الفصل الحادي عشر
من صليب المسيح إلى صليب المسيحيين
يرد الحديث عن الصليب مراراً في العهد الجديد. هناك الصلب والصليب، هناك الخشبة والمسامير. وتتحدّث النصوص عن الذي عُلّق على خشبة. هذا في ما يتعلّق بالمسيح. أمّا المسيحيّون فيدعوهم الكتاب إلى أن يحملوا صليبهم ويسيروا على خطى المسيح. هذا ما سنعالجه، منطلقين من ثلاثة نصوص: أنا مضطّهد من أجل صليب المسيح، كما قال بولس. وقال مرقس بلسان المسيح: من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه. وقال أيضاً: من لا يحمل صليبه لا يستحقّني.
1- المحنة والخدمة
يقدّم لنا القديس بولس هنا بعضاً من الافكار حول روحانيّة الصليب.
أ- مضطّهدون من أجل صليب المسيح (غل 6: 12- 17)
هذا المقطع كتبه بولس بخط يده (غل 6: 11- 18) فبيّن موقفه (آ 14، 17) وموقف خصومه الذين ينادون بالختان (آ 12، 13).
من جهة، يلوم بولس هؤلاء الناس الذين لا تهمّهم الشريعة (هم لا يمارسونها بأنفسهم) بقدر ما يهمّهم التسلّط والبحث عن الشهرة (رضا الناس، المفاخرة: آ 12 أ، 13 ب). ما يهمّهم هو أن يصبح المؤمنون معهم، من حزبهم. وتزاد على ذلك رغبة تجنّب المضايقات التي تجرّها المعارضة للتعاليم والممارسات التي جاءت من العالم اليهودي: "يرغب هؤلاء الناس أن يفاخروا على مستوى الجسد فيلزموكم بالختان. وهدفهم أن يأمنوا الأضطهاد في سبيل صليب يسوع" (غل 6: 12).
إنه لأسهل أن نقبل الختان من أن نتعرّض لاضطهاد اليهود. وهذا ما يحصل إن نحن تركنا ممارسة الشريعة في منطق إيمان بخلاص آت من صليب المسيح. لسنا فقط أمام مضايقة أو معارضة، بل أمام اضطهاد. تقول آ 17: "أحمل في جسدي سمات يسوع، (أي علامات صلبه). هذا يعني أن على الرسول أن يتحمّل حتى في جسده، نتائج البشارة بالمسيح المصلوب لأنه يعارض اليهود والمتهوّدين (المسيحيّون الذين من أصل يهودي). إنه يختلف عن خصومه الذين لا يؤمنون بما يبشّرون (6: 13)، ويريدون أن يفاخروا بعلامة في جسد الآخرين (الختان). أما بولس فهو مقتنع بصليب المسيح الذي يكرز به، بحيث إنه يحمل في جسده الخاصّ، آثار المعاملات السيّئة التي أوصلته إليها هذه الكرازة. لو بحث عن منفعته الشخصيّة لفضّل السكوت والحياة الهادئة (غل 5: 11).
وكان بولس قد استعمل في رسائله السابقة كلمة "اضطهاد" ليدلّ على اختبارات عاشها المسيحيّون أو الكارزون بالإنجيل. والاطار يدلّ على أنه يجب أن نفهم هذه الاضطهادات بالمعنى الواقعيّ والملموس. فهو في أول رسالة بعث بها، يذكر الاضطهادات التي قاساها المسيحيّون من يهود يريدون أن يمنعوهم "أن يكلّموا الشعوب لخلاصهم أو لحياتهم" (1 تس 2: 14- 16). وفي 1 كور 4، وهو فصل مرتبط بكارزي الانجيل، يذكر بولس الاضطهادات مع أمور ملموسة احتملها: "فنحن جهلة لأجل المسيح... نحن ضعفاء... نحن نُشتم. وإلى هذه الساعة نحن جياع وعطاش وعراة. تساء معاملتنا وليس لنا موضع إقامة. نتعب في العمل بأيدينا. يشتموننا فنبارك. يضطّهدوننا فنصبر. يفترون علينا فنعزّي" (1 كور 4: 10- 12).
وسيؤكّد بولس الرسول في 2 كور 4: 10: "نحمل كل حين في أجسادنا ميتة (خبرة موت) يسوع". كان قد قال: "نتضايق في كل شيء ولكنّنا لا ننسحق. نحن في مأزق ولكنّنا نمرُّ. نُطارَد ولا نُخذَل. نُصرَع ولا نهلك" (2 كور 4: 8- 9). وسيعود بولس في 2 كور 12: 10، حين يحدّثنا عن خبرته الخاصّة، إلى "الأمراض والشتم والعذاب والاضطهاد والمضايق التي احتملها من أجل المسيح"، أي من أجل خدمة الأنجيل.
ب- ما ينقص من آلام المسيح
يقابل بولس خبرته الخاصّة مع "خبرة موت يسوع" (2 كور 4: 10). وهذا ما نجده أيضاً في الرسائل اللاحقة: "وأنا أفرح بالآلام لأجلكم، فأتمّ بجسدي ما نقص من آلام المسيح لأجل جسده الذي هو الكنيسة" (كو 1: 24). نحن لا نقول إنه ينقص شيء لقيمة آلام يسوع وموته الفدائي. لأننا حينذاك ننسى أن المسيح مات عن الخطيئة مرة واحدة (روم 10: 6؛ كو 2: 13- 14، 20). بل نقول: تألّم المسيح ليخلّص البشريّة خلاصاً نهائيّاً. ولكن هذا الخلاص الذي تمّ بالمسيح وفي المسيح لم يعرفه المؤمنون إلاّ عبر اعلان الانجيل (أف 1: 32 سمعتم كلمة الحقّ، إنجيل خلاصكم). ولكن على الرسول أن يتألّم لكي يعلن إنجيل الخلاص على مثال المسيح الذي تألّم ليحقّق هذا الخلاص. وهكذا تستفيد الكنيسة من ضيقات المسيح أولاً ومن آلام المسيح ثانياً التي بها تصل إليها بشارة الخلاص. هذا ما تتوسّع فيه 2 تم: "تألّم معي من أجل الأنجيل، واستند إلى قدرة الله الذي أحياناً (أو خلّصنا)... بتجلّي مخلّصنا المسيح يسوع الذي أبطل الموت وعدم الفساد بالانجيل الذي وُضِعْتُ أنا منادياً به ورسولاً ومعلماً. لذلك احتمل هذه الآلام" (1: 8- 12).
ويتابع الرسول: "على ما في انجيلي الذي لأجله أتألّم حتى الوثاقات كفاعل الشرور... لهذا أحتمل كل شيء بسبب المختارين ليجدوا هم أيضاً الخلاص الذي بيسوع المسيح، مع المجد الأبدي" (2 تم 2: 8- 10).
إن الرسول يشارك بواسطة آلامه، في خلاص جسد المسيح الذي هو الكنيسة. هذا لا يعني أنه ينقص شيء لخلاص تمّ مرة واحدة في المسيح يسوع، ولكنّ الحصول على هذا الخلاص يمرّ عبر إعلان الانجيل الذي جُعلَ الرسول شاهداً له.
2- من أراد أن يتبعني يحمل صليبه (مر 8: 34)
لم يتحدّث بولس الرسول عن الصليب في علاقته مع المؤمنين. فهذه الصورة سنجدها في كلمات يسوع كما أوردتها الأناجيل الإزائيّة. فالكلمة الأولى التي نتأمّل فيها الآن نجدها في مر 8: 34 وز: "إن أراد أحد أن يسير ورائي، ليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني". ترد هذه الكلمة في محطّة هامّة في رسالة يسوع: بعد إعلان يسوع مسيحاً (مر 8: 27- 30) وأول إنباء بالآلام (مر 8: 23- 33).
