تقديم
وُلد هذا الكتاب من حاجة على مشارف يوبيل الألف الثالث. ماذا سوف نقول عن الروح القدس ذاك "الاله المجهول"، مع أنه يعمل منذ البداية، ولن يزال يعمل حتى النهاية.
ماذا نقول عنه الأسفار المقدّسة في العهد القديم بشكل خاص. ولفظة "روح" العبرية تعني الريح والروح بحيث لا نستطيع أن نميّز متى يتكلّم الكتاب عن ريح الله التي تحرّك مياه البحر الأحمر ليمرّ العبرانيون إلى سيناء، ومتى يتكلّم عن الروح الذي يرسله الله فيتجدّد وجه الأرض.
هذا الروح كان حاضرًا مع القضاة، هؤلاء المخلِّصين، ليقوِّيهم من أجل الاهتمام بالشعب. وقد حلّ على الملوك كما حلّ على الأنبياء. هذا الروح يحلّ في الشعب فيجعلهم يتنبَّأون، يتكلّمون باسم الله. بل هو يلج قلوب المؤمنين لكي يحوّلها.
هذا الروح حلّ على مريم فحبلت بالكلمة الالهي، وحلّ على يسوع في بداية رسالته العلنيّة، وحلّ على الرسل في بداية انطلاق الكنيسة. هذا الروح ما زال اليوم يعمل في الأفراد وفي الجماعات. ولن يزال يرافق الكنيسة حتى مجيء المسيح الثاني. ويرافق الكون إلى أن يتجلّى أبناء الله فتتجلّى الخليقة معهم.
عن هذا الروح، الروح القدس، روح الله، يتحدّث هذا الكتاب في أقسام ثلاثة: روح الرب في كتب الأنبياء. الروح القدس في العهد الجديد. الروح وعمله في الكنيسة. ما أوقفنا بحثنا عند الكتاب المقدس بل فتحنا نافذة على آباء الكنيسة، في العالم اليوناني كما في العالم السرياني.
هذا الكتاب دوّن مشاركة. قدّم الأب ريمون الهاشم كل القسم الأول، أي روح الرب في كتب الأنبياء، ما عدا الفصل الأخير. والارشمندريت نيقولا انتيبا فصلين: هل نلتم الروح القدس. الصلاة الليتورجيا وعمل الروح القدس. والخوري أنطوان دويهي: العماد والروح. وما تبقى كان من تأليف الخوري بولس الفغالي الذي نسّق الكتاب كله فظهر في شكله الحالي.
هذا الكتاب نقدّمه في إطار التعرّف إلى الله الثالوث، إلى الآب والابن والروح القدس. فمع كتاب "وجه الله" الذي سيظهر قريبًا، كان كتابُ "الروح القدس روح الله" محطّة مهمّة ستجد كمالها مع كتاب عن وجه الابن الكلمة الذي تجسّد فصار انساناً وقد عرفناه في شخص يسوع المسيح.