خشبة الخلاص
حين كنّا صغارًا، في منتصف القرن السابق، كنّا نمضي في عرض البحر على خشبة. هي تساعدنا لأن نطفو على وجه الماء بحيث لا نغرق. وإذا تذكّرنا أنّ المياه هي عنصر الشرّ والموت، نفهم أهميّة الخشبة التي تحمل لنا الخلاص. فمن سقط في الماء، نرمي له خشبة، فيتعلّق بها وينجو من الغرق. وهكذا صارت الخشبة رمزًا إلى الخلاص على مستوى الجسد، كما على مستوى الروح. وفي هذا المجال، قالت رسالة بطرس الأولى عن يسوع المسيح: »حمل خطايانا في جسده على الخشبة« (1بط 2: 24). صار جسد يسوع على الصليب الخشبة التي تقينا من الغرق في الخطيئة. لولا عود الصليب، لكنّا متنا في الخطيئة. ولكنّنا الآن أحياء بحيث لا تستطيع الخطيئة بعدُ أن تغلبنا. ولكنّنا شفينا بجراح يسوع على الخشبة، بعد أن أخذ عاهاتنا وحمل أمراضنا (أش 53: 4).
عن الخشبة يكون كلامنا، وما يحمل رمزها من خلاص. مع سفينة نوح. مع تابوت العهد وارتباطه بالقفّة التي نجا بها موسى من الغرق. وفي النهاية مع عود الصليب.
1- سفينة نوح
»كثُرت مساوئ الناس على الأرض«، فتصوّروا »الشرّ في قلوبهم وتهيّأوا له نهارًا وليلاً« (تك 6: 5). هو العنف يسيطر في البشر بحيث لا يستطيعون الخلاص منه. بدأ بجريمة قتل: »هجم قايين على هابيل أخيه فقتله« (تك 4: 8). وما اهتمّ لذلك. مضى في طريقه. فما هو حارس لأخيه، ولا يريد أن يؤدّي حسابًا على عمله حتّى أمام الله. ولكنّ الشرّ يجلب الشرّ. فقد تنتقم قبيلة هابيل من قايين. ولكنّ بني قايين استعدّوا للانتقام »سبع مرّات« (تك 4: 24). بل »سبعًا وسبعين مرّة« مع لامك. وهكذا تفنى القبيلتان وتغرقان في بحر الشرّ والموت.
ويا ليت الموت توقّف عند قبيلتين اثنتين، بل هو عمّ الكون. كما في طوفان يغرق فيه الجميع. فقال الكتاب: »وفسدت الأرض أمام الله، وامتلأت عنفًا. نظر الله الأرض فرآها فسدت لأنّ كلّ بشر أفسد سلوكه فيها« (تك 6: 11-12). هو الطوفان آت. وسوف يهلك فيه الجميع. ولكنّ لغة الكتاب المقدّس تعيد كلّ شيء إلى الله، السبب الأوّل في الكون. »ها أنا أهلكهم مع الأرض« (آ 13).
غيرأن الله ليس إله الهلاك، بل إله الخلاص. ليس إله الموت، بل إله الحياة. وإن كان البشر خطئوا، فهو لا يريد موت الخاطئ، بل أن يعود عن خطيئته فيحيا. وكما كانت المياه وسيلة عقاب علّ الناس يعودون إلى الربّ، صارت الخشبة وسيلة نجاة. من أجل هذا قال الربّ لنوح بعد أن رآه بارٌّا، صالحًا، لا عيب فيه، سالكًا في وصاياه:
»إصنع لك سفينة من خشب السرو، واجعلها غرفًا، واطلها من داخل ومن خارج بالقار، وليكن طولها ثلاثمئة ذراع، وعرضُها خمسين ذراعًا، وارتفاعها ثلاثين ذراعًا. واجعل نافذة في السفينة، يكون بينها وبين السقف ذراع واحدة. واجعل باب السفينة في جانبها. وليكن في السفينة طبقات سُفلى ووسطى وعليا« (تك 6: 14-16). فالطوفان آتٍ فيزول »كلُّ جسد فيه نسمة حياة تحت السماء. كلُّ ما في الأرض يهلك« (آ 17).
بدا الله كعالم من العلماء يرى مجيء الطوفان قبل وصوله. كذا كان الوضع بالنسبة إلى التسونامي، في الشرق الأقصى، فقتل من قتل على شواطئ الهند وسريلنكا وبلدان أخرى. وإلى كاترينة الذي ترك الخراب والموت في جنوب الولايات المتّحدة. العلماء يتحدّثون عن حرارة مرتفعة تركت فراغًا وراءها، فجاءت الرياح العاتية وحملت معها مياه البحر »طوفانًا«. أمّا الكتاب المقدّس، فما توقّف عند التحاليل البشريّة، بل أعاد كلّ شيء إلى الله، ربّ الحياة والموت. قال سفر التكوين بفم الربّ: »ها أنا آتٍ بطوفان مياه على الأرض« (6: 17).
رمزَ الطوفانُ مرّة أولى إلى الهجمة الأشوريّة بما فيها من خراب وتعذيب وقتل وحرق وإجلاء السكّان. ومرّة ثانية إلى الهجمة البابليّة، فسار الشعب في الظلمة، وأقام الناس »في ارض الموت وظلاله« (أش 9: 1). جاء العدوّ فجعل النير على الناس، والخشبة بين أكتافهم، ولعب قضيبُ المسخِّر لعبته (آ 3). ويمكن أن يرمز في أيّامنا إلى الملايين الذين ماتوا في الحربين العالميّتين الأولى والثانية. تركت الأولى وراءها ما يقارب عشرين مليون قتيل. والثانية ستّين مليونًا.
ويضيف النصّ: »ولكنّي أقيم عهدي معك، فتدخل السفينة أنت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك« (تك 6: 18). وتصاعدت المياه، وتصاعد العنف والشرّ، والسفينة ما زالت فوق المياه. وفي النهاية، حطّت على جبل أراراط حيث تلتقي السماء بالأرض (تك 8: 4).
موضوع الطوفان والسفينة قديم جدٌّا. مع خبر أتراحسيس (الحكيم جدٌّا) الذي يعود إلى القرن السابع عشر ق.م. وفي ملحمة غلغامش التي دُوِّنت في الألف الثالث. في الأوّل، أراد الإله أن يرتاح من البشريّة التي تزعجه بضجيجها. ولكنّ »آيا« خالق البشر، نبَّه »أتراحسيس« فبنى السفينة. وفي الملحمة، سمع غلغامش الخبر من »البطل« الذي نجا من الموت.
أخذ الكتاب المقدّس الخبر وأعطاه المعنى الروحيّ. فالإله العادل لا يقتل البشر الذين خلقهم في نزوة من نزواته. هو يعاقب كلّ إنسان بحسب أعماله. فالخاطئ وحده يموت، أمّا البارّ فينجو. والدعوة إلى التوبة تبقى حاضرة. نقرأ في الترجوم: »الأجيال الآتية في المستقبَل لا تدان حسب دينونة جيل الطوفان... جعلتُ فيهم روح قداستي لكي يصنعوا أعمالاً حسنة، ولكنّ أعمالهم كانت شرّيرة. وأعطيتهم مهلة 120 سنة لكي يتوبوا فما تابوا« (حول تك 6: 3). ونقرأ حول 7: 4: »ها أنا أعطيهم مهلة سبعة أيّام«. إن تابوا يُغفَر لهم. وإن لم يتوبوا »ينزل المطر على الأرض«.
أمّا السفينة، فجاءت مثل الهيكل الذي يدلّ على حضور الله وسط شعبه. فالخلاص لا يتمّ بواسطة خشبة قد تصبح صنمًا (إر 2: 27)، بل بحضور الله الذي يستعمل الخشب كما يستعمل الطبيعة من أجل عمله الخلاصيّ، والعقابيّ أيضًا.
2- تابوت العهد
واتّخذ حضور الله، قبل بناء الهيكل، رمزًا آخر، هو تابوت العهد. هذا »التابوت« هو صندوق خشبيّ يُجعل في خيمة الاجتماع والموعد. في الأصل، وُضع فيه الحجر المقدّس على مثال ما كان لدى القبائل العربيّة في حلّها وترحالها. ثمّ جُعل في التابوت »لوحا الوصايا« التي تلخّص شرائع الله وكلامه. وجرّة المنّ التي تدلّ على عناية الله. وأضيفت عصا هارون ساعة صار الكهنة »الحكّام« الدينيّين والمدنيّين باسم الدولة المسيطرة، في أيّام الفرس أو اليونان والرومان.
كيف يُصنع هذا »الصندوق« المقدّس؟ نقرأ في سفر الخروج ما يلي: »تصنع تابوتًا من خشب السنط، طوله ذراعان ونصف، وعرضُه ذراع ونصف، وسمكه ذراع ونصف، فتغشّيه بذهب خالص من داخل ومن خارج، وتصنع عليه حلية من ذهب تحيط به... وتصنع قضيبين من خشب السنط وتغشّيهما بذهب« (خر 25: 10-13).
الخشب حاضر والذهب أيضًا. أمّا التابوت »فهو عرش الله وكرسي ملكه. هو موطئ قدميه«، كما يقول مز 132: 7: »ندخل إلى مساكن الربّ، نسجد لموطئ قدميه«. وقال داود في نهاية أيّامه: »كان في نيّتي أن أبني هيكلاً ثابتًا لتابوت عهد الربّ ولموطئ قدمي إلهنا« (1 أخ 28: 2).
فوق هذا الصندوق، كان »غطاء« من ذهب (خر 25: 21). إنّه الكفّارة. إلى هناك يأتي الربّ فيغفر خطايا شعبه الذي يقدّم ذبيحة بها يكفِّر عن جهالاته. ودُعيَ هذا الغطاء في 1 أخ 28: 11: »بيت التكفير من الخطايا«. كما نقول اليوم »كرسي الاعتراف« في الممارسة المسيحيّة.
هذا »التابوت« رافق الشعبَ في حقبة المسيرة في البرّيّة، وبداية الدخول إلى أرض كنعان. يمشي أمام العبرانيّين الخارجين من مصر، كالقائد في مقدّمة جيشه. روى سفرُ العدد فقال: »فرحلوا من جبل الربّ (= جبل سيناء)، مسيرة ثلاثة أيّام، وتابوت عهد الربّ راحلٌ أمامهم ليختار لهم موضعًا يخيّمون فيه« (عد 10: 33). وكان ظهور الرب »ملموسًا«: سحابة في النهار، ونار في الليل. فإذا ارتحلت السحابة... ارتحل بنو إسرائيل. وإذا حلّت كانوا ينزلون ويُقيمون ما بقيت السحابة (عد 9: 15-18).
فالصندوق الخشبيّ يحمل النجاة، ويحمل النصر أيضًا، بحيث يبدو الربّ »محاربًا«. فيدعونه »يهوه صباؤوت« أي ربّ الجيوش، ربّ القوّات. في الحرب مع عماليق، التابوت هو هنا. ولولا مسيرته أمام الشعب، لما كان انفتح نهر الأردنّ »وهو طافحٌ من جميع شطوطه في أيّام الحصاد« (يش 3: 15). هكذا »عبر الشعب قبالة أريحا، وظلّ الكهنة حاملو تابوتِ عهد الربّ واقفين على اليابسة، في وسط الأردنّ، إلى أن عبرَهُ الشعبُ كلّه« (آ 17). أجل، ما عادت المياه تشكّل خطرًا. تحوّلت إلى أرضٍ، إلى يابسة يستطيع الإنسان أن يقف عليها دون أن يغرق. هذا ما حدث للشعب حين عبروا البحر الأحمر بقيادة موسى (خر 15: 29).
الأسلوب حربيّ هو. ولكنّ المعنى روحيّ. فالمنتصر ليس يشوع في السهل، بل موسى على الجبل. قال ليشوع: »غدًا أقف في الصوم، وأستند إلى استحقاقات الآباء... وإلى استحقاقات الأمّهات (سارّة، رفقة، راحيل) التي تشبه الهضاب، وأمسك بيدي العصا التي بها تمّت معجزاتٌ قدّام الله«. والذين يختارهم يشوع يكونون أقوياء وشجعانًا، لا في فنّ الحروب، بل في ممارسة الوصايا. والذين أساء إليهم عماليق هم بنو دان »لأنّ السحابة ما غطّتهم بسبب الشِرك الذي يمارسون«.
في هذا الخطّ نقرأ آباء الكنيسة: »الحرب المفروضة على المسيحيّين، واضحة كلّ الوضوح في هذا المثل. فالنجاح في الحرب يأتي من الثبات في الصلاة. صلّى موسى فكان النصر. توقّف عن الصلاة فكانت الهزيمة... فمن توقّف عن الصلاة، أعطى قوّة للعدوّ. ومن ترك الصلاة كلّيٌّا، خضع لسلطة الخصم والعدوّ«.
3- خشبة الصليب
من خشب صُنعت منه سفينة فنجا نوح وأهل بيته، إلى »تابوت«، إلى صندوق خشبيّ تضمّن كلام الله ورمز عنايته، فنجا الشعب العبرانيّ من الجوع والعطش، كما من الأعداء. وهكذا نصل إلى خشبة الصليب. فالخشبة تساعدنا على الخلاص من المياه القاتلة. والصليب يرفعنا من بحر الخطيئة، على ما قال الرسول: »حيث كثرت الخطيئة هناك فاضت النعمة«.
ما نلاحظ في النصوص المسيحيّة المرتبطة بالتقليد الأوّل، هو كلام عن الخشبة، لا عن الصليب. في هذا المجال، نقرأ بداية سفر الأعمال. أمر رئيسُ الكهنة الرسل »أن لا يعلّموا بهذا الاسم« (أع 5: 28)، فأجابهم بطرس والرسل: »إله آبائنا أقام يسوع الذي علّقتموه على خشبة وقتلتموه« (آ 30). هكذا كان يفعل العبرانيّون ليشهّروا بشخص اقترف ذنبًا كبيرًا. قال سفر التثنية: وإذا وجدتم على أحد جريمة تستوجب القتل، فقُتل وعُلِّق على خشبة، فيدلّ على اللعنة التي استحقّها. أمّا يسوع، فسُمِّر على الصليب ومات على الخشبة، قبل أن يكسر الجنود ساقَيْ كلّ مصلوب.
استعاد القدّيس بولس هذا المقطع، فطبّقه على يسوع الذي أخذ اللعنة على عاتقه وحوّلها إلى بركة، بحيث لم تعُد الخشبة وسيلة عار، بل علامة ظفر وانتصار. والمسيح حرّرنا من لعنة الشريعة، بأن صار لعنة من أجلنا. »فالكتاب يقول: »ملعون كلّ من مات معلّقًا على خشبة. وهذا ما فعله المسيح لتصير فيه بركة إبراهيم إلى الوثنيّين، فننال بالإيمان الروح الموعود به« (غل 3: 13-14). سبق الرسول وقال في آ 10: »أمّا الذين يتّكلون على العمل بأحكام الشريعة، فهم ملعونون جميعًا. فالكتاب يقول: ملعون من لا يثابر على العمل بكلّ ما جاء في كتاب الشريعة«. هذا يعني حسب سفر التثنية (26: 13-36) أنّ من يخالف واحدة من هذه الفرائض يستحقّ الموت. »ملعون من يصنع تمثالاً... ملعون من يستخفّ بأبيه وأمّه... ملعون من يضمّ تخمَ جاره... ملعون من يُضلّ أعمى عن الطريق«. وتنتهي اللائحة: »ملعون من لا يتبع كلمات هذه الشريعة ويعمل بها. فيقول جميع الشعب: آمين« (آ 6). يعني نحن موافقون، هذا يعني أنّهم تحت اللعنة ويستحقّون الموت. ولكنّ المسيح قبلَ موت الملعون لينقذنا من الخطيئة التي هي سبب هذا الموت. ضحّى بحياته من أجل حرّيّتنا وخلاصنا، كما نقرأ في غل 2: 20: »مع المسيح صُلبتُ، فما أنا أحيا بعد، بل المسيح يحيا فيّ. وإذا كنتُ أحيا الآن في الجسد (البشريّ)، فحياتي هي في الإيمان بابن الله الذي أحبَّني وضحّى بنفسه من أجلي«.
