرب الكثيرون من یهوذا ولجأوا إلى مصر وأخذوا معهم إرميا رغماً عنه. وهناك مات إرميا في المنفى بعيداً عن الأرض الّتي أحبّها. رأى إرميا، آسائر الأنبـياء، في هذه الأحداث المأساویة تنبـيهاً یرسله االله إلى شعبه الخائن؛ فقال للشعب: إذا أردتم أن تـتجنبوا الكارثة فارجعوا إلى الرّبّ. تخلوا عن مغازلة مصر واخضعوا للبابليـين، واعتبروا خضوعكم مصيـبة یرسلها الرّبّ إليكم. بعد أن قال إرميا هذا الكلام اتهموه بالخيانة وأخذوا یضطهدونه. تألم إرميا لأنه أحبَّ شعبه حباً عظيماً، وتمزّق قلبه لأن الرّبّ فرض عليه أن یعلن الموت لشعب یرید له الحياة. -٧ :٢٠ ،٢٣-١٨ :١٨ ،١٨-١٤ :١٧ ،٢١-١٠ :١٥ ،٦ :١٢-١٨ :١١) مؤثرة بكلمات االله إلى یشكو لهذا ١٨ .(أحسّ إرميا بالموت یقترب من الشعب الخائن، لكنه أحسّ بقيامة في إطار عهد جدید بـين الشعب وبـين االله (ف٣١(؛ حينئذ أعلن ثقته بأن االله سيتغلب في النهایة فامتلأ قلبه رجاءً (ف٣٢ .( نجد في بدایة ف٢٥ ملخصاً لرسالة إرميا. أما ف٢-٢٤ فجمعت بالتفصيل تعاليم النبـي الّتي رافقت بعضها حرآات رمزیة: الحزام المهترئ (ف١٣ ،(الزیارة إلى الفخاري (ف١٨ ،(الإبریق المكسور (ف١٩ .(في ف٤٥- ٤٦ نجد أخباراً دوّن بعضها باروخ، آاتب إرميا، فرسم أمامنا هذا الحدث أو ذاك من حياة هذا النبـي. ف٤٦-٥١ تجمع أقوالاً على الأمم الغریـبة. وف٥٢ ملحق یروي آيف أخذت أورشليم ودمرت. وینتهي الكتاب بنفحة رجاء: عفى البابليون عن یویاآين الملك. إرميا الرسول الأمين والمضطهد یشبهون به یسوع فيما بعد (مت١٦ :١٤ .(إرميا النبـي الّذي حدثنا عن العهد الجدید، یردّد آلماته یسوع ليلة العشاء الربّاني فيقول: هذه الكأس هي العهد الجدید بدمي الّذي یراق من أجلكم (لو .(٢٥ :١١ آور١ ؛٢٠ :٢٢ 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM