الفصل الحادي والعشرون
موسى الناجي من الماء ومخلّص شعبه
موسى هو الناجي من الماء، سمته كذلك ابنة فرعون لأنها انتشلته من الماء (2: 10). نجا من الموت فكان خلاصه رمزاً إلى خلاص شعبه. واختاره الله وحمّله رسالة الخلاص: أخرج شعبي من مصر (3: 10). حياته بحسب التقاليد ثلاث حقبات وكل حقبة تمتد إلى أربعين سنة (رج أع 7: 1 ي)، وهي الزمن اللازم للقيام بمهمّة.
في الاربعين سنة الأولى عرف موسى النجاح البشري: نجا من الماء، ربّته أمه ثم ابنة فرعون التي تبنّته، وتثقّف كالكتّاب في مصر وصار موظفاً كبيراً ومتسلّطاً على اخوته. ولكن هذه الحقبة انتهت بالفشل: هرب موسى من وجه فرعون (2: 15).
وقضى موسى الاربعين سنة التالية في مديان وسط بدو ارتبط بهم بالزواج. صار راعي غنم وما عاد يهتمّ بمصير اخوته. ولكن تدخّل الله ليخرجه من الحياة الهادئة، بل انتزعه من الموت، وعمر الثمانين نهاية الانسان كما يقول الكتاب (مز 90: 10).
في الحقبة الثالثة تنتظره مهمّة: أن يحرّر شعب الله من العبودية. يعترض موسى، ولكنه يرجع إلى مصر وهو متأكّد أن الله حاضر في حياته. كشف الله له عن ذاته ومنحه قدرة على المعجزات، فهيّأه لرسالة مليئة بالاحداث، خصبة بتدخّل الله في شعبه.
1- موسى الناجي من الماء
أقام بنو اسرائيل في مصر، في جاسان، في دلتا النيل الشرقي. جاؤوا من عبر النهر (يش 24: 2) ومنهم من عبد ايل ابراهيم أو ايل اسحاق أو ايل يعقوب. أما الذين ذهبوا إلى مصر فعبدوا يهوه (6: 3)، وهم أبناء أسباط يهوذا وشمعون وافرائيم ومنسى (بيت يوسف) وبنيامين.
وقام ملك جديد لا يعرف يوسف (1: 8)، فأخضع بني اسرائيل للعبودية وأعمال السخرة. أجل، يتذكّر بنو اسرائيل أنهم كانوا عبيداً قبل أن يصيروا أحراراً، أنهم عاشوا في أرض العبودية مع ما رافق هذه الحياة من وفرة في الخيرات سوف يتمنّون الحصول عليها في الصحراء (16: 3؛ عد 15: 15).
يرد هنا فعل "عنا" بمعنى خضع وذل. من هذا الفعل تشتق كلمة "عنويم" التي تعني المساكين. أجل، سيرى المؤمن في هذا الخضوع والذلّ إرادة الله في شعبه. يتخلّى الشعب عن ذاته ويستسلم كلياً لله فيصبح شعب المساكين المستعدّ لأن يتقبّل خلاص الله.
واتّخذ الملك إجراء آخر: طلب من القابلتين قتل كل ذكر يولد. هذا يفهمنا أن بني اسرائيل لم يكونوا جيشاً كبيراً كما ستقول التقاليد اللاحقة التي ضخّمت الاحداث. ويهيّئنا لأن نتعرّف إلى أول خلاص يقوم به الله من أجل من اختاره، عنيت به موسى.
ولكن مخافة الله كانت في قلب القابلتين (1: 17) فتغلّبتا على أمر الملك. هذه المخافة تعني احتراماً دينياً عميقاً واهتماماً بالعمل بإرادة الله، بمحبة هذه الارادة، بالبحث عن الخير وخدمة الآخرين.
ووسّع الملك الاجراء فطلب من شعبه: إطرحوا في النهر كل ذكر يولد (1: 22). لا نتخيّل ما حدث، بل نتطلّع إلى نتيجة القصة ومعناها. على كل حال، إن خلاص شعب الله يتم في الألم والعبودية، وفي هذا المناخ وُلد الانسان الذي يكون أداة بيد الله من أجل خلاص شعبه.
وحدّثنا النص (2: 1- 10) عن نجاة موسى الذي وُلد في الشعب العبراني فتضامن مع شعبه وتربّى في قصر الملك فاستعدّ لمهمّة فريدة.
موسى هو من قبيلة لُعنت في البداية (تك 34: 25- 29؛ 49: 5- 7)، ولكنها تكرست لله فصارت ملكه الخاص (32: 26- 29؛ عد 3: 6- 13). كانت منحطّة فارتفعت. هذا ما يفعل الله في ما هو ضعيف وحقير فيختاره (1 كور 1: 27- 28).
وننتقل إلى مشهد النهر حيث وُضع الطفلُ في سلة من البردي... وسيلة ضعيفة. ولكن الله يسهر فيخلّص من اختاره من المياه القاتلة. لا نجد هنا إلاّ النساء، أم الصبي واخته، ابنة الملك وجواريها. ما نقرأ في هذا النص يشبه ما نقرأ عن سرجون القديم ملك بلاد الرافدين الذي ولدته أمه خفية وجعلته في سلة مطلية بالغار ورمته على نهر الفرات ولكنه نجا. وهكذا نجا موسى على يد ابنة الملك فرعون فسمي المنتشل من الماء. أما اسمه المصري فهو ابن النيل أو ابن رع (رج رعمسيس).
في هذا الخلاص قال كيرلس الاورشليمي (315- 386): الأمم التي جعلت الصبي في سلة القصب هي المجمع الذي رذل المسيح الربّ الذي وُلد منه. أما ابنة فرعون، أي الكنيسة الخارجة من الأمم، فقبلته في مياه المعمودية.
وكبر الصبي (2: 11) وخرج إلى اخوته، فكان ذلك أول خروج لموسى. نظر أحمالهم الثقيلة فرأى الظلم والضيق يحل بالناس. ورأى واقعاً مؤلماً: مصري يضرب عبرانياً، وواقعاً مؤلماً آخر: عبراني يضرب عبرانياً. تدخل موسى، لكن اخوته لم يفهموه ولن يفهموه فيما بعد.
وهرب موسى (2: 15)، وكان هربه انفصالاً عن الماضي. هذه حالة من يدعوهم الرب: يبتعدون عن الناس وينطلقون إلى العزلة. هذا ما حدث لبولس فاكتشف الكنيسة من خلال المسيح الممجد، وهذا ما حدث لموسى الذي اكتشف القريب المتضايق والمتألم وفهم أن شقاء شعبه يعود إلى عبوديتهم: ليسوا أحراراً.
وذهب موسى إلى أرض مديان وهناك أنجد بنات يترو (2: 17)، وخلّصهن (2: 19) من ظلم الرعاة. فكان ذلك أول اختبار تخليص له. أما مهمّة موسى من أجل شعبه فستبدأ بعد موت الفرعون الذي أذاق الشعب كثيراً من الآلام (4: 19).
وتنهّد بنو اسرائيل وصرخوا بسبب عبوديتهم، فصعد صراخهم إلى الرب. العبوديّة تصرخ مثل دم الاخ المقتول (تك 4: 10)، مثل مصير البائسين والمظلومين (22: 22) والاسرى (مز 79: 11)، وهذا الصراخ هو بمثابة صلاة. فسمع الله وذكر، أي أعلن أنه سيفعل (6: 5؛ 28: 12)، بل بدأ يتدخّل (1 صم 25: 31). ونظر الله فعنى بنظره أنه لن يبقى مكتوف اليدين، وعرف شعبه أي اتصل به وأعلن أنه يلتزم قضاياه. أنه سيقيم معه عهداً كعهد الرجل مع امرأته.
2- الله يدعو موسى
يرد خبر دعوة موسى في التقليد الالوهيمي المطعّم باليهوهي (ف 3- 5) وفي التقليد الكهنوتي (ف 6- 7). وفي كلا التقليدين يتعرّف موسى إلى يهوه، إلى الاله الذي هو (3: 14؛ 6: 3). موسى هو الراعي (3: 1) وسوف يسلمه الله رعاية شعبه، فتكون عصا موسى هي نفسها عصا الله لأنه يقود شعبه باسم الله.
جبل حوريب (أو جبل سيناء) هو جبل الله لأن الله ظهر عليه لموسى ولشعبه.
والتقى موسى الله في العليقة المتوقّدة. هل نزلت صاعقة على العليقة فارتعد موسى وخاف على نفسه. أجل، حضر الله من خلال النار، ومن يستطيع أن يرى النار ويبقى على قيد الحياة. ولكن بعد هذا الخوف يكتشف موسى أن النار لم تحرق شيئًا، لا العليقة ولا المعبد... وأحسّ موسى بحضور الله (أو ملاك الله) في هذا المكان.
أراد الله أن يكشف عن ذاته فاستعمل ظاهرة طبيعية. ولكن هذه الظاهرة لا تفسّر الاختبار الديني الذي أحسّ به موسى. الحدث الخارجي وسيلة ومناسبة. أما الواقع الجوهري فهو لقاء حقيقي بالرب أحسّ به موسى في أعماق كيانه. كشف الله عن نفسه لموسى وكلّمه. أحسّ موسى بحقارته وضعفه، فهمَ أنه سريع العطب أمام عظمة الله، غير مستحق أن يقف أمام قداسته. ولكنه أدرك أية نعمة حصل عليها واي لقاء تمَّ له فانطبعت حياته كلها بهذا اللقاء.
ودعاه الله إلى مهمة من خلال حوار معه. نظر الله مذلة شعبه. سمع صراخهم، علم بكربهم فنزل (السماء هي موطن الله) لينقذهم (3: 7- 8). وعد الله الآباء (تك 12: 7؛ 28: 13- 15؛ 48: 4)، وها هو يحقّق وعده فيرسل موسى كما سوف يرسل الكثيرين من الانبياء (أش 6: 9؛ إر 1: 7). تردّد موسى وخاف. فقال له الرب: أنا أكون معك. والعلامة: إذا أخرجت الشعب من مصر فاعبدوا الله على هذا الجبل. إذًا يخرج الشعب من تحت عبودية البشر ليعبدوا الله الواحد.
ويقدّم الله لموسى برنامجه (3: 16- 22) وهو ترداد لما قرأناه في 3: 7- 8. سيفتقد شعبه، أي سيزوره ليعاقبه أو ليخلّصه (كما هو الامر هنا). اتّخذ الله المبادرة وذهب إلى شعبه. لا، لا يبادر الانسان فيذهب إلى الله ويدركه، بل يكتفي بتقبّل نعمة الله ومجيئه.
ماذا يطلب الله من موسى والشيوخ؟ أن يذهبوا إلى قادش جنوبي كنعان فيحتفلون بعيدهم السنوي بعد مسيرة ثلاثة أيام. اعتاد العبرانيون أن يقوموا بهذا الحج كل سنة، ولكنهم مُنعوا من ذلك في سنة معيّنة حدّدها الله لخلاص شعبه. لذلك سيتدخّل بذراعه القديرة ويده الممدودة التي تصل إلى البعيد فلا يفلت منها أحد. وسيُخرج الله شعبه من مصر فيعتبر الشعب هذا الخروج أعظم أفعال الله وأكبر شهادة على قدرته. ولكن هل سينجح موسى في المهمة وهل سيصل اليه بعض هذه القدرة الالهية؟ أجل، وها هو الرب يعطي موسى أن يفعل معجزات تكون علامة على أن الله معه وأن قدرته ترافقه (4: 1- 17). القى العصا فصارت حية، وضع يده في جيبه فصارت برصاء، أخذ شيئاً من ماء النهر ورماه على الأرض فصار دما. هل نحن أمام أعمال سحرية؟ هذا هو ظاهر الامور. ولكن الواقع هو أن قدرة الله فوق كل قدرة.
واعترض موسى: لست أحسن الكلام (3: 10- 16 تقليد يهوهي). في التقليد الالوهيمي (3: 11- 13) قال: من أنا حتى أمضي إلى فرعون؟ وفي التقليد الكهنوتي (6: 10- 12؛ 28: 30) قال: أنا اغلف الشفتين لا أحسن التكلّم فكيف يسمع لي فرعون؟ اذاً كان موسى نبياً ومحرّراً غصباً عنه. هو ما اختار نفسه لهذه المهمّة، بل الله بادر فاختاره ومنحه السلطة ليقوم بعمله.
ورجع موسى إلى مصر (4: 18- 31) بعد أن زال عنه الخطر. ولكن الله ينبّه موسى أنه سيقسّي قلب فرعون (4: 21؛ 7: 3)، أو أن فرعون سيقسّي قلبه (7: 13؛ 14: 22؛ 8: 11). إن الاحداث التي هي بيد الله تبدو بشكل تنبيه وتحذير وظروف مؤاتية ومهلة معطاة لفرعون لكي يتوب. كل هذا لم يعبأ به فرعون فكشف عن نواياه العميقة ورفضه وقساوة قلبه. إنه مسؤول عمّا جرى لمصر ككل مسؤول في بلاده. لا شك في أن الكتاب يستبق الاحداث (4: 21- 23) فيعتبر أن الله دان فرعون وحكم عليه: سيأخذ الله ابن فرعون البكر (لا كل أبكار مصر) لأن فرعون يحتفظ باسرائيل ابن الله البكر وأول من اختاره في مخطّط الخلاص. وفي طريق العودة سيختبر موسى حضور الله (4: 24- 26) كما اختبره يعقوب عندما عبر نهر يبوق (تك 32: 23- 33). صار موسى قريباً من الموت فعرف أن القوّة التي في داخله لا تأتي منه بل من الله. مرّ موسى (كما مرّ يعقوب) في الموت فكان أول المخلّصين في هذا الشعب الجديد.
ذهب موسى إلى فرعون فانفجرت الازمة (5: 1- 23). رفض فرعون أن يسمع صوت الله، بل زاد أشغال العبرانيين: لن يعطي لهم التبن بل يجمعونه بأنفسهم ويطلب منهم عدداً مماثلاً من اللبنات. وحمَّل المسؤوليّة الكتبة، مديري الشعب. فتذمّر الجميع من موسى: جعلتَ فرعون وعبيده يبغضوننا ووضعت في أيديهم سيفا ليقتلونا. أحسّ موسى بالضيق، فصرخ إلى الربّ: لماذا يا رب، لماذا أرسلت البلاء إلى هذا الشعب؟ لماذا بعثتني؟ إذًا، أنت ما خلصت شعبك! لماذا تدخلت وبعثت رسلاً مزعجين؟ لماذا تقلق عالماً راضياً بهمومه وحالته التعيسة؟ وأنّ رجل الله على مصير اخوته، وتشكّى أمام الله. أجابه الله: سوف ترى ما أفعل. طلب منه فعل إيمان ورجاء.
3- موسى مخلّص شعبه
اذا عدنا إلى التقليد اليهوهي نرى أن موسى هو أساساً محرّر الشعب والذي يعطيه الطعام والشراب ويقوده نحو ربه إلى سيناء. هناك ينقل اليهم متطلّبات الله التي تعينهم على الاتصال به. إذًا يبدو موسى في هذا التقليد بوجه ملوكي يضيء جمالاً منذ طفولته. وعلى ملوك يهوذا أن يتعرّفوا إلى هذا الوجه اذا أرادوا أن يبقوا أمناء لعهد سيناء. ويبدو موسى في التقليد الالوهيمي النبي ووسيط العهد الذي ينقل إلى الشعب الوصايا العشر التي هي شرط أساسي لعبادة الله. وفي التقليد الاشتراعي (نجده خاصة في سفر تثنية الاشتراع) وحده موسى يرتفع بكل قامته فوق تاريخ بني اسرائيل. ينسب كاتب هذا التقليد اليه الخطب التي تحيط بالدستور الاشتراعي، فيقدّم البرهان على تأثير موسى في بناء شعبه الديني والاخلاقي. وموسى هو في نظر التقليد الكهنوتي المشترع الاول الذي أعطى شعبه نظم الخلاص فعاش منها في الفترة التابعة للجلاء، وهذه النظم هي ثلاثة: الشريعة، العبا لله، الكهنوت.
موسى هو المحرّر. نقل الشعب من الكفر إلى الايمان. تغلّب على عناد فرعون وسائر الحواجز الطبيعية، فاحتاج إلى مقدرة نادرة وثقة بطوليّة بقدرة الله. هاتان الصفتان ستبرزان في خبر ضربات مصر وعبور البحر الاحمر حين يتمجّد الرب بواسطة عبده موسى. ولكن الحرية لا تعطى مرة واحدة، بل هي تصان من كل العبوديات التي تهاجمها. لهذا على موسى أن يفعل ويصلي ويغضب ويعاقب ليحفظ الشعب في الامانة لدعوته.
وموسى هو وسيط العهد. عهد سيناء هو الهدف الاول للخروج من مصر. ويتلخّص هذا العهد في الوصايا العشر التي يشكّل حفظُها عربون الحرية. عجز الشعب عن سماع كلمة الله، فنقل اليهم موسى كلمات الله (تث 5: 23- 31). وسيلعب موسى دوراً هاماً حين ابرام العهد: يرش دم الذبائح على المذبح، يردّد متطلّبات الله. وإذ يعلن الشعب قبوله لمتطلّبات الله يرشّه موسى بالدم فيدل على المشاركة بين الله وشعبه (24: 1 ي).
وموسى هو المشترع. ورسالته لا تقتصر على النقل، بل تتعدّاها إلى تعليم الفرائض والرسوم وإلى ممارستها في أرض الميعاد (تث 4: 14). أجل، موسى عرَّف الشعب على فرائض الله وشرائعه (18: 16)، وإليه سيُنسب كل تشريع شفهي أو خطي في أرض اسرائيل.
وموسى هو المتشفّع لأنه وسيط العهد. عرف الشعب ارادة الله، ولهذا وقف أمامه يدافع عن شعبه. أما شفاعته فتشكّل نسيج الفصول 32- 34. نكتشف هنا تعلّق موسى البطولي بشعب الله، هذا الشعب الذي انفصل عنه بسبب خطيئة العجل الذهبي. عرض الرب على موسى أن يصير أب شعب جديد، ففضّل موسى أن يموت مع شعبه أو أن يغفر الله. وصلّى موسى وثابر على صلاته، فغفر الله وحقّق مخططه بأن يسكن وسط شعبه. رغم خطيئته وجحوده ونقضه للعهد، سينال الشعب المغفرة ويحصل على الحضور الالهي في وسطه. وكل هذا كان بفضل شفاعة موسى.
وموسى هو صديق الله. "يكلّم الرب وجهاً إلى وجه كما يكلّم المرء صاحبه" (33: 11). صعد مع الشيوخ إلى قمة الجبل وقت إبرام العهد فرأى الله هناك (24: 9- 11) وأشّع وجهه من مخاطبة الرب له (34: 29- 35).
هذا هو موسى في شعبه. نجّاه الله فصارت نجاته مقدّمة لنجاة الشعب كله من العبودية والموت. هذا الوجه المنير ستتوقّف عنده التقاليد اليهودية اللاحقة وتصوّر على مثاله صموئيل وإيليا وأليشاع وعبد الله المتألم. والعهد الجديد رأى في يسوع النبي الجديد على مثال موسى، بل موسى الجديد. أما الرسالة إلى العبرانيين فتقابل عظمة مجد موسى بعظمة مجد المسيح (عب 3: 1- 6) وتعلن أنه شارك مسبقاً في عار المسيح (عب 11: 25). ثم إن الملائكة في السماء ينشدون بصوت واحد "نشيد عبد الله موسى ونشيد الحمل" كما يقول سفر الرؤيا (15: 3) فيعلنون أن الخلاص الذي حمله موسى إلى شعبه هو صورة مصغّرة عن الخلاص الذي حمله يسوع إلى كنيسته بل إلى العالم كله.