خاتمة
ذاك هو الكتاب الذي قدّمناه في سلسلة "محطات كتابيّة". الروح القدس روح الله. أو روح القداسة الذي يهب القداسة للبشر والتجديد للخليقة على ما قيل في المزمور: تجدّد وجه الأرض. هذا الروح هو روح الله كما أن الابن هو ابن الله. يولد الابن من الآب. وينبثق الروح من الآب. هذا ما تقوله الأناجيل المقدسة التي أعطتنا الصورة الكاملة عن العلاقة بين الأقانيم الثلاثة في قلب الثالوث الاقدس. الآب هو مصدر كل شيء. هو الوالد والأب وهو يتميّز بالأبوّة. والابن هو المولود والابن، وهو يتميّز بالبنوّة. والروح يتميّز بالانبثاق وإذا أردنا كلمة قريبة: الخروج كما النور من الشمس.
كتاب في ثلاثة أقسام تنطلق من العهد القديم فتصل إلى العهد الجديد وتحطّ بنا في الكنيسة منذ بدايتها حتّى مسيرتها مع آباء الكنيسة كما عرفهم هذا الشرق. فالكتاب المقدس ليس فقط حرفًا نفهمه ونردّده. إنه كلمة حيّة تعيشها الكنيسة يومًا بعد يوم حسب ظروف الزمان والمكان. تعيشها في العمل. وتعيشها في الفكر اللاهوتيّ الذي جعلها تكتشف منذ المجمع المسكوني في نيقية سرّ الثالوث الأقدس. ولن تزال تعيشها في المؤمنين العديدين الذين يكيّفون انجيل المسيح مع الحضارات والقوميات، فيصبح يونانيًا في بلاد اليونان، وصينيًا في بلاد الصين، وهنديًا في بلاد الهند.
من أجل هذا حاولنا في هذه السلسلة أن نقدّم المواضيع اللاهوتيّة التي تبني لنا فكرًا مسيحيًا في هذا الشرق يتأسس على كلام الله، لا على فلسفة البشر. هذا مع العلم أننا نستعمل مقولات العالم الحديث كما استعمل الكتاب المقدس ما وصل إليه من حضارات الشرق القديم لكي يعبّر بها عن حقيقة حبّ الله لشعبه ولكل مؤمن من مؤمنيه.
"الروح القدس، روح الله". هو محاولة أولى. وسيليه "وجه الله في الكتاب المقدس". ونحن نرجو أن يتبع الاثنين كتاب ثالث يرينا وجه يسوع. وهكذا نكتشف الثالوث من خلال الأقانيم الثلاثة، من خلال الأشخاص الثلاثة الذين بهم نلنا العماد المقدس بعد أن تتلمذنا، والذين بهم ننهي صلواتنا وأعمالنا على ما قال بولس الرسول في 2 كور 13: 12: "نعمة ربّنا يسوع المسيح، ومحبّة الله، وشركة الروح القدس معكم أجمعين".