وهكذا جُعل المصلوب أمام المؤمنين. قال الرسول: »ارتسم المسيح أمام عيونكم مصلوبًا« (غل 3: 1). بالصليب تمّ الخلاص. لا بأعمال بشريّة على مستوى اللحم والدم والضعف البشريّ، لا بأعمال الشريعة.
يسوع هو ذاك المعلَّق على خشبة، ويجب أن يُدفَن سريعًا. »ولمّا كان المساء، جاء رجل غنيّ من الرامة... تقدّم إلى بيلاطس وطلب جسد يسوع« (مت 27: 57-58). لُفّ جسد يسوع بكتّان نقيّ ووُضع في قبر جديد (آ 59-60). والتقى يو 19: 31 مع متّى فقال: »لكي لا تبقى الأجسادُ على الصليب«. نجد أنّ هذا »الذي قتلوه (= اليهود) معلِّقين إيّاه على خشبة، أقامه الله في اليوم الثالث« (أع 10: 39-40). لو بقيَ يسوع »ميتًا« على الصليب، لرافقته اللعنة إلى النهاية. ولكنّه قام، فحوّل الموت إلى حياة، والعار إلى مجد، والصلب إلى قيامة، واللعنة إلى بركة وصلت إلى البشريّة جمعاء. ذاك هو فعل المصلوب. ذاك هو فعل الصليب، فأنشدت الليتورجيّا: »اليوم عُلِّق على خشبة«. رُفع يسوع على خشبة، فرفع الجميع إليه. رفعهم إلى صليبه بانتظار أن يرفعهم في صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب.
الخاتمة
حين أراد بولس أن يردّ على الحكماء وطالبي الآيات، قدّم لهم شكّ الصليب وعثاره، فقال: »نعظ بمصلوب هو شكّ لليهود وجهالة للأمم« (1 كور 1: 23). فالإنسان الذي يقف أمام صليب الفداء، لا يمكن إلاّ أن يرفض كيف يقبل اليونانيّ الرومانيّ بخلاص عبر عذاب محفوظ للعبيد؟ فالصلب عارٌ لا يمكن أن تخرج منه كرامة! ولكنّ هذا الذي تواضع ونال العار، »رفعه الله« (فل 2: 8-9). يبقى أن ننظر »إلى رأس إيماننا ومكمّله، يسوع الذي تحمّل الصليب مستخفٌّا بالعار، من أجل الفرح الذي ينتظره، فجلس عن يمين عرش الله« (عب 12: 2). هو مات خارج »المدينة ليقدّس الشعب بدمه. فلنخرج إليه حاملين عاره« (عب 13: 13).
استخفّ معاصرو نوح بما فعل حين أخذ في بناء السفينة، على ما قال الترجوم. ولكنّ هذه السفينة التي من خشب، كانت له أداة خلاص. وتابوت العهد، ذاك الصندوق الخشبيّ، فتح الطريق للآتين من عبوديّة مصر، إلى أرض الميعاد. فهذا أمر لا يُصدَّق، ومع ذلك تمّ لا بخشبٍ مغطّى بالذهب، بل بما يرمز إليه هذا »التابوت« من حضور الله وسط شعبه. والصليب خشبة العار، والمصلوب الذي هزئوا به فقالوا: خلّص آخرين ولا يستطيع أن يخلّص نفسه. هذه الخشبة صارت أداة خلاص بقوّة الذي عُلِّق عليها، صارت علامة فخر واعتزاز، فقال لنا يسوع: »من أراد أن يتبعني يحمل صليبه ويتبعني« (لو 9: 23).