الفصل الثاني والثلاثون
يوم الأحد في العهد الجديد
إذا وضعنا جانباً ظهورات القيامة، هناك في العهد الجديد نصّان يحدّثاننا عن يوم الأحد، كيوم ليتورجي تحتفل به الكنيسة كجماعة. هذا اليوم لم يصر مقدّساً على مثال السبت عند اليهود إلا بعد ارتداد الإمبراطور قسطنطين إلى المسيحيّة في القرن الرابع. سمّاه اليهود يوم الشمس في اللاتينثة فعيّدت فيه الكنيسة يسوع المسيح شمس العالم.
1- اليوم الأول من الأسبوع
لا ننسى أن المسيحيّين الأولين كانوا من أصل يهودي وقد رأوا في المسيحيّة امتداداً لإيمانهم. لهذا لم يهتمّوا بخلق يوم جديد يقيمون فيه عباداتهم اليوميّة. فظلّوا يذهبون إلى الهيكل (أع 3: 1) ويحتفلون بالسبت، لكن بروح المسيح وبالحريّة التي علّمهم يسوع إياها، حريّة أبناء الله. ولهذا، فالسبت ينهي الأسبوع ويوم الأحد كان اليوم الأول من الأسبوع.
ماذا نقرأ في أع 20: 7- 12 عن اجتماع هذا اليوم؟ يصوّر لنا لوقا زيارة بولس الأخيرة لمدينة ترواس (في تركيا اليوم) فيقول:
"في اليوم الأول من الأسبوع، اجتمعنا لكسر الخبز، فأخذ بولس يعظ الحاضرين، فأطال الكلام إلى منتصف الليل، لأنه كان يريد السفر إلى الغد. وكان في الغرفة العليا التي اجتمعنا فيها مصابيح كثيرة. وهناك فتى اسمه افتيخوس كان جالساً عند النافذة. فأخذه النعاس وبولس يسترسل (يطيل) في الكلام، حتى غلب عليه النوم، فوقع من الطبقة الثالثة إلى أسفل وحُمل ميتاً. فنزل بولس وارتمى عليه وحضنه، وقال: "لا تقلقوا، فهو حيّ". وصعد إلى الغرفة العليا وكسر الخبز وأكل وحدّثهم طويلاً إلى الفجر ومضى. فجاؤوا بالفتى حياً، فكان لهم عزاء كبير".
أول ما يلفت انتباهنا هو خبرة القيامة. الموت يحدث بصورة تبقى سراً علينا، ولكن القيامة حاضرة بقدرة يسوع، وبحضور رسوله. يوم الأحد هو يوم الفرح، فلا نبكي ذلك الذي قام من بين الأموات، ولا نذهب إلى عالم الموتى لنطلب الحيّ الوحيد يسوع المسيح. يوم الأحد هو يوم عيد. فلا ينسى القديس لوقا بأن يخبرنا عن العليّة "المضاءة بالمصابيح العديدة". يوم الأحد هو يوم القيامة، هو يوم عاش فيه الرسل للمرة الأولى خبرة القيامة مع يسوع. وها هم يعيشونه في مكان سيسمّونه "العليّة" أي "الغرفة العليا". ففي العليّة أقام يسوع العشاء الأخير مع تلاميذه. يخبرنا مرقس الإنجيلي (14: 14- 15) عن الاستعداد لذلك العشاء. قال يسوع لتلميذيه اللذين أرسلهما إلى بيت أحد الناس ليهيّئا عشاء الفصح. يقول المعلّم: "أين غرفتي التي آكل فيها عشاء الفصح مع تلاميذي؟ فيريكما في أعلى البيت غرفة واسعة مفروشة مجهزة" (لو 12: 12).
في عليّة التقى يسوع بتلاميذه يوم القيامة (يو 20: 19)، وقد تكون تلك التي اجتمعوا فيها بعد عودتهم من جبل الزيتون وصعود يسوع إلى السماء (أع 1: 13)، والتي فيها رأوا الروح القدس يوم العنصرة (أع 2: 1). على كل حالٍ، المهمّ ليس المكان. المهمّ أن يكون المؤمنون معاً قلباً واحداً وروحاً واحداً.
2- ماذا يقول لوقا في هذا النصّ
يصوّر لنا لوقا في سفر الأعمال عشاء بولس الأخير مع المؤمنين في ترواس. وكلمة عشاء تشير في المسيحيّة إلى العشاء السري. فبولس يعيد هنا ما عاشه يسوع. بعد العشاء الأخير، ذهب يسوع ليقدّم حياته على الصليب. وبعد هذا العشاء الأخير، سيسير بولس في طريق الشهادة والاستشهاد.
وقال لوقا: "كنا مجتمعين معاً لكسر الخبز". هذا يعني أننا أمام الافخارستيا وسّر القربان المقدس. هذا ما يقوله سفر الأعمال عن الرسل والتلاميذ الأولين. "كانوا يداومون على الحياة المشتركة وكسر الخبز والصلوات" (أع 2: 42).
هذه هي المراحل الثلاث في الاجتماع الأسبوعي، في اليوم الأول من الأسبوع: كانوا يشاركون في عشاء المحبّة (أغابي في اليونانيّة). يحمل كل واحد ما عنده من طعام ويجعله أمام الجميع، فيأكل الجميع الطعام الواحد ويشربون الشراب الواحد، فيتحدّثون بعضهم مع بعض على مستوى الجسد بانتظار أن يتّحدوا على مستوى الروح حين يأكلون من جسد المسيح ويشربون من دمه.
والمرحلة الثانية هي الافخارستيا. هكذا فعل يسوع يوم كثّر الأرغفة في البريّة: "بارك وكسر الأرغفة وناول تلاميذه ليوزّعوها على الناس" (مر 6: 41). وهكذا فعل خاصة ليلة العشاء السري: "أخذ خبزاً وبارك وكسره وناولهم وقال: خذوا وكلوا، هذا هو جسدي" (مر 14: 22). وهذا ما داوم عليه التلاميذ: كانوا يسمعون تعليم الرسل. هذا هو القسم الأول من القداس. وبعد عشاء المحبّة، كانوا "يكسرون الخبز في البيوت" (أع 2: 46). وفي النهاية، كانوا يتلون الصلوات الخاصّة بهم والتي تتوجّه إلى يسوع المسيح.
كانوا يجتمعون عند المساء. فيوم الأحد كان يوم عمل في بداية الكنيسة. هل كانوا يجتمعون في الليل الذي يفصل السبت عن الأحد أم الذي يفصل الأحد عن الأثنين؟ هذا ما لا تقوله النصوص. ولكن إذا عدنا إلى التقليد الشرقي، نعرف أن اليوم الليتورجي يبدأ في المساء السابق له، ولهذا كان الإجتماع يتمّ مساء السبت كما هي الحال عندما نحتفل بعيد الفصح. تبدأ صلاتنا في المساء وتمتدّ إلى الليل الذي تشرق فيه أنوار القيامة. وهكذا كان يفعل المسيحيّون الأولون، فيعيشون في كل أحد ما يعيشونه بصورة احتفاليّة جداً يوم أحد الآحاد الذي هو أحد القيامة.
3- اليوم الأول والقيامة
كان الاحتفال بكسر الخبز في اليوم الأول من الاسبوع، لأنهم في هذا اليوم اكتشفوا القبر الفارغ، ففهموا أن الموت لا يستطيع أن يسيطر على يسوع، وأن قدوس الربّ لا ينال منه الفساد (أع 2: 27). وتعرفوا في ذلك اليوم إلى المسيح القائم من الموت. كما أن يسوع في ذلك اليوم كسر الخبز مع تلاميذه.
تشير كل الأناجيل إلى اكتشاف القبر الفارغ في اليوم الأول من الأسبوع. قال مت 28: 1: "بعد السبت، وفي اليوم الأول من الأسبوع...". وقال مر 16: 2 "في الصباح العظيم، في صباح اليوم الأول من الأسبوع، جاءت النسوة إلى القبر" (رج لو 24: 1؛ يو 20: 1). كانت هذه الإشارة أساساً لتفكير لاحق عن القيامة.