أ- نظرات مختلفة
ترد متطلّبة حمل الصليب بين متطلبتين أخريين: أنكر نفسه، خسر نفسه. يتوجّه يسوع في كلامه إلى الاثني عشر، إلى الذين تبعوه في حياته. سيُصلب ابن الإنسان (مت 20: 19). فعلى التلميذ أن يتبعه حاملاً صليبه. هذا ما يقوله متى. أما مرقس فيقول إن يسوع وجّه كلامه إلى الجموع مع تلاميذه. قال مت 16: 25 ولو 9: 12: بسببي، من أجلي. أما مرقس فقال: لأجل البشارة، لأجل الأنجيل، فوصل بنا إلى زمن الكنيسة (لا زمن يسوع وحده) وضمّ في كلامه كل الذين سيسمعون الانجيل في المستقبل. فقد قال مرقس في مكان آخر (13: 10): "قبل الآخرة، يجب أن يُعلن الأنجيل على كل الأمم". وزاد لوقا على ما قاله متى ومرقس: "ليحمل صليبه كل يوم". انفصل تحريض يسوع عن الانباء بالآلام (لو 9: 22)، وتوجّه إلى مستمعين جدد لم يشاهدوا الآلام. إذاً هذا التحريض يهمُّ كل إنسان يريد أن يكون تلميذ يسوع. فالصليب الذي نحمله لا يتوقّف عند خبرة الرسل الفريدة، الذين قال لهم يسوع إنه سيموت، بل عند خبرات متعدّدة ومتنوّعة تحصل "كل يوم".
ب- أيُّ صليب
إنّ حمْل الصليب يتوجّه في متى إلى الإثني عشر الذين سيتبعون يسوع في مسيرته نحو الآلام، وفي مرقس ولوقا إلى التلاميذ في كل زمان ومكان. ولكن ما هو معنى هذه الدعوة؟ وكيف يجب على التلميذ أن يحمل صليبه؟
على التلاميذ أن يتبعوا ذلك الذي اعترفوا به "مسيحاً" في قيصريّة (مر 8: 29). وعليهم أن يتبعوه اتّباعاً كاملاً، في كل ما سيعيشه. فالمسيح الذي يجب أن يتبعوه هو مسيح سيعاني كل هذه الآلام قبل أن يدخل في مجده (لو 24: 26). وهذا واجب كما يقول القديس لوقا لتلميذيّ عمّاوس. إذاً، على التلاميذ أن يتبعوا يسوع وهو يتمّم مخطّط الله. هنا نفهم توبيخ يسوع لبطرس لأنه لم يدخل في منظور الآلام. "ليست أفكارك أفكار الله، بل أفكار البشر". فعلى التلميذ أن يسير وراء المسيح وأن يدخل في مخطّط يتجاوزه، فيتعامل لا مع أفكاره وحدها، بل مع أفكار الله. اتّباع يسوع يعني أن نترك الله يدخل في حياتنا. وفي إطار إرادة الله التي نتمّمها، ولو عارضت أفكارنا الخاصّة، تبرز متطلّبة حمل الصليب.
هنا نفهم علاقة حمل الصليب بالكفر بالذات وخسران الحياة. نكفر بنفوسنا، يعني نعطي الأولويّة لإرادة الله على إرادتنا. وهذه العبارة توازي "بغض الأم والأب" (لو 14: 26). وإن تركنا الله يدخل في حياتنا، فقد يقودنا هذا إلى الكفر بآرائنا الخاصّة لتتحقّق إرادة الله.
وفي هذا الإطار نفهم العبارة "خسر نفسه" (مت 10: 38- 39) التي نجدها مع حمل الصليب وحبّ المسيح أكثر من الأم والأب. نحن لا نزال في الإطار عينه: إن اتّباع المسيح يقودنا إلى الكفر بالذات، إلى الموت عن ذواتنا، إلى إنكار منفعتنا وأثمن ما عندنا من قيم ورباطات.
لا نماثل بين صليب المؤمن وكل محنة وصعوبة. فالصليب ينبع من التزام بالانجيل. فالكفر بالذات وحمل الصليب وخسران الحياة تفترض تخلياً أخذنا به يوم تركنا الله يدخل فينا ويدخل معه مخطّطه. ولكن ماذا نقول عن المحن والصعوبات والتخلّيات (كالامرض والفشل) التي تشكّل جزءاً من مخطّط الله ولكنها لا تنبع من موقف إيماني؟ لن نستطيع الجواب إلا بعد أن نقرأ مقطعاً آخر عن صليب المؤمنين.
3- من لا يحمل صليبه لا يستحقّني (مت 10: 38)
نجد في مت 10: 38 قولاً عن صليب التلاميذ يعبرّ بصورة سلبيّة عمّا قاله مت 16: 24 في صيغة إيجابيّة. نقرأ في 10: 38: "من لا يحمل صليبه ويسير ورائي لا يستحقّني". وفي 16: 24: "إن أراد أحد أن يأتي ورائي، ليحمل صليبه ويتبعني". إن هذا القول عن صليب التلاميذ يرتبط بالعلاقات العائليّة (مت 10: 37: الأم والأب، الابن والابنة).
نحن نفهم صليب التلاميذ في علاقته بالصراعات والانفصالات المتأتيّة عن اختيار حياة من أجل الانجيل. نستعدّ لأن نخسر حياتنا، نستعدّ لأن ندمّر علاقاتنا مع أعزّ الناس إلينا.
من لا يبغض أباه وأمه... من لا يتخلّى عن كل أمواله لا يقدر أن يكون تلميذي (لو 14: 33). هاتان المتطلّبتان اللتان ترافقان متطلّبة حمل الصليب (لو 14: 27) تبدوان بطريقة مطلقة أي ترتبطان بوضع التلميذ كتلميذ. وقد توجّهتا إلى الجموع الغفيرة، وهذا ما يدلّ على شمولهما: إنهما تعنيان كل تلميذ من دون استثناء. فهذه المتطلّبة تعني المؤمنين الذين اختاروا طريق الانجيل. ثمّ إن المؤمن لا يتخلّى عن الأشخاص وخيرات الأرض، بل يُخضع تعلّقه بها إلى تعلّقه بيسوع معلّمه.
ونقرأ كلاماً موجهاً إلى الإثني عشر الذين أراد يسوع أن يربطه بهم رباط متين. قال بطرس: "ها نحن تركنا خيراتنا (ما يخصّنا) وتبعناك". أجاب يسوع: "ما من أحد يترك بيوتاً أو أبوين أو إخوة أو إمرأة أو بنين لأجل ملكوت الله، إلا وينال أضعافاً كثيرة هذا الزمان، وفي العالم الآتي الحياة الأبديّة" (لو 18: 29- 30).
"لأجل الملكوت". أجل، لا يترك المؤمن الخيرات والأشخاص لأنه آمن واستقبل ملكوت الله، بل لأنه طلب الرسالة والكرازة بملكوت الله. في هذا الخطّ نقرأ مقاطع في إنجيل لوقا يرتبط فيها ملكوت الله برسالة يسوع وتلاميذه. مثلاً في لو 8: 1: "كان يسوع يبشرّ بملكوت الله، ومعه الاثنا عشر". وفي لو 9: 2 نقرأ عن ارسال الاثني عشر: "أرسلهم يبشّرون بملكوت الله". وحين يرسل يسوع السبعين تلميذاً ويدعوهم لكي لا يحملوا شيئاً (لو 10: 4)، يشير مرّتين إلى ملكوت الله (لو 10: 9، 11). قال يسوع لتلميذ: "اتبعني ودَعِ الموتى يدفنون موتاهم" (لو 9: 60). ولكنه ربط هذا التخلّي بالرسالة: "وأنت، فاذهب وبشّر بملكوت الله".
إذاً، حمل الصليب هو التخلّي من أجل الرسالة، من أجل خدمة الإنجيل. هذا ما فهمه بولس حين رفض أن "يستصحب امرأة أختاً" (1 كور 9: 5) ليمارس رسالته بحريّة تامّة.