مات يسوع يوم الجمعة العظيمة، ولقد كان ذهاب النسوة إلى القبر في صباح الأحد أمراً طبيعياً. ولكن المهمّ هو الرمز الذي ربطه الرسل بهذا الواقع. فالقديس لوقا والقديس يوحنا يرويان أن يسوع القائم من الموت قد ظهر لتلاميذه يوم الأحد. قال لو 24: 12 متحدّثاً عن تلميذي عمّاوس: "في اليوم نفسه" أي اليوم الأول من الأسبوع (لو 24: 1). وفي ذاك اليوم ظهر للتلاميذ وأراهم يديه ورجليه، بل "أكل معهم" كما اعتاد أن يفعل فكانت مشاركته في هذه "الافخارستيا"، في هذا القداس، تتميماً لما قاله ليلة العشاء الأخير: "لا أشرب بعد اليوم من عصير الكرمة حتى يجيء ملكوت الله" (لو 22: 18). أجل بالقيامة جاء ملكوت الله.
وإذا عدنا إلى تلميذي عمّاوس (لو 42: 31- 53)، نجد نفوسنا أمام افخارستيا يقيمها يسوع مع تلميذين من تلاميذه. أخبراه بما في قلبيهما من حزن ومن أمل. أخذ يسوع يشرح لهما الكتب. وفي النهاية "أخذ خبزاً وباركه وكسره وناولهما". هذا ما فعله يسوع في اليوم الأول من الأسبوع. ولا يزال يعمله معنا في اجتماعاتنا يوم الأحد.
4- يسوع هو الباكورة
الباكورة هي أول الثمار على الشجرة. ويسوع كان أول من قام من بين الأموات، فكان باكورة القائمين من بين الأموات، باكورة الأحياء. وهذه الباكورة ظهرت في اليوم الأول من الأسبوع. هو لم يقل في اليوم الأول من أسبوع من الأسابيع. كلا. فهذا اليوم يبدأ سبعة أسابيع وينتهي بعيد العنصرة. كان عيد العنصرة هو عيد الحصاد، وفيه يقدّم المؤمن باكورة حصاده. يسوع هو أول حصاد الآب بعد الموت، هو باكورة الحياة الجديدة. "هو البدء وبكر من قام من بين الأموات" (كو 1: 18) كما قال عنه القديس بولس.
في هذا المنظار، نتذكّر كيف أن لوقا في إنجيله جعل المسيح يصعد إلى السماء في ذات اليوم الذي فيه ظهر لتلاميذه. ثم إن العلاقة واضحة بين الصعود والعنصرة. فما ظهر للوهلة الأولى وكأنه تعارض (اليوم الأول في لو 24، واليوم الأربجين في أع 1) يجد معناه حين نتذكّر عيد الحصاد (أو العنصرة) والحزمة الأولى. ففي الانجيل، تكون العنصرة في اليوم الأول من الأسبوع كما يقول يو 20: 19. فعيد العنصرة هو عيد عطيّة العهد مع الربّ. وهو امتداد لعيد الفصح. فالمسيح بقيامته قد دشّن العهد الجديد الأبدي، ودوّنه (دوّن الوصايا) لا على ألواح من حجر، بل في قلوب البشر (إر 31: 31- 34)، وأعطاهم قلباً جديداً وروحاً جديداً (حز 36: 24- 29). هذا يعني جعل منهم خليقة جديدة. لهذا فظهورات القيامة في اليوم الأول من الأسبوع، والعشاء الذي يتذكّر هذه الظهورات، كل هذا هو علامة لسّر هذا الخلق الجديد. وهذا الخطّ من التفكير قاد الكتّاب المسيحيّين الأولين ليروا في يوم الأحد أول يوم في الخليقة الجديدة والذي يسميه يوحنا "اليوم الثامن" (20: 26).
نقرأ في رسالة برنابا (دوّنها كاتب نجهل اسمه حوالي سنة 125 م ونسبها إلى برنابا المذكور في سفر الأعمال): "لا نتوقف عند عيد البدر والسبوت. ماذا يعني بهذا؟ ما يهمّ ليست سبوت العالم الحاضر، بل ذلك السبت الذي يقود إلى اليوم الثامن، وبداية الخليقة الجديدة،). ويتابع صاحب الرسالة: "نحن نفرح حين نحتفل باليوم الثامن، لأنه اليوم الذي فيه قام يسوع في بين الأموات وظهر لتلاميذه وصعد إلى السماء".
هاجم بولس أهل غلاطية لأنهم بعد أن ارتدّوا إلى المسيحيّة عادوا إلى أمور يهوديّة فقال لهم: "تراعون الأيام والشهور والفصول والسنين! أخاف أن أكون قد تعبت عبثاً من أجلكم" (4: 10- 11). ويقول في كو 2: 16- 17: "لا يحكم عليكم أحد في المأكول والمشروب أو في الأعياد وبداية القمر والسبوت. فما هذه كلها إلا ظلّ الأمور المستقبلة، أما الحقيقة فهي المسيح".