4- الروح يقودكم
قال يسوع: "وعندي أيضاً أشياء كثيرة أقولها لكم، ولكن الآن، لا تطيقون احتمالها. ولكن حين يجيء روح الحقّ، فهو يقودكم إلى جميع الحقّ" (يو 16: 12- 13). نقرأ هذه الكلمة ساعة كان يسوع يستعدّ لمجابهة الصليب: "ستأتي ساعة وهي الآن حاضرة، حيث تتشتّتون كل إلى مكانه وتتركوني وحدي" (يو 16: 32).
لا تستطيعون أن تحتملوا... ولكن حين يأتي الروح سيُعلِّم التلاميذ كيف يحملون صليب يسوع وصليبهم.
أ- صليب يسوع
ضرب الشكّ مجموعة التلاميذ. خاب أمل تلميذي عمّاوس أمام هذا الموت المأساوي. انتهى حلم وجاء الفشل فدمّر الآمال. ولكن أطلّ ما لم يكن منتظراً: "الربّ قام وتراءى لسمعان" (لو 24: 34). صار للموت معنى بعد أن استضاء بضياء القيامة: "مات المسيح من أجل خطايانا" (1 كور 15: 3). ولكن سيأتي وقت لن يتكلّم فيه الرسل عن الموت لأنه شكّكهم، وسيصدم الوثنيّين "جنون" إله مصلوب. وضاع اليهود حين سمعوا الحديث عن خلاص أتمّه من علّق على خشبة فاستحق لعنة الشريعة (تث 21: 23). ولهذا كان صمت وتحفّظ ومدافعة عن الاعتراضات حول الكرازة بالصليب. ولكن جاءت بعض العناصر اللاهوتيّة ففرضت نفسها. وهكذا ظهر غنى سّر الصليب بصورة تدريجيّة: "ما أردت أن أعرف بينكم إلاّ يسوع المسيح وأيّاه مصلوباً" (1 كور 2: 2). شدّدت النصوص على طاعة يسوع وأمانته وضعفه، كما شدّدت على وجه الله الرحوم الذي اختار مثل هذه الوسائل الضعيفة، ليصالح العالم مع نفسه.
ب- صليب المسيحيّين
ما هو الصليب؟ هو المحن والتخلّيات والتمزّقات التي تتبع اختيار الموقف الإيماني أو خدمة الإنجيل. في هذا السبيل يقول بولس الرسول: "نتألّم معه (مع المسيح) لنتمجّد معه" (روم 8: 17). ويدلّ على ارتباط هذا الألم بالاختيار الإيماني أو بالخدمة الرسوليّة. إنه يتحمّل الآلام من أجل المسيح: "من يفصلنا عن محبة المسيح؟ أضيق، أم حبس، أم طرد، أم جوع، أم عري، أم خطر، أم سيف؟ كما هو مكتوب: إننا من أجلك نمات كل يوم، وقد حُسبنا كالغنم للذبح. ونحن في كل هذه غالبون بذاك الذي أحبّنا" (روم 8: 35- 37).
ونقرأ أيضاً نشيداً قديماً ورد في 1 تم 2: 12: "إن تألّمنا معه ملكنا معه". وسبق هذا النشيد إشارة إلى الآلام التي ترتبط بخدمة البشارة: "لهذا احتمل كلّ شيء من أجل المختارين لينالوا هم أيضاً الخلاص الذي في المسيح يسوع مع المجد الأبدي" (1 تم 2: 10).
إذاً، لا يعرف العهد الجديد آلاماً إلاّ تلك المرتبطة بخدمة الإنجيل. ولكن ما هو نصيب محن الحياة التي نتحمّلها كل يوم؟ إننا نربطها بالله، بالمسيح، بالآخرين. نربطها بالله بمعنى أن هذه المحن تدخل في مخطّط، كما أن صليب المسيح وُجد في نهاية حياة من الطاعة والخدمة من أجل ملكوت الله. ونربطها بالمسيح. يقول المؤمن إنه يحتمل كل شيء "من أجل يسوع" (2 كور 4: 11). ونربطها بالآخرين. فصليب المسيح كصليب الرسول، ينفع الآخرين لأنه يدخل في مخطّط حبّ وخدمة وعطاء وبفضله يصل خلاص الله إلى جميع المدعوّين.