أجل، الحقيقة هي المسيح. أما الظلّ فهو أمور هذا العالم. قيامته هي الأساس وهي تتمّ في صعوده وإرساله الروح القدس على التلاميذ. كل هذا ارتبط باليوم الأول وأعطى ثماره الأولى في نهاية الأسبوع الأول. أي في اليوم الثامن كما أعطاها في نهاية اسبوع الأسابيع السبعة أي عيد العنصرة ويوم الخمسين كما يقول أع 2: 1.
5- يوم الربّ
يوم الربّ هو تعبير عرفه الآباء الأوّلون في الكنيسة، فدلّوا به على يوم الأحد.
نجد هذه العبارة مرة واحدة في كل العهد الجديد. نقرأ في سفر الرؤيا (1: 10) كلام يوحنا: "اختطفني الروح في يوم الربّ". إذا عدنا إلى العهد القديم، نعرف أن يوم الربّ يدلّ على تدخّل خاص من قبل الله في التاريخ. وهذا اليوم يرتبط بنهاية الأزمنة ومجيء الربّ في النهاية (نسمّيه اسكاتولوجيا). ونحن المسيحية نعتبر أن الاسكاتولوجيا ونهاية الأزمنة قد بدأت بقيامة يسوع. ظهر يسوع لتلاميذه يوم الأحد فصار ذاك اليوم يوم الربّ. وهو سيعود إلينا في يوم الربّ بمجد عظيم. ولهذا تعلن الجماعة المصليّة في أواخر سفر الرؤيا (22: 20): "تعال أيها الربّ يسوع".
في يوم الربّ تجتمع الكنائس المسيحيّة. هذا ما يحدّثنا عنه بولس حين يذكّر أهل كورنتوس بأن اجتماعهم (يوم الأحد) يضّر أكثر مما ينفع. هم ينقسمون شيعاً وأحزاباً فلا يؤلّفون جسد المسيح الواحد. فعشاء المحبّة الذي هو عشاء المشاركة، صار عشاء الأنانيّة. واحد يأكل ويشرب حتى يسكر، والآخر يبقى جائعاً. ثم هم لا يميّزون جسد الربّ فيحكمون على نفوسهم. ثم يقول لهم: "كل مرة تأكلون من هذا الخبز وتشربون من هذه الكأس تخبرون بموت الربّ إلى أن يجيء" (1 كور 11: 26).
في يوم الربّ تفكّر كل كنيسة بأختها. إن كانت فرحة تفرح معها، وإن تألمت تألمت معها. كانت كنيسة أورشليم في الضيق ففكرت فيها كنيسة كورنتوس. قال لهم بولس: "كل واحد منكم يحتفظ في اليوم الأول من الأسبوع ما يمكنه توفيره من المال" (1 كور 16: 2). حينئذٍ تُجمع التبرعات وتتم المساواة بين المؤمنين: "الذي جمع كثيراً ما فضل عنه شيء. والذي جمع قليلاً ما نقصه شيء" (2 كور 8: 14- 15). في يوم الربّ، لا يكون عشاء الربّ فقط داخل الجماعة الواحدة، بل يكون داخل الكنيسة كلها.
6- اليوم الثامن
رأينا كيف حدّثنا صاحب رسالة برنابا عن اليوم الثامن. وطذا اليوم عرف أهمية كبرى في الزمن الذي تبع الرسل، أي في نهاية القرن الأول المسيحي. وقد استقبل الآباء غناه على أنه بداية العالم الجديد. وتحدّثت بعض الطقوس عن "الأحد الجديد" وهو الأحد الذي يلي أحد القيامة. كان المعمّدون الجدد يحتفظون بالثوب الأبيض الذي لبسوه في العماد (يوم الفصح) حتى الأحد الجديد (يسمى الأسبوع الذي بعد القيامة اسبوع الحواريين، وهو يرتبط باللون الأبيض). ويخلعون الثوب الخارجي، ولكنهم يعدون بالمحافظة على ثوب آخر: "أنتم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غل 3: 27).
إن اليوم الثامن يرتبط بنصوص عديدة من العهد الجديد. فيوحنا يجعل الظهور الثاني للتلاميذ بعد القيامة في اليوم الثامن (يو 20: 26). هذه الإشارة الزمنيّة تشدّد على ارتباط ظهورات القيامة باليوم الأول من الأسبوع، وتشير إلى أن هذا اليوم هو رمز للأزمنة الأخيرة. وإذ نبّهنا يوحنا إلى أنْ ظهور المسيح القائم من الموت قد تمّ في اليوم الثامن، فقد أراد أن يبيّن لنا ثلاثة أمور: هذا اليوم هو بداية خلق جديد. في هذا اليوم يقوم عهد (ميثاق) جديد بين الله والبشر. في هذا اليوم يأتي الزمن الأخير الذي فيه يعود الربّ.
يذكر يوحنا ثلاثة أحاد ترتبط بأيام يسوعَ الأخيرة في أورشليم: أحد الشعانين (12: 12). أحد القيامة (20: 1). الأحد الثاني (20: 26). فالأحد الأول يدل على عيد المظال (أو عيد الأكواخ) (كان اليهود يقيمون في كوخ أو خيمة ليتذكروا إقامتهم مع الربّ في البريّة تحت الخيمة). كان اليهود يحتفلون بعيد المظال في الخريف، أما يوحنا والازائيون (أي متى ومرقس ولوقا) فربطوه بعيد الفصح وصعود يسوع إلى أورشليم. مثلاً نقرأ في لو 9: 28: "وبعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام". نجد هنا إشارة إلى عيد المظال (تث 16: 13- 15) كما نجد إعلاناً لقيامة يسوع. وقال يوحنا بمناسبة عيد المظال الذي عيّده مع شعبه في أورشليم: "وقف يسوع وقال بأعلى صوته: إن عطش أحد فليأت إلي ليشرب... ومن آمن بي تفيض من صدره أنهار ماء حي". وعنى بكلامه الروح الذي سيناله المؤمنون به (يو 7: 37- 38). وهكذا ارتبط عيد المظال "بالعنصرة" عند يو 20: 19- 23: "خذوا الروح القدس". كما ارتبط بالفصح وموت يسوع (يو 19: 30، أسلم يسوع الروح أي سلّم إلى كنيسته الروح القدس).
وهكذا اجتمعت الأعياد الثلاثة: الشعانين أو المظال، والفصح والعنصرة. اجتمعت لنحتفل بها يوم الأحد. بدأ عيد "الشعانين" عند يوحنا يوم الأحد وانتهى يوم الأحد. كان هذا أول أيام مجد يسوع التي تقود إلى اليوم الثامن ومنها إلى يوم الخمسين "أي العنصرة".
الخاتمة
هذه المقاطع التي أخذناها من العهد الجديد تدلّ على يوم الأحد. وهي تشير إلى العبادة الجديدة التي ترتبط بالعهد الجديد في يسوع المسيح. قبل أن يكون الأحد يوم الراحة أو اليوم الذي حلّ محل السبت اليهودي، الأحد هو تذكّر قيامة يسوع وحضوره الربّاني في وسط تلاميذه. وتأتي مواضيع ترتبط بالأحد: الباكورة أو أول الثمار، الخلق الجديد، الميثاق الجديد، الروح، نهاية الأزمنة. وكلها تصوّر وضع المؤمن الذي انضمّ إلى المسيح بالعماد وعاش معه في الافخارستيا.
الأحد هو يوم القيامة. وهو اليوم الذي فيه يجتمع المؤمنون بصورة خاصّة ليحتفلوا بربهّم. فيوم الاحد هو أكثر من يوم من أيام الاسبوع. إنه اليوم العظيم الذي يفترق عن سائر أيام الأسبوع. هو يتسامى على سائر الأيام ويعطيها معناها وإلا ظلّت فارغة إن لم يباركها الأحد. الأحد هو ما يُجمل الحياة كلها في نظر المسيحي. فيصبح كل يوم بواسطته يوماً للربّ. الأحد هو اليوم الذي يذكّرنا بأحد الآحاد، بأحد القيامة، ويوجّه أنظارنا إلى عودة الربّ. لماذا لا يكون لنا هذا اليوم عيد فرح ومناسبة مشاركة وينبوع رجاء يفتحنا على المسيح الآتي ليقيم معنا